التوسعات الأخيرة في الاستيطان في الضفة الغربية مرتبطة على ما يبدو بالانسحاب من غزة فمن خلال تحديه لليمين المتطرف بالاصرار على الخروج من غزة فإنه يشعر بالحاجة لاسترضاء ذلك اليمين في الضفة الغربية‚ \r\n \r\n ولكن القصور في هذا الشأن في منطق شارون هو انه ليس بالإمكان استرضاء هذا النوع من المستوطنين‚ فهؤلاء يعتقدون بان اسرائيل ستحتفظ بصورة أبدية بمائة في المائة من ارض الضفة الغربية‚ فبناء آلاف المنازل الجديدة لن يدخل السرور الى قلب المستوطنين كما انه لن يجعل الانسحاب من غزة أمرا مقبولا بالنسبة لهم‚ \r\n \r\n ولكن تحرك شارون في نفس الوقت اغضب الفلسطينيين وألحق الضرر بما تبقى من عملية السلام وعقد الأمور للولايات المتحدة‚ \r\n \r\n هناك حسابات خاصة بشارون ليست مرتبطة على الأقل بصورة مباشرة بالانسحاب من غزة‚ فهو يريد توسيع الاستيطان في الضفة الغربية حتى ولو لم يكن هناك حديث عن الانسحاب من غزة ويقول المدافعون عنه انه يريد الخروج من غزة من أجل الاحتفاظ بالضفة الغربية‚ \r\n \r\n ان الخروج من غزة سيعطي اسرائيل الفرصة لكسب بعض الوقت ديمغرافيا ودبلوماسيا‚ فحاليا وبسبب الحديث عن الانسحاب من غزة خفت كثيرا الضغوط الدولية التي تمارس على اسرائيل لاستئناف مفاوضات السلام حول الضفة الغربية‚ \r\n \r\n هنا تختلف السياسة الأميركية والسياسة الاسرائيلية‚ فشارون يريد الانسحاب من غزة من أجل الاحتفاظ بالضفة الغربية بينما تريد الولاياتالمتحدة من اسرائيل الانسحاب من غزة وبدء نوع من المفاوضات من أجل تنفيذ خريطة الطريق‚ \r\n \r\n ولكن هذه الأسباب ليست وحدها التي تقف خلف التحركات والرغبات الأميركية‚ فأميركا ربما تريد تحقيق تقدم فيما يخص الصراع الفلسطيني الاسرائيلي‚ فمع استمرار هذا الصراع فإن موقف أميركا في العالم الاسلامي يتدهور وتزداد مخاطر الارهاب الموجهة بصورة مباشرة ضد الأميركيين في الوقت الذي ستتزايد المخاطر على المصالح القومية الأميركية‚ \r\n \r\n فالكثير من مشاعر الكراهية التي تسود العالم العربي والاسلامي ضد اميركا تعود جذورها الى هذا الصراع الذي لا ينتهي بين الفلسطينيين والاسرائيليين‚ وبسبب هذا الصراع فإن الكثير من المسلمين يرون ان الهجمات الفدائية ضد الأميركيين والغربيين لها ما يبررها‚ \r\n \r\n حرب العراق ساهمت في إثارة مشاعر الكراهية ضد أميركا ولكن تبقى القضية الفلسطينية هي المصدر المركزي لهذه الكراهية‚ \r\n \r\n وإذا ما تم التحرك نحو حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي فإنه لن يزيل مشاعر الكراهية لأميركا في العالم الاسلامي بالكامل ولكنه بالتأكيد سيقلل منها بدرجة كبيرة‚ \r\n \r\n وقبل عقد من الزمان بدأ العرب والمسلمون باقامة علاقات دبلوماسية وتجارية مع اسرائيل واختفت المقاطعة العربية وبدأت الولاياتالمتحدة بتنظيم مؤتمرات «معادية للإرهاب» شارك فيها العرب والاسرائيليين بنية مواجهة تهديد «الارهاب»‚ \r\n \r\n اليوم أصبحت القضية الفلسطينية أكبر سبب يدفع العرب والمسلمين للانخراط في صفوف «الارهابيين» وستبقى كذلك الى ان يتم الاتفاق على سلام يوفر الأمن للشعبين وهذا يعني تنفيذ مبدأ «اقامة الدولتين»‚ \r\n \r\n ولكن «حل الدولتين» سيصبح ميتا إذا ما استمرت اسرائيل في مخططاتها التوسعية لانه وبكل بساطة يحول أراضي الضفة الغربية الى كنتونات منعزلة عن بعضها البعض لا يوجد بينها أي تواصل جغرافي‚ \r\n \r\n ان الصمت أصبح وبكل بساطة لا يشكل أي خيار بل هو وصفة لكارثة‚ \r\n