ففي أثناء زيارته التي استغرقت أربعة أيام إلى الهند في الأسبوع الماضي لمشاهدة المناورات الحربية التي جرت في صحراء ولاية راجاستان، والتي تضمنت نخبة من القوات وتجهيزات عالية المستوى أصدر إيفانوف 'تحذيرا وديا‘. \r\n وقد كان القلق الروسي فيما يتعلق بتثبيت اتفاقية حقوق الملكية الفكرية ظاهرا عندما ذهب إيفانوف إلى حد الإشارة إلى أن التعاون العسكري المستقبلي مع الهند، والتي ازدادت روابطها العسكرية بشكل ملحوظ مع الولاياتالمتحدة خلال السنتين الماضيتين، هذا التعاون سوف يتوقف على اتفاقية رسمية لحقوق الملكية الفكرية. \r\n كما أعطى إيفانوف أيضا إشارة مؤكدة إلى أن هذه القضية قد تم الانتهاء منها أثناء زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الهند في العام الماضي، وأنه منذ ذلك الحين لم يتم التحرك كثيرا في هذه القضية. \r\n وفي هذا الصدد صرح العميد يوداي باسكار، نائب رئيس معهد دراسات وتحليلات الدفاع، وهي مؤسسة تفكير تمولها الدولة، قائلا: \"أنا أعتقد أن اتفاقية حقوق الملكية الفكرية لا زالت خاضعة لتفكير نشط من وزارة الدفاع، والروس يقدمون إلينا المعدات العسكرية التي نحتاجها وقلقهم في هذا السياق أمر متفهم\". \r\n وقد قال إيفانوف إن الدولتين قد تجاوزتا علاقة العميل والمورد القديمة بصدد الأسلحة بعد أن قامت الدولتان معا بتطوير صاروخ براموس الجوال المتطور، والذي يُقال إنه يتفوق على صاروخ توما هوك الأمريكي الجوال في جوانب عديدة. \r\n وتشمل العقود الموقعة مع روسيا في السنوات الأخيرة، والتي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات، عقودا بإنتاج مرخص لطائرة سوخوي-30 إم كي آي المقاتلة، ودبابة تي90 إس للمعارك الرئيسية، والسفن الحربية المتسللة للجيش الهندي، كما تشمل شراء حاملة طائرات. \r\n ويفضل الرئيس الهندي عبد الكلام شخصيا تسويقا مشتركا وقويا لصاروخ براموس، والذي يُعتبر منتجا لمؤسسات الأبحاث والتطوير المشتركة في الدولتين، حيث يوجد بالفعل طلبات تجارية مؤكدة عليه من دول مختلفة. \r\n وعبد كلام نفسه من كبار العلماء المتخصصين في الصواريخ وهو رئيس سابق لمنظمة أبحاث وتطوير الدفاع السرية، والتي تتمتع بثقة مساوية مع الروس لتطوير الصاروخ والذي سيتم تسويقه من خلال المشروع المشترك براموس إيروسبيس. \r\n وصاروخ براموس هو صاروخ جوال مضاد للسفن بمدى 300 كيلومترا. ويمكن إطلاقه من الجو أو من الغواصات أو من الأرض، ويمكن له أن يستدير بمقدار 360 درجة، وهو ما أحدث قلقا في شبه القارة الهندية وخاصة من جانب باكستان، والتي تعتبر منذ مدة طويلة منافسا عسكريا للهند. \r\n وقد شهد عصر ما بعد الحرب الباردة اتفاقا بين الروبية والروبل وإصرارا على أن تدفع الهند ما يصل إلى 70 بالمائة من صفقات الدفاع نقدا. ولا زالت روسيا تقدم للهند حجما كبيرا من المعدات العسكرية، حدده إيفانوف نفسه بنسبة 40 بالمائة. \r\n وفي تفسيره للإصرار الروسي على توقيع الهند اتفاقية حقوق الملكية الفكرية معها، قال برافين ساوني، المحلل في شئون الدفاع، ومحرر مجلة الأمن القومي \"فورس\": \"لقد نفد صبر موسكو لأن هذه هي المرة الأولى التي تدخل في صيغة مع الهند في مجال الإنتاج الدفاعي المشترك، لكنها تخشى من أن يتم تسريب تكنولوجيتها المتقدمة إلى طرف ثالث\". \r\n وأوضح ساوني في مقابلة مع آي بي إس أن \"موسكو تريد أن تقوم بمراقبة القيود النهائية للاتفاقية، وأن تضمن أنه لن يكون هناك انتشار داخلي\". \r\n وفي إشارته إلى 'الانتشار الداخلي‘ ألمح ساوني على سبيل المثال إلى احتمال قيام الهند باستخدام بعض التكنولوجيات المتقدمة، مثل تلك المتعلقة بالمحركات التي تعمل تحت درجات حرارة منخفضة للغاية والتي تستخدم في الفضاء، وذلك لأجل استخدامها في تطوير الصواريخ الباليستية العابرة للقارات. \r\n وقد أكد مسئول رفيع في مجال الدفاع، والذي طلب عدم ذكر اسمه، أنه بسبب قيام الحكومة الهندية الآن بشراء أسلحة من دول مثل إسرائيل والولاياتالمتحدة، فمن المؤكد أن تشعر موسكو بالقلق. \r\n وليس سرا تعبير روسيا عن استيائها من بروز إسرائيل كمورد كبير للأسلحة إلى الهند؛ ففي سبتمبر 2003 قام رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون بزيارة الهند، حيث ناقش هناك نظام الإنذار المبكر 'فالكون‘، الذي يتلهف عليه كثيرون، وكذلك صاروخ 'سهم‘ المضاد للصواريخ الباليستية، والذي تعتبر نيودلهي أنه يجب أن يكون جزءا أساسيا في مخازن أسلحتها لكي تبطل أي هجوم نووي محتمل من باكستان. \r\n وقد أشار الروس إلى أن إسرائيل تقوم الآن سنويا بتقديم ما يساوي بليوني دولار من المعدات العسكرية إلى الهند. \r\n وفي 18 يوليو قام الرئيس الأمريكي جورج بوش بتوقيع اتفاق مع رئيس الوزراء الهندي مانومهان سنج يتعهد فيه بمساعدة الهند في الحصول على التكنولوجيا النووية المدنية الدولية، رغم أن دولته رفضت التوقيع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وهو ما يُعتبر أثرا آخر من الآثار الباقية للحرب الباردة. \r\n ويرى الكثيرون هذه الاتفاقية، والتي تنتظر موافقة الكونجرس عليها، باعتبارها التحول الهندي النهائي نحو المعسكر الغربي بعد عقود من العزلة، والتي تميزت بحظر تصدير تكنولوجيات \"الاستعمال المزدوج\" إلى الهند، وخاصة تلك التكنولوجيات المتعلقة بتطبيقات الفضاء والأسلحة النووية. \r\n ومع هذا فإن ساوني ليس لديه شك في أن اتفاقية حقوق الملكية الفكرية بين نيودلهي وموسكو سوف تؤتي أكلها خلال شهور قليلة؛ \"لأننا نريد التكنولوجيا الروسية المتقدمة الآن، بينما كنا في السابق نفضل الحصول على أسلحة بكميات كبيرة أكثر من الجودة العالية في ضوء الحجم الكبير لبلدنا\". \r\n ويؤكد ساوني أن تنازل الروس عن مطلبهم السابق بتنفيذ اتفاقية حقوق الملكية الفكرية بأثر رجعي (منذ عهد الاتحاد السوفييتي فصاعدا) قد أفاد الهند بشكل كبير، إذا أخذنا بعين الاعتبار القدر الضخم من تكنولوجيا الدفاع والمعدات التي تم نقلها إلى هذا البلد أثناء سنوات الحرب الباردة. \r\n ويشارك س. سريدار راو، الخبير في شئون الدفاع والبروفيسور السابق بجامعة جواهر لال نهرو، يشارك ساوني وجهة نظره فقال في حواره لآي بي إس: \"إن الهند مدركة لالتزاماتها الدولية، وخاصة عندما يتعلق الأمر بدول أثبت الزمن صداقتها. ونحن نبحث بدقة اتفاقية حقوق الملكية الفكرية، وفي بلد ضخم مثل بلدنا سيأخذ تنفيذ هذه الاتفاقية بعض الوقت\". \r\n وقد أكد كبار المحللين في شئون الدفاع في الهند مثل س. راجا موهان حتمية تجنب روسيا للمنافسة المتزايدة في سوق الدفاع الهندي، وتكييف التعاون الهندي الروسي القديم مع الحقائق الجديدة في المنطقة. \r\n ويُنظر إلى تذكير إيفانوف بقضية حقوق الملكية الفكرية الحساسة في الإنتاج الدفاعي الهندي الروسي المشترك، يُنظر إليه باعتباره شوكة صغيرة في العلاقات بين البلدين، مع افتراض وجود الكثير من الأشياء على المحك بين البلدين. \r\n ويقول المحللون إنه في النهاية سوف تظل روسيا المورد الرئيسي للسلاح إلى الهند لأسباب تتعلق بالتكامل الذي تم بناؤه على مدى عقود، في الوقت الذي لا يمكن أن تجد فيه روسيا سوقا لإنتاجها الدفاعي أكبر وأكثر ربحا من الهند.