\r\n قد ابتكر له اسماً جديداً هو ما يمكن أن نسميه «الصحافة الواصلة» مما ساعده على أن يكتب قصة ما وراء القصة بأسلوب يمكن ان نسمية «الاسلوب الوودواردي»! وبذلك احتل الكتاب الجديد عناوين الصحف الرئيسية في الولاياتالمتحدة ودول العالم. \r\n \r\n \r\n وبهذا الاسلوب يروي المؤلف حكاية بطلها برنت سكوكروفت، الذي كان يشغل منصب مستشار الامن القومي في عهد ادارة جورج بوش الاب، وكان بصفته هذه رئيساً لكوندوليزا رايس، الموظفة في مجلس الامن القومي آنذاك. \r\n \r\n \r\n لا تهاجم صدام! \r\n \r\n \r\n يبدأ وودوارد القصة بقوله ان سكوكروفت تلقى في مكتبة بوسط واشنطن معلومات عن الجدل الدائر داخل ادارة بوش الابن حول العراق. وعلى الرغم من عمله الحالي كاستشاري خاص، فقد احتفظ بعلاقات وطيدة مع الشخصيات الرئيسية في الادارة الحالية، وانزعج مما عرفه لانه كان يؤمن بأن «الخطر الحقيقي على الولاياتالمتحدة يأتي من القاعدة لا من صدام حسين»، وشعر بالحيرة من تركيز ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي ودونالد رامسفيلد وزير الدفاع على صدام، وذكر لمن حوله ان الشيء الوحيد المشترك بين أسامة بن لادن وصدام هو كراهيتهما للولايات المتحدة، ولكن الاخير لا يرصد لديه إلا آثاراً ارهابية ضئ��لة للغاية. \r\n \r\n \r\n وقد اقترح عليه أحد زملائه كتابة مقال يعبر فيه عن آرائه، فكتب مقالاً أشار فيه الى ان تصور صدام للهيمنة على المنطقة يتعارض مع مصالح الولاياتالمتحدة، ثم قال: «هناك دليل ضئيل لربط صدام بمنظمات ارهابية، وهو أكثر ضآلة حتى بالنسبة لهجمات 11 سبتمبر. وصحيح ان أهدافه تحمل ملامح ضئيلة مشتركة مع الارهابيين الذين يهددوننا، ولكن لايوجد دافع بسيط لديه لكي تكون بينهم قضية مشتركة. وهناك اجماع فعلي في العالم ضد الهجوم على العراق في هذا الوقت». \r\n \r\n \r\n وحذر سكوكروفت من تورط الولاياتالمتحدة وحدها في استراتيجية مضادة للعراق، مما يجعل أية عمليات عسكرية أمراً أكثر صعوبة وأعلى تكلفة، وأوصى بأن يحاول بوش إعادة فرق المراقبة التابعة للامم المتحدة إلى العراق للقيام بعمليات تفتيش نشطة تتم دون انذار مسبق. وقد نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» مقال سكوكروفت في 15 اغسطس تحت عنوان مثير هو: «لا تهاجم صدام!». \r\n \r\n \r\n وبعد نشر المقال تلقى برنت سكوكروفت مكالمتين هاتفيتين: «الاولى من كولن باول وزير الخارجية الذي قال له: شكراً لك، لقد أتحت لي فسحة للتحرك»، وكان المستشار السابق يعرف أن باول حريص على ألا يثير الجناح اليميني في الحزب الجمهوري، ولذلك كان عليه ان ينحني قليلاً بالنسبة لقضية العراق من دون ان يؤيد الحرب. وقد بدأ الآن في التحرك آملاً أن يكون حذراً مقنعاً. وقد أفضى باول بما في نفسه قائلاً: «هذه فرصتي ويجب ان انظم اموري». \r\n \r\n \r\n اما المكالمة الثانية فقد كانت من كوندوليزا رايس، وقد تبادلا كلمات حادة. فقد كان من رأي مستشارة بوش الابن لشئون الامن القومي ان ما اعلنه سكوكروفت جعل الامر يبدو وكأن بوش الاب قد ألقى بثقله، وان ذلك يعتبر على الاقل صفعة موجهة إلى الرئيس. ورد عليها برنت سكوكروفت بأن ما قاله لا يختلف عما قاله على شاشة التلفزيون منذ عشرة أيام، ولم يجهر أحد بشكواه وقتها. وقال لها: «أنا لا أريد صداماً مع الادارة» وأعرب عن اسفه لان ما قاله كان له التأثير الذي وصفته رايس. \r\n \r\n \r\n وكان ذلك مثار قلق شديد اذ كان يدرك أن بوش الكبير لايريد ان يترك انطباعاً لدى الرأي العام أو لدى ابنه بأنه يقف وراءه لان ذلك قد يحط من قدر الابن ويحد من احترام الجمهور ودعمه، بل إنه قد يحطم الرئاسة. كذلك كان سكوكروفت يعلم جيداً ان المسألة شخصية إلى حد كبير، ولم يكن لاهو ولا بوش الأب يريدان جرح ثقة الابن في نفسه، ولذلك التزم سكوكروفت الصمت في العلن، على الرغم من أنه لم يغير وجهة نظره. \r\n \r\n \r\n وفي اليوم التالي لاجازة المزرعة يوم 16 اغسطس عقد بوش اجتماعاً عن طريق قناة الفيديو المؤمنة التابعة لمجلس الأمن القومي. وكان هدف باول الوحيد هو أن يدلي برأيه في ذهاب الرئيس إلى الاممالمتحدة والقاء خطابه، فكرر كل ما سبق أن قاله من آراء. وطلب بوش من الحاضرين أن يعلقوا بما يرون، فكان هناك تأييد حتى من تشيني لإلقاء الخطاب. \r\n \r\n دعا بوش كاتب خطبه مايكل جرسون وكوندوليزا رايس وقال لهما: «سوف نفعل شيئاً مختلفاً إلى حد ما، سوف نقول للامم المتحدة ان عليها ان تواجه هذه المشكلة أو تدين نفسها برفع يدها عن الموضوع». وخرج باول من الاجتماع وهو يدرك وجود صفقة بينهم. وقد شعر بأنه انتصر عليهم.. على تشيني ورامسفيلد على الاقل.. \r\n \r\n بل ربما على الرئيس نفسه، ثم ذهب الى لونج أيلاند في نيويورك ليقضي اجازة وهناك التقى سراً بوزير الخارجية البريطاني جاك سترو الذي جاء في زيارة للولايات المتحدة تستغرق يوماً واحداً بسبب ازدياد حرارة مسألة العراق. وكان سترو يعاني من مشاعر القلق نفسها التي يعانيها باول.. وكانت الرسالة التي يحملها تقول في جوهرها للاميركيين: «إذا كنتم تفكرون في الحرب حقاً وتريدون منا نحن البريطانيين ان نكون من اللاعبين، فلن نستطيع ذلك بدون ان تذهبوا إلى الأممالمتحدة». \r\n \r\n \r\n وعرف باول ان هذا سوف يضيف مزيداً من الضغط على بوش الذي كان عليه ان يضم بلير بكل تأكيد. وعندما صرح بوش للصحافيين في 22 اغسطس بانه «رجل صبور» وانه مازال يدرس بحرص خيارات تغيير النظام في العراق، شعر ديك تشيني بان البساط يسحب من تحت قدميه، وكان يعتبر أن من الخطأ مخاطبة الاممالمتحدة، ناهيك عن الحديث عن الصبر الآن، فهل هناك شيء يعيق مسيرة الحرب أكثر من هذين الأمرين؟! \r\n \r\n \r\n كيسنجر يدلي بدلوه \r\n \r\n \r\n ازداد قلق تشيني بسبب رسالة سكوكروفت التي حذرت من الحرب، وتعليق جيمس بيكر وزير الخارجية السابق الذي حث على تجنب اي عمل احادي، اما هنري كيسنجر، عميد الواقعية في السياسة الخارجية، فقد نشر يوم 12 اغسطس مقالاً طويلاً في صحيفة «الواشنطن بوست» يؤيد فيه بوش لاثارته قضية صدام حسين، ولكنه نبه الى اهمية الحصول على دعم الجمهور والعالم. \r\n \r\n \r\n وبدا الامر بالنسبة لتشيني وكأن مسيرة الحرب قد توقفت. ورأى أن كل شخص كان يقدم وجهة نظره ما عدا الادارة الاميركية، فلم يصدر عنها موقف معلن، فأراد أن يفعل ذلك حتى لو اقتضى الامر ان يلقى خطبة ملتهبة. وكان أمراً غريباً جداً أن يتحدث نائب الرئيس عن قضية كبرى مثل هذه قبل الرئيس نفسه الذي كان على وشك الذهاب إلى الأممالمتحدة لكي يلقي خطابه حول العراق يوم 12 سبتمبر، ولكن تشيني لم يطق الانتظار . \r\n \r\n \r\n ولم يكن ينوي التخلي عن الميدان لسكوكروفت أو بيكر أو كيسنجر أو باول، فتكلم مع بوش بشكل خاص، والذي وافق دون الاطلاع على تفاصيل ما سوف يقوله تشيني. وفي اجتماع لمجلس الامن القومي قال تشيني للرئيس: سوف أقوم بالقاء ذلك الخطاب، فأجابه بوش شبه مازح: لا توقعني في مشكلات. \r\n \r\n وكانت المشكلة، هي ما يدور في ذهن نائب الرئيس. ففي صباح يوم 27 اغسطس قرأ الناس عنوان صحيفة «نيويورك تايمز» الرئيسي الذي يقول: «تشيني يعلن: خطر نووي يبرر الهجوم». وصعق باول. كان نائب الرئيس قد ألقى خطابه المتشدد في مؤتمر للمحاربين القدماء في الحروب الخارجية، وقال فيه انه لا جدوى من عمليات التفتيش عن الاسلحة في العراق ولن تقدم عودة المفتشين اي ضمان مهما كان بالاذعان لقرارات الاممالمتحدة، وعلى العكس هناك خطر كبير من أن تؤدي لشعور مزيف بالارتياح من اعادة حصار صدام حسين. \r\n \r\n \r\n كذلك أعلن تشيني التقرير الوطني للمخابرات عن صدام والخاص بنائب الرئيس شخصياً فقال «يذكر انه لا يوجد أي شك في ان صدام حسين يمتلك الآن اسلحة دمار شامل، ولاشك في انه يحشدها لكي يستخدمها ضد اصدقائنا، وضد حلفائنا، وضدنا». \r\n \r\n \r\n وكان الرئيس بوش نفسه قد قال قبل عشرة ايام ان صدام «يرغب» فقط في هذه الاسلحة. ولم يزعم بوش ولا «السي آي إيه» اي شيء يماثل ما ذكره تشيني الذي قال ايضا ان هذه الاسلاحة في يد ديكتاتور سفاح خطر أكبر مما يمكن أن يتصور أحد، وإن مخاطر عدم التحرك أخطر كثيراً من مخاطر القيام بعمل. وهذه الملاحظات التي ادلى بها نائب الرئيس، والتي تكاد تقترب من اعلان الحرب، فسرت على نطاق واسع باعتبارها سياسة الادارة الاميركية. \r\n \r\n \r\n واصيب كولن باول بالدهشة، واعتبر ما قاله تشيني هجوماً وقائياً على ما كان الرئيس قد وافق عليه منذ عشرة ايام، لقد فجر تشيني كل شيء.. وهكذا أدرك باول انه اصبح في مأزق، وما زاد الطين بلة ان هيئة الاذاعة البريطانية بدأت في اذاعة مقتطفات من مقابلة اجرتها مع باول، قبل خطاب تشيني، يقول فيها: «إن الرئيس أوضح أنه يعتقد أن المفتشين يجب ان يعودوا» وبدأت تنتشر قصص تقول وزير الخارجية بدأ يناقض ما يقوله تشيني، واتهم بعدم الاخلاص، وقد أحصى باول سبع افتتاحيات تطالبه بتقديم استقالته أو تلمح الى وجوب ترك منصبه. \r\n \r\n \r\n في 29 اغسطس خطب تشيني في اجتماع للمحاربين القدماء في الحرب الكورية فقال الكلام نفسه ولكن مع بعض التعديلات المهمة، فقد الغى قوله ان عمليات التفتيش قد تقدم «شعورا زائفا بالارتياح» ثم خفف من انتقاداته قائلا ان تلك العمليات ليست هدفا في حد ذاتها، وبدلا من الفقرة في خطابه التي زعم فيها ان صدام حسين استأنف جهوده لامتلاك اسلحة نووية» قال ان صدام ينفق على برنامج اسلحة نووية طموح. \r\n \r\n \r\n وفي يوم الجمعة 6 سبتمبر قدم الجنرال فرانكس ورامسفيلد تقريرهما عن خطة الحرب الاخيرة لكل من الرئيس الاميركي ومجلس الأمن القومي. كذلك قدم فرانكس خطة للقضاء على صواريخ سكود التي قد تكون في حوزة صدام، وقد تحتاج الخطة الى جهد شاق لارسال فرق من قوات العمليات الخاصة الى مناطق في داخل العراق يشتبه في وجود الصواريخ فيها وفي مقدمتها المنطقة الجنوبية بالقرب من الكويت، والمنطقة، الغربية بالقرب من اسرائيل، وهي نفس المناطق التي اطلقت منها الصواريخ في حرب الخليج 1991. \r\n \r\n \r\n واضاف فرانكس امرا آخر مهما فقال: «سيدي الرئيس لقد ظللنا نبحث عن صواريخ سكود واسلحة دمار شامل اخرى عشر سنوات، ولم نجد منها شيئا حتى الآن، ولذا لا استطيع ان اقول لك انني اعرف بوجود اية اسلحة معنية في اي مكان. انني لم ار حتى صاروخ سكود واحدا. \r\n \r\n \r\n وكان الموضوع الثاني في ذلك الصباح هو ما سمي ب «حصن بغداد» وكان المقصود به ان تصمد القوات العراقية داخل بغداد فتتحول العاصمة الى حصن منيع، وكان هذا الامر يقلق بعض اعضاء مجلس الامن القومي وعلى رأسهم كوندوليزا رايس، لان ذلك لو حدث لاصبح كارثة عسكرية قد تؤدي الى اطالة امد الحرب مع وقوع خسائر كبيرة. وقال رامسفيلد في وقت لاحق ان بوش لم يكن هو الذي يلح على هذا الموضوع، وانه لم يكن مهتما به، ولكن الآخرين هم الذين كانوا يشعرون بالقلق ويريدون معرفة ماذا اعد الجنرال فرانكس من خطط لمواجهة هذا الاحتمال. \r\n \r\n \r\n تشيني يثير الجدل \r\n \r\n \r\n في مساء اليوم نفسه اجتمع كبار المسئولين في كامب ديفيد بدون حضور الرئيس لبحث موضوع الاممالمتحدة قبل صباح يوم السبت الذي حدد لاجتماع مجلس الامن القومي مع بوش ثم اجتماع القمة مع توني بلير رئيس الوزراء البريطاني بعد الظهر واستمر تشيني يثير الجدل بحجة ان طلب اصدار قرار جديد قد يعيدهم مرة اخرى الى عملية الاممالمتحدة الميئوس منها، وان كل ما يحتاج اليه بوش هو ان يقول في خطابه ان صدام حسين رجل سييء وعنيد، وقام بسلسلة انتهاكات لقرارات الاممالمتحدة. \r\n \r\n \r\n وان الرئيس الاميركي يحتفظ بحق التصرف من طرف واحد، واعترض باول قائلا: «ولكن ذلك لن يشكل طلبا لدعم الاممالمتحدة لانها لن تندفع لمجرد ان تعلن ان صدام شرير ثم تصدر تفويضا بالحرب. ولا يمكن ترويج هذا النهج وقال: لقد قرر الرئيس اعطاء الفرصة للامم المتحدة، والسبيل العملي الوحيد لذلك هو السعي لاصدار قرار جديد وقد لمس باول وجود هوس او حمى لدى تشيني ولم يصبح الصخرة الثابتة التي لا تعرف العواطف، كما عرفه باول قبل اثنتي عشرة سنة اثناء الاستعداد لحرب الخليج. لقد اصبح نائب الرئيس مهووسا بالهجوم ضد صدام حسين، وكأن شيئا آخر لا وجود له غير هذا الامر. \r\n \r\n \r\n وحاول باول تلخيص نتائج العمل الاحادي، واضاف بعدا آخر بقوله ان رد الفعل الدولي قد يكون سلبيا الى درجة تضطره الى اغلاق سفارات اميركية في انحاء العالم اذا دخلت اميركا الحرب وحدها، ورد عليه تشيني قائلا: ليست هذه هي القضية، القضية هي صدام والخطر الواضح، فقال باول: ربما لن تكون الامور على النحو الذي يظنه نائب الرئيس، فالحرب قد تفجر كل انواع النتائج غير المتوقعة وغير المقصودة، وقد يفوق بعضها تصورنا. \r\n \r\n \r\n ورد تشيني في ايجاز: هذه ليست القضية وانفجر الحوار وتحول الي جدال حاد بين الرجلين وتراقص حول حدود اللياقة ولكنه ظل في اطار الخلافات الرسمية التي أبداها كل منهما للآخر بشكل عام. \r\n \r\n بلير ومحور الشر \r\n \r\n \r\n في ذلك الصباح غادر توني بلير لندن في رحلة الى كامب ديفيد للاجتماع مع بوش، ويحلل وودوارد الموقف البريطاني آنذاك فيقول انه عندما القى بوش خطابه الذي تحدث فيه عن محور الشر في بدايات ذلك العام كان بلير سعيدا لان الرئيس الاميركي بدأ يظهر جدية بالنسبة لمشكلة «الدول المارقة» ومع ذلك لم يستخدم بلير مطلقا عبارة «محور الشر» كما قال احد مستشاريه، وكان اشد قلقا على كوريا الشمالية من بين الدول الثلاث التي اشار اليها بوش. \r\n \r\n \r\n ويعتقد ان ايران قد اقتربت من انتاج مخزون خطير من اسلحة الدمار الشامل، اما العراق فكان في ذيل قائمة دول المحور لان رئيس الوزراء البريطاني لم يكن في ذلك الوقت مدفوعاً الى عداء صدام بدرجة بوش نفسها، وقال مستشاره: العراق مسألة اميركية وليست بريطانية، ولا يمكن ان تكون قضية اي احد آخر، لانه لا تتوفر لديه القدرة ولم تكن بريطانيا منكبة على اعداد اجندة عسكرية، وكان مستبعدا ان تذهب بريطانيا الى الحرب وحدها. وقال المستشار: \r\n \r\n \r\n «لم نكن نستطيع غزو العراق» وكان بوش يمارس ضغوطا كبيرة الآن. وكان السؤال المباشر لدى بلير هو: هل سوف تستخدم الاممالمتحدة. وكان رئيس الوزراء البريطاني يدرك ان السؤال المطروح في بريطانيا هو ما اذا كان رئيس الوزراء يؤمن بالاممالمتحدة أم لا، فضلا عن ان الرأي العام البريطاني كان يفضل العمل من خلال المنظمات الدولية قبل اللجوء الى القوة. \r\n \r\n \r\n واخذ بلير وبوش يجيبان عن اسئلة الصحافيين فقالا انهما ملتزمان بانهاء خطر صدام حسين الى الابد ولكنهما لم يجيبا عن الاسئلة التي طرحت حول كيفية ذلك وموعده. واصر بوش على القول ان صدام حسين يمتلك اسلحة دمار شامل واستجاب بلير لضغوط بوش في النهاية قائلا له: انا معك وهذا ما كان الرئيس الاميركي في حاجة اليه. \r\n \r\n \r\n وبعد اعداد مسودة خطاب بوش المقرر القاؤه في الاممالمتحدة استمر رامسفيلد وتشيني في الضغط على تنفير رئيسهما من طلب اصدارقرار من الاممالمتحدة لعلمهما بمدى كراهيته للاجراءات التي تقتضيها هذه العملية. واخذ الاثنان يلعبان على تلك الكراهية ويقولان ان مجرد تقديم ذلك الطلب سوف يقذف بهم الى مستنقع لجان الاممالمتحدة، والمجادلات والترددات، ونكش الرؤوس، اي بعبارة اخرى .. اجراءات العملية الدبلومامسية ومن شأن ذلك فتح الباب امام صدام للتفاوض مع الاممالمتحدة، فاذا حدث ذلك تكون نهايتهم قد حانت واخذ الاثنان يحاولان اقناع بوش بوجهة نظرهما. \r\n \r\n \r\n ويقول بوب وودوارد انه سأل رامسفيلد عن موقفه من الاممالمتحدة بعد ذلك باكثر من عام فقال انهم لا يصوتون داخل اجتماعات مجلس الأمن القومي وان ما يحدث هو اجراء المناقشات للموضوع آخذين في الاعتبار ماله وما عليه، وان الجميع يشارك في ذلك، وعندئذ يبدأ الرئيس في الميل نحو اتجاه معين، وعندئذ يقول له الاعضاء: اذا كان ذلك هو الاتجاه فانك تحتاج الى العلم بان الاتجاه البديل يتمتع بهذه الميزات وهذه العيوب. \r\n \r\n \r\n وان الاتجاه الذي تميل اليه به هذه الميزات وتلك العيوب، ثم يبدأ النقاش حول المشاكل المتوقعة» ومن المعروف ان دونالد رامسفيلد يتهرب دائما في اجاباته على الصحفيين ويتلاعب كثيرا بالالفاظ، ولذلك يشير وودوارد الى انه اخذ يضغط عليه بسؤاله عن وجهة نظره الشخصية فيجيبه بان ذاكرته سيئة في ذلك النوع من المسائل وانه لا يستطيع ان يتذكر اذا كان قد كتب ملاحظاته بشأنها أم لا. \r\n \r\n \r\n وكان الخيار المطروح لادراجه في خطاب بوش والذي تؤيده كوندوليزا رايس هو اصدار انذار بان امام صدام 30 يوما لنزع سلاحه والا فان الولاياتالمتحدة سوف تشن هجوما على العراق، وكان هذا بمثابة اعلان فعلي للحرب، ومع ذلك كان بوش ميالا الى طلب استصدار قرار من الاممالمتحدة. واستمرت عملية اعداد الخطاب عدة ايام. وكانت بعض عباراته تهاجم الاممالمتحدة لعجزها عن تنفيذ قراراتها السابقة بشأن الاسلحة وخاصة في السنوات الاربع التي اجبر فيها صدام حسين المفتشين على الخروج من العراق. \r\n \r\n \r\n وهنا قال باول لايمكن قول هذا الكلام دون طلب شيء من الاعضاء فالخطاب بهذا الشكل لا يطالب الاممالمتحدة باتخاذ اجراء، وتصارع المجتمعون حول نوعية ما يطلبه الخطاب وماذا يمكن ان تعني كلمة «نطلب»؟ واخيرا اجمعوا على طلب اتخاذ اجراء من الاممالمتحدة. اما باول الذي اصبح منزعجا وشاعرا بالهزيمة فقد فضل هذه الصيغة لانها افضل من توجيه الانذار بالحرب. \r\n \r\n \r\n وفي يوم 10 سبتمبر وقبل موعد الخطبة بيومين استؤنفت الاجتماعات واستمرت مجادلات تشيني ورامسفيلد لاعاقة الصياغة الخاصة باللجوء الى الاممالمتحدة. واخذ رامسفيلد يتلاعب بالالفاظ ويورد المؤلف نماذج من ذلك الاسلوب ومنها قوله مثلا: «قد يظن احدهم .. » أو «قد يتصور إنسان ..» أو «قد يتوقع البعض .. » أو «قد يقول البعض .. » وهكذا المهم ان الرئيس بوش اختار ان يطالب باصدار قرار. \r\n \r\n وتذكر بوش في لقائه مع وودوارد بعد ذلك انه تحدث الى جون هوارد رئيس الوزراء الاسترالي الذي قال له ايضا: «انا معك نحن نحتاج الى قرار»، كذلك تذكر بوش انه تلقى التوصية نفسها من خوسيه ماريا ازنار، رئيس الوزراء الاسباني. \r\n \r\n \r\n