وزير الأوقاف أمام الشيوخ: عهد السيسي العصر الذهبي للدعوة وعمارة المساجد    بدء الفعاليات التمهيدية للترويج لافتتاح النسخة الرابعة لحملة «مانحي أمل» في مصر    جامعة الزقازيق تحقق مراكز متقدمة في مسابقة «إبداع 12»    وزارة العمل: «سلامتك تهمنا» لنشر ثقافة الصحة المهنية بالقليوبية    قطع المياه لمدة ثلاث ساعات على مدار يومين لتطهير بئر المعلمين في أسيوط    تراجع أسعار الذهب في مصر بقيمة 15 جنيهًا خلال تعاملات اليوم    الداودي يفتتح مركز معلومات شبكات المرافق بقنا    توزيع مساعدات مالية لعدد 21 أسرة بالفيوم    كوريا الشمالية: محادثات قمة سول حول نزع السلاح النووي «استفزاز سياسي»    الإمارات تدين القصف الإسرائيلي لخيام النازحين في رفح الفلسطينية    الحكومة الإسرائيلية تعلن النتائج الأولية بشأن هجوم رفح.. ماذا قالت؟    إسبانيا تعلن دفعة أسلحة جديدة بقيمة 1.1 مليار يورو إلى أوكرانيا    الأمين العام للأمم المتحدة: إفريقيا يجب أن تكون حاضرة في كل منتدى متعدد الأطراف    تأجيل مباراتي الأهلي والزمالك في كأس مصر    المشدد 15 عام لتاجر ملابس شرع في قتل شخص بشبرا الخيمة    موعد عيد الأضحى ووقفة عرفات 1445 هجريا في مصر.. اعرف عدد الأيام المتبقية    تكثيف أمنى لضبط قاتل «روبي» في قليوب    محافظ قنا يكرم الفائزين بمهرجان "إبداع مراكز الشباب" بمديرية الشباب والرياضة    فاكر المنيل؟!.. صلاح عبد الله يداعب لطفي لبيب على الهواء والأخير: كان فيها عواجيز مصر    طريقة عمل العجة.. صحية ومفيدة    غدا.. انطلاق عروض برنامج السينما الإيطالية في القاهرة    إسكان البرلمان توصي بتشكيل لجنة لمعاينة مشروع الصرف الصحي في الجيزة    غزل المحلة يعلن رحيل محمود عبد العزيز    حدد 3 مناقشات.. مجلس أمناء الحوار الوطني يجتمع 1 يونيو    انطلاق فعاليات الأسبوع الثقافي ل«الأوقاف».. «حق الجار والإحسان إليه»    نائب رئيس جامعة الزقازيق يتابع سير أعمال الامتحانات بكلية التربية للطفولة المبكرة    مياه الجيزة توضح أسباب الانقطاعات المتكررة عن هضبة الأهرام    وزيرة التعاون الدولي تُشارك في الاجتماعات السنوية لمجموعة بنك التنمية الأفريقي بكينيا    سموحة يغلق ملف الدوري «مؤقتاً» ويستعد لمواجهة لافيينا فى كأس مصر غدًا    عائشة بن أحمد عن قصف مخيمات رفح الفلسطينية: «نحن آسفون»    بالصور: ياسر سليمان يطرب جمهوره بأغاني محمد رشدي على مسرح الجمهورية    ضبط 6000 كيس مواد غذائية مجهول المصدر في العاشر من رمضان    «الشيوخ» يناقش سياسة الحكومة بشأن حفظ مال الوقف وتنميته    تأجيل محاكمة متهم بتقليد الأختام الحكومية لجلسة ل12 يونيو    «الداخلية»: تنظيم حملة للتبرع بالدم بقطاع الأمن المركزي    قافلة طبية جديدة لدعم المرضى غير القادرين بقرى ديرمواس    شريف العريان: لن أخوض انتخابات رئاسة اتحاد الخماسي الدورة المقبلة    أكثر من ألفي شخص دفنوا أحياء جراء الانهيار الأرضي في بابوا غينيا الجديدة    فيلم «The Fall Guy» يحقق 132 مليون إيردات منذ طرحه    القنوات الناقلة لمباراة الاتحاد والنصر في دوري روشن السعودي مع تردداتها    الرقابة الصحية توقع بروتوكول تعاون مع جامعة طنطا لمنح شهادة الاعتماد    السيطرة على حريق داخل هايبر ماركت في قنا    الأمين العام المساعد للبحوث الإسلامية يوضح حكم تصوير الجنازات    وزير الكهرباء ل"اليوم السابع": كل مليم سيتم تحصيله يساهم فى إنهاء تخفيف الأحمال    البورصة المصرية، ارتفاع جماعي للمؤشرات بمستهل التعاملات    وزير الإسكان يعلن تفاصيل مشروعات تجديد أحياء القاهرة الإسلامية والفاطمية    للتعاون في مجال التدريب.. تفاصيل توقيع مذكرة تفاهم بين مركز التدريب الإقليمي وجامعة بنها -صور    وزير الصحة يدعو دول إقليم شرق المتوسط إلى دراسة أكثر تعمقا بشأن مفاوضات معاهدة الأوبئة    موعد وقفة عرفات 2024 وأهمية صيام يوم عرفة    إسرائيل تأمر إسبانيا بوقف الخدمات القنصلية المقدّمة لفلسطينيي الضفة الغربية اعتبارا من 1 يونيو    تحريات لكشف ملابسات العثور على جثة صاحب محل في العمرانية    500 متر من النيران.. حالتا اختناق في حريق مخزن خردة بإمبابة    سيد معوض ينصح الأهلي برفع جودة المحترفين قبل كأس العالم 2025    هل حج الزوج من مال زوجته جائز؟.. دار الإفتاء تجيب (فيديو)    موقف جوارديولا من الرحيل عن مانشستر سيتي في الصيف    كولر: لم أستطع الفوز على صنداونز.. لا أحب لقب "جدي".. والجماهير تطالبني بال13    جيش الاحتلال يعلن اغتيال قياديين فى حركة حماس خلال هجوم على رفح الفلسطينية    أستاذ اقتصاد ل قصواء الخلالي: عدم التصنيف القانوني للوافدين يمثل عبئا على الاقتصاد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاقتصاد يظل صاحب القرار، الجمهوريون يحذرون الناخبين من زيادة الضرائب 900 مليون
نشر في التغيير يوم 21 - 11 - 2004


\r\n
وعدم فهمهم أن الرهانات الحقيقية في تلك الانتخابات الرئاسية كانت تتمثل في النمو الاقتصادي ومستوى المعيشة وايجاد فرص العمل، اي الرهانات ذات الاولوية بنظر المواطنين الاميركيين.ومنذ بداية الحملة الانتخابية الرئاسية الحالية بادر المعسكر الجمهوري باستخدام الاسلحة الثقيلة، اذ جاء في الاعلانات التلفزيونية الاتخابية الأولى في مارس 2004 ما نصه: «مع جون كيري، سوف تزداد ضرائبكم 900 مليار دولار» او «اقترع كيري في مجلس الشيوخ ثلاثمئة وخمسين مرّة زيادة الضرائب» .
\r\n
\r\n
وهذا يعني تكرار الاتهام الذي يتم توجيهه للديمقراطيين بأن «سلّتهم مثقوبة» وما فيها هو من اموال دافعي الضرائب. مع هذا تفيد الاحصاءات ان العجز العام قد تعاظم في فترة رئاسة جورج دبليو بوش بالقياس الى الادارة السابقة كذلك زادت النفقات الفيدرالية بنسبة 11% خارج نفقات الحرب في العراق، اي ما يعادل ضعف الزيادة االتي شهدتها رئاسة بيل كلينتون.
\r\n
\r\n
ردّ مسئولو الدعاية والاعلام في الفريق الانتخابي الديمقراطي باعلانات تلفزيونية مقابلة، مثل: «جورج بوش يخدع اميركا مرّة اخرى»، ذلك ان جون كيري لم يطالب ابداً بزيادة الضرائب، وكان كيري اكثر طرحه اذ جاء في تصريح له خلال مايو الماضي بمناسبة لقاء انتخابي في ولاية «ايوا» ما يلي: «يريد جورج دبليو بوش ان يقنعنا بزعمه تخفيض الضرائب بالنسبة لجميع الاميركيين وبأنني سوف افعل العكس. انه بذلك يخدع البلاد مرّة اخرى، الحقيقة هي ان هذه الادارة زادت اشكال العجز اكثر من اية ادارة أخرى».
\r\n
\r\n
وتدل الارقام على ان العجز الاميركي عام 2003 بلغ 5,3% من اجمالي الانتاج الداخلي، وتصل هذه النسبة الى 5% اذا لم يتم حساب فائض صناديق الضمان الاجتماعي، حيث تمّ وضع هذا الفائض كاحتياطي لتمويل كلفة التقاعد مستقبلاً، ويروي بول اونيل وزير الخزانة الاميركي السابق والذي تم صرفه من الحكومة بسبب استقلالية تفكيره بأن «ديك تشيني» قال صراحة اثناء اجتماع للحكومة بأنه «لا أهمية ابداً للعجز».. ويصف «اونيل» في كتاب صدر له مؤخراً، جورج دبليو بوش بأنه لا يكاد يلمّ تماماً بالملفات الاقتصادية وبأن الارقام تثير سأمه.
\r\n
\r\n
ويرى الخبراء ان العجز الاميركي يعود بشكل اساسي الى التخفيض الكبير في الضرائب على الدخول الكبيرة جداً منذ بداية عمل ادارة جورج دبليو بوش، من دون ان يؤخذ بالاعتبار الظرف القائم اقتصادياً. كذلك تم عملياً الغاء الضرائب على انتقال الارث..
\r\n
\r\n
ولم تعد الضرائب تمثل اجمالاً سوى 16% من قيمة اجمالي الانتاج الداخلي، اي النسبة الادنى منذ نصف قرن. وفي المحصلة اذا كانت سياسة خفض معدلات الفائدة التي تبنّاها الاحتياطي الفدرالي حتى شهر يوليو 2004 قد سمحت بالتقليل من مخاطر الانحسار الاقتصادي الا انها سياسة لها ثمن كبير بالنسبة لاجيال المستقبل.
\r\n
\r\n
ردّت ادارة بوش على هذه الوقائع بالقول ان خفض الضرائب هو الذي كان بمثابة محرك النهوض الاقتصادي من جديد. اما زيادة النفقات فالمسئول عنها هو الكونغرس وكان بوش قد قال في احدى مداخلاته التلفزيونية النادرة خلال فبراير الماضي انه لابد من اصلاح نظام التأمين الصحي والضمان الاجتماعي اذا اريد في الوقت نفسه تحسينها وتخفيض كلفتهما. وبعد هذا التصريح مباشرة نشر فريق الحملة الانتخابية للرئيس مجموعة احصائيات للتدليل على انه لو لم يتم اللجوء الى تخفيض الضرائب فإن الانتاج كان اقل والبطالة اكبر.
\r\n
\r\n
مع هذا ركز مستشارو المرشح الديمقراطي على القول انه قد تمّ انفاق 6 مليارات دولار من قبل ادارة بوش دون ان يكون هناك ما يقابلها من عائدات وبالتالي انه لابد من العودة الى توازن الميزان. وما اكده كيري هو انه سوف يعمل على اقتصاص العجز عبر زيادة الضرائب على المداخيل الكبرى وفي الوقت نفسه تخخفيض الضرائب على الشركات بحيث يمكن تشجيع النمو الاقتصادي.
\r\n
\r\n
هذا كله يعني بأن التمسك بالقواعد المرعية قد غيّر من معسكره فالمرشح الديمقراطي هو الذي يطالب بضرورة العودة الى الانضباط والى التوازن بينما ان الرئيس الجمهوري رغم تأكيده بأنه سيتصرف كرجل محافظ في مجال الضرائب، قد حقق خلال عمل ادارته نتائج متناقضة في هذا المجال.
\r\n
\r\n
\r\n
معبد المحافظين
\r\n
\r\n
صباح كل يوم اربعاء، وما بين العاشرة والحادية عشرة والنصف يقوم جورج نوركيست رئيس مؤسسة «اميركيون من اجل الاصلاح الضرائبي» يجمع عدد من رجال القرار واصحاب التأثير للقاء لاصحاب الفعاليات وبعيداً بقدر الامكان عن رجال الصحافة، ويتم وصف اللقاء بأنه معبد النشاط المحافظ في الميدان الاقتصادي.
\r\n
\r\n
وفي كل مرّة تقوم مضيفة بنقل الميكروفون من متداخل الى اخر بحيث يقدم كل منهم اقتراحاته ومشروعاته من اجل دفع عمل المحافظين الى الامام. وذلك على اساس ان هذه هي اللحظة المناسبة فجميع المجالس الممثلة للشعب خاضعة للجمهوريين، اي انها تحت السيطرة.
\r\n
\r\n
وفي اطار هذا المعبد المحافظ يتم تداول الخطط والاحصائيات والدراسات المكرّسة كلها لمجابهة التقدميين الاغبياء في معسكر الخصوم.وجروفر نوركيست، هو احد مؤسسي المعهد الإسلامي، والذي يمثل مؤسسة غير ربحية لا تهدف لتحقيق الارباح، ويراد منه ان يلعب دوراً في تشجيع ايجاد تنظيم سياسي للمسلمين الاميركيين او بتحديد اكثر جذبهم الى صفوف الحزب الجمهوري، وقد كان هذا المعهد فعّالاً جداً اثناء الانتخابات الرئاسية لعام 2000 حيث انضم لمؤيدي جورج دبليو بوش عدد من القادة المسلمين الذين تبيّن فيما بعد ان بعضهم كانوا على صلات مع حركات متطرفة.
\r\n
\r\n
اذا كان «نوركيست» قد اغلق هذا الملف من بين نشاطاته فإنه لايزال بمثابة احد رموز المطالبة بتخفيض الضرائب واصبحت مؤسسته مع مرور السنوات المكان الذي يلتقي فيه الجمهوريون المخصصون والمناصرون بدون اي تحفظ لجورج دبليو بوش.
\r\n
\r\n
لكن معسكر هؤلاء اصابه بعض التصدع اذ ان العديدين اعتراهم القلق عندما لاحظوا ان العجز العام يتعاظم وان الرئيس يعلن عن مشروعات تحتاج الى تكلفة خيالية مثل تنظيم رحلة فضائية إلى كوكب المريخ. وقد عبّر الصحافي المحافظ روبرت نوفاك عن هؤلاء المترددين من الجمهوريين: «المشكلة لا تكمن في انهم سوف يقترعون لصالح كيري وانما في انهم سوف يبقون في منازلهم يوم الانتخابات».
\r\n
\r\n
لكن اذا كانت المنافسة بين مشروعي المرشحين، الجمهوري والديمقراطي حول العجز العام في الميزانية تتجاوز اهتمام اغلبية الناخبين فإن هناك موضوعاً لا يقبلون المزاح فيه يخص سعر وقود السيارات.يقول ترينت لوت سناتور منطقة الميسيسبي الجمهوري والذي اصبح من نقاد ادارة بوش بعد عزله من منصب المجموعة الجمهورية التي تمثل الاغلبية في مجلس الشيوخ، ما يلي:
\r\n
\r\n
يمكن قول كل شيء للاميركيين، فهم لا يعرفون الكثير عن مسار الاقتصاد لكنهم يذهبون الى محطات بيع وقود السيارات كل اسبوع، حيث يدفعون اليوم ثمن تعبئة خزاناتها ضعف ما كانوا يدفعونه سابقاً. انهم لا يحبون هذا. ولو كان بمقدوري التحدث الى الرئيس فإنني كنت سأطلب منه ان يكون حذراً»، وهذا السناتور ممنوع بناء على اوامر من كارل روف من دخول البيت الابيض منذ عامين بعد ان افصح علناً عن افكار تنم عن نوع من الحنين الى التمييز العنصري.
\r\n
\r\n
ومنذ ابريل الماضي قام كيري باتهام بوش وادارته بتبني سياسة رفع اسعار مواد الطاقة، وقال: «ان بوش رفع اسعار البنزين بنسبة 12%، فرد معسكر بوش: «ان كيري يريد أن يزيد ثمن غالون البنزين 50 سنتاً كضرائب». ولكن من دون ان يدقق هذا المعسكر القول بان اقتراح هذه الزيادة 50 سنتا كان السناتور كيري قد تقدم به قبل عشر سنوات من اجل تقليص تبعية أميركا للخارج في مجال الطاقة، ولكن لم يتم الأخذ بذلك الاقتراح، وكان كيري قد تبنى منذ فترة طويلة استراتيجية جديدة حيال البلدان المنتجة للبترول ودافع عنها بالتحالف مع صديقه الجمهوري «جون ماكين» من اجل اقتصاد الطاقة.
\r\n
\r\n
ولم يكن امام ادارة جورج دبليو بوش أي حل آخر سوى ان تطل من السعودية زيادة الانتاج من اجل تخفيف الضغط عن الاسعار. لكن عدم ثبات الاسواق تعاظم بعد سلسلة الاعتداءات التي استهدفت المملكة مؤخراً.ومن الواضح ايضاً ان المرشح الديمقراطي يريد أن يركز خلال حملته الانتخابية على مسألة البيئة وأهمية الرهانات المرتبطة بها، لاسيما وانه من المعروف عنه تكريس الكثير من الجهد والعمل لهذه المسألة خلال فترة وجوده الطويلة في مجلس الشيوخ.
\r\n
\r\n
وقد جاء في دعايته التلفزيونية ما يتماشى مع نفس التوجه كما تدل الجملة التالية: «لقد أعطى جورج بوش لأسوأ المساهمين في التلوث مهمة اعادة صياغة القوانين الخاصة بالبيئية. انه يريد ان يحذف جميع القواعد المنظمة لنوعية الهواء والماء ويريد أن يحفر آباراً في منطقة الاحتياطيات الطبيعية في الاسكا.. وانه ليقع على عاتقنا ان نترك هذه الارض لأطفالنا بحالة أحسن مما هي عليه اليوم».
\r\n
\r\n
وجاء في رد المعسكر الجمهوري على خلفية الادراك بإن هذا الموضوع يشكل أحد الميادين المفضلة التي سيخوض المرشح الديمقراطي حملته الانتخابية في اطارها.. مع ذلك لابد من المواجهة على نفس الارضية مثل القول: «كيري هو رجل متطرف في موضوع البيئة لكنه منافق اذ انه كان قد اقترع ضد اغلبية الاجراءات الرامية الى تجديد الادارة».
\r\n
\r\n
نقطة ضعف بوش
\r\n
\r\n
هناك ايضاً ميدان حساس آخر هو «الاستخدام وايجاد فرص العمل»، فعلى الرغم من الاحصاءات التي تدل منذ الربيع الماضي بإن سوق العمل في تحسن بالولايات المتحدة فان جون كيري يدرك انه هنا تكمن نقطة ضعف خصمه بنظر اغلبية الناخبين، ولذلك كرس الأشهر الاولى من حملته للاقتصاد ووعد الاميركيين في خطبه المتكررة بانه سوف يؤمن عشرة ملايين فرصة عمل، وتقول دعاية تلفزيونية اخرى: «هذه الادارة دمرت ثلاثة ملايين فرصة عمل». لكن مثل هذا القول خاطيء، ذلك ان الخبراء يؤكدون ان نصف فرص العمل قد تبخر بسبب ثورة المعلوماتية الى جانب زيادة الانتاجية بنسبة 4% سنوياً.
\r\n
\r\n
وفي بداية الصيف الماضي كان ايجاد فرص العمل قد استؤنف باتجاه متزايد اذ تم ايجاد 5,1 مليون فرصة عمل خلال سنة واحدة. لكن الديمقراطيين يلحون في القول بإنه المهم ليس الاحصائيات وانما ما يحسه الاميركي العادي الذي انتابه القلق امام جمود الرواتب والهشاشة المتعاظمة بالنسبة لطالبي العمل من غير المؤهلين.
\r\n
\r\n
وكان كيري «قد أعلن في شهر يونيو الماضي: «منذ وصول بوش الى السلطة، ومهما قيل، اختفى مليون فرصة عمل جديدة وانما ينبغي ايضاً تحسين مستوى التأهيل والاجور عبر الاستثمار في ميدان البحث والتجديد، وهذا ما اثبتت ادارة بوش انها ليست قادرة عليه».
\r\n
\r\n
ولم يتردد كيري بغية اقناع الناخبين المترددين في بعض الولايات التي عانت كثيراً من التحولات الاقتصادية، في ان يتبنى خطاباً ذا طابع حمائي، واقترح زيادة التشدد في الاتفاقيات مع عدد من البلدان أو القارات، مثل أوروبا والتي لا تحترم قواعد اللعبة.
\r\n
\r\n
وهذا ما رد عليه جورج بوش بالقول في ديتروين احدى العواصم التقليدية لصناعة السيارات بالقول: «كفى، كفى من هذه المزايدات الحمائية اذ ينبغي على الاميركيين ان يثقوا بقدرتهم على المنافسة في الاسواق العالمية، ان نزعة العزلة على الصعيد الاقتصادي لا يمكن ان تؤدي سوى الى الجمود». بالمقابل يقول كيري: «انا لست من انصار اجراءات الحماية ولكنني اريد منافسة حقيقية تؤدي الى ضمانات افضل في ميدان البيئة والحماية الاجتماعية».
\r\n
\r\n
طيلة ربيع 2004 احتدمت النقاشات حول تحويل قطاعات كاملة من الخدمات ومن تصنيع بعض المنتوجات الصناعية الى الهند والصين، وحيث قامت وسائل الاعلام بإنجاز عدد من التحقيقات والتحليلات. ثم ان الاحصائيات المخيبة للآمال في يوليو الماضي دفعت البيت الابيض الى الاعتراف بأن الاقتصاد وطبيعة العمل نفسها تعرف حالة من التبدل. وقد قال بوش اثناء اجتماع انتخابي له في ولاية اريزونا والتي لها وزنها في الانتخابات الرئاسية:
\r\n
\r\n
«ان أفضل طريقة لضمان فرص العمل للاميركيين هي العمل بطريقة تحس فيها الشركات واوساط الاعمال بالثقة. وافضل طريقة للمحافظة على العمل عندنا هي تقليل البيروقراطية». لكن مثل هذه الاجابة بدت مختزلة حتى بنظر انصاره، ذلك ان البيت الابيض، وفيما هو أبعد من إظهار النوايا الطيبة، لم يقدم أي اقتراح جديد من اجل اعطاء نفحة جديدة للنشاط الاقتصادي. لكن مثل هذا الموقع المتراجع للحكومة حيال الاقتصاد يتماشى الى حد كبير مع المفهوم الليبرالي للجمهوريين الذين يؤكدون بانه ينبغي على السلطات العامة عدم اعاقة عمل الشركات والتدخل كثيراً بشئونها وبخططها.
\r\n
\r\n
لا للتطرف المعاكس
\r\n
\r\n
اما جون كيري فإنه يستطيع ان يعيد للذاكرة فترة الازدهار التي عرفتها اميركا في ظل الادارة الديمقراطية للرئيس بيل كلينتون خلال عقد التسعينيات حيث تم ايجاد عشرين مليون فرصة عمل وعمت الفائدة على أوسع قطاعات الشعب الاميركي. لكن هوة عدم المساواة ازدادت عمقاً منذ تلك الفترة، اذ كان مدير شركة مثلاً يتقاضى أجراً يزيد اربعين ضعفاً عما كان يتقاضاه موظف عادي اما اليوم فان الزيادة قد اصبحت اربعمئة ضعف.
\r\n
\r\n
وتدل احصائيات «معهد السياسة الاقتصادية» المعروف بجديته ومصداقيته على ان أصحاب الثروات الاكثر ضخامة اي حوالي 1% من مجموع السكان يسيطرون على 38% من الثروة الوطنية الاميركية.وكان جون كيري قد ركز هجماته اثناء حملته للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي له للرئاسة على تلك الشريحة من ارباب العمل الذين جمعوا ثروات هائلة بطريقة ملتوية..
\r\n
\r\n
ثم جاءت بعض الوقائع كي تدعم أقواله مثل الفضيحة التي عرفتها شركة إنرون ومحاكمة رئيسها كين لاي الذي كان لفترة طويلة احد أكثر الداعمين مالياً باخلاصه لاسرة بوش، الأب ثم الابن، والذي كان ايضاً صديقاً مقرباً لعدد من اعضاء «الدائرة الرئاسية» المقربين من امثال ديك تشيني وكارل روف.
\r\n
\r\n
لكن كيري حرص ايضاً على الاشادة بالدور الذي يلعبه القطاع الخاص في النهوض الاقتصادي مؤكداً بإنه لا ينبغي على الحزب الديمقراطي ان يجنح نحو التطرف المعاكس.. وقد قال في تصريح له خلال شهر مايو 2004: «انني ارفض ان أقود حزباً يحب ايجاد فرص العمل لكنه يمقت اولئك الذين يخلقون هذه الفرص». وقد اعتمد «كيري» فكرة ايجاد «عقد مع الطبقات الوسطى»، على اساس ان هذه الطبقات هي الخاسر الاكبر في ظل الادارة الجمهورية. كما ركز على دور الشركات المتوسطة والصغيرة الضروري برأيه للحيوية الاقتصادية وللرابطة الاجتماعية.
\r\n
\r\n
هكذا يعود المرشح الديمقراطي الى الوعود نفسها التي عرفتها فترة بيل كلينتون والمتمثلة في تقليص العجز العام في الميزانية وانعاش النمو الاقتصادي وتحسين احوال الطبقات الوسطى التي صنعت قوة اميركا وعظمتها، كما يكرر باستمرار ومن اجل هذه الغاية قام بتوظيف اثنين من المستشارين السابقين للرئيس كلينتون هما روجر التمان، وزير الخزانة السابق وجين سبيرلينج في ميدان الاستشارة الاقتصادية.
\r\n
\r\n
وهناك ورشة كبرى اخرى في اميركا، كما في اغلبية البلدان الغنية، هي تلك التي تخص مسألة الحماية الاجتماعية وتواصل المرشح الديمقراطي يأمل في التوصل الى اقناع كتلة مهمة من الناخبين المترددين في اعطاء صوتهم لهذا المرشح أو ذاك بالوقوف الى جانبه عبر اقتراح ان تقوم الدولة الفيدرالية بتحمل اعباء معالجة الامراض الاكثر خطورة. وتقديم اعتمادات من الضرائب للشركات اذا تحملت جزئياً مسئولية الحماية الاجتماعية لأصحاب الدخول القليلة، ووضع حد لعمليات الاسراف الناجمة عن بيروقراطية مفرطة.
\r\n
\r\n
يوجد في الولايات المتحدة 40 مليون شخص لا يتمتعون بأي نظام للضمان الصحي، وكان جون كيري قد أعلن في يوليو الماضي نواياه حول هذا الموضوع بأنه سوف يقترح على الكونغرس برنامجاً تبلغ كلفته 650 مليار دولار من اجل «الصحة المقدسة» على حد قوله.
\r\n
\r\n
اما فريق بوش فان له صلات وثيقة مع المجموعات الصناعية الكبرى ومع القطاعات الاقتصادية. فديك تشيني كان لمدة خمس سنوات رئيس شركة «هاليبرتون» العملاقة في مجال الخدمات البترولية، وكوندوليزا رايس مستشار بوش لشئون الأمن القومي كانت أحد اعضاء الفريق الذي يدير شركة شيفرون اويل، ودونالد ايفانسر الصديق الحميم لبوش، كان مديراً لشركة توم براون البترولية لمدة ربع قرن من الزمن.
\r\n
\r\n
واندرو كارد مدير مكتب بوش، كان نائباً لرئيس شركة جنرال موتورز، ودونالد رامسفيلد كان رئيسا لشركة سيرل للصناعات الصيدلانية وشركة جنرال انسترومانس العاملة في حقل الاتصالات، ونورمان مينيتا وزير النقل الاميركي كان مدير شركة لوكهيد للصناعات الدفاعية، وجون سنو وزير الخزانة كان رئيسا لشركة «سي. اس. اكس» للنقل.
\r\n
\r\n
وفي اميركا تمنع القوانين النافذة على الشركات ان تقدم هبات مالية للاحزاب السياسية، لكن الحملة الانتخابية للمرشح الجمهوري ممولة من قبل مدراء الشركات الاميركية الكبرى الذين يكتفون بدفع مساعدات قليلة للحزب الديمقراطي.
\r\n
\r\n
ان جورج دبليو بوش قد استفاد من دعم تسعة من أصل كل عشرة من مدراء الشركات الاميركية الكبرى والتي من بينها مايكروسوفت وجنرال الكتريك وجنسون اند جونسون. اما كيري فيدعمه رئيس شركة كبرى واحد هو رئيس بنك سيتي جروب ومن بين الألف شركة الأكثر أهمية في أوروبا هناك (284) من مدرائها يمولون المرشح الجمهوري مقابل (52) يمولون المرشح الديمقراطي، ومن بين هؤلاء الممول الأكثر شهرة في أميركا دارن بونيث وستيف جوبس مدير شركة آبل كمبيوتر، واريك شميث مدير مؤسسة جوجل للبحث في شبكة الانترنت.
\r\n
\r\n
وقد حافظ كارل روف مهندس استراتيجية الفريق الانتخابي لجورج دبليو بوش باستمرار على قناعته بضرورة ان لا تكون الحملة مبرمجة بحيث يمكن للخصم ان يجيب على المسائل المطروحة واحدة بعد الاخرى، وانما يرى انه من الافضل تبني «التكتيك» الذي رسمه والذي كان جورج بوش قد فاز على أساسه في المعركة الانتخابية لعام 2000 ضد آل غور والمتمثل في استخدام تعبيرات بسيطة لا تترك أي مكان للشك أو للتعقيد.
\r\n
\r\n
وهذا يرمي على الصعيد الاقتصادي الى طمأنة الناخبين المحافظين والوسطيين عبر التركيز على القول بأن جورج دبليو بوش هو وريث ذلك الرجل الذي يبقى في اذهان وذاكرة هذه الشرائح من الاميركيين أفضل رئيس في الحقبة المعاصرة. والمقصود بذلك رونالد ريغان وهذا يعني ان بوش الابن يريد أن يعود بمرجعيته الى بوش الأب، الذي لم ينجح في الفوز بتجديد رئاسته لفترة ثانية.
\r\n
\r\n
وعندما توفي رونالد ريغان في 5 يونيو 2004 ألقى جورج دبليو بوش خطبة وداعية له في كاتدرائية واشنطن لايزال صداها يتردد في اذهان الكثيرين وكأن الرئيس يرسم ملامح صورته الذاتية.
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.