و«ذي نيشن» و«ذي نيور بابليك» تقدم مواقف شخصية عن الأحداث الجارية، لكن المنافذ الإخبارية الكبيرة لا تفعل ذلك خارج نطاق الفقرات المخصصة للرأي. وفي السنوات القليلة الماضية تدهور الالتزام بالتغطية الصحافية النزيهة وتدهورت معه الثقة الجماهيرية في وسائل الإعلام السائدة. \r\n \r\n \r\n ومن السهل على المرء أن يرى لماذا لم يعد الناس يشعرون بأن بوسعهم الاعتماد على أخبار «سي بي اس» أو «نيوزويك» للحصول معلومات غير متحيزة. ففي محطة «سي بي اس» التلفزيونية أصر مقدم البرامج دان راذر مرة تلو الأخرى على دفعنا لتصديق محتوى وثيقة رسمية كان من الواضح أنها مزورة. \r\n \r\n \r\n كما ان اعتماد مايكل ايسيكوف على مصدر واحد غير جدير بالثقة بشأن قصة التدنيس المفترض للقرآن جعل الناس يقتنعون بأن نيوزويك متلهفة أكثر من اللازم لتقديم جانب واحد من القصة. وفي كلا الحادثتين المثيرتين للجدل، ظهرت ثلاثة مواضيع مشتركة. \r\n \r\n \r\n أولاً: إن موضع الخطأ في المعلومات المغلوطة كان موجها ضد الإدارة الأميركية الحالية، ففي قصة «سي بي اس» طعن دان راذر في سجل الرئيس بوش في الخدمة العسكرية. في قصة «نيوزويك» شكك ايسيكوف في أخلاقيات القوات المسلحة الأميركية. \r\n \r\n \r\n ثانياً، ان هذه لم تكن هفوات ثانوية، فالوثائق المزورة التي نشرها دان راذر تطعن في القائد الأعلى للقوات المسلحة أثناء حملة انتخابات وطنية.وكان من الممكن أن يؤدي هذا الخداع إلى تغيير حكومة الولاياتالمتحدة نفسها. والمعلومات التي نشرتها «نيوزويك» حرضت عناصر متطرفة في الشرق الأوسط واستثارت موجة من الشغب والموت على نحو زاد من تعقيد المساعي الأميركية العسكرية. \r\n \r\n \r\n ثالثاً، إن أياً من المؤسستين لم تظهر الندم بعد انفضاح خطأهما، حيث راح دان راذر، الذي يستحق اللوم، يصور نفسه كضحية لحملات ناشطي الإنترنت الخبيثة، فيما اشتكى الناطق باسم «نيوزويك» من مطاردة الإدارة الأميركية الحقودة لإدارة مؤسسته.وأمام ما حدث، أدرك الناس أن المؤسسات الإخبارية المتعجرفة، بعد أن ضبطت بالجرم المشهود وهي تمارس التحيز الحزبي المعهود، دأبت على محاولة الظهور بمظهر الضحية. \r\n \r\n \r\n لكن هذا الجدل الأخير حول مصداقية وكالاتنا الإخبارية الكبيرة لم يأت بشيء جديد للناس. فصحيفة نيويورك تايمز لم تتعاف بعد من فضيحة مراسلها اليافع جيسون بلير الذي كان يكتب قصصاً إخبارية من وحي خياله. وكان مديرو بلير المتواطئون أكثر اهتماماً باللياقة السياسية من اهتمامهم بمؤهلات وخبرات مراسليهم الصحافيين. \r\n \r\n \r\n والعارض نفسه أصاب قبل ذلك كل من صحيفتي «واشنطن بوست» و«بوسطن غلوب» اللتين لحق بهما العار من تلفيقات المراسلة الصحافية جانيت كوك والكاتبة الصحافية باتريشيا سميث. وفي مثال آخر على التميز الإعلامي، اعترف إيسون جوردان، المدير التنفيذي ل «سي إن إن» بأن شبكته الإخبارية مارست الرقابة على تغطية قصص صدام حسين ثم نشرت في وقت لاحق إدعاءات مرتجلة بأن القوات المسلحة تعمدت استهداف الصحافيين في العراق. \r\n \r\n \r\n إن المنظرين الإعلاميين المثاليين يتهكمون على صراخ البرامج الحوارية في المحطات الإذاعية المحافظة والأسلوب اللاذع الحاد لأخبار محطات الكيبل. لكن هذه المصادر الإخبارية نفسها تخدم الناس باعتبارها العلاج الناجع لوسائل الإعلام الشائعة «النزيهة» التي لم يعد أحد يصدقها. \r\n \r\n \r\n وها هي البرامج الإذاعية الحوارية الليبرالية المستنسخة تفشل ليس لأنها تبعث على الضجر دائماً، بل لأنه ليس هناك سوق أو حتى حاجة لمثل هذه المنابر الإعلامية المناهضة للسلطة. والجمهور التقدمي يجد أخباره في قصص نيويورك تايمز أو سي بي إس «الإخبارية» إذن فلماذا التحول لسماع أصوات إذاعية زائدة عن الحاجة وأقل براعة من أمثال آل فرانكن، فيل دوناهو أو أريانا هافينغتون؟ \r\n \r\n \r\n والمفارقة هي أنه في حين تعتبر وسائلنا الإعلامية البارزة ليبرالية في ميولها فإنها لا تركز في تغطيتها الصحافية على هموم وحقوق الناس العاديين. في حين أن ناشطي الانترنت الذين ينشرون تعليقاتهم في مواقعهم الالكترونية المتواضعة يستخدمون قدرتهم الذهنية الجماعية لكشف الثغرات في أداء المؤسسات في واشنطنونيويورك. \r\n \r\n \r\n إن المعلقين المحافظين سليطي اللسان من أمثال راش ليمبو أو بيل أوريلي ربما لا يتلقون درجات دكتوراه شرفية أو جوائز إعلامية تقديرية لكنهم أكثر صدقاً وأمانة بشأن سياساتهم والوسط الذي يعملون فيه بالمقارنة مع نظرائهم في وسائل الإعلام الليبرالية. \r\n \r\n \r\n إذا أراد اليسار أن يكبح جماح وسائل الإعلام المحافظة الجديدة، فإن الحل لا يكمن في تقديم المعونات المالية لشبكة «إير أميركا» الإذاعية اليسارية الفاشلة وليس هناك حاجة لإغراء آل غور للظهور على الساحة مجدداً أو ضخ أموال جورج سوروس في موقع إلكتروني آخر على غرار «موف أون دوت أورغ». \r\n \r\n \r\n وبدلاً من ذلك، يجب على الليبراليين التوقف عن إقحام آرائهم السياسية في وسائل الإعلام السائدة، وحالما تستعيد هذه المنافذ الإخبارية الكبيرة ثقة الجمهور بموضوعيتها، لن يعود التحيز في وسائل الإعلام هو موضوع الأخبار في هذا البلد. \r\n \r\n \r\n خدمة «لوس أنجلوس تايمز» \r\n \r\n \r\n خاص لِ «البيان» \r\n \r\n