\r\n غير ان الاتراك من انصار الانضمام للاتحاد يعبرون عن عدم قناعتهم بعد بدلا من الاحتفال بهذا التطور. اذ رغم ان القمة ستقول نعم من ناحية المبدأ فانهم يخشون من أنه لن يتم تحديد موعد رغم الوعود السابقة بأن المفاوضات حالما تبدأ فانها ستستمر «دون تأخير» ويرى هؤلاء تزايدا لحالة الشك بتركيا في المانيا وفرنسا. ويشيرون الى تحذير المفوضية من أن بروكسيل يمكن ان تعلق المفاوضات من جانب واحد في أي وقت كما يسمعون اصواتا تقترح اعطاء تركيا مكانة خاصة امر «شراكة متميزة» بدلا من العضوية الكاملة. \r\n \r\n يقول وزير الخارجية التركي عبدالله غول خلال مؤتمر للخضر من اعضاء البرلمان الأوروبي: «من المهم عدم وضع مزيد من التحفظات يستحيل علينا قبولها بحيث تصبح آليات التحول نفسها حجرات عثرة». \r\n \r\n انعدام الثقة هو أكثر ما تكون قوة في الحركات المدنية الاخذة في التطور سريعا. خارج البلاد تسود نظرة شائعة تقول: الدافع الاساسي لتركيا وراء السعي لدخول الاتحاد الأوروبي هو الاقتصاد وان الاتحاد الأوروبي قد استخدم حلم الرخاء الاقتصادي الذي يمثله للحصول على تغيير سياسي من جانب تركيا. \r\n \r\n من المؤكد تماما ان الحكومات التركية قد بدأت السير على طريق الاصلاح السياسي في السنوات الأخيرة، وان اكثر هذه الحكومات تطبيقا للاصلاح السياسي كانت الحكومة الاسلامية المعتدلة التي حققت فوزا كاسحا في الانتخابات العامة الاخيرة منذ سنتين. فقد عملت هذه الحكومات على فرض قوانين تمنع التعذيب وتلغي محاكم امن الدولة وتقلص الدور السياسي للعسكر. \r\n \r\n غير ان نشطاء حقوق الانسان يجادلون بأن هذا التحليل يقلل من أهمية الدوافع المحلية من اجل التغيير. ليست المطالب من جانب الاتحاد الاوروبي وحدها هي التي دفعت الحكومات التركية لتنظيف افعالها. فالرأي العام قد لعب دورا كبيرا وهو مؤشر يدل على ان تركيا اصبحت دولة ديمقراطية فعلا اكثر مما يعتقد معظم الاوروبيين. \r\n \r\n تتذكر بنيار الكاركان العاملة مع منظمة نساء من اجل حقوق الانسان للنساء، تتذكر بفخر الحملة القوية اواخر التسعينيات للمطالبة باصلاح القانون المدني التركي. ومن المقترحات الرئيسية حينها منح النساء حقوقا موازية للرجال في ملكية الاسرة وانها ضرورة حصول المرأة على موافقة من زوجها اذا أرادت العمل. \r\n \r\n ومن جانبهم يؤكد القوميون والمتدينون حدوث تطورات كارثية ستؤدي لزيادة معدلات الطلاق وتدمر المجتمع التركي. حينها كانت الحكومة التركية تحاول جاهدة الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي وحققت منذ عام 1999 اعترافا من قادة الاتحاد الأوروبي بأن تركيا تعتبر «دولة مرشحة» (لكن بدون تقديم أي وعد ببدء محادثات الانضمام). \r\n \r\n ورغم هذه الخطوة الى الوراء، فقد رضخت لمطلب تعديل القانون المدني بمانيلا، أم مع المعايير الأوروبية. تقول الكاركان: «كان علينا ان نقاتل بالاعتماد على قوتنا نحن. 120 منظمة نسائية من كل انحاء تركيا تظاهرت وفزنا».ويشير نشطاء آخرون الى التظاهرات التي شهدتها تركيا لالغاء قرار الحكومة بالسماح للقوات الأميركية باستخدام الاراضي التركية لغزو العراق. \r\n \r\n ورغم ان رأي النخب، بما في ذلك اكبر الصحف ومحطات التلفزيون كانت تساند الحكومة، فقد كان الرأي العام ضد هذا القرار. البعض رأى في الغزو حربا صليبية ضد بلد مسلم.واخرون توقعوا ان تقود الحرب العراق الى القلاقل وان ذلك سيؤثر بشدة على الاقتصاد التركي مثلما حدث في حرب الخليج الأولى. \r\n \r\n يقول سنان جوكجين منسق مشروع الفرع التركي لجمعية مواطني هلسنكي وهي منظمة اوروبية للدفاع عن الحقوق المدنية: «كانت المعارضة لعبور القوات الاميركية الغازية الاراضي التركية قضية فاجأتنا وكان علينا ان نتحرك بسرعة قبل ان يتطور السجال الى فوضى. لقد شكلنا تحالفا عريضا». \r\n \r\n التظاهرات في الشارع اقنعت البرلمان التركي برفض الموقف الحكومي. يقول جوكين: «كانت المرة الأولى التي يصوت فيها أعضاء البرلمان بهذه الكثرة ضد قادة احزابهم». لقد كان مشهدا للديمقراطية اكثر بهاء من أي شيء شهدناه في البرلمان البريطاني خلال الاستعداد لغزو العراق. \r\n \r\n هذا التصويت جعل تركيا التي كانت تقليديا حليفا قويا للولايات المتحدة تقف على جانب المانيا وفرنسا وهما المعارضان الاوروبيان الرئيسيان للحرب على العراق. كما عزز ايضا توجه تركيا نحو سياسة خارجية أكثر توازنا وعلاقات افضل مع ايران وجيرانها العرب بدلا مما يسميه ضياء يونس البروفيسور في العلاقات الدولية «المثلث الاميركي الاسرائيلي التركي». كما ان تحول تركيا في سياساتها الخارجية من المواقف الصدامية الى التوافقية كان باديا بخصوص قضية قبرص حيث العسكر الاتراك انفسهم غيروا نهجهم وأيدوا خطة السلام التي قدمتها الاممالمتحدة. \r\n \r\n غير ان امكانية ان تصبح تركيا نموذجا للدول الغربية كدولة ديمقراطية علمانية تحترم الحريات الدينية امر مشكوك فيه. فالدول تتطور تبعا لديناميكياتها الخاصة بها بالاعتماد على ثقافتها وتاريخها ومطالبها الداخلية للتغيير. فلا الاصلاح ولا الثورة يمكن استيرادها من الخارج. غير ان جماعات المجتمع المدني الجديدة في تركيا بدأت بالفعل في تطوير علاقات مع جيرانهم بغض النظر عما اذا كانت تركيا ستصبح عضوا في الاتحاد الأوروبي أم لا. \r\n \r\n في اسطنبول، تبدو فكرة الاتحاد الأوروبي في ان يستخدم تركيا «جسرا» نحو الشرق الاوسط فكرة تبسيطية. بعض اقوى المدافعين عن الالتحاق بالاتحاد الاوروبي يجادلون بأنه حالما تصبح تركيا داخل الاتحاد الاوروبي، فان الدول العربية ستصبح أقل اهتماما بها. فهذه الدول تصوغ معاهدات الشراكة مع بروكسل بالشكل الذي تريده على كل حال. و«الجسر» الافضل للاتحاد الاوروبي ليدخل الشرق الاوسط هو صياغة سياسة اقوى وأكثر استقلالا نحو الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. \r\n \r\n كما ان على الاتحاد الأوروبي ان يعطي ملايين الاتراك والاكراد والعرب الذين يعيشون فيه حقوقا متساوية مع الآخرين. واولئك الملتزمون بتعاليم الاسلام يجب أن يمارسوا طقوسهم بحرية وبكرامة كاملتين. وهذا من شأنه ان يثير اعجاب المجتمعات الاسلامية المجاورة للاتحاد الأوروبي اكثر من ادخال تركيا في الاتحاد. \r\n \r\n غير ان هذا لا يعني بطبيعة الحال أن حرمان تركيا من العضوية لن يكون له أثر. فعلى الرغم من أن عضوية الاتحاد الأوروبي كما يجادل البعض لم تكن هي التي بدأت عملية التحول الليبرالي فان نشطاء حقوق الانسان في تركيا يقولون انها بالتأكيد قد سرعتها. وهؤلاء يريدون لهذا التحالف مع أوروبا أن يتواصل ويبدون الحماس لوعد المفوضية الاوروبية ببدء حوار مع المجتمع المدني التركي وليس مع الحكومة فقط. \r\n \r\n لقد مضى الاتحاد الأوروبي شوطا بعيدا نحو قبول تركيا فيه بشكل يجعل من رفض عضويتها الآن خيانة للديمقراطيين الاتراك ورسالة فظيعة للمنطقة والعالم الاسلامي. وستفسر على نحو واسع بأنها صفقة للاسلام وضربة جديدة في «صراع الحضارات». ان كل كردي في تركيا تقريبا قد اختار الاتحاد الاوروبي ليكون فرصته الافضل للحصول على القبول والاحترام لهويته. والاتراك هم أكثر انقساما، غير ان الغالبية فيهم تريد عضوية الاتحاد الأوروبي.وبعد سنوات طويلة من تكرار القول «نعم بشرط» و«نعم اذا»، لا يمكن لأوروبا الان ان تقولها «لا». \r\n \r\n