تراجع أسعار النفط رغم تمديد أوبك+ خفض الإنتاج    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 3 يونيو    كلاوديا شينباوم مرشحة اليسار الحاكم تفوز برئاسة المكسيك    بينهم 3 أطفال.. استشهاد 8 فلسطينيين في قصف إسرائيلي بخان يونس    متى تفتح العمرة بعد الحج ومدة صلاحية التأشيرة؟.. تفاصيل وخطوات التقديم    حريق هائل يخلف خسائر كبيرة بمؤسسة «اتصالات الجزائر» جنوب شرق البلاد    طقس اليوم.. شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    استشهاد 8 بينهم 3 أطفال فى قصف إسرائيلى على منزلين بخان يونس    التعليم: مصروفات المدارس الخاصة بأنواعها يتم متابعتها بآلية دقيقة    متحدث الوزراء: الاستعانة ب 50 ألف معلم سنويا لسد العجز    عماد الدين أديب: نتنياهو الأحمق حول إسرائيل من ضحية إلى مذنب    انعقاد اجتماع وزراء خارجية كوريا الجنوبية والدول الأفريقية في سول    أفشة: هدف القاضية ظلمني.. وأمتلك الكثير من البطولات    ارتبط اسمه ب الأهلي.. من هو محمد كوناتيه؟    أفشة يكشف عن الهدف الذي غير حياته    "لقاءات أوروبية ومنافسة عربية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    الغموض يسيطر على مستقبل ثنائي الأهلي (تفاصيل)    حماية المستهلك: ممارسات بعض التجار سبب ارتفاع الأسعار ونعمل على مواجهتهم    اليوم.. البنك المركزي يطرح أذون خزانة بقيمة 500 مليون دولار    موعد ورابط نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة جنوب سيناء    السكك الحديد: تشغل عدد من القطارات الإضافية بالعيد وهذه مواعيدها    أمين سر خطة النواب: أرقام الموازنة العامة أظهرت عدم التزام واحد بمبدأ الشفافية    أحداث شهدها الوسط الفني خلال ال24 ساعة الماضية.. شائعة مرض وحريق وحادث    سماع دوي انفجارات عنيفة في أوكرانيا    ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على منزلين شرق خان يونس إلى 10 شهداء    زلزال بقوة 5.9 درجات يضرب "إيشيكاوا" اليابانية    «مبيدافعش بنص جنيه».. تعليق صادم من خالد الغندور بشأن مستوى زيزو    خوسيلو: لا أعرف أين سألعب.. وبعض اللاعبين لم يحتفلوا ب أبطال أوروبا    أفشة ابن الناس الطيبين، 7 تصريحات لا تفوتك لنجم الأهلي (فيديو)    تعرف على آخر تحديث لأسعار الذهب.. «شوف عيار 21 بكام»    محافظ بورسعيد يودع حجاج الجمعيات الأهلية.. ويوجه مشرفي الحج بتوفير سبل الراحة    محمد الباز ل«بين السطور»: «المتحدة» لديها مهمة في عمق الأمن القومي المصري    «زي النهارده».. وفاة النجم العالمي أنتوني كوين 3 يونيو 2001    أسامة القوصي ل«الشاهد»: الإخوان فشلوا وصدروا لنا مشروعا إسلاميا غير واقعي    فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفقا لما جاء في الكتاب والسنة النبوية    «رئاسة الحرمين» توضح أهم الأعمال المستحبة للحجاج عند دخول المسجد الحرام    وزير الصحة: تكليف مباشر من الرئيس السيسي لعلاج الأشقاء الفلسطينيين    تكات المحشي لطعم وريحة تجيب آخر الشارع.. مقدار الشوربة والأرز لكل كيلو    منتدى الأعمال المصري المجري للاتصالات يستعرض فرص الشراكات بين البلدين    إنفوجراف.. مشاركة وزير العمل في اجتماعِ المجموعةِ العربية لمؤتمر جنيف    جهات التحقيق تستعلم عن الحالة الصحية لشخص أشعل النيران في جسده بكرداسة    العثور على جثة طالبة بالمرحلة الإعدادية في المنيا    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    دعاء في جوف الليل: اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا    مصرع 5 أشخاص وإصابة 14 آخرين في حادث تصادم سيارتين بقنا    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم دراجتين ناريتين بالوادي الجديد    تنخفض لأقل سعر.. أسعار الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الإثنين 3 يونيو بالصاغة    دراسة صادمة: الاضطرابات العقلية قد تنتقل بالعدوى بين المراهقين    إصابة أمير المصري أثناء تصوير فيلم «Giant» العالمي (تفاصيل)    الفنان أحمد ماهر ينهار من البكاء بسبب نجله محمد (فيديو)    سعر المانجو والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم الإثنين 3 يونيو 2024    رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني يعلق على تطوير «الثانوية العامة»    محمد أحمد ماهر: لن أقبل بصفع والدى فى أى مشهد تمثيلى    حالة عصبية نادرة.. سيدة تتذكر تفاصيل حياتها حتى وهي جنين في بطن أمها    وزير العمل يشارك في اجتماع المجموعة العربية استعدادا لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    التنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استعدادات دفاعية هزيلة في مداخل بغداد، البنتاغون تشن حملة لإثارة ذعر المراسلين ق
نشر في التغيير يوم 17 - 03 - 2005


\r\n
\r\n
ويعترف جون لي أندرسون بأنه كان لديه هدف آخر هو أن يرى ما إذا كانت هناك تجهيزات دفاعية جارية خارج العاصمة العراقية. أما في بغداد فهو لم ير أي شيء من هذا القبيل لأن التظاهر بأن الحياة طبيعية بلغ مداه.ويشير المؤلف إلى أنه بينما كان في طريقه إلى هدفه في 7 مارس.
\r\n
\r\n
\r\n
طلب جاك سترو وزير الخارجية البريطانية من الأمم المتحدة فرض موعد نهائي هو يوم 17 مارس، لكي يظهر صدام حسين تعاوناً تاماً وغير مشروط ومباشراً بشأن مطالب نزع السلاح وإلا واجه غزواً عسكرياً.واستمرت فرنسا في إعاقة مشروع القرار، وقالت إنها سوف تستخدم حق الفيتو ضده.
\r\n
\r\n
\r\n
وبعد مناورات في المنظمة الدولية وافقت الولايات المتحدة وبريطانيا على إعداد قائمة بمطالب محددة من العراق قبل طرح القرار للتصويت، وقيل إن هذه المطالب سيتم إعلانها يوم 10 مارس.. وفي ذلك الوقت كانت السيارة تنهب الطريق إلى الكوت حاملة المؤلف ومرافقه مسلم وسائقه صباح.
\r\n
\r\n
\r\n
في الطريق إلى الكوت
\r\n
\r\n
بعد أن يصف المناطق التي مرت بها السيارة، يقول أندرسون إنه شاهد على طول الطريق مئات الكمائن للقناصة والحفر المحاطة بأكياس الرمل. وبدت تلك الاستعدادات في نظر المؤلف دفاعات هزيلة يسهل أن تطيح بها قذيفة واحدة من إحدى الدبابات، ولم تكن هناك على الطريق أية استعدادات عسكرية أخرى، ولكنه لاحظ وجود ثكنة عسكرية للجيش، حيث تجمع عندها عدد من الرجال بملابسهم المدنية، ويبدو أنهم من الخاضعين للتجنيد.
\r\n
\r\n
\r\n
ويبدو أن مؤلف الكتاب لم يرتح للكوت إذ يصفها بأنها بلدة قبيحة قليلة السكان، ولكنه يسهب في سرد تفاصيل زيارته للمقابر البريطانية. وعندما يعود في مساء اليوم نفسه إلى بغداد يقوم بزيارة للدبلوماسي العراقي سمير خيري في مكتبة بوزارة الخارجية. وكان قد ذكر من قبل أنه صديق للطبيب علاء بشير الجراح والفنان الموهوب في الرسم وتصميم التماثيل.
\r\n
\r\n
\r\n
ويقول أندرسون إنه كان متلهفا إلى معرفة ما حدث في الأمم المتحدة ذلك اليوم وتصور أن مضيفه قد يكون على علم بما جرى خلف الكواليس. وكان سمير ودودا معه للغاية كعادته، ودعاه إلى الجلوس، ولكنه بدا مشتت الذهن، ولم ينقطع رنين هاتفه، وازدحم مكتبه بالأوراق. وكانت عيناه مشدودتين إلى شاشة التليفزيون في مكتبه حيث يتابع أخبار شبكة سي إن إن.
\r\n
\r\n
\r\n
واعتذر لضيفه شارحا له سبب انشغاله عنه إذ كان من المتوقع إذاعة قائمة المطالب الأميركية والبريطانية في أية لحظة. وأضاف سمير إنه مهما حدث في مجلس الأمن الدولي فإنه يتوقع بدء الحرب قريبا جدا. وكان الرأي غير الرسمي يفيد بأن الولايات المتحدة الأميركية سوف تبدأ الهجوم بمفردها إذا لم تحصل على الأصوات التسعة اللازمة لتفويضها بشن الحرب.
\r\n
\r\n
\r\n
وإذا ما فازت بالأصوات فقد تمهل العراق حتى يوم 17 مارس للخضوع لشروطها ثم تبدأ الغارات. وفي كلتا الحالتين فإن الحرب ستنشب.وتابع سمير إنه يتوقع قصف كل من وزارتي الخارجية والإعلام وقال إن الأميركيين لا يريدون أن يعرف أحد حقيقة حجم الدمار الذي سيلحقونه ببغداد.
\r\n
\r\n
\r\n
ويبدي أندرسون إعجابه بالدبلوماسي العراقي، ولكنه يرى صعوبة شديدة في «قراءته» على حد قوله، وافترض أن هناك جانباً خفياً في شخصيته ومن المحتمل أنه يخفي المشاعر نفسها التي لدى صديقه تجاه صدام حسين ونظام حكمه. وبعد ذلك توجه المؤلف في المساء نفسه إلى منزل علاء بشير، الذي دعاه إلى العشاء في أحد المطاعم في حي المنصور.
\r\n
\r\n
\r\n
وهناك قال له الآراء التي أدلى بها سمير خيري، ووافقه علاء على أن الحرب أصبحت وشيكة جدا، ونصح أندرسون بألا يتواجد في فندق الرشيد إذا بدأ الهجوم، كما أعرب عن اعتقاده المكان بأن لن يكون آمنا وحذره من احتمال أن تكون في الغرف أجهزة تنصت. ولما قال له أندرسون إنه قام مع زميل آخر بحجز غرف في فندقي السفير والحمراء كبدائل.
\r\n
\r\n
\r\n
أجابه علاء بأنه لا يعتقد أيضا أن فندق الحمراء سيكون آمنا لأن هناك «شيئا ما» لم يذكر ما هو، كذلك لن يكون فندق السفير المكان المناسب مشيرا إلى أنه يقع مباشرة أمام القصر الجمهوري عبر النهر والذي سيكون أحد الأهداف الرئيسية للقصف، واقترح عليه أن يأتي لزيارته في صباح اليوم التالي في المستشفى لكي يرسل معه سكرتيره الذي يثق فيه للبحث في فندقين قريبين من المستشفى.
\r\n
\r\n
\r\n
فإذا أقام أندرسون في واحد منهما سيسهل عليه السير إلى المستشفى لرؤيته. وقال إنه من الممكن ألا يذهب إلى البيت بمجرد بدء الحرب وسيبقى في مكتبه، ولذلك فإنه يرحب بمجيئه وإقامته معه بالمستشفى عندما يبدأ القصف.وحكى أندرسون للطبيب ما رآه في الطريق إلى الكوت.
\r\n
\r\n
\r\n
مثل حفر الخنادق الجديدة والكمائن، فضحك، وهز رأسه قائلا: هذا من أجل إبقاء الناس مشغولين فقط، من الواضح أنهم لا ينوون الدفاع عن أي مكان باستثناء بغداد، وهي استراتيجية حمقاء، فإذا ضاع كل شيء آخر فلماذا إذن يحاربون من أجل بغداد ؟ وما الفائدة وراء ذلك ؟
\r\n
\r\n
\r\n
وسأله جون أندرسون عن سبب اعتقاده أن صدام قد خطط للدفاع عن بغداد، فأجابه بأن هذه هي النتيجة الواضحة للتحركات العسكرية، خلال الأيام القليلة الماضية، فقد تم سحب الحرس الجمهوري والقوات الخاصة بالحرس الجمهوري إلى بغداد من مواقعها في جنوب وشمال العراق، ونشرها في أنحاء العاصمة في الأحياء المدنية، والأسوأ من ذلك أنهم بدأوا في وضع بطاريات الدفاع الجوي فوق أسطح المستشفيات.
\r\n
\r\n
\r\n
وأخطروه بأن ذلك سيحدث أيضا فوق سطح مستشفاه. وهز بشير رأسه غاضباً، وأبدى استياءه الشديد لأن النتيجة الوحيدة المحتملة لنشر القوات في المناطق المدنية ووضع المدافع المضادة للطائرات فوق المستشفيات هي زيادة الخسائر المدنية إلى أقصى حد.
\r\n
\r\n
\r\n
وغرق بشير في صمت عميق لحظات.
\r\n
\r\n
\r\n
ثم أعرب عن شعوره بالحيرة في فهم الموقف، فليس هناك ما يراه باستثناء تحركات القوات والمدافع التي تحدث عنها، ثم ما لبث أن قال في هدوء: « لا أستطيع فهم هذا، ولا توجد استعدادات جدية حقيقية. والأكثر من هذا أن كبار المسؤولين في الحكومة والحرس الرئاسي - الذين تربطه بهم صلات وطيدة - يتصرفون وكأن شيئا لم يحدث.
\r\n
\r\n
\r\n
وذكر أن هذه هي الحال أيضا في الوزارات وحتى في المستشفى الذي يعمل به، والذي تلقى أوامر بإعلان حالة الطوارئ، ومع ذلك فإن المزاج السائد ظل دون علاقة له بأي طارئ ينذر بكارثة.واستبدت الحيرة بالطبيب الشهير وظل يردد قوله: «لست أفهم ما يجري».
\r\n
\r\n
\r\n
ثم قال: « إما أن ذلك يعني أنهم اغبياء وليست لديهم أية فكرة حقيقية عما هو آت، أو أن صدام حسين يخطط لشيء آخر لإنقاذ الموقف في الدقيقة الأخيرة. ولكن ما دام الشيء الوحيد الذي يمكن أن يفعله هو أن يستقيل - وهذا ما لن يفعله أبدا - فإنني لا أدري ما الذي يدور في عقله».
\r\n
\r\n
\r\n
وأشار المؤلف إلى أن السلوك السلبي الغريب الذي لاحظه بشير بين المسؤولين داخل النظام، هو نفسه الذي لمسه أندرسون لدى العراقيين العاديين وتساءل قائلا للطبيب: « هل لديك تفسير لذلك ؟» فأجاب علاء بشير: « البلاد كلها، وحتى أعضاء حزب البعث.
\r\n
\r\n
\r\n
الكل مرهقون ولا يبالون، كما لو أنهم غير مهتمين بما سيجيء واستسلموا لما سيأتي مهما كان. عليك أن تتذكر أن لكل عراقي شخصا ما من عائلته في السجن، إما هنا أو في إيران كأسير حرب، أو أن واحداً في عائلته قتل في الحرب أو على يد النظام».
\r\n
\r\n
\r\n
وأشار علاء بشير إلى الطريق حيث يقف جهاد سائقه في انتظارهما.
\r\n
\r\n
\r\n
وقال: «هل تعرف سائقي جهاد ؟ لقد قضى ثمانية أعوام في إيران كأسير حرب، ويقول لي الآن إنه يتمنى لو لم يعد.. هذا القهر دفع كل شخص إلى أن يكون سلبياً. والنظام يعي ذلك، وهذا هو السبب في نشر قواته بين السكان كإجراء قسري».وعلق أندرسون على ذلك بقوله إن المحزن جدا أن يجد العراقيون أنفسهم عاجزين عن التعبير عن مشاعرهم الحقيقية في لحظة حاسمة كهذه في تاريخ بلادهم.
\r\n
\r\n
\r\n
وأشار أندرسون إلى أن وسيلتهم لتفادي الحرب هي التظاهر الجماهيري، وأن يقولوا لصدام حسين: «السيد الرئيس، نحن نحبك كثيرا جدا، ولكن نرجوك أن تستقيل من أجل الشعب». وهز علاء بشير رأسه قائلا: «هذا صحيح، ولكن ذلك هو الشيء الذي لا يستطيعونه لأنهم يعرفون أنهم سيتعرضون للقتل في مثل هذه الحالة».
\r\n
\r\n
\r\n
وفي صبيحة يوم 12 مارس عاد أندرسون إلى زيارة الدكتور علاء بشير في المستشفى. وأخبره الطبيب بأنه تلقى مكالمة هاتفية قبل الفجر من أحد أقربائه في كاليفورنيا يخبره بأنه من الضروري أن يأتي لزيارة زوجته التي ستجرى لها عملية جراحية خلال سبعة أو عشرة أيام.
\r\n
\r\n
\r\n
وأن من الأفضل لو سافرت خلال خمسة أو ستة أيام من الآن على الأكثر، واستغرق الأمر لحظات قليلة حتى أدرك جون أندرسون أن علاء بشير كان ينقل إليه رسالة مشفرة بموعد بدء الحرب. ويبدو أن الطبيب احتاط حرصا منه على إدراك الصحافي لحقيقة الرسالة فأبلغه هامسا: «إن زوجتي في أتم صحة» ودهش الصحافي بسبب أسلوب حديث علاء بشير معه دون تحفظ في مكتبه.
\r\n
\r\n
\r\n
وخمن أنه ربما كان يعلم بعدم وجود أجهزة تنصت في الغرفة، وأن هذا الحديث امتداد لاتجاه علاقتهما المتنامي نحو الصراحة.
\r\n
\r\n
\r\n
وحدثه بشير عن أن ابن عمه فالح رجل كبير السن، هاجر إلى أميركا منذ سنوات بعيدة وأصبح مواطنا أميركيا، وهو خبير معروف في الطاقة وشغل عدة مناصب عامة في عهد كل من رونالد ريغان وبوش الأب.
\r\n
\r\n
\r\n
وهو أيضا مستشار شؤون الطاقة لدى إدارة بوش الابن الحالية. وذكر علاء أن مكالمة ابن عمه أمر غير عادي، وأنه استنتج منها أمرين: الأول أن الهجوم الأميركي على العراق سيتأخر لمدة سبعة أو عشرة أيام، والأمر الثاني هو أن ابن عمه حثه على مغادرة العراق لأن الهجوم سوف يكون أشد وطأة مما هو متوقع، وكان علاء يتحدث كالعادة في هدوء، ونبرة لا تنبئ عن الانزعاج، وقد بدا وجهه محايداً تماماً.
\r\n
\r\n
\r\n
ويصفه أندرسون بأنه بارع في إخفاء مشاعره، ولذلك سأله عما يخطط له وما إذا كان يستطيع مغادرة العراق، فابتسم قائلاً إن ذلك أمر بالغ الصعوبة، ولا يدري كيف يمكن له ذلك لأن عليه أن يطلب الإذن من الرئيس شخصيا، ولا يعتقد أن هذا الطلب سوف يبدو في نظره أمرا مستحسنا، بل إنه سوف يعتبره غريباً للغاية.
\r\n
\r\n
\r\n
وسأله أندرسون: «هل أنت قلق؟» فأجاب: «هذه هى المرة الأولى التي يحثني فيها ابن عمي على مغادرة البلاد. ونظرا لأن له علاقات مهمة، فإنني أعتقد أنه يدرك ما يتحدث عنه».وتلا ذلك حديث طويل عن تمثال كان صدام حسين قد طلب من علاء بشير أن يصممه عن إنجازاته. وكان ذلك منذ خمس سنوات ولم يستطع علاء رفض طلب الرئيس المعجب بفنه. وبعد أن ألقى أندرسون نظرة على التمثال توجه مع سكرتير الطبيب للبحث عن غرفة في فندق آمن، ولكنه فضل في النهاية الإقامة في فندق السفير بشارع أبي نواس.
\r\n
\r\n
قلق وتوتر
\r\n
\r\n
\r\n
تفاقمت حالة القلق والتوتر بين الصحافيين في بغداد، وأصبح من المعتاد أن يسأل كل منهم الآخرين: «هل ستقيم أم ستغادر؟» وعانى عدد من المراسلين من ضغوط عائلاتهم ورؤسائهم لمغادرة العراق والعودة إلى بلادهم وازدادت الضغوط منذ نصيحة الرئيس الأميركي بوش للصحافيين في مؤتمره الصحافي يوم 27 مارس بأن يتركوا العراق.
\r\n
\r\n
\r\n
وبدأت عدة صحف أميركية وبريطانية تطالب مراسليها في بغداد بالاستعداد للرحيل، وتلقى بعضهم تحذيراً من حرمانهم من تغطيتهم التأمينية، إذا لم يطيعوا الأوامر، وقيل لآخرين إنهم قد يتعرضون للاستغناء عنهم، وفي الولايات المتحدة دارت مناقشات بين رؤساء تحرير المؤسسات الإعلامية الكبرى والبنتاغون.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي يوم 12 مارس تلقى جون لي أندرسون برقية من صحيفة «ذا نيويوركر» تبلغه أن مسؤولين في الحكومة الأميركية حذروا المؤسسات الإعلامية من أن مراسليها أهداف محتملة للاغتيال أو الاختطاف من جانب نظام صدام حسين لاستخدامهم كدروع بشرية، وكذلك أشار التحذير إلى أن فندق الرشيد قد يكون هدفا محتملا للقصف.
\r\n
\r\n
\r\n
أما رؤساء أندرسون فقد طلبوا منه أن يظل على اتصال يومي بهم، وأن يقبل قرارهم النهائي بشأن ما يجب أن يفعله في النهاية، ووافق المؤلف وأخبرهم بالاحتياطات التي اتخذها وبأنه يشك في دوافع تحذيرات وزارة الدفاع الأميركية، وكتب يقول في رده: «لدي الكثير منا هنا في بغداد الانطباع بأن البنتاغون ينغمس في عملية معينة لإثارة الذعر للتخلص من الصحافة.
\r\n
\r\n
\r\n
وقد عمدت الوزارة إلى التوجه، أولاً نحو شبكات الأخبار التي بدا لها أنها قد تكون قابلة للتأثير عليها، ومن ثم يمتد الأمر عبر مؤسسات الصحافة كالنار في الهشيم. وليس الهدف من ذلك بالضرورة فرض رقابة عليها ولكن الهدف هو إزاحتهم عن الطريق، على سبيل المثال. وقد يكون أمرا منغصا أن تقلق البنتاغون من احتمال إصابة صحافيين عندما تريد قصف مدينة ما.
\r\n
\r\n
\r\n
ولكنهم قصفوا بغداد في 1990 - 1991 ثلاثة وأربعين يوما، وكانت هناك صواريخ كروز التي سمعت أنها برمجت لكي تدور حول المباني، وقد انحرف صاروخ واحد منها وأصاب الدور السفلي للفندق فقتل بعض موظفيه. وفي 1998 أثناء أيام القصف الأربعة في عملية «ثعلب الصحراء»، كان هناك أيضا صحافيون ولم يتعرض الفندق للإصابة.
\r\n
\r\n
\r\n
وهل يعقل أن تخاطر البنتاغون بقتل نحو مائتين من مندوبي وسائل الإعلام في العالم بتعمدها قصف فندق الرشيد، فضلا عن موظفي الفندق المدنيين ؟ لا أظن ذلك».وبعد أن يتحدث أندرسون في رسالته عن صديقه في وزارة الخارجية والمستشفى يتصدى للرد على وزارة الدفاع الأميركية.
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
فيقول: «أما بالنسبة لاستهداف الصحافة عبر الإرهاب أو الاحتفاظ برهائن منا.. الخ.. فهذه أمور فكرنا فيها جميعا، وفي اعتقادي أنه قد توجد فرصة ضئيلة لحدوث شيء من هذا القبيل، ولكن لا يبدو ذلك محتملاً، ففي المقام الأول يدور همس واضح هنا بين كوادر وزارة الإعلام مؤاده أنهم يريدون وجود الصحافة هذه المرة لتوثيق ما يعتقدون.
\r\n
\r\n
\r\n
أنه سيصيب الضحايا من المدنيين ومن ثم يحاولون التأثير على الرأي العام العالمي ضد الحرب إذا نشبت. ويبدو أنهم لا يدركون إصرار البنتاغون على الضرب بقسوة وبسرعة جنونية وإنهاء الحرب بسرعة. ومن الواضح أن ذلك لمصلحتنا. وفضلا عن ذلك فإنني أشعر بالراحة لإدراكي بوجود خمسة ملايين من البشر في بغداد، وأنني مجرد فرد واحد في غمار هذه الملايين.
\r\n
\r\n
\r\n
نعم فإنني أنتمي إلى الغرب مما قد يسترعى الانتباه، ولكن المزاج العام للناس في الشوارع لا يجعلني أخشاهم، وليس هناك أي شعور بالعداء إزاء الغربيين على الرغم من المخاطر، بل ساد نوع من الإحساس باللامبالاة، ولا أظن أن كثيرا من العراقيين سيرفعون إصبعا للدفاع عن النظام عندما يبدأ الأميركيون في التحرك ما داموا يتحركون سريعا وبحسم ويظهرون أنهم ينوون الذهاب إلى آخر الطريق».
\r\n
\r\n
\r\n
في تلك الليلة ذهب أندرسون وعلاء بشير معا إلى منزل سمير خيري لتناول العشاء. وكان هناك عدد قليل من الضيوف، معظمهم من العراقيين الأثرياء أصدقاء سمير. ولم يقم أي منهم بتعريف نفسه أو الإشارة إلى مهنته. ومن بين الأحاديث التي دارت يلفت نظر القارئ موضوع حديث بدأه الدكتور علاء بشير يتناول فيه أطوار السلوك غير المألوف بين بعض البشر.
\r\n
\r\n
\r\n
ثم ما لبث أن تطرق إلى الحديث عن موضوع توارد الخواطر. وحكى بشير ما حدث له منذ عامين عندما جاء إلى عيادته مريض مختل عقليا وطعنه في ذراعه الأيسر وصدره. وبعد أقل من ساعة جاءت إليه أخته، التي لم تكن تعلم بالحادث، وقالت له إن والدته العجوز ألحت عليها أن تذهب إلى أخيها علاء لأنها رأت رؤيا تفيد بأن شيئا ما أصاب صدره.
\r\n
\r\n
\r\n
وقال علاء إن هذه ظاهرة يصعب تفسيرها، ولكنه مثال يوضح قدرات العقل البشري. وبعد ذلك تطرق علاء بشير بشكل عرضي إلى القول إن صدام حسين أيضا كان يهتم كثيرا بالقوى الخارقة للطبيعة، وإنه منذ سنوات ماضية أنشأ دائرة حكومية سرية «للأشخاص الموهوبين أصحاب القوى الخاصة» وقد ضمت صبياً من كركوك اكتشف مدرسوه قدرته على الرؤية من خلال الحوائط.
\r\n
\r\n
\r\n
وقال بشير إنه قابل الصبي نفسه وقد أحضروه هو وعائلته للإقامة في مجمع خاص في بغداد، ولكن بعد عامين تقلصت قوى الصبي بشكل غامض، ثم اختفت جميعها في نهاية الأمر. وذكر بشير أن صدام أحضر عددا آخر من الأشخاص إلى بغداد ممن كانوا يتمتعون بقوى خاصة. وبعد أن قابلوه أسكنهم في مجمع خاص حيث عاشوا في عزلة وتحت الإشراف باعتبارهم جزءا من دائرته السرية.
\r\n
\r\n
\r\n
وأضاف الدكتور علاء بشير قائلا إنه كان من بين هؤلاء الأشخاص امرأة كان يستشيرها بانتظام، وكانت هذه المرأة بالذات تتمتع بنوع من القدرة على التخاطر. وذكر أن صدام حسين استخدمها بنجاح بعد هروب زوج ابنته حسين كامل إلى الأردن عام 1995 بعد أن كان مسؤولا عن برامج الأسلحة في العراق.وقد استجوبته وكالة المخابرات المركزية الأميركية.
\r\n
\r\n
\r\n
وسلم مفتشي الأسلحة التابعين للأمم المتحدة عددا كبيرا من الوثائق السرية التي تحتوي على كثير من تفاصيل الأسرار العراقية بالغة السرية. وقال علاء بشير إن المرأة بدأت تركز قواها لدفع حسين كامل إلى العودة إلى العراق. والأمر الذي لا يمكن تعليله هو أنه عاد بالفعل بعد سبعة أشهر في المنفى، وكما هو معروف أرسل صدام ابنيه قصي وعدي لقتله.
\r\n
\r\n
\r\n
وذكر علاء أنه رأى صدام حسين بعد عملية قتل حسين كامل وعدد من أفراد أسرته الذين كانوا قد قاوموا بأسلحتهم بعض حراس صدام وتمكنوا من إصابة عدد منهم. وقد نقل هؤلاء المصابون إلى مستشفى علاء بشير وجاء صدام بنفسه إلى المستشفى لرؤيتهم.
\r\n
\r\n
وقال صدام لعلاء بشير: «ليست لديّ فكرة عمن دفع حسين إلى مغادرة العراق وخيانتنا، كذلك لست أفهم ما الذي دفعه إلى العودة» واستطرد بشير يقول: «هذا ما ذكره لي ولكنني كنت على علم بتلك المرأة الموهوبة، وأعتقد أن قواها هي التفسير الوحيد لأسباب قرار حسين كامل الأحمق بالعودة إلى العراق».
\r\n
\r\n
\r\n
بعد العاصفة الترابية
\r\n
\r\n
\r\n
في 16 مارس كان الجو لطيفا والسماء صافية بعد هدوء العاصفة الترابية.. ولكن شيئا آخر كان مختلفا فقد انتهى جو بغداد السوريالي اللامبالي بالحرب الوشيكة، فجأة بدأ التوتر والعصبية على كل فرد، وانتشر رجال الشرطة والجيش في كل مكان في الشوارع وتكدست طوابير هائلة عند محطات البنزين.
\r\n
\r\n
\r\n
واندفعت أعداد كبيرة من الناس لتشتري الطعام والماء من المحال وكانت محطة التليفزيون الحكومية قد أعلنت الليلة السابقة أن البلاد أصبحت الآن على حافة الحرب. وقسم العراق إلى أربع مناطق عسكرية لكل منها قيادة مختلفة اختارها صدام حسين وتولى قصي الابن الأصغر لصدام وقائد الحرس الجمهوري الخاص قيادة منطقة بغداد ومدينة تكريت.
\r\n
\r\n
\r\n
أما ابن عمه على حسن المجيد الشهير باسم «على الكيماوي» فقد عين قائدا لمنطقة جنوب العراق. وكان قد قاد «حملة الأنفال» ضد الأكراد في أواخر الثمانينات من القرن العشرين، وكذلك مذبحة الجنوب في 1991. وكان كل شخص يتابع الأخبار الواردة من الخارج في ذلك اليوم.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي المساء في قمة جزر الآزور صدر بيان مشترك عن كل من جورج بوش وتوني بلير ورئيس الوزراء الاسباني والبرتغالي، يتضمن إنذارا إلى هيئة الامم المتحدة مفاده أن الولايات المتحدة وبريطانيا سوف تهاجمان العراق في غضون أيام إذا لم تقم الأمم المتحدة باتخاذ إجراء خلال الأربع والعشرين ساعة التالية لضمان إذعان العراق لمطالب نزع السلاح. وفي مقابلة تليفزيونية نصح كولن باول الصحافيين والعاملين في مجال المساعدات الإنسانية بمغادرة العراق.
\r\n
\r\n
\r\n
وخلال نهار ذلك اليوم وصل عدد الصحافيين الغربيين المغادرين للعاصمة العراقية إلى ما يشبه الهجرة الجماعية، وقامت شبكتا «إن بي سي« و«إيه بي سي» الأميركيتان بقيادة عملية الإجلاء وتجمع الناس لمشاهدتهم في بهو فندق الرشيد بينما قام الصحافيون بدفع مستحقات الفندق وتحميل سياراتهم والمغادرة إلى الأردن. وكان عند موظف الحسابات عدة حقائب ضخمة متخمة بالدنانير العراقية وكانت تلك الأموال عبارة عن قيمة فواتير إقامة طاقم شبكة إن بي سي وحدها في الفندق والتي بلغت نحو عدة ملايين من الدنانير.
\r\n
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.