ويعتقد الخبراء، في المقابل، أن رفض واشنطن حتى الآن القيام بكبح جماح إسرائيل، والتي بدأت الجمعة في حشد آلاف الجنود على طول حدودها الشمالية استعدادا لغزو أرضي، هذا الرفض يشير إلى تراجع خطير في جهودها طويلة المدى لكسب \"قلوب وعقول\" العرب والمسلمين في \"الحرب الأوسع على الإرهاب\". \r\n \r\n ففي تقرير صدر الجمعة في واشنطن بعنوان \"الطريق إلى اللاشيء\" أشار أنتوني كوردسمان، وهو خبير في شئون الشرق الأوسط بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية إلى أن \"الفشل في القيام بتحرك مرئي لحل الأزمة أو حتى تقديم خيار مثل محاولة إحياء عملية السلام، يجعل الولاياتالمتحدة تبدو شريكا لإسرائيل مع القليل من الاهتمام بالعالم العربي\". \r\n \r\n وقال كوردسمان: \"ليس هذا هو الموقف الذي يساعد العراق، أو الذي يساعد الأنظمة (المدعومة أمريكيا) في مصر والأردن، أو يساعد في بناء تأييد في التعامل مع إيران والعراق\". وأضاف: \"إن هذه ليست إستراتيجية تساعد في الحرب على الإرهاب\". \r\n \r\n وتأمل إدارة بوش بشكل واضح أن تبدأ في عكس هذا الانطباع عندما تذهب وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس إلى المنطقة يوم الأحد أملا في إرساء الأساس لحل أكثر استقرارا ورسوخا للصراع بين إسرائيل وحزب الله يتضمن ما أسمته إدخال قوة عسكرية دولية \"قوية\" في جنوب لبنان، المعقل التقليدي لحزب الله. \r\n \r\n لكن رفض رايس، لدى إعلانها عن الرحلة، للضغوط الدولية المتزايدة من أجل وقف إطلاق النار الفوري من المرجح أن يضيف إلى الانطباع بأن إدارة الرئيس جورج دبليو بوش لازالت متعاطفة مع المطالب الإسرائيلية بإعطائها المزيد من الوقت لإتمام الحد الأدنى من أهدافها العسكرية، وهو إرجاع حزب الله إلى ضفة نهر الليطاني على الأقل، وتدمير أكبر قدر من صواريخه ومناطق إطلاقها قدر المستطاع. \r\n \r\n وقالت رايس: \"إن وقف إطلاق النار سيكون وعدا زائفا إذا أعادنا ببساطة إلى الوضع الحالي، وسمحنا للإرهابيين بإطلاق الهجمات في الوقت الذي يختارونه وبالشروط التي يختارونها، إضافة إلى تهديد الأبرياء، من العرب والإسرائيليين، في جميع أنحاء المنطقة\"، مشيرة بهذا إلى هجوم حزب الله على الجنود الإسرائيليين على الحدود في 12 يوليو. وقد اعتبرت رايس حزب الله بأنه \"السبب الجذري\" للأزمة. \r\n \r\n وقد أضاف قيام رايس بشكل متكرر بامتداح رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة، والذي ظل طوال الأسبوع الماضي يناشد بشكل يائس –بل وبشكل بائس– من أجل وقف فوري لإطلاق النار يؤدي إلى إنهاء الدمار الذي أحدثته إسرائيل في البنية التحتية في بلده، وأرواح أكثر من 300 مدني حتى الآن، أضاف هذا إلى الانطباع بأنه لا مجال للمنافسة عندما يتعلق الأمر بمقارنة أهداف إسرائيل العسكرية بمعاناة إحدى الحكومات العربية الصديقة وشعبها. \r\n \r\n وفي منتدى عُقد بمركز نيكسون هنا في واشنطن الخميس قال شبلي تلحمي، الخبير في شئون المنطقة بجامعة ميريلاند ومعهد بروكنجز: \"إنني لا أتوقع نتيجة مستقرة في لبنان بغض النظر عما يحدث لحزب الله\". وأشار شبلي تلحمي إلى أن هذا الحزب الشيعي لديه قاعدة شعبية قوية، مضيفا أن \"الدولة اللبنانية سيتم إضعافها بشكل أكبر حتى من حزب الله\". \r\n \r\n وفي الواقع أنه رغم الضربات التي تلقاها حزب الله من القصف الإسرائيلي وهجمات الصواريخ إلا أن الحزب، بحسب خبراء، يمكن أن يخرج أقوى، ربما ليس بشكل فوري كقوة عسكرية، ولكن كرمز سياسي يتحدى إسرائيل وراعيتها، الولاياتالمتحدة. \r\n \r\n حيث قال إدوارد ووكر، مدير معهد الشرق الأوسط في واشنطن: \"إنني أعتقد أن حزب الله هو الرابح حتى الآن في هذه المواجهة\". وأضاف قائلا إنه رغم أن الحزب كان في موقف دفاعي متزايد داخل لبنان؛ حيث كان يتعرض لضغوط متزايدة من أجل نزع سلاحه قبل الأزمة الحالية \"إلا أن حزب الله (الآن) أكثر شعبية من الخبز بين الجميع، وليس فقط بين الشيعة\". \r\n \r\n ويعتقد ووكر أيضا أن حكومة السنيورة المدعومة غربيا يمكن أن تسقط لتفتح الطريق أمام عودة النفوذ السوري من خلال الرئيس اللبناني المدعوم من سوريا إيميل لحود. \r\n \r\n كما كتب كوردسمان يقول: \"إن التكهن يقول بوجود صعود جديد في النفوذ السوري والإيراني، والمزيد من التوتر المذهبي والطائفي، وسلطة أقل للحكومة والجيش، ووضع أسوأ بكثير للشعب اللبناني\". \r\n \r\n ويرى محللون هنا في واشنطن أن الرئيس السوري بشار الأسد قد استفاد أيضا من تدفق التأييد لحزب الله، بما في ذلك من قوى المعارضة، وهو الذي كان في موقف دفاعي في الداخل والخارج. \r\n \r\n حيث قال ووكر: \"إن المحصلة النهائية هي أننا في موقف ترتفع فيه أسهم جميع الأشخاص السيئين\". \r\n \r\n وقد تم تسهيل هذا الدعم إلى حد كبير من خلال وحشية الحملة الإسرائيلية والتي أدت إلى قدر أكبر من الدمار ضد السكان المدنيين والبنية التحتية في لبنان أكثر مما فعلت ضد حزب الله نفسه، والذي يبدو أن الخسائر في جانبه حتى الآن ضئيلة إلى حد ما. \r\n \r\n وفي حوار مع آي بي إس في الأسبوع الماضي قال أحد مسئولي وزارة الخارجية الأمريكية، والذي طلب عدم ذكر اسمه: \"لا شك أن الغضب في العالم العربي تجاه ما يعتبرونه امتدادا للتدمير والقتل كل ليلة على شاشات التليفزيون هو أمر يتزايد بشكل ثابت. أما نحن فيتم إلقاء اللوم علينا لإعطائنا إسرائيل الضوء الأخضر لهذا\". \r\n \r\n من جانبه قال زبيجنيو برزيزنيسكي، والذي عمل سابقا في منصب مستشار الأمن القومي للرئيس جيمي كارتر: \"من الواضح أن إسرائيل من حقها أن ترد، ولكن السؤال هو: ضد من؟\" \r\n \r\n وأضاف أن الحملة الإسرائيلية والتي لم تُظهر فقط \"لا مبالاة تجاه مدى الضرر الإضافي\" لكنها كانت أيضا \"غير مبررة أخلاقيا\" بل إنها جاءت بعكس المرجو منها. وقال: \"من المرجح بشكل أكبر أنك لن تقوم بإرهاب (السكان المستهدفين). إنك سوف تثير غضبهم\". \r\n \r\n ويرى تلحمي، وهو خبير في الرأي العام العربي، أن هذا يحدث في جميع أنحاء العالم العربي. \r\n \r\n وعلى الرغم من أن رايس قد رحبت بقيام الحكومات العربية السنية المدعومة أمريكيا في المملكة العربية السعودية والأردن ومصر بإدانة \"مغامرات\" حزب الله، باعتبار هذه الإدانة دليلا على ما اعتبرته \"شرق أوسط جديدا\" إلا أن تلحمي أكد أن هذه الإدانات لا تعكس مواقف شعبية. \r\n \r\n حيث قال: \"إن هناك فجوة هائلة بين الحكومات والشعوب، وهي فجوة يُرجح أن تتزايد مع طول فترة الأزمة\". وفي إشارة إلى انتقاد الحكومات أكد ووكر على في منتدى نيكسون أنه إذا تواصل الاعتداء الإسرائيلي أو تصاعد فإنه يتوقع أن انتقاد الحكومات العربية لحزب الله سوف يتوقف. \r\n \r\n وقد أعلن وزير الدفاع السعودي سلطان بن عبد العزيز الخميس أن حكومته \"لا يمكنها أن تتحمل أن تتلاعب إسرائيل بأرواح المواطنين والمدنيين والنساء والشيوخ والأطفال\". \r\n \r\n ومن بين التطورات المزعجة بشكل خاص والتي أشار إليها المتخصصون في شئون المنطقة هنا في واشنطن هذا الأسبوع هو الهجوم الشديد الذي وجهه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على ما أسماه الاعتداءات الإسرائيلية، وهو ما يمثل انعكاسا ليس فقط للتصويت الإجماعي الذي جرى في البرلمان العراقي في الأسبوع الماضي، ولكنه أيضا يمثل إشارة للغضب المتصاعد في مجتمع الأغلبية الشيعية العراقية. \r\n \r\n حيث قال ديفيد إجناتيوس، وهو كاتب عمود في صحيفة الواشنطن بوست وله خبرة طويلة في شئون الشرق الأوسط: \"إذا تواصلت الحملة الإسرائيلية ضد حزب الله لمدة أسابيع أو حتى لشهور، فكم ستطول قبل أن تواجه الولاياتالمتحدة تمردا شيعيا في العراق، وهو ما سوف يؤدي بالتأكيد إلى هزيمة أمريكية حاسمة هناك\". (آي بي إس / 2006)