\r\n أما بالنسبة لمعظم العراقيين, فإن تغيير الحرس السياسي يطرح السؤال التالي: هل يعني المزيد من السيادة مزيداً من الامن? وفي الجواب عن هذا السؤال, يقول محمد باقر السهيل, رئيس مجلس بلدية بغداد, »كان لهذا التغيير ان يشكل تحسناً كبيراً لو حصلنا فعلاً على السيادة الوطنية, وكانت السلطة في ايدينا وملكنا للتعامل مع المتمردين. لكننا سنرى ما سيحدث«. \r\n \r\n إن الاشارات السابقة لتسليم السلطة غير مشجعة. فظهر المزيد من الدلائل, يوم الخميس الماضي, على اعادة تنظيم رجال المقاومة لصفوفهم, وراحوا يضاعفون هجماتهم. فقتل ما لا يقل عن 66 عراقياً و 3 جنود امريكيين في هجمات وقعت في 6 مدن عراقية, وضمن اطار قوس من اعمال العنف امتد من بغداد, وسط البلاد, حتى مدينة الموصل في الشمال, التي تبعد حوالي 450 كيلو متراً عن العاصمة. وقد اعترفت جماعة يقودها ابو مصعب الزرقاوي, المرتبط بتنظيم القاعدة, عن مسؤوليتها عن تلك, الهجمات في بيان نشر على الانترنت. وكانت تلك العمليات قد استهدفت, بالاساس, شخصيات عراقية, عقدت عليها الولاياتالمتحدة آمالاً بالقيام بدور أمني اقوى واوسع بعد تسليم السلطة. \r\n \r\n وفي مدينة الموصل في الشمال, التي يتزايد فيها عدم الاستقرار, ضربت السيارات المفخخة المنسقة مركزين للشرطة العراقية, واكاديمية لتدريب رجال البوليس, ومستشفى محلياً, راح ضحيتها حوالي 44 عراقياً. كما ضربت السيارات المفخخة ايضا مركزين للشرطة في مدينة الرمادي. اما في بعقوبة, فهوجمت مبان حكومية, قتل فيها جنديان امريكيان في اشتباكات مسلحة مع رجال المقاومة. وفي بغداد, صرعت قنبلة القيت على نقطة تفتيش ثلاثة جنود عراقيين وجندياً امريكياً. ويوم الخميس الماضي, اخلت سلطة الاحتلال سيطرتها على آخر 11 وزارة من اصل ,25 التي تشرف الآن على ما يزيد على مليون موظف عراقي. \r\n \r\n ويقول المسؤولون والمواطنون العاديون العراقيون ان المكسب الاكبر من تسليم السلطة يجب ان يكون في تحقيق المزيد من الامن, من جانب كل من المتمردين, ومن جهة موجة الجريمة التي اندلعت بعيد سقوط بغداد العام الماضي. فالشرطة العراقية, التي تواجه المسلحين حسني التنظيم, والعصابات الاجرامية المسلحة, راغبة عن القيام بما هو اكثر الآن من مراقبة حركة المرور مراقبة مباشرة. \r\n \r\n لقد وعد رئيس الحكومة الانتقالية, إياد علاوي, الذي كان يعيش في المنفى سابقاً, وله صلات وثيقة مع كل من وكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي.آي. إيه), وخبرات البعث السابقين, باتخاذ سياسة قاسية ضد المسلحين والجريمة, طارحاً للنقاش موضوع اعلان الاحكام العرفية بعد تسلمه السلطة. وقال عماد الشبيب, احد الضباط العراقيين الذي هرب من العراق عام ,1990 ويرأس الآن المكتب السياسي لحزب علاوي - الميثاق الوطني العراقي- »ان الامن هو اولويتنا رقم .1 ولدينا الاشخاص الذين يعرفون كيف يتدبرون الامر«. \r\n \r\n وحتى الوقت الحاضر, ستقوم القوات الامريكية بادارة معظم العمليات ضد رجال المقاومة. وقال العميد مارك كيميت, الناطق العسكري باسم قوات الاحتلال, » لا اعتقد ان الاول من تموز تاريخ لهه اهمية ذات صبغة خاصة بالنسبة للعمليات التي تضطلع بها قوات الاحتلال. » فالعمليات العسكرية لن تغير بشكل مثير وفعال, بالطريقة التي تغير فيها سياسياً في اليوم الاول من تموز... واعقد اننا جميعاً نتفهم ان بعض الوقت سيمر قبل ان تستطيع قوات الامن العراقية القيام بهذا العبء والمسؤولية«. \r\n \r\n ومن الدلائل على ذلك اخفاق التجربة الامريكية في الفلوجة, حيث اوكلت الى كتيبة عراقية مسؤولية القيام بتلك المسؤولية, بعد ان افضى هجوم على رجال المقاومة الى مصرع المئات من المقيمين هناك, والى الهبوط الحاد في تسامح العراقيين وتحملهم للاحتلال. \r\n \r\n ويقول جنود امريكيون ان ما يسمى كتيبة الفلوجة لم تعمل الا القليل في القضاء على المتمردين هناك, خاصة ضد المقاتلين الاجانب ذوي الصلة الوثيقة بالزرقاوي, الذي تدعي الولاياتالمتحدة انه يستخدم المدينة كقاعدة لهجماته في جميع انحاء البلاد. وقد اختطف المترجم الكوري, كيم سون - إيل, وقطع رأسه فيما بعد بالقرب من الفلوجة, على ايدي رجال ادعو انهم من جماعة التوحيد والجهاد التابعة للزرقاوي. وذكرت وكالة رويترز, يوم الخميس الماضي, ان رجالاً شاركوا في الهجوم على بعقوبة, كانوا يرتدون اغطية على الرأس تعّرف بأنهم من اعضاء فصيل »التوحيد والجهاد« المقاتلة. \r\n \r\n اما ما يتعلق بسلطة العلاوي في العمل كزعيم قوي, فالايام هي التي ستكشف ذلك, مع وجود هيكل تنظيمي لحكومة عراقية, مصمم على نحو يقيد يديه عندما يتعلق الامر باقرار قانون تشريعي ومبادرات اخرى. وقد عبرت الولاياتالمتحدة والامم المتحدة عن قلقهما من ان تعيين رئيس حكومة انتقالية عراقية بسلطات واسعة ربما يشكل خطراً على اجراء انتخابات نزيهة وديمقراطية. وفي هذا الخصوص, قال نائب وزير الدفاع الامريكي, بول وولفويتز, مخاطباً لجنة القوات المسلحة في البرلمان, »بعد 30 عاماً من حكم صدام الاستبدادي, فمن المفهوم تماماً ان يسعى الشعب العراقي الى الحد من سلطة حكومة ليست مسؤولة, بعد, امام القاعدة الانتخابية العراقية«. \r\n \r\n ولكن هذا يعني, من الناحية العملية, ان على العلاوي ان يقيم توافقاً اجتماعياً بين الجماعات العراقية المنقسمة, كي تنجز الامور. فالمبادرات الرئيسية لا تحتاج فقط الى موافقة ال ̄ 31 عضواً, هم اعضاء مجلس الوزراء, الذي تشكل على اساس انه يعكس التنوع الديني والطائفي والسياسي في العراق, بل تتطلب, ايضا, الموافقة الاجماعية للرئاسة ذات الثلاثة اعضاء. \r\n \r\n ومن الناحية الاخرى, فان اغلبية الثلثين, في المجلس الاستشاري ذي ال ̄ 100 عضو, الذي سيتشكل في شهر تموز, ستنقض هي الاخرى اي قانون تشريعي. وهذه المجموعة تعتبر ذات صفة تمثيلية عريضة. وقد تم تأمين العضوية فيها للاعضاء العشرين في مجلس الحكم المقبور. \r\n \r\n على ان الحكومة الانتقالية في العراق ستظل تحت توجيهات السفير بول بريمر. ويقول احد كبار المسؤولن المحتلين, ان اوامر التنفيذ التي يصدرها بريمر تبقى قائمة حتى يصار الى إلغائها. وبالنتيجة, تعمل سلطة الاحتلال على الانتهاء من الصياغة القانونية لابطال توقيع بريمر قبل ال ̄ 30 من حزيران, بما في ذلك تحديث قانون رقم 17 الخاص بالسلطة الانتقالية (المؤقتة) لقوات الاحتلال, الذي يخول هذه القوات سلطات واسعة داخل العراق, ويوفر لها الحصانة من مقاضاتها مدنيا- والذي يعتبر تقييداً رئيسياً للسيادة الوطنية للعراق. \r\n \r\n اذاً, يتوجب على العلاوي عملياً ان يحكم بموافقة من الولاياتالمتحدة,طالما انها ستظل الممول الرئيسي لاعادة محاولة الاعمار, كما سيكون لها اقوى جهاز امني في البلاد. ويقول احد المسؤولين في سلطة الاحتلال, »هناك امور يمكن للعلاوي, محاولة القيام بها من الناحية النظرية, لكنه يعلم تماماً انه بحاجة للولايات المتحدة فيها من الناحية العملية. ومع هذا فلا اتوقع خلافات ونزاعات كثيرة في هذا المجال«. \r\n \r\n اما معظم العراقيين فيقولون انهم اقل قلقا من الاسس القانونية لنقل السلطة, واكثر اهتماماً فيما اذا كانت ستنجح. ويتقارب موقفهم, الآن, من الحكومة الانتقالية من موقفهم السابق من سلطة الاحتلال- اي موقف المشوش وان كان يرغب في اعطائها الفرصة لتحسين اوضاعهم المعيشية. \r\n \r\n ومع مرور الاشهر المتلاحقة المصحوبة بتزايد العنف, وقليل من الدلائل العملية الملموسة على تحسن نوعية الحياة, تحول قبول سلطة الاحتلال المؤقتة الى رفض كامل وصريح. وفي استطلاع للرأي, اجرته السلطة الاحتلالية المؤقتة في شهر ايار المنصرم, ان 11 بالمئة فقط من العراقيين خارج كردستان يثقون في هذه السلطة, وان 10 بالمئة يثقون بالقوات الاجنبية التي تقودها الولاياتالمتحدة, هابطة عن نسبة 32و 28 بالمئة على التوالي التي سجلت في شهر كانون الثاني الماضي. \r\n \r\n ويقول مسؤولون امريكيون ان جزءًا من المشكلة يتمثل حتى الان في عزوف القوات العراقية عن العمل تحت وصاية قوة اجنبية. ويتوقعون ان يكون عراق بقيادة العلاوي دولة يتحلى فيها رجال الشرطة والجيش الجديد برغبة اكبر في ملاحقة رجال المقاومة والمسلحين. فقال وولفويتز, »من الواضح ان افراد قوات الامن, ومعظمهم من الوطنيين العراقيين, بحاجة الى نقطة جذب واستقطاب. وهم بحاجة لان يفهموا بانهم يرجعون الى سلسلة قيادية عراقية, وعلى رأسها حكومة عراقية دستورية«. \r\n \r\n غير ان العديد من العراقيين يتشككون في احداث تغير كبير. فجاء في بيان نشر على الانترنت, ونسب الى الزرقاوي رفضه للحكومة المقبلة, وان اعضاءها »يقفون الى جانب الامريكيين«, ودعا العراقيين الى التظاهر ضد الحكومة الانتقالية وبينما لا يرجح وقوع ذلك, فان السبب الذي يقدمه معظم رجال الشرطة لعدم المراقبة الشديدة - وهو الخوف من الهجمات -لا يشير الى حدوث اي تغيير بعد.0 \r\n \r\n عن صحيفة كريستيان ساينس مونيتور \r\n