وإذا ما كان العالم يريد حقا إيقاف هذه المعاناة المتواصلة، فإن واشنطنوالأممالمتحدة، يجب أن تضغطا بشكل أقوى بكثير على السودان، لأنه غدا واضحا أن أسلوب المعاملة باللين مع حكومته لم يعد يجدي نفعا. \r\n \r\n فالحكومة السودانية، وعدت في شهر يوليو بلجم مليشيات \"الجنجويد\" التابعة لها، والتي دأبت على الإغارة على السكان المدنيين ولكنها لم تفعل ذلك حتى الآن، وتركت تلك المليشيات تواصل هجماتها. \r\n \r\n وقام الأمين العام للأمم المتحدة \"كوفي عنان\" بحثِّ مجلس الأمن الدولي على التصويت على إصدار عقوبات مشددة ضد السودان. فالأممالمتحدة- كما يقول- (لم يسبق لها أن كانت بحاجة إلى أن تكون حازمة وصارمة مثلما هي بحاجة إلى ذلك الآن). \r\n \r\n ولكن الصين، وروسيا، والجزائر، وباكستان (وكلهم أعضاء في مجلس الأمن) لا يحبذون ممارسة ضغط على حكومة السودان، كما أن الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي لا يريدان أن يتم النظر إليهما على أنهما يقومان بتوجيه النقد إلى واحدة من الدول الأعضاء. \r\n \r\n وفي الآونة الأخيرة، وافق مجلس الأمن الدولي على مشروع قرار مقدم من الولاياتالمتحدة- وذلك بعد أن تم تخفيفه- يتم بموجبه تكليف لجنة خاصة غير محددة كي تقوم بقضاء شهور في الإقليم كي تقرر ما إذا كان السودان قد ارتكب بالفعل أعمال إبادة جماعية أم لا. كما يوصي بنشر مراقبين تابعين لدول الاتحاد الأفريقي، ويهدد بفرض عقوبات غير محددة. كل هذا حسن، ولكنه لا يوفر حافزا للحكومة السودانية كي تقوم بتغيير سلوكها. فالأممالمتحدة اليوم، ومثلما كانت عليه منذ عشر سنوات إبان المذابح الجماعية المروعة في رواندا، تتصرف بأساليب تنم عن عدم الكفاءة. \r\n \r\n وما لم تحصل واشنطن على موافقة من الأممالمتحدة للتصرف بشكل صارم، فإنها ستضطر إلى العمل بمفردها، مدعومة في ذلك بالسلطة الأخلاقية النابعة من كونها تقاتل ضد أعمال \"إبادة جماعية\". \r\n \r\n بناء على ذلك يجب على الولاياتالمتحدة أن تقوم فورا بعرض تقديم دعم لوجستي لقوة من المراقبين والجنود التابعين لدول الاتحاد الإفريقي، بعد إدخال تحديثات كبيرة عليها. \r\n \r\n وبعد أن تم إعطاء المسؤولين السودانيين وقتا كافيا للتصرف بمسؤولية، فإن مبادرات دبلوماسية \"القفاز الحريري\" يجب أن تدمج في الوقت الراهن مع قائمة من العقوبات الشديدة. ويجب أن تركز واشنطن الآن على معرفة من الذي يقف وراء، ومن الذي يمول ويسلح مليشيات \"الجنجويد\". \r\n \r\n \r\n والقيام بفرض حظر على الصادرات النفطية السودانية سوف يجعل حكومة الخرطوم تهتم بالموضوع. وموافقة مجلس الأمن الدولي على ذلك الحظر الشامل سوف يكون أمرا مستحسنا، بيد أن الصينيين الذين يشترون جزءا كبيرا من نفط السودان، قد يجعلون تحقيق ذلك أمرا صعبا. \r\n \r\n والنفط هو المصدر الوحيد الذي تحصل من خلاله السودان على النقد الأجنبي. فمن المعروف أنها تكسب بليون دولار في العام مقابل تصدير النفط الذي تضخه بمعدل 250 ألف برميل يوميا. وإذا ما تمكنت الولاياتالمتحدة من تسيير دوريات بحرية في الخليج العربي، فإنها تستطيع- وبسهولة- منع ناقلات النفط من تحميل إمدادات النفط الخام من ميناء بورسودان الواقع على البحر الأحمر. \r\n \r\n إلى ذلك يجب على الولاياتالمتحدة أن تقوم بإقناع جيران السودان- بما في ذلك مصر وليبيا- وأوروبا كي تقوم بفرض حظر على عبور شركة الخطوط الجوية السودانية لأجوائهم، أو الهبوط في مطاراتهم. كما يمكنها كذلك ممارسة حق النقض \"الفيتو\" على أي مساعدات يقوم صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بتقديمها إلى الخرطوم، وأن تقوم بتجميد كافة أصول الرئيس السوداني عمر حسن البشير وكبار مساعديه في الولاياتالمتحدة. \r\n كما يمكن أيضا إيقاف المعاملات التجارية بين الولاياتالمتحدة وبين السودان. \r\n وإذا ما فشلت الحصار الاقتصادي والعقوبات الأخرى في تحويل الحكومة السودانية نحو السلام، فإن المنظمة الأممية، والولاياتالمتحدة سوف تكونان مضطرتين للتهديد بالتدخل. ويمكن لآلاف قليلة من الجنود الفرنسيين والنيجيريين أن تضمن فرض وقف إطلاق النار التي ترفض حكومة الخرطوم ووكلاؤها من \"الجنجويد\" الالتزام به حتى الآن. وفرنسا بالذات لديها قوات جاهزة في تشاد المجاورة. كما أن نيجيريا يمكنها- بمساعدة من الولاياتالمتحدة- أن تقوم بإرسال جنودها من منطقتها الشمالية ذات الأغلبية المسلمة، مرورا بتشاد، ومن ثم إلى \"دارفور\". \r\n \r\n ليس بمقدور أحد أن يفسر لنا السبب الذي دعا حكومة الخرطوم إلى شن حملة \"الإبادة الجماعية\" في إقليم دارفور منذ 19 شهرا تقريبا، وما الذي جعلها تمتنع عن تلجيم المليشيات التابعة لها هناك. على رغم ذلك تستمر الإشاعات المتعلقة بوجود احتياطات نفطية في تلك المنطقة وعدم رغبة الحكومة في تقاسم الثروات مع المجموعتين المتمردتين في \"دارفور\". والحكومة السودانية على ما يبدو مصممة على عدم خسارة أي أرض للقوات المتمردة، كما حدث في الجنوب. ولكن كل تلك الهموم لا تبرر للحكومة السودانية أن تقوم بارتكاب أعمال \"إبادة جماعية\". \r\n \r\n بعد أن ترددت لما يزيد عن عام قبل أن تقوم بالتركيز على المأساة الإنسانية في \"دارفور\"، فإن قوى النظام العالمي ملزمة الآن بالعمل- ويفضل أن يكون ذلك تحت مظلة الأممالمتحدة. وإذا لم تقم بذلك، فإن الولاياتالمتحدة ستكون مضطرة للتصرف حيال ذلك الأمر بمفردها. \r\n \r\n \r\n روبرت آي. روتبيرج \r\n \r\n مدير برنامج مركز \"بيلفر\" للصراعات داخل الدول التابع لكلية كنيدي لدراسات الحكومة- جامعة \"هارفارد\" \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز، وواشنطن بوست