\r\n فبينما تتزايد احتمالات خروج الرئيس التايواني تشن شوي بيان - الذي لا يدخر أي رصيد من القبول والشعبية وتتسم تصرفاته بالغرابة - من السلطة إلا أنه من المتوقع أن يحافظ الحزب الديموقراطي التقدمي الذي ينتمي اليه الرئيس على بقاء السلطة في يده. \r\n والمؤكد ان الحزب الديموقراطي التقدمي والرئيس كلاهما يعاني حاليا من الضعف. فصهر الرئيس موجود حاليا رهن الاحتجاز في تحقيقات لاستغلاله منصبه في إجراء معاملات غير مشروعة. كما أن مساعدي الرئيس متورطون في اتهامات بالفساد ولا تزال هناك ادعاءات جديدة تأتي تترا كل يوم. \r\n وكانت تايوان دائما تحاول تجنب الغرق في ظل القيادة الصينية غير الفاعلة ، حيث لم تركز إدارة الرئيس هناك على الاقتصاد ولكن بدلا من ذلك راح يفتعل الأزمات والخلافات مع الحلفاء التقليديين مثل الولاياتالمتحدة. كما أن العلاقات مع الصين - التي توجد بها جل استثمارات الشركات التايوانية - قد شهدت تدهورا كبيرا تحت سمع وبصر تشن. \r\n بيد أن الأزمة الحالية ربما لا تقدم فرصة أمام حزب المعارضة \" كومينتانغ\" كي يستعيد السلطة مرة ثانية. وفيما يتعلق بالغالبية العظمى من شعب تايوان فهم يعتقدون ان الحزبين الديموقراطي التقدمي وكومينتانغ كلاهما متهم بالفساد. وربما تعكس الملاحقة القضائية الحالية لمسؤولين في الحزب الديموقراطي التقدمي - بما فيهم أشخاص قريبون من الرئيس - ان حكم الحزب الديموقراطي التقدمي ليس محايدا او بعيدا عن الشبهات. \r\n وفيما سبق لم تكن حكومة كومينتانغ اقل فسادا بيد أن عدد المحققين كان قليلا للغاية ولا يتمتع سوى بصلاحيات محدودة. وربما لا يتذكر كثير من التايوانيين ان كومينتانغ قد قدم لتايوان المعجزة الاقتصادية إلا أنهم لا ينسون أن الحزب كان نموذجا للفساد والدكتاتورية. \r\n ولم يستطع كومينتانغ ان يتعامل جيدا مع الازمة الحالية ، فرئيسه ما ينغ جيو هو شخصية سياسية يتمتع بالقبول والحضور إلا أنه يفتقد ثقته في قدراته كما أنه يواجه منافسين الداء. في حين ان الحزب الديموقراطي التقدمي ، وعلى الرغم من كل أخطائه الكثيرة وفي مقدمتها قلة التركيز على الاقتصاد إلا أنه مؤسسة راسخة تحسن التجاوب مع الرأي العام. \r\n وربما كان ذلك هو السبب الذي يحملني على الاعتقاد بان الأزمة الحالية بالنسبة للحزب الديموقراطي التقدمي تمثل فرصة تصب في مصلحته أكثر منها لكومينتانغ. والطريق الوحيد الذي يستطيع الحزب الديموقراطي التقدمي من خلاله الاحتفاظ بالسلطة هو ان يباعد ما بينه وبين الرئيس تشن. \r\n وبالفعل فقد نشرت مجموعة من الشباب السياسيين في الحزب التقدمي إعلانا في الصحف دعت فيه الرئيس الى التنحي عن السلطة. وإذا ما قدم تشن استقالته فسوف يساعد ذلك الحزب التقدمي ويمنحه فرصة جيدة في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها عام 2008. ومن غير المحتمل ان \" ما \" الذي يفتقد الرؤية القوية لمجريات الأمور في تايوان سوف ينجح في إعادة الكرة إلى ملعب كومينتانغ إذا ما ذهب تشن. \r\n وكانت ثورة الحزب التقدمي قد حملت معها تغيرين جوهريين ، أولهما التغيير العرقي في الحكومة ونقلها من أصحاب الأرض الاصليين الى التايوانيين. بينما كان التغيير الآخر في الطبقة الحاكمة حيث آلت السلطة من النخبة القديمة الى مجموعة جديدة ليس لها جذور ثقافية. \r\n والآن تحتدم المنافسة بين الحزب التقدمي وحزب كومينتانغ ، وسوف تكون كلمة الحسم لمن يمتلك الكفاءة والحنكة السياسية والتي تتمثل في القدرة على الإحساس بمشاعر الشعب. ولا نذهب بعيدا إذا قلنا أن الحزب الأكثر تماشيا مع الظروف المحيطة وصاحب التجاوب الأفضل مع المحيط الخارجي هو الحزب التقدمي. \r\n وغالبا ما يسييء المراقبون تفهم واحدة من اهم خصائص الحزب التقدمي ألا وهي طبيعته الثورية. وهذه الصفة الأيديولوجية للحزب هي نفسها التي يجب أن تحول دون انتشار سرطان الفضائح ووصوله الى الرئيس تشن. ومن المتوقع أن يكون خليفة تشن أقل أيديولوجية وأكثر واقعية وعملية من تشن ومن ذلك توجهاته السياسية الخاصة نحو الصين. \r\n ويجب على كل من بكين وواشنطن أن يتفهما أن إعادة عقارب الزمن إلى الوراء حيث أيام كومينتانغ هو امر مخالف للواقع. وتكفي نظرة إلى المشاركين في مسيرة المعارضة من الطاعنين في السن كي تكون جرس إنذار لإدارة بوش ألا تراهن بجميع أوراقها على ما ينغ جيو في تيبيه - والذي استقبلته الولاياتالمتحدة خلال زيارته الأخيرة لها بالتهليل. وتلك الطبيعة التي اتسم بها حكم كومينتانغ في الماضي بالإضافة الى حالة الحزب اليوم التي تستحق الرثاء سوف تمنح الحزب التقدمي زخما شعبيا خاصة عند الشباب في تايوان. وتلك ليست مأساة سواء لتايوان او لعلاقاتها الخارجية ولكنها الحقيقة التي يجب على كل من يهمه الأمر القبول بها. \r\n \r\n كاتب وناقد اجتماعي تايواني وقد ألف خمسة كتب منها \" المسافر\" عن العولمة. \r\n خدمة انترناشونال هيرالد تربيون خاص ب( الوطن) \r\n