\r\n \r\n ما حدث ل (أكين روث) المدير التنفيذي لمنظمة هيومان رايتس ووتش، أكبر منظمات حقوق الإنسان وأكثرها احتراماً في الولاياتالمتحدة الأميركية. وكنت قد عملت في الماضي كمستشارة بهذه المنظمة. وتجدر الإشارة إلى أن والد روث كان فر من معسكرات الاعتقال النازية. وبعد بدء العمليات العدائية الإسرائيلية على لبنان في شهر يوليو الماضي، فعلت منظمة هيومان رايتس ووتش نفس الشيء الذي فعلته في العراق، أفغانستان، الشيشان، البوسنة، تيمور الشرقية، سيراليون، الكونعو، أوغندا والعديد من مناطق الصراع الأخرى حول العالم؛ حيث أرسلت باحثين إلى لبنان لمراقبة هذه الحرب وتقديم تقرير عن الانتهاكات التي يرتكبها الجانبان. \r\n وقد اكتشفت المنظمة وجود عدد كبير من الانتهاكات. وأدانت هيومان رايتس ووتش الهجمات الصاروخية التي شنها حزب الله على مناطق مدنية في اسرائيل يوم 18 يوليو الماضي، ووصفت الهجمات بأنها انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني، وأنها جرائم حرب محتملة. ويبدو كل شىء حسناً حتى وقتنا؛ لأنك لن تخسر شيئا عندما تنتقد منظمة إرهابية. \r\n ولكن روث ومنظمة هيومان رايتس ووتش لم يقفا عند هذا الحد؛ فمع تصاعد عدد الضحايا، ومعظمهم من المدنيين اللبنانيين، انتقدت المنظمة أيضاً إسرائيل بسبب هجماتها العشوائية على المدنيين. وأشار روث إلى أن الجيش الإسرائيلي تعامل مع جنوب لبنان كمنطقة حرب مفتوحة، وأنه لاحظ فشل الجيش الإسرائيلي في إتخاذ إجراءات مناسبة للتفرقة بين المدنيين والمقاتلين وهو ما يمثل جريمة حرب. \r\n وكانت ردة الفعل الإسرائيلية سريعة؛ فسرعان ما وجد روث ومنظمة هيومان رايتس ووتش أنفسهم متهمين بإرتكاب سلوك غير أخلاقي يتمثل في تقديم المساعدة والدعم للإرهابيين والعداء للسامية. وانتقدت جريدة (نيويورك صن) المحافظة روث اليهودي بسبب دعمه لحزب الله ومناهضته لإسرائيل واتهمته بإزدراء الديانة اليهودية، ومعاداة السامية. \r\n ووصف ديفيد هوروفيتز، المعلق السياسي المنتمي لفرقة المحافظين الجدد، كين روث بأنه مناهض قوى لإسرائيل... يسعى للتشهير بإسرائيل على الدوام، وأنه أكثر من حليف للإرهابيين البربريين. ونسجت صحيفة (نيو ريبابليك) على نفس المنوال، عندما ذكر آلان درشوفيتز في مقال كتبه بالجريدة أن منظمة (هيومان رايتس ووتش) تسلق الكتب لتشويه سمعة إسرائيل. وكتب الصحفي جوناثان روزنبلوم مقالاً اتهم فيه روث باللجوء إلى الافتراءات الكاذبة عن تعطش اليهود للدماء. \r\n ويشعر المطلعون على طريقة عمل منظمة (هيومان رايتس ووتش وكين روث) بأن هذه الأقوال هي ضرب من الحماقات والجنون، لأن المنظمة هي مؤسسة غير حزبية لا تتحيز لأي جهة في الصراعات. وأن فكرة معاداة روث للسامية مجرد فكرة مجنونة. \r\n وأكثر ما يثير القلق بخصوص الانتقادات الموجهة إلى روث ومنظمة هيومان رايتس ووتش هو أن هذه الانتقادات ليست بدائية وعشوائية وخيالية. وما يبعث على القلق بشكل أكبر هو أن هذه الانتقادات تقليدية بمعني أن أي شخص ينتقد إسرائيل يجب أن يتوقع التعرض لهذه الاتهامات. وفي الولاياتالمتحدة، من المستحيل أن تفتح مناقشة مدنية عن إسرائيل لأن أي إنتقاد جاد للسياسات الإسرائيلية يقترن مباشرة بتهمة العداء للسامية. وإذا اعتقدت بأن المخططات الإسرائيلية ضد حزب الله كانت مفرطة، أو أن اسرائيل كانت غير عادلة على الدوام مع الفلسطينيين أو أن الولاياتالمتحدة يجب أن تعيد النظر في دعمها المادي والعسكري غير المحدود إسرائيل ... فيتعين عليك أن تكتم مشاعرك، ولا تعبر عن أفكارك وعواطفك كي لا تتهم بمعاداة السامية والتعاطف مع المنظمات الإرهابية. \r\n ولكن كيف أصبح تبني موقف انعكاسي داعم لإسرائيل عنصراً إجبارياً من العناصر المكونة لشخصية اليهودي الأميركي؟ \r\n وقد كان التشكك، والاستعداد لطرح أسئلة صعبة، ورفض اعتناق العقيدة، نقطة أساسية في العادات الفكرية لليهود. وقد ظل هذا التقليد حياً في إسرائيل، حيث تنتقد الشخصيات الإسرائيلية العامة المحترمة الحكومة بشكل روتيني وبأساليب أكثر قسوة من الأساليب التي استخدمتها منظمة هيومان رايتس ووتش. \r\n وفي مناخ يتحول فيه النقد البناء لإسرائيل بشكل آلي إلى تهمة معاداة السامية، يمكن أن يتعرض كل الأشخاص للخسارة. وتثير السياسات الإسرائيلية حنقاً كبيراً في العالم الإسلامي، ويتسرب الغضب السائد داخل اسرائيل في العادة ويتحول إلى غضب في الولاياتالمتحدة أكبر دولة داعمة لإسرائيل. \r\n ولأن الإمتعاض السائد تجاه السياسات الإسرائيلية يعزز من مشاعر الكره والإحباط في الشرق الأوسط ومعظم دول العالم، أرى ان الوقت قد حان في الولاياتالمتحدة لإقامة مناقشة وطنية تتعلق بكيفية التوصل لسلام عادل في الشرق الأوسط. ولكن إذا كان انتقاد إسرائيل ليس مسموحاً به في هذه المناقشة، فإنها لا يمكن أن تحدث وسوف يدفع الأميركيون الثمن. \r\n وإذا عدنا مرة أخرى إلى نقاد منظمة هيومان رايتس ووتش، فإنني أتساءل: لماذا يضيعون وقتهم في إدانة مواقف العداء للسامية التي ينسجونها من وهم خيالهم بينما تتضح هذه المواقف في عالم الواقع في أماكن أخرى؟ وتظهر هذه المواقف في الاعتقالات السياسية لليهود في إيران والهجمات على الأطفال اليهود في أوكرانيا، وهناك عدة مواقف تدل على العداء للسامية.. دائما ما تبادر منظمة هيومان رايتس ووتش إدانتها. \r\n \r\n روزا بروكس \r\n أستاذة القانون بجامعة جورج تاون الأميركية \r\n خدمة لوس أنجلوس تايمز خاص ب(الوطن)