\r\n \r\n لذا تعكف الولاياتالمتحدة حاليا على دعم الجهود الرامية إلى إضعاف قبضة روسيا على المنطقة عبر اعتماد طرق تصدير جديدة ترتبط مباشرة بالاحتياطات الكبيرة من الطاقة التي تزخر بها منطقة آسيا الوسطى. وهي الصادرات التي تمر حاليا عبر الأراضي الروسية للوصول إلى موانئ البحر الأسود أو أنابيب النقل المتوجهة إلى أوروبا. \r\n وقد جاءت زيارة تشيني إلى كازاخستان الواقعة إلى الجنوب من روسيا لتسلط الضوء على المساعي الأميركية الرامية إلى إقامة توازن يضمن مصالحها بالمنطقة. فهي تسعى إلى تقويض الهيمنة الروسية على الطاقة في آسيا الوسطى من خلال التقرب إلى بعض البلدان مثل كازاخستان وأذربيجان، رغم سجلاتهما السيئة في مجالي حقوق الإنسان والديمقراطية. تانيا كوستيلو، محللة في مجموعة أوراسيا الاستشارية بنيويورك تقول في هذا الصدد: \"تحاول الولاياتالمتحدة إقامة توازن دقيق بين تشجيعها للنظام في كازاخستان من أجل الانتقال إلى الديمقراطية، وبين الحفاظ على مصالحها الاقتصادية\". ويشار إلى أن الرئيس الكازاخستاني نور سلطان نزاربييف كان قد فاز بولاية ثالثة تمتد إلى ست سنوات بنسبة 91% من الأصوات في انتخابات ديسمبر 2005 التي أكد المراقبون الدوليون على أن خروقات عديدة قد شابتها. كما تعرض للاغتيال اثنان من قادة المعارضة في البلاد خلال الستة أشهر الأخيرة، ما يثير مخاوف من امكانية حدوث اضطرابات. \r\n وتكمن أهمية كازاخستان بالنسبة للقوى الدولية الكبرى المتصارعة، في كميات النفط الهائلة التي تنتجها، حيث وصلت كمية إنتاجها خلال العام المنصرم إلى 1.2 مليون برميل يوميا. ومن المتوقع أن يرتفع ذلك الإنتاج إلى ثلاثة ملايين برميل في اليوم الواحد مع حلول عام 2010. وعندما سأل الصحفيون تشيني عقب زيارته لكازاخستان عن الديمقراطية، أعرب نائب الرئيس عن دعمه للحكومة الكازاخستانية دون الدخول في التفاصيل قائلا \"لقد سبق وأن أبديت إعجابي بالتطورات التي شهدتها كازاخستان طيلة الخمس عشرة سنة الأخيرة، سواء في المجال الاقتصادي، أو السياسي\". ومن ناحيته جاء الرد الروسي على زيارة تشيني حادا، حيث قالت عنها \"كومرسانت\"، وهي إحدى الصحف الروسية الكبرى\" بأنها \"بداية لحرب باردة ثانية\". وبدلا من أن تكون الأيديولوجيا هي ساحة المعركة يتمحور الصراع هذه المرة حول التنافس على النفوذ والطاقة. ولا تقتصر الجهود الأميركية على إضعاف السيطرة الروسية على النفط والغاز الطبيعي في المنطقة، بل تمتد أيضا إلى الصين للحيلولة دون دخولها إلى آسيا الوسطى، فضلا عن منع مرور الصادرات النفطية عبر الأراضي الإيرانية القريبة. \r\n ويتزامن ذلك مع الاعتماد المتزايد لشركة الطاقة الروسية العملاقة \"جازبورم\" على الغاز الطبيعي القادم من آسيا الوسطى، لا سيما في ظل تراجع إنتاج حقولها في سيبيريا. وتعتمد الشركة الروسية أيضا على الحقول الغنية من الغاز الطبيعي في تركمانستان المحشورة بين كازاخستان شمالا وإيران جنوبا، خصوصا وأنها تتوفر على أحد أكبر احتياطات الغاز الطبيعي في العالم. ولأن كازاخستان تملك حدودا مشتركة مع الصين وروسيا، وتتقاسم بحر قزوين مع إيران في الجنوب، يجد الرئيس نزاربييف نفسه أمام العديد من الخيارات لنقل النفط والغاز الطبيعي، حيث يمكن لخطوط الأنابيب أن تمر عبر البلدان المجاورة مثل روسياوإيران والصين وباكستان وتركيا، بل وحتى أفغانستان. وفي الوقت الذي أبدى فيه وزير الطاقة الكازاخستاني اهتمامه بإقامة خط أنابيب يتجه غربا عبر أذربيجان ومن ثم إلى تركيا متجاوزاً الأراضي الروسية، ومكسراً احتكار \"جازبروم\"، مما أعجب الولاياتالمتحدة وأوروبا، فإن المدير الوطني لخطوط أنابيب النفط الكازاخستاني سارع إلى طمأنة روسيا مؤكدا أن نفطها سيستمر في الوصول إلى الصين مرورا عبر أراضيها. \r\n وفي ظل هذا الصراع تبدو الولاياتالمتحدة مصرة على تسجيل نقاط لصالحها، حيث تعتزم في مطلع السنة المقبلة إقامة خط أنابيب ينقل النفط والغاز الطبيعي عبر بحر قزوين ليصل مباشرة إلى تركيا دون المرور من روسيا. \r\n \r\n إيلان جرينبورج وأندرو كرامير \r\n إيلان جرينبورج، مراسل \"نيويورك تايمز\" في كازاخستان، وأندرو كرامير، مراسلها في روسيا \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n \r\n \r\n \r\n