والمهمة الملقاة على عاتق الوفود باهظة وثقيلة. ويجادل الساسة والعلماء بالقول ان الخطر الذي يشكله التغيّر المناخي أعظم بكثير من خطر الإرهاب الدولي ويبرز في كل يوم دليل جديد على حدوث التغيّر المناخي، وعلى أنه يؤدي الى مناخ أعنف وأشد تطرفا، والى تفاقم شح المياه، والى فقدان الجليد في القطب الشمالي على نحو لم يسبق له مثيل. \r\n ويقول لنا العلماء ان علينا ان نخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنحو 60 الى 80% إذا اردنا ان نتفادى كارثة مناخية يمكن ان تعصف بمليارات الأفراد من البشر. ولما كانت غالبية الانبعاثات ناجمة عن حرق انواع الوقود المستخرج من باطن الأرض وهو النفط والغاز والفحم فإن هذه الغازات المنبعثة هي التي يجب علينا أن نخفضها أو نحافظ عليها عند حد معين. \r\n ويجب علينا أن نتوسع سريعا في استخدام الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة التي تنجم عن حرق المواد النباتية والمخلفات الحيوانية، كما يقول العلماء. \r\n وسوف تنخرط الوفود في مونتريال في رسم الخطط لتنفيذ المرحلة الثانية من عملية كيوتو. وهي تأمل في توقيع اتفاق يضم بعض الدول النامية الرئيسية والمهمة مثل الصين والهند غير الملتزمتين حاليا بالبروتوكول القائم، واللتين يشكل اقتصاداهما الآخذان في التوسع مصدرا لازدياد التلوث، كما تتطلع هذه الوفود الى وضع أهداف جديدة لخفض كمية الغازات المنبعثة بعد سنة ،2012 عندما ينقضي الأجل النهائي الأول المتفق عليه. \r\n ولن يكون سهلا التوصل الى أي اتفاق. فقد رفضت كبرى الدول المسببة للتلوث، وهي الولاياتالمتحدة، بروتوكول كيوتو رفضا تاما. وترفض استراليا التوقيع الى ان تجبر الصين والهند على التوقيع كذلك. كما ان هناك مشكلة اخرى. فعلى الرغم من اننا نعلم انه يجب علينا خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، يستمر استعمالنا للطاقة في دول الغرب الغنية في التصاعد، ومن ثم تتزايد الغازات المنبعثة. \r\n وما من سياسي في العالم الغربي يرغب في ان يطلب من ناخبيه التوقف عن استعمال السيارات أو السفر جواً فالساسة يعرفون المشكلة ولكنهم يأبون التصرف. وهذا ما يجعل جورج بوش، وتوني بلير يستمران في التعرض للنقد بسبب عدم اتخاذهما اي اجراء يتعلق بالمناخ. ففي الاسبوع الماضي تعرض بلير للانتقاد من قبل جماعات البيئة الرئيسية الثلاث في بريطانيا. فقد قامت جماعة الضغط، المسماة "جماعة السلام الأخضر" بإغلاق الطريق الى مقر اقامته الرسمي في "10 دواوننج ستريت" بأطنان من الفحم للاحتجاج على تقاعس بلير عن التصرف ازاء التغير المناخي. وقد قال ستيفن تينديل، رئيس "جماعة السلام الأخضر": "إن بلير يحرق الفحم اكثر من أي وقت مضى، وقد تزايدت انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون لدينا، وبلير عازم على تجاهل الأهداف المتعلقة بالاحتباس الحراري التي وضعها بنفسه، كما يبدو انه يسعى الآن الى استئصال شأفة بروتوكول كيوتو". \r\n وقالت منظمة بيئية ثانية هي جماعة "أصدقاء الأرض" ان صدقية رئيس الوزراء في ما يتعلق بالتغير المناخي "تتلاشى سريعاً". \r\n وقالت منظمة ثالثة هي الصندوق العالمي للطبيعة ان موقف بلير التفاوضي في ما يختص بالمناخ يتعذر تمييزه عن موقف اكبر مجرمي الإضرار بالمناخ وهو الرئيس الامريكي جورج دبليو بوش. وكلا الرجلين مجرم في ما يتعلق بقضية المناخ. \r\n وقد نشر مركز الفضاء الالماني مؤخرا تقريرا مزلزلا طلبت إعداده الوزارة الاتحادية الالمانية للبيئة. وبحث العلماء السيناريوهات المختلفة للطاقة في ما اسموها بمنطقة "مينا" والتي ترمز الى منطقة "الشرق الاوسط وشمال افريقيا". \r\n ويقول العلماء الالمان في منطقة "مينا": "تمثل التنمية الاقتصادية والاجتماعية الأولوية القصوى" ولهذا السبب "تلعب حماية المناخ دورا ثانويا فقط". وقد صادقت دول قليلة للغاية في المنطقة على معاهدة كيوتو ولم تكن بينها أي دولة من الدول الاعضاء في منظمة أوبيك بما ان هذا سيكون "ضاراً بمصلحتها السوقية الأساسية". \r\n ويقول العلماء: ان امكانات الطاقة الشمسية مذهلة للغاية. ويقولون في ختام تقريرهم: "ان الثروة الاكبر بكثير في منطقة (مينا) هي اشعة الشمس حيث تنطوي على امكانات يفوق حجمها عدة مرات اجمالي حاجة العالم من الكهرباء". وهناك ايضا طاقة الرياح التي تعتبر بالفعل ثروة رئيسية في مصر وعمان في حين تتوافر الطاقة الحرارية الارضية في كل من تركيا وإيران والمملكة العربية السعودية واليمن. \r\n ويستطيع المرء أن يقول انه مع امتلاك دول الشرق الأوسط لثروة هائلة كهذه من النفط والغاز فإن تأييدها لخفض استخدام انواع الوقود الاحفوري سيكون بمثابة انتحار اقتصادي بالنسبة لها. وربما يكون الأمر على هذا النحو على المدى القصير، ولكن وعلى المدى الطويل يكتسب هذا الموقف معقولية اقتصادية وبيئية. \r\n والأمر الذي يوقف الانتقال الى الطاقة المتجددة هو ان الاستمرار في إنتاج النفط والغاز اقل كلفة بكثير خلال المدى القصير. \r\n ولا تستطيع الطاقة الشمسية ان تنافس النفط. ويحتاج التحول الى الطاقة المتجددة الى استثمارات مالية هائلة وإرادة سياسية صلبة من جانب حكومات الشرق الأوسط لكي توقف اعتمادها على الوقود الاحفوري. \r\n ويوضح العلماء الالمان ان كلفة جعل الطاقة المتجددة متساوية مع الوقود الاحفوري قبل عام 2020 تصل الى 75 مليار دولار امريكي. ولكن، وفي حين يمثل هذا الرقم مبلغا ضخما، يشير الألمان الى أمرين: الاول هو ان هذا نوع من الاموال سيتم انفاقه في تطوير اي نوع من برنامج نووي شامل. والثاني - وهو الأكثر اهمية - انهم يقولون ان التحول الى الطاقة المتجددة بعد عام 2020 سيوفر للمنطقة 250 مليار دولار. ويوضحون ان هذا تقدير متحفظ وانه كلما ارتفعت اسعار النفط، زادت نظريا الاموال التي ستوفرها المنطقة. \r\n وهكذا، فإن المنطقة تنفق 75 مليار دولار لتوفر لنفسها 250 مليار دولار، اي ان صافي التوفير يبلغ 175 مليار دولار. \r\n ونحن نعلم ان الولاياتالمتحدة لن تتخذ قرارا ايجابيا في مونتريال. وستتحدث دول الاتحاد الاوروبي بخشونة مع الولاياتالمتحدة خلال القمة، ولكن سينتهي بها الامر الى ان تناقش الامر داخليا. وستتباطأ الصين والهند إزاء الامر ايضا. \r\n فهل سيكون الامر مثيرا للدهشة اذا توجهت دول الشرق الأوسط الى مونتريال وطالبت بتحول جذري الى الطاقة المتجددة. \r\n وتستطيع هذه الدول انقاذ الكوكب بتركها النفط والغاز ببساطة في المكان الذي يوجد فيه، اي في جوف الارض. \r\n نعم انها تملك الكثير الذي ستفقده بتركها النفط والغاز هناك، ولكنها ستكسب الكثير. \r\n \r\n * كاتب مستقل متخصص في قضايا البيئة والصحة والعولمة، ويشارك في تحرير موقع "سبنس ووتش" لرصد التضليل الاعلامي \r\n \r\n