الموافقة على إنشاء معهد للأورام بجامعة المنوفية .. تفاصيل    النائب العام يقرر إضافة اختصاص حماية المسنين لمكتب حماية الطفل وذوي الإعاقة    رئيس الوزراء: تحفيز الاستثمار المشترك بين مصر وبيلاروسيا أولوية قصوى    مراسم استقبال رسمية لأمير الكويت في قصر الاتحادية    الوزاري السعودي: ضرورة وقف الحرب وحماية المدنيين وإيصال المساعدات إلى غزة    مواعيد مباريات نصف نهائي دوري سوبر السلة    أيمن بدرة يكتب: صورة الجماهير المصرية    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    تحرير 60 محضرًا خلال 4 حملات تموينية بالفيوم.. إجراءات رادعة للمخالفين    خلال جلسة «مصر التي في خاطري» طلبة إماراتيون يروون ذكرياتهم في القاهرة    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    «معروفة من 2021».. الصحة تكشف احتمالات حدوث جلطات بعد التطعيمات بلقاح كورونا    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    بسبب الأزمة المالية.. برشلونة مهدد بفقدان أحد صفقاته    خطوة واحدة تفصل ليفربول عن ضم الصخرة    موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم ل القطاع الخاص 2024    غرق بمياه ترعة.. العثور على جثة شخص في الصف    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    زاهي حواس يوضح سبب تجاهل الفراعنة لوجود الأنبياء في مصر.. شاهد    حفل ختام فعاليات مهرجان الإسكندرية ل الفيلم القصير في الدورة العاشرة    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    تفاصيل زيارة وفد منظمة الصحة العالمية لمديرية الصحة في أسيوط    أمير الكويت يصل مطار القاهرة للقاء السيسي    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    غدًا.. «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف الإعانة الشهرية لشهر مايو    موعد غلق باب التقديم للالتحاق بالمدارس المصرية اليابانية في العام الجديد    وفد شركات السياحة المصرية بالسعودية يكشف تفاصيل الاستعداد لموسم الحج    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    كيف تجني أرباحًا من البيع على المكشوف في البورصة؟    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    «التنمية الشاملة» ينظم احتفالية لحصاد حقول القمح المنزرعة بالأساليب الحديثة بالأقصر (تفاصيل)    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    الليلة.. حفل ختام الدورة العاشرة ل مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    سرعة جنونية.. شاهد في قضية تسنيم بسطاوي يدين المتهم| تفاصيل    لحظة إشهار الناشط الأمريكي تايغ بيري إسلامه في مظاهرة لدعم غزة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    عشان تعدي شم النسيم من غير تسمم.. كيف تفرق بين الأسماك الفاسدة والصالحة؟    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    عبدالجليل: سامسون لا يصلح للزمالك.. ووسام أبوعلي أثبت جدارته مع الأهلي    ماذا فعل "أفشة" مع كولر في غرفة الملابس بعد عدم مشاركته؟.. والمدرب يرفض معاقبته    وزير التجارة والصناعة يرافق رئيس الوزراء البيلاروسي خلال تفقد الشركة الدولية للصناعات    وزير التموين يعلن تفاصيل طرح فرص استثمارية جديدة في التجارة الداخلية    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    اليوم.. محاكمة 7 متهمين باستعراض القوة والعنف بمنشأة القناطر    ألقوه من فوق مبنى.. استشهاد فلسطيني على يد قوات الاحتلال في الضفة الغربية    كينيا تلغي عقد مشروع طريق سريع مدعوم من البنك الأفريقي للتنمية    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    واشنطن: وحدات عسكرية إسرائيلية انتهكت حقوق الإنسان قبل 7 أكتوبر    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    فيديو| مقتل 3 أفراد شرطة في ولاية أمريكية خلال تنفيذ مذكرة توقيف مطلوب    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    حفل زفاف على الطريقة الفرعونية.. كليوباترا تتزوج فى إيطاليا "فيديو"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هناك ابتكار أميركي اسمه «إدارة المعتقدات»،خبراء العلاقات العامة ينجحون في التعام
نشر في التغيير يوم 06 - 03 - 2005


\r\n
والذين شاهدوا الحدث، رأوا عدداً من العراقيين المبتهجين وهم يرتقون التمثال ويضعون أنشوطة حول الرقبة لإسقاطه، فيما كان أحدهم يحاول تحطيم القاعدة الإسمنتية بمطرقة، ولكن مهمة تحطيم هذا التمثال الضخم كانت أكبر من طاقة هؤلاء، ولذلك تقدمت مدرعة أميركية وحولها جنود المارينز، حاملين العلم الأميركي وسلسلة حديدية.
\r\n
\r\n
\r\n
فيما بعد، اضُطَر الأميركيون إلى البحث عن علم عراقي لوضعه مكان العلم الأميركي، لأن ردة فعل الجمهور كانت على غير المتوقع حين غطى العلم الأميركي وجه صدام حسين. بدأ الجمهور في الهتاف عندما أخذت المدرعة تسحب التمثال الذي تهاوى في النهاية. ثم أخذوا يجرون الرأس في الشارع.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي الأشهر التي سبقت الغزو، توقّع بعض المعلقين المؤيدين للحرب أن يستقبل الشعب العراقي الجنود الأميركيين كمحررين، وقد أثبت هذا المشهد صدق توقعاتهم. أما وزير الدفاع دونالد رامسفيلد فقد شبه الأمر بسقوط الجدار الحديدي وقال: (إن صدام حسين يأخذ اليوم مكانه الصحيح إلى جانب كل الحكام المستبدين المهزومين... هتلر وستالين ولينين وتشاوشيسكو، أما الشعب العراقي فقد بدأ مسيرته نحو الحرية).
\r\n
\r\n
\r\n
لقد قارن المعلقون بين انهيار التمثال وسقوط جدار برلين والمظاهرات التي واجهت الدبابات في ميدان بوابة السلام السماوي في بكين، وكل الأحداث العالمية العظيمة التي بثتها محطات التلفزة.
\r\n
\r\n
\r\n
تصادم الرموز
\r\n
\r\n
\r\n
كان هناك من التقط المشهد من زاوية مختلفة، فقد لاحظت صحيفة «بوسطن غلوب» أن الجمهور كان يبدو صغيراً عندما تتحرك الكاميرا وتتسع دائرة العدسة، بينما ظهر الميدان في صورة لوكالة رويتر شبه خالٍ إلا من الجنود والدبابات الأميركية، وعندما سمح الجنود بدخول الناس إلى دائرة المكان، لم يزد العدد عن مئتي شخص كما اتضح من تغطية محطة ال «بي بي سي»، وهو عدد أقل بكثير من المظاهرات التي جرت بعد تسعة أيام للمطالبة برحيل الأميركيين.
\r\n
\r\n
\r\n
والتقط مراسل صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» أمراً غاب عن بال كثير من المراسلين، حينما كتب يقول أن كثيراً من العراقيين كانوا سعداء لغياب صدام حسين، لكنه سمع من رجل أعمال عراقي تحذيراً للأميركيين بعدم الانخداع بالمشاهد التي تبثها شاشات التلفزة. ومما قاله هذا الرجل: (إن كثيراً من الناس غاضبون على أميركا، أنظر كم قتلوا من الناس، لقد رأيت بعض الأشخاص يحطمون هذا التمثال، لكن كان هناك غيرهم يراقبون المشهد ويلعنون أميركا وبوش).
\r\n
\r\n
\r\n
وما سيبقى في ذاكرة الناس هو هذه المشاهد المصورة، فأغلب الأميركيين بما في ذلك الثلاثمائة ألف جندي الذين خاطروا بحياتهم يعتقدون بحق أن عملية حرية العراق كانت قضية نبيلة، وأنهم كانوا يساعدون في إيجاد عالم أفضل وأكثر أمناً لهم ولأحبائهم، ولكننا نتساءل حول ما إذا كان تحطيم تمثال صدام حسين قد جرى عفوياً وتلقائياً مثلما أرادوا له أن يكون.
\r\n
\r\n
\r\n
وإذا كان هذا المشهد تصويراً محترفاً فإن لذلك أسبابه، وقد أوضح هذا الأمر مستشار العلاقات العامة جون دبليو راندون ، الذي أشرف على مشروعات خاصة بالعراق في العقد الماضي لحساب البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية الأميركية، ففي كلمته أمام خريجي أكاديمية سلاح الجو الأميركية في التاسع والعشرين من يناير 1996، قال راندون:
\r\n
\r\n
\r\n
(لست من مخططي استراتيجية الأمن الوطني أو العسكري، فأنا ببساطة سياسي، وشخص يستخدم وسائل الاتصال في تنفيذ سياسات رسمية أو تجارية، وأنا في الحقيقة محارب معلوماتي ومدير معتقدات). وذكّر راندون مستمعيه باستقبال الكويتيين لقوات التحالف في نهاية حرب الخليج عام 1991 وهم يلوحون بأعلام أميركية صغيرة، هذا المشهد أعطى إنطباعاً للعالم بأن الكويتيين اعتبروا جنود المارينز أبطال تحرير، وكانت مهمة راندون إيجاد مثل هذا الانطباع من خلال وسائل الإعلام.
\r\n
\r\n
\r\n
وبالطبع فإنه لا يمكننا التأكد من الدور الذي لعبه راندون أو أي اختصاصي علاقات عامة في عملية إسقاط تمثال صدام حسين أو أي مشاهد أخرى عن الحرب، لأن شركات العلاقات العامة غالباً ما تقوم بهذه المهمات من وراء ستار. كما أن راندون الذي وقع عقداً جديداً مع البنتاغون في فبراير 2002.
\r\n
\r\n
\r\n
يرفض الخوض علناً في تفاصيل مهمته، ويكتفي بوصف نفسه بأنه «مدير معتقدات» يحمل لمسة مخططي البنتاغون، وهؤلاء يعرّفون إدارة المعتقدات بأنها «عمليات نقل معلومات أو مؤشرات محددة لجمهور خارجي، أو حجبها عنه بهدف التأثير على العواطف وردود الأفعال وتكوين الأحكام السليمة.
\r\n
\r\n
\r\n
وهذه الإدارة وبطرق مختلفة تجمع بين عرض الحقائق والعمليات الأمنية والسرية، وبين التضليل و العمليات السيكولوجية». والمفارقة التي ظهرت في الحرب الأميركية على العراق هي أن إدارة المعتقدات هذه نجحت في التأثير على مشاعر ومواقف الجمهور الأميركي أكثر من نجاحها في التأثير على «الجماهير الخارجية»، فنحن عندما نشاهد الكويتيين يلوحون بالأعلام الأميركية، أو العراقيين يهللون للمارينز، وهم يسقطون تمثال صدام حسين، علينا أن ندرك أن هذه المشاهد موجهة للجمهور الأميركي أكثر مما هي موجهة للكويتيين أو العراقيين.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي هذه الحرب تمكنت القوة العسكرية الأميركية من التغلب على الجيش العراقي بسهولة، لكن أميركا خسرت المعركة الحاسمة في كسب قلوب شعوب العالم. فمع بداية الحرب وفي الثامن عشر من مارس 2003، نشر مركز «بيو» استطلاعاً تضمن نتائج مذهلة حتى في الدول الحليفة للولايات المتحدةز
\r\n
\r\n
\r\n
فقد أشار إلى أنه ومنذ بداية عام 2002 انخفضت نسبة المؤيدين لأميركا في فرنسا من 63% إلى 31% ، وفي إيطاليا من 70% إلى 34% ، وفي روسيا من 61% إلى 28% وفي تركيا من 30% إلى 12% وحتى في بريطانيا التي سجلت نسبة 48% بعدما كانت 75% في العام السابق.
\r\n
\r\n
\r\n
أما في العراق فقد بدا واضحاً، وبعد مرور أيام قليلة على دخول القوات الأميركية إلى بغداد، أن الشعب العراقي لم يستقبل هذه القوات بالورود. ففي مدينة النجف اغتال جمهور غاضب رجل دين معروف بصداقته للولايات المتحدة، بينما احتشد أكثر من عشرين ألف شخص في مدينة الناصرية في الخامس عشر من ابريل للمطالبة برحيل القوات الأميركية عن مدينتهم وهم يهتفون «نعم للحرية ...
\r\n
\r\n
\r\n
نعم للإسلام ... لا لأميركا، لا لصدّام» إضافة إلى هتافهم ضد أحمد الجلبي، رئيس المؤتمر الوطني العراقي المدعوم أميركياً. ونشرت مجلة نيوزويك مقابلة مع ضابط أميركي قال إنه صعق عندما تحدث إلى العراقيين واكتشف «بأن الجلبي لا يحظى حتى بدعم المعارضين لصدام حسين، وأخشى أننا نراهن على الحصان الخاسر».
\r\n
\r\n
\r\n
وفي أعقاب الحرب كانت الصورة ضبابية، هذه التطورات لا تعني بالضرورة وجود كارثة تلوح في الأفق بينما تحاول الولايات المتحدة التوفيق بين احتلال العراق عسكرياً وبين التصرف كقوة محررة له. غير أن هذه التطورات تؤشر على أن الوضع أكثر تعقيداً مما بدت عليه مشاهد النصر التي عرضها التلفزيون الأميركي، ومن المهم، والحالة هذه أن نسأل أنفسنا كيف جرى التخطيط لهذه المشاهد، وماذا تخفي وراءها؟
\r\n
\r\n
\r\n
توصيف أميركا
\r\n
\r\n
\r\n
عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2000، شعر الشعب الأميركي بالخوف والغضب والدهشة، فقد قال الرئيس الأميركي جورج بوش: «لقد ذهلت لأن هناك كثيراً من سوء الفهم لما يعنيه وطننا، لدرجة تجعل الآخرين يكرهوننا، وعلينا أن نفعل المزيد لشرح موقفنا»، بينما تساءل عضو الكونجرس توم لانتوس «لماذا ينساب سم الكراهية الأبيض من دول مثل إندونيسيا وباكستان اللتين ساعدناهما كثيراً منذ استقلالهما؟» كما تساءل زميله هنري هايد «لماذا تصور الصحافة الأجنبية.
\r\n
\r\n
\r\n
بما فيها الرسمية، الولايات المتحدة كقوة شِرّيرة؟» واعتقاداً منهما بأن الإجابات تكمن في «الدبلوماسية العامة» وهو الإصطلاح الرسمي الموازي للعلاقات العامة، فقد قدما مشروع قرار تبناه الكونغرس باسم قانون ترويج الحرية، والذي طلب من وزير الخارجية الأميركية «جعل الدبلوماسية العامة جزءاً أساسياً في تخطيط وتنفيذ السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وإنشاء شبكة إعلامية متعددة الأغراض تستخدم الأقمار الصناعية والإنترنت.
\r\n
\r\n
\r\n
وتنتج برامج سمعية وبصرية وتوزعها على المؤسسات الصحفية الأجنبية». وإضافة إلى تنظيم برامج للتبادل الثقافي وتدريب الصحفيين الأجانب، فقد خصص القانون مبلغ مئة وخمسة وثلاثين مليون دولار لبث برامج تلفزيونية إلى الشرق الأوسط تتضمن وجهة النظر الأميركية.
\r\n
\r\n
\r\n
وتلقت إدارة الرئيس بوش النصائح من جاك ليزلي «رئيس شركة وبرشانرويك ورلدواير، التي تعد أكبر شركات العلاقات العامة في العالم. وقد اقترح ليزلي على الولايات المتحدة أن تتبنى «مبدأ باول في استخدام القوة المفرطة» كاستراتيجية اتصال، من دون استبعاد أية وسيلة ممكنة.
\r\n
\r\n
\r\n
وأشار ليزلي إلى عرض محطة «سي إن إن» لحلقة عن لعبة أطفال مؤيدة لأسامة بن لادن تحظى بشعبية في كثير من الدول الإسلامية، وقال: «سواء كانت لنا ردود على ذلك في ألعاب فيديو أو إعلانات تجارية أو منشورات وملصقات وخلافها، فإنه يتوجب علينا استخدام كل طريقة تكتيكية ممكنة لإيصال الرسالة الصحيحة إلى الهدف الصحيح.
\r\n
\r\n
\r\n
وإذا ما امتلكنا تخطيطاً مركزياً وشبكة قيادة، وإذا ما اخترقنا أفضل العقول هنا وفي الخارج، وإذا ما أظهرنا استعداداً لتطبيق وسائل خلاقة وأبحاثاً علمية، فإني أعتقد بأن الرسالة الأميركية سوف تصبح مسموعة».
\r\n
\r\n
\r\n
ويقول لي ماكنايت مدير مركز إدوارد مورو في جامعة تافت «لا يمكن لأية حملة إعلامية أن تنجح ما لم تعمل الولايات المتحدة على حل النزاعات التي أدت إلى تغذية مشاعر التعصب والعداء لأميركا في كثير من الدول العربية والإسلامية، ولا يمكننا إقناع أحد بأننا على حق إذا لم نفهم وجهة نظره».
\r\n
\r\n
\r\n
بين الأمس واليوم
\r\n
\r\n
\r\n
كانت أول حملة دعائية قامت بها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط قد جرت في عهد الرئيسين ترومان وايزنهاور بهدف ضم المنطقة إلى التحالف العالمي المناهض للسوفييت. فإضافة إلى تكريس الهيمنة الغربية على مصادر النفط، كان مخططو السياسة الأميركية قلقين من تنامي حركة القومية العربية المتجسدة في حكومة جمال عبد الناصر، ومن تعاطف الأمة العربية مع الدول التي تحررت من الاستعمار حديثاً والتي كانت في الغالب مؤيدة للسوفييت.
\r\n
\r\n
\r\n
وكان ذلك التعاطف يأخذ شكل العداء للغرب ولإسرائيل. وقد جمع مركز أرشيف الأمن القومي وهو منظمة غير ربحية وثائق الحكومة الأميركية المفرج عنها في كتاب، يشمل تفاصيل كثيرة عن النشاطات الدعائية الأميركية في الشرق الأوسط، منذ بداية الخمسينيات. ومنها الكتب والأفلام والملصقات والإذاعات والمكتبات والخطب الدينية والاتصالات الشخصية. أما مجلس الأمن القومي فقد ذكر في تقرير له عام 1972 أن برامج المساعدات يجب أن تكون مخططة بشكل يحقق أهدافاً «سيكولوجية».
\r\n
\r\n
\r\n
وقد موّلت الولايات المتحدة سراً، عدداً من المجلات في العراق وإيران لتوجيهها بشكل غير معلن إلى نشر كتب في الرواية والتاريخ الحديث والفلسفة السياسية، أما في العراق فقد كان موظفو السفارة يعدون رسومات الكاريكاتير التي تصور دُبّاً مخيفاً يمثل الاتحاد السوفييتي ويهدد الجنس البشري، بينما حملت الملصقات التي كان المركز الإعلامي الأميركي يوزعها صورة «خنزير أحمر جشع» ذنبه عبارة عن المطرقة والمنجل، شعار الشيوعية.
\r\n
\r\n
\r\n
لكن جهود «البروباغندا» هذه وقعت في جملة تناقضات، منها ما لاحظه السفير الأميركي في السعودية عام 1952 من أن الدعاية الأميركية كانت تهدف إلى تحقيق غايتين، هما دعم النظام الديمقراطي والترويج له من جهة، والتشهير بالشيوعية وأخطارها من جهة أخرى، والحكومة السعودية لم تكن ترحب بالغاية الأولى، ولذلك بعث السفير بمذكرة لوزارة الخارجية ينصح فيها بعدم إثارة القيادة السعودية لضمان تعاونها ولحماية الاستثمارات النفطية الأميركية.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي أحيان كثيرة، كانت الدعاية الأميركية المناهضة للشيوعية تزيد من التوجهات العدائية للولايات المتحدة وإسرائيل. وهو الأمر الذي استغلته الأنظمة المستبدة في المنطقة لأغراضها الخاصة. وقد تركزت هذه الدعاية في العراق على المدارس والجامعات، وساعد مركز الإعلام الأميركي، الحكومة العراقية آنذاك على نشر الدعاية المناهضة للشيوعية من خلال ربطها بالصهيونية.
\r\n
\r\n
\r\n
وكان هذا بناءً على نصيحة مدير عام البروباغندا، وقد ورد في مذكرة للسفارة الأميركية في بغداد ما يلي «بما أن تأييد الصهيونية مرتبط في الذهن العربي بالولايات المتحدة فإن مثل هذه الدعاية توجد وباء مزدوجاً ويمكن أن تزيد من العداء لأميركا».
\r\n
\r\n
\r\n
وقد نشر الطلاب المناهضون للشيوعية أفكار حزب البعث بين ضباط الجيش الذين أصبحوا فيما بعد نواة الحزب الذي سيطر على السلطة بزعامة صدام حسين. وظل هذا التناقض بين القول والفعل سائداً لعدة عقود لاحقة من التدخل الأميركي في الشرق الأوسط. فقد عاد الشاه إلى السلطة في إيران عام 1953 عندما أطاح انقلاب مدعوم من وكالة المخابرات المركزية الأميركية بحكومة الدكتور محمد مصدق المنتخبة ديمقراطياً، والتي أرادت تأميم النفط الإيراني.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي السبعينيات، أعاد الرئيس الأميركي جيمي كارتر التأكيد على التزام أميركا بحقوق الإنسان وإدانته لإنتهاكات السوفييت لها، بينما حافظ على دعم الشاه الذي كان سِجلّه مثقلاً بهذه الانتهاكات.
\r\n
\r\n
\r\n
كما ضاعفت إدارة كارتر من مبيعات الأسلحة الأميركية لإيران وحافظ كارتر نفسه على علاقات شخصية مع الشاه، معلناً بأن إيران هي «جزيرة من الاستقرار في أكثر المناطق إضطراباً في العالم» ووصف الشاه «بالقائد العظيم الذي يحظى باحترام ومحبة شعبه» في الوقت الذي قال فيه تقرير لمنظمة العفو الدولية «أن نسبة الذين نفذ فيهم حكم الإعدام في عهد الشاه كانت الأعلى في العالم، ولا يفوق إيران أي بلد آخر في سجل انتهاكات حقوق الإنسان حيث يسود التعذيب وتنعدم المحاكم المدنية».
\r\n
\r\n
\r\n
وكانت النتيجة قيام الثورة الإسلامية والإطاحة بنظام الشاه، هذه الثورة التي اتخذت منحى معادياً للولايات المتحدة. وعندما احتجز الطلاب الإيرانيون اثنين وخمسين من موظفي السفارة الأميركية في طهران كرهائن، قامت الإدارة الأميركية بحملة واسعة ضد النظام الجديد، ولعبت الصحافة دوراً كبيراً في إثارة المشاعر، وبعد مرور عدة عقود على اعتبار الشيوعية مصدراً لكل الشرور.
\r\n
\r\n
\r\n
بدأت الولايات المتحدة في النظر إلى نظام صدام حسين المسلح سوفيتياً كحاجز في وجه النزعات الجديدة في طهران وعندما وصل رونالد ريغان إلى البيت الأبيض عام 1980 أبدى تأييداً لموقف العراق الرامي إلى السيطرة على شط العرب، فنشبت الحرب العراقية الإيرانية لثماني سنوات، كانت حصيلتها حوالي مليون قتيل بالاضافة الى دمار كبير في اقتصاد البلدين.
\r\n
\r\n
\r\n
ولما تبين في إحدى مراحل الحرب أن إيران على وشك الانتصار، قامت الإدارة الأميركية سراً بتزويد العراق بالأسلحة وبالمعلومات الاستخبارية والتقنية التي استخدمها العراق في إنتاج أسلحة بيولوجية وكيماوية. ومع أن الكثير قد كتب عن العراق منذ صيف عام 1992 إلا أن تلك الفترة لم تحظَ سوى بالنزر اليسير من الاهتمام الإعلامي، وقد وجدنا استثناءً نادراً فيما نشرته صحيفة «الواشنطن بوست» في الثلاثين من نوفمبر 2002 بعد فحص آلاف من الوثائق الرسمية. يقول تقرير الصحيفة:
\r\n
\r\n
\r\n
«لقد رأى المسئولون الأميركيون في بغداد سداً في وجه التطرف الشيعي وسقوط دول حليفة لأميركا، مثل الكويت والسعودية وحتى الأردن، وهي نسخة لنظرية أحجار الدومينو التي استخدمتها واشنطن في جنوب شرق آسيا، وكانت هذه الرؤية كافية لجعل صدام حسين شريكاً استراتيجياً للولايات المتحدة».
\r\n
\r\n
\r\n
وقد أجازت إدارتا ريغان وجورج بوش الأب بيع معدات للعراق ذات استخدام مزدوج في الأغراض العسكرية والمدنية، بما في ذلك مواد كيماوية سامة وفيروسات بيولوجية مثل الجمرة الخبيثة. واستمر الدعم الأميركي للعراق حتى بعد التقرير الذي تلقاه وزير الخارجية جورج شولتز حول استخدام العراق لأسلحة كيماوية ضد الإيرانيين، لأن إدارة الرئيس ريغان كانت سعيدة بدحر العراق للإيرانيين وكان مبعوثها إلى بغداد هو دونالد رامسفيلد عام 1983 الذي صافح صدام حسين وقال له إن الولايات المتحدة سوف تعتبر أية هزيمة للعراق بمثابة هزيمة للغرب، ووعد بإعادة العلاقات الديبلوماسية كاملة معه.
\r\n
\r\n
\r\n
وهذا لا يعني أن إدارة ريغان لم تكترث لاستخدام العراق الأسلحة الكيماوية في الحرب فقد تضمن بيان وزارة الخارجية في الخامس عشر من مارس 1984 إدانة شديدة لإستخدام هذه الأسلحة المحظورة في أي مكان. لكن الإدانة لم يتبعها إتخاذ إجراء، مثل فرض العقوبات أو منع الدعم الأميركي، فقد اكتفى المتحدث باسم الوزارة بالقول: «إن الولايات المتحدة ترى أن رفض النظام الإيراني التخلي عن هدفه في القضاء على الحكومة الشرعية للعراق المجاور يتناقض مع المعايير المرعية في التعامل بين الدول».
\r\n
\r\n
\r\n
وبكلمات أخرى، فإن الولايات المتحدة كانت تعتبر حكومة صدام حسين شرعية، و أن السعي لتغيير النظام، كما فعلت إدارة بوش الحالية مخالف للمعايير المرعية بين الدول.
\r\n
\r\n
\r\n
ونشرت الصحف الأميركية تصريحات مشابهة، بل أن بعضها مثل الواشنطن بوست برر استخدام العراق للغازات السامة لمواجهة ضراوة العدوان الإيراني. ولم تمض أيام طويلة بعد هذا البيان حتى أقامت الولايات المتحدة علاقات دبلوماسية كاملة مع العراق لأول مرة منذ عام 1967، وامتدحت «البوست» هذه الخطوة لأنها تعطي الولايات المتحدة موقعاً أفضل في الشرق الأوسط.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي 1988 ظهرت تقارير تشير إلى استخدام العراق أسلحة كيماوية ضد الأكراد في قرية حلبجة، مما دفع عدداً من أعضاء مجلس الشيوخ إلى تقديم قانون يحرّم الإبادة الجماعية، تمهيداً لفرض عقوبات على العراق. وعلى الرغم من أن مجلس الشيوخ أقر القانون إلا أن إدارة الرئيس ريغان أعادته إلى المجلس وأفشلته بمساعدة النواب المؤيدين لها.
\r\n
\r\n
\r\n
وتجدر الإشارة إلى أن عدداً من أعضاء إدارة بوش الحالية قد لعبوا دوراً فاعلاً في قتل هذا القانون، فالسفير السابق بيتر غالبريت الذي كان مستشاراً لشئون العراق يقول أن وزير الخارجية كولن باول الذي كان مستشار الأمن القومي، ساهم في قرار ريغان بعدم معاقبة العراق لاستخدامه أسلحة الإبادة الشاملة، أما ديك تشيني نائب الرئيس الحالي فقد كان من قيادات المجلس المرموقة.
\r\n
\r\n
\r\n
وكان باستطاعته الضغط لتمرير القانون، لكنه لم يفعل، وفي خريف عام 1989 وقبل تسعة أشهر على غزو العراق للكويت تجاهل بوش الأب اعتراضات مسئولين في ثلاث مؤسسات حكومية، ووقّع أمراً سِرّياً لإقامة علاقات أوثق مع بغداد ومنحها ضمانات قروض بمبلغ بليون دولار.
\r\n
\r\n
\r\n
ذاكرة قوية
\r\n
\r\n
\r\n
كقاعدة معروفة في التاريخ، فإن الضحايا يتميزون بذاكرة قوية أكثر من ذاكرة الجلادين، وتنطبق هذه الحقيقة على كثير من الأشخاص المسئولين عن السياسة الخارجية المدمرة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
\r\n
\r\n
\r\n
ففي السادس عشر من مارس، وقبل أيام قليلة من بدء الحرب الأميركية على العراق، ذكرت صحيفة «الواشنطن بوست» أن الولايات المتحدة وفرنسا كانتا في الثمانينيات مصدر «كل الجراثيم المستخدمة في إنتاج الأسلحة البيولوجية التي كان يعتقد أنها بحوزة العراق حسب ما يقوله المسئولون الأميركيون والدبلوماسيون الأجانب».
\r\n
\r\n
\r\n
ومن المؤكد أن الكشف عن هذه القنبلة لم يأت من هؤلاء المسئولين والدبلوماسيين، وإنما من محامي الجنود الذين أصيبوا بأعراض أمراض حرب الخليج التي قيل بأنها ناجمة عن الأسلحة الكيماوية والبيولوجية العراقية، أما الشركات المصدرة للجمرة الخبيثة والنماذج الجرثومية فلم تبد أي أسف على فعلتها، وقالت انها أرسلتها لأغراض أبحاث مشروعة، بينما قال أحد مفتشي الأسلحة الأميركيين السابقين أن فترة الثمانينيات كانت فترة «براءة وسماح».
\r\n
\r\n
\r\n
ولكن يبدو أن ذاكرة وزير الدفاع رونالد رامسفيلد أصبحت ضبابية، لأنه عندما سُئل في جلسة شهادة أمام مجلس الشيوخ في التاسع عشر من سبتمبر 2002 عما إذا كانت الولايات المتحدة قد ساعدت العراق في الحصول على أسلحة بيولوجية في أثناء حربه مع إيران، أجاب «إن ذلك لم يحصل حسب ما أعلم».
\r\n
\r\n
\r\n
لكن عضو المجلس روبرت بيرد الذي طرح السؤال قرأ تقريراً نشرته مجلة «النيوزويك» عن تفاصيل الدور الأميركي في تلك الحرب، رد رامسفيلد بالقول:
\r\n
\r\n
\r\n
«لم أسمع بأي شيء عما قرأته، إني لا أعلم شيئاً عن ذلك وأشك في حدوثه». وبعد يومين، أثارت محطة سي إن إن الأمر مجدداً مع رامسفيلد وعرضت لقاءه مع صدام حسين، فأصيب رامسفيلد بالدهشة والإرباك، وحاول التظاهر بعدم القدرة على التذكر، لكنه اضطر في النهاية إلى القول: «في الواقع إني حذرت صدام حسين من استخدام الأسلحة الكيماوية». إلا أنه لم يتم العثور على أية وثيقة أو سجل رسمي يثبت هذا التحذير.
\r\n
\r\n
\r\n
ولسوء الحظ فإن الذين لا يتذكرون الماضي يميلون إلى تكراره، وهذا ما يفسر مواصلة المسئولين الأميركيين لتكرار استراتيجيات بروباغندا الخمسينيات، فبدلاً من تغيير الطريقة التي يتعاملون بها مع شعوب الشرق الأوسط فإنهم لا يزالون يحلمون بتحسين صورتهم من خلال عملية تسويق جرى طبخها في هوليوود.
\r\n
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.