د.مازن النجار \n\n رغم أن أبحاثاً سابقة قد وجدت أن لمادة الكافيين فائدة وقائية من سرطان الجلد، إلا أن دراسة طبية أجريت مؤخراً ربما تفسر السبب البيولوجي الجزيئي لذلك، فقد اكتشف الباحثون الآلية التي تربط الكافيين بخفض أو تراجع سرطان الجلد، ويؤمل أن تدخل هذه المادة في صناعة الدهونات الواقية من أشعة الشمس.\nاكتشف هذه الآلية باحثون بطب الجلد من جامعة ولاية واشنطن، ونشرت نتائجها بمجلة طب الأمراض الجلدية البحثي.\nفي سياق الدراسة، نظر الباحثون في تأثير الكافيين على خلايا الجلد البشري مختبرياً، حيث عرضوها للأشعة فوق البنفسجية. ووجدوا أنه في الخلايا التالفة بسببها، قام الكافيين بتعطيل البروتين الذي يقود الخلايا التالفة للتدمير الذاتي؛ لكنهم لم يجدوا للكافيين أثر على الخلايا غير التالفة.\nالمعلوم أن بروتين \"التدمير الذاتي\" أساسي للخلايا التالفة سريعة النمو، بيد أن الكافيين يستهدف بالتحديد خلايا تالفة قد تصبح خلايا سرطانية. فالكافيين يضاعف عدد الخلايا التالفة التي تموت بشكل طبيعي بعد إعطائها جرعة من الأشعة فوق البنفسجية.\nهذه هي الآلية البيولوجية التي تفسر مشاهدات العلماء لدى تناول الكافيين بالفم منذ سنوات عديدة.\nلكن لا ينبغي زيادة كميات مشروبات الكافيين التي يتم تناولها للوقاية من سرطان الجلد. فتأثير زيادة كبيرة من هذه المشروبات لعدة سنوات صغير نسبياً. لكن الأشخاص الذين يفضلون هذه المشروبات سيجدون سبباً آخر لتناولها. \nكبت تفاقم السرطان\nكذلك، اختبر الباحثون وضع الكافيين مباشرة على الجلد، ووجدوا أنه يكبت تفاقم سرطان الجلد بنسبة 72 بالمائة لدى الفئران، بينما تمضي الدراسات التجريبية على البشر قدماً ولكن ببطء.\nويؤمل أن يُنتج مستحضرات كافيين لاستخدمها على الجلد كوقاية من سرطان الجلد. فقد يستخدم الكافيين للواقية من الشمس والتخلص من الخلايا التالفة منعاً لتسرطنها. بل وربما من المعقول تماماً إضافته إلى مستحضرات الدهون الواقية من أشعة الشمس.\nمن ناحية أخرى، ينصح خبراء طب الجلد بالتحقق من صدقية النتائج قبل أي تطبيقات إكلينيكية أو علاجية.\nفخلاصة الدراسة أن الكافيين قد يستخدم كمركب مفيد في إزالة الخلايا التالفة جينياً بسبب الأشعة فوق البنفسجية، لمنعها من التكاثر. وهذا قد يساعد على منع تفاقم سرطان الجلد. من المثير أن الكافيين الذي يرتبط عادة بدلالة سلبية قد أظهر إمكانية خفض احتمالات الإصابة بسرطانات الجلد، عدا الميلانوما، في دراسات وبائية متعددة.\nفي المقابل، صرّح علماء من مؤسسة سرطان الجلد، أن المؤسسة لا تعتقد بثبوت البرهان على أن الكافيين يخفض مخاطر الإصابة بسرطان الجلد، رغم أن الفكرة بحد ذاتها مثيرة للاهتمام، وكانت موضوعاً لأبحاث سابقة. ويستغرق الأمر سنوات من التجارب، للوقوف على ما إذا كان هذا أسلوباً مجدياً في الوقاية من سرطان الجلد.\nلم تناقش الدراسة كميات الكافيين الكافية للحصول على فائدة وقائية فعلية. فكثير من الناس يتناولون كميات كبيرة من الكافيين يومياً، ورغم ذلك يصابون بسرطان الجلد. لذلك، تبقى الوقاية من أشعة الشمس هي الطريقة الوحيدة المؤكدة للحيلولة دون الإصابة بالسرطان.\nالدهونات الواقية من الشمس فعالة\nوكانت الأكاديمية الأميركية لطب الجلد قد أكدت منذ ثلاث سنوات على فوائد الدهونات الواقية من أشعة الشمس (sunscreens) في توفير الحماية للجلد، خصوصا إذا ما استخدمت بشكل دوري وسليم، إضافة إلى ارتداء ملابس واقية والتماس المكوث في الظل.\nودعت الأكاديمية الجمهور للتحوط من التعرض لأشعة الشمس لدى الخروج إلى مناطق مكشوفة، وحماية أنفسهم من الأشعة الضارة. فالدليل العلمي يثبت التأثيرات المفيدة لاستخدام الدهونات الواقية. ورغم أهميتها كأداة في مقاومة سرطان الجلد، إلا أنها لا تكفي وحدها للوقاية منه. ولا ينبغي لأحد الشعور أن بالإمكان المكوث تحت أشعة الشمس فترات طويلة لمجرد استخدام الدهونات. وهناك مليون حالة إصابة جديدة بسرطان الجلد سنوياً، منها 119 ألف حالة ميلانوما، وهو سرطان خبيث يتسبب في 8 آلاف وفاة سنوياً بالولايات المتحدة.\nالأشعة المسرطنة\nورغم أن قضايا الصحة مركبة وتتفاعل مع عوامل متعددة، يبقى معلوما أن الأشعة فوق البنفسجية هي المسبب الرئيسي لسرطان الجلد، وتقتضي الوقاية منه تجنب التعرض الشديد للشمس ومصادر الاشعة فوق البنفسجية الأخرى. وقد صنفت وزارة الصحة الأميركية هذا الإشعاع الصادر من الشمس والمصادر الاصطناعية الأخرى \"مسرطنا\" في عام 2002.\nوفي حال التعرض للشمس لأكثر من 20 دقيقة، توصي الأكاديمية بدهن الجلد المكشوف بكميات كافية من الدهونات الواقية المحتوية على واحد من 15 مركبا (عاملا) للوقاية من الشمس (SPF)، وتوفر حماية شاملة من الأشعة فوق البنفسجية (أ) والأشعة فوق البنفسجية (ب). ومن المهم إعادة الدهن مرة كل ساعتين، حتى في الأيام الغائمة، وعقب السباحة أو التعرق.\nويقدر العلماء كمية الدهونات الواقية والكافية لتغطية المكشوف من جسم شخص متوسط بنحو 30 غراما. ويشددون على أن يتم الدهن بالدهونات الواقية قبل التعرض للشمس بنحو 15 إلى 30 دقيقة، على الأقل، لإتاحة الوقت للجلد كي يمتص هذه الدهونات.\nتوصيات للوقاية\nوإضافة إلى استخدام الدهونات الواقية من أشعة الشمس، يوصي علماء الأكاديمية بارتداء ملابس كاسية وواقية مثل القمصان طويلة الأكمام، والقبعات عريضة الحواف، والنظارات الشمسية. كما يوصون بالتماس الوقوف في الظل بقدر الإمكان، خصوصا في أوقات أشعة الشمس الأقوى، وتكون بين العاشرة صباحا والرابعة بعد الظهر.\nوينبغي زيادة الحيطة قرب الماء والثلوج والرمال لأنها تعكس الأشعة المؤذية للشمس والتي قد تزيد مخاطر الإصابة بالاحتراق الشمسي. ومن الضروري حماية الأطفال من التعرض لأشعة الشمس باستخدام الدهونات الواقية من الشمس، كذلك.\nويوصون بالتماس فيتامين (د) من مصادر نظام غذائي صحي، بما في ذلك مكملات الفيتامين، ولكن لا يصح الحصول عليه بالتعرض للشمس، كما يفعل البعض. ويحذر الأطباء من السعي لاسمرار البشرة من خلال سرير الأشعة الاصطناعية، لأن الضوء فوق البنفسجي فيها يسبب سرطان الجلد وترهله.