في الفترة الاخيرة نشط دحلان في زيارة العائلات المعروفة في غزة كما نظم لقاءات واجتماعات لتشجيع المرشحين «الاصلاحيين» في انتخابات فتح الداخلية والتي شهدت توجها واضحا نحو جيل الشباب «الموالين» لمحمد دحلان‚ \r\n \r\n وخلال حفل الاستقبال الفرنسي شق دحلان طريقة وسط الحضور لمصافحة ابن عم عرفات موسى عرفات العدو اللدود الذي ادى قرار تعيينه قبل ايام رئيسا للقوى الامنية في غزة الى اندلاع اعمال عنف ومظاهرات لم يسبق لا مثيل في القطاع وفي الضفة الغربية‚ وأزلام عرفات والموالون له سيشعرون ان يد دحلان الخفية هي المسؤولة عن قيام رجال ملثمين من حملة السلاح بالتظاهر للمطالبة باصلاحات ديمقراطية ويقول محللون فلسطينيون انه ليس من الممكن ان نبسط الامور الى الدرجة التي ننظر بها الى القلاقل الحالية بأنها صدام شخصي بين زعيم مسن وفاشل وبين شاب يتحداه مفعم بالنشاط‚ فالنزاع داخل فتح ليس بالشيء الجديد وهو موجود ومستمر منذ عدة سنوات قبل ان يظهر على السطح في نهاية الاسبوع الماضي‚ فخلال اربع سنوات هي عمر الانتفاضة واجه عرفات معارضة متنامية داخل حركة فتح لفشله في الاخذ باستراتيجية قادرة على تحقيق مكاسب من خلال الاستغلال الجيد للانتفاضة‚ هذه الازمة ازدادت حدتها بعد ان اعلنت اسرائيل عن اعتزامها الانسحاب من قطاع غزة مما حرك جميع الاطراف لتحقيق مكاسب ما دامت بقيت قضية من يسيطر بعد الانسحاب الاسرائيلي قضية معلقة‚ \r\n \r\n ظهر دحلان كمتحدث باسم «الحرس الجديد من الشباب» الذي لا يطالب فقط باجراء اصلاحات سياسية ولكن ايضا بانهاء سيطرة الشلة الفاسدة المحيطة برئيس السلطة منذ عودته من المنفى قبل عشر سنوات تقريبا‚ يقول صلاح عبد الشافي وهو محلل سياسي يرأس منظمة غير حكومية في قطاع غزة «من المحزن ان نرى حركة فتح وهي تختطف الاصلاح‚ دحلان يقول انه يدعم الإصلاحات ولكن جهاز الامن الوقائي الذي يرأسه هو جزء من مؤسسة فاسدة»‚ \r\n \r\n كان عمر دحلان 20 عاما عندما ساعد في ايجاد حركة الشبيبة الفتحاوية التي فرضت نفسها بقوة خلال الانتفاضة الاولى ضد الاحتلال الاسرائيلي في عام 1987‚ \r\n \r\n وولد دحلان في مخيم خان يونس للاجئين في قطاع غزة ودرس ادارة الاعمال في جامعة غزة الاسلامية‚ واعتقل 11 مرة من قبل الاسرائيليين‚ وامضى فترة خمس سنوات في السجون الاسرائيلية‚ وهو يتكلم العبرية كأهلها بطلاقة‚ وطرد من غزة عام 1988 وبعدها شق طريقه الى مقر عرفات في تونس حيث ساعده هناك في توجيه الانتفاضة الاولى‚ \r\n \r\n طبعا لم ينسه عرفات بعد عودته الى غزة في عام 1994 فعينه رئيسا لجهاز الامن الوقائي‚ واحدى المهام التي اوكلت لهذا الجهاز هي قمع الجماعات المعارضة مثل حماس التي بقيت مصرة على حمل السلاح ضد اسرائيل طبعا عمل دحلان على تدليل اعضاء الجهاز الذي يرأسه واغرق عليهم الرواتب والعلاوات والعطايا‚ وبادلوه هم بدورهم هذه اللفتات الكريمة بالولاء المطلق له‚ وبالرغم من انه لم يعد الآن يقود ذلك الجهاز إلا أن أعضاءه البالغ عددهم ما بين 2 - 3 آلاف عنصر يدينون له حتى الآن بالولاء الاعمى‚ طبعا دحلان ثري لا ينقصه المال حيث كسب احتكارا خلعته عليه السلطة الفلسطينية للاتجار بالمواد التي تدخل باقامة الطرق وكسب الكثير الكثير من العقود التي حطت على مكتبه من الجهات المسؤولة في السلطة منذ عام 1994‚ وبالرغم من انه لا يشغل اي منصب رسمي سوى عضوية «المجلس الثوري لحركة فتح» الا أن له مكتبا انيقا يليق بالمقام السامي في مدينة غزة يحرسه جيش من الحراس الشخصيين‚ \r\n \r\n دحلان يهتم كثيرا باناقته ويتمشى كما لو كان يتصبب جاذبية ولا ننسى لغته الانجليزية التي تحسنت كثيرا بعد ان التحق بدورة طويلة للغة الانجليزية في جامعة كمبردج هذا العام‚ \r\n \r\n خصوم دحلان يقولون ان جزءا لا يستهان به من المال الذي لديه جاء كعربون صداقة من وكالة المخابرات المركزية الاميركية التي تنظر اليه على انه رجل غزة القوي المحتمل‚ ولم ينس الرئيس الاميركي بوش ان يكيل بعض المديح لدحلان عندما قال انا احب ذلك الشاب‚ وقد اخبر دحلان صحيفة «فايننشيال تايمز» في الربيع الماضي ان الاميركيين والاسرائيليين يكيلون له المديح متعمدين لانها اسهل طريقة لسلب مصداقيته وتلطيخه ومنعه من ان يكون زعيما قويا محتملا‚ ويشتكي دحلان فيقول «ان الاميركيين لم يفعلوا شيئا لمساعدتنا‚ ولكنهم اضعفوني بقولهم اشياء جيدة عني تحرجني في الشارع الفلسطيني‚ وكوني املك قوة في ذلك الشارع هو الذي جعلني ابقى واقفا»‚ \r\n \r\n كان دحلان عضوا في حكومة محمود عباس التي لم تعمر والتي ادت مناورات عرفات الى قصف عمرها والحاقها بكان واخواتها بعد ان حاول ابو مازن الاقتراب من قدس الاقداس لعرفات وهي الاجهزة الامنية‚ والنتيجة كانت ان ابو مازن أصبح رهين المحبسين في بيته لا يغادره إلا نادرا‚ اما نبيل عمرو وزير الاعلام السابق وأحد منتقدي حكم عرفات واحد الداعين للحد من سلطته فقد جاءه الرد متأخرا قليلا على يد «مجهولين» حيث اهديت اليه سبع رصاصات في احدى رجليه‚ \r\n \r\n ان هذه التطورات المتلاحقة التي تشهدها الساحة الفلسطينية هي مجرد تحذير من ان الاقتتال داخل فتح قد يفلت خارج نطاق السيطرة‚ ولا يبدو ان استراتيجية دحلان تقوم على الحلول محل عرفات - على الاقل في هذه المرحلة - حيث انه يعبر كلما سنحت له الفرصة بذلك عن ولائه لرئيس السلطة الفلسطينية‚ \r\n \r\n ان قوة دحلان تقوم في غزة وليس له اي موالين او حتى معجبين في الضفة الغربية ولكن هذا يمكن ان يتغير اذا ما استمر مبعدا نفسه عن السلطة الفلسطينية الفاسدة والاستمرار في جمع التأييد له ضمن حركة فتح التي أسسها عرفات‚ \r\n