\r\n \r\n \r\n الاتحاد الأوروبي استأنف إرسال المساعدات إلى موريتانيا هذا الشهر متشجعاً في ذلك على ما يبدو بالوعد الذي قطعه المجلس العسكري الحاكم على نفسه بعقد انتخابات في مارس المقبل، أي قبل الجدول الزمني الذي حدده في البداية بخمسة أشهر كاملة. \r\n \r\n \"إنها إلى حد ما حالة منقطعة أي قد تحدث مرة واحدة ثم لا تتكرر بعدها، وربما يكون الانقلاب العسكري هو الاختيار الأقل سوءاً بالنسبة لموريتانيا\"، هذا ما يقوله \"أولي أوين\"، الباحث في الشؤون الأفريقية في مجموعة \"جلوبال إنسايت\"، وهي مجموعة مستقلة للتنبؤات الدولية. ويضيف \"أوين\": \"إذا ما نظرت إلى الإجراءات المتخذة من قبل المجتمع الدولي، فستدرك أنها كانت أضعف الإجراءات التي يمكن اتخاذها ضد أناس يستولون على السلطة بقوة السلاح\". \r\n \r\n وسكان نواكشوط الذين تدفقوا على الشوارع عندما تمت الإطاحة بالرئيس السابق الذي كانت توجه إليه اتهامات بالفساد والمحسوبية، يبدون سعداء حتى الآن على الأقل. \r\n \r\n يقول \"بابا همت نقيدا\"، وهو شاب موريتاني يعمل مبرمجاً للكمبيوتر في العاصمة نواكشوط: \"منذ الاستقلال لم تكن لدينا ديمقراطية مستقرة هنا، أما الآن فأنا أشعر بالتفاؤل. ففي الماضي كان هناك العديد من العملاء السريين وكان المرء منا يضطر إلى الالتفات حوله دائماً في حذر، أو الكلام بصوت أقرب إلى الهمس مع الآخرين، أما الآن فنحن أكثر اطمئناناً، على الأقل هناك أمل\". \r\n \r\n ولكن المحللين يحذرون من أن موريتانيا لا زالت تواجه تحديات، تتمثل في ضرورة العمل على تلافي الأخطاء التي يقع فيها القادة، الذين يمكثون أكثر من اللازم في مواقعهم، ويقومون بتحويل الموارد النفطية إلى نقمة بدلاً من الاستفادة منها اقتصادياً. \r\n \r\n يذكر أن موريتانيا قد بدأت في إنتاج النفط في شهر فبراير في بئر \"شنقيط\" ويقول وزير النفط إنه يتوقع أن تحقق البلاد عائداً يبلغ 200 مليون دولار في العام من هذا الحقل البحري. وهذا العائد يمكن أن يحسّن من أحوال الشعب الموريتاني الذي يبلغ تعداده 3 ملايين نسمه يعيش ثلثاهم على دخل يقل عن دولارين في اليوم. \r\n \r\n والحديث عن المداخيل والعوائد المتوقعة، يعكس موقفاً جديداً تجاه الاستثمارات الخارجية. ففي الفترة التي سبقت نهاية حكمه والتي تضاءلت فيها شعبيته إلى حد كبير، قام الرئيس السابق بعقد صفقات لم تكن في مصلحة بلاده من أجل الاحتفاظ بحلفائه. ولكن المجلس العسكري الذي يقود البلاد الآن أصر على ضرورة قيام شركة النفط الاسترالية العملاقة \"وود سايد\"، بتعديل ما يعرف باتفاقية المشاركة في الإنتاج وذلك حينما كان حقل \"شنقيط\" على وشك البدء في عملياته. وكان رأي المجلس العسكري الحالي أن الاتفاقية التي وقعها وزير النفط السابق الذي وجهت إليه تهم بالغش والتزوير فيما بعد هي اتفاقية غير قانونية وستكلف الدولة حوالى مليار دولار على مدى 10 سنوات. وقام المجلس بتأجيل العمل في المشروع إلى أن تراجعت الشركة الأسترالية عن موقفها. \r\n \r\n يقول \"محمود ديا\" المحاسب بإحدى شركات النفط: \"لقد لقنّا الشركات النفطية درساً وهو أن موريتانيا قادرة على الدفاع عن حقوقها\". \r\n \r\n وحقل \"شنقيط\" المكتشف عام 2001، يعمل الآن بأقصى طاقته الإنتاجية وهي 75 ألف برميل في اليوم. ويأمل المسؤولون الموريتانيون في أن يتمكن بلدهم من الوصول بإنتاجه النفطي إلى 300 ألف برميل يومياً بنهاية العقد الحالي. وإذا ما تحقق ذلك، فإنه سيضع موريتانيا على قدم المساواة مع غينيا الاستوائية التي انتقلت من دولة غير نفطية إلى ثالث أكبر منتج للنفط في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. \r\n \r\n ولكن الطفرة النفطية وما صاحبها من ارتفاع في النمو الاقتصادي لم تحل دون غرق غينيا الاستوائية في المزيد من الفقر. وفي الحقيقة أن احتمال حدوث ذلك في موريتانيا يشغل ذهن كثير من الموريتانيين ومنهم السيد\" نقيدا\"، المشار إليه أعلاه، الذي يقول: \"قبل النفط كانت لدينا الأسماك وكان لدينا أيضاً خام الحديد الذي كان يفترض أن يساعد على تقليل حدة الفقر، ولكن ذلك لم يحدث، فقد تبخَّر كل شيء في الهواء\". \r\n \r\n وقد تعهد قائد المجلس العسكري الحاكم العقيد \"علي ولد محمد فال\" بأن موريتانيا لن تتحول إلى مرتع للفساد، وقال إنه قد وقع ما يعرف ب\"مبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية\" مع البنك الدولي وتعهد بوضع عائدات النفط في حساب يمكن مراقبته بشكل شفاف. \r\n \r\n يقول \"أولي أوين\"، الذي سبقت الإشارة إليه في بداية المقال، إنه \"كان هناك تعهد مماثل من تشاد للبنك الدولي، ولكنه لم يتبلور على أرض الواقع، وإنه ليس هناك بديل سواء بالنسبة لحالة موريتانيا أو أية حالة مماثلة من اتباع قواعد وإجراءات المراجعة السليمة، والتقييمات الأخيرة التي أجراها صندوق النقد الدولي بالنسبة لموريتانيا أثبتت أنها تمتلك قدرة محدودة على ذلك\". وفي تقرير \"مجموعة الأزمات الدولية\" وهي أحد مراكز الدراسات والأبحاث التي تتخذ من بروكسل مقرا لها، جاء أن \"النظام في موريتانيا اتخذ بعض الخطوات المضادة للفساد بما فيها خلق منصب جديد يطلق عليه (المفتش العام) مهمته مراجعة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، والتحقيق مع وزير النفط الموريتاني السابق. ولكن النظام مطالب مع ذلك باتباع قواعد العدل في تخصيص العقود العمومية، ومواجهة الشركات المحتكرة لعمليات الاستيراد، وإعادة التوزيع، والعمل على مكافحة التهريب بطريقة أكثر منهجية\". \r\n \r\n والاختبار الأول للمجلس العسكري الحاكم في موريتانيا سيكون في شهر مارس 2007، حيث سيتم إجراء انتخابات رئاسية لن يترشح فيها أحد من أعضاء المجلس العسكري نفسه أو الحكومة. \r\n \r\n ولكن احتمال تنحي المجلس عن الحكم في ذلك الوقت يجعل بعض الموريتانيين يشعرون بالقلق وعدم الارتياح وهو ما يعبر عنه أحمد عبيد الذي يعمل في مجال تجارة العملة الذي يقول: \r\n \r\n \"إنني أشعر بالثقة تجاه أعضاء المجلس الحاليين، أما بعد الانتخابات فمن يدري ما الذي يمكن أن يحدث؟\". \r\n \r\n \r\n \r\n كلير سواريس \r\n \r\n مراسلة \"كريستيان ساينس مونيتور\" بنواكشوط \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n \r\n