هل ينبغي أن تظل أسكتلندا جزءاً من المملكة المتحدة؟ وهل يجب أن تظل بريطانيا في الاتحاد الأوروبي؟ وعليه، هل تنتمي تكساس للولايات المتحدة؟ والسؤال الأخير ليس ملحاً مثل سابقيْه، لكن قضايا متشابهة هي المعنية. فمن الواضح أن تكساس تنتمي للولايات المتحدة، لكن ليس من الواضح تماماً أن أسكتلندا وبريطانيا هما أحسن حالا حيث هما. لا تبحث عن توضيح للمناقشات التي تدور حول استقلال أسكتلندا وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. فهذه القضايا حتى الآن تتم مناقشتها بلا مغزى. ويفسر «بيل إيموت» هذه النقطة في عمود جيد بصحيفة «فاينانشيال تايمز»: المناقشات تنغرز في حجج حول الآفاق الاقتصادية. انظر مثلا إلى المناظرة التي أذاعها التليفزيون الأسبوع الماضي حول الاستقلال بين «أليكس سالموند» (زعيم حركة الاستقلال الأسكتلندي الذي يمثل معسكر المطالبين بالاستقلال) و«اليستير دارلنج» (اسكتلندي، رئيس حملة «الوحدة أفضل» وكان يشغل سابقاً منصب مستشار وزير المالية البريطاني، وهو يؤكد ارتباط أسكتلندا بالمملكة المتحدة). من المستحيل أن تقول ما إذا كان الاستقلال سيساعد أو يضر باقتصاد أسكتلندا، أو ما إذا كانت جائزة «بريكست» ستساعد أو تضر بريطانيا. إن الأمر كله يعتمد على السياسة، وليس الترتيبات الدستورية. وبالطبع، فإن الاستقلال الأسكتلندي وجائزة «بريكست» قد يؤديان إلى حدوث تغييرات في السياسة، تماماً كما هو الحال مع أية انتخابات. لكنهما لن يمليا هذه التغييرات. لذلك، فإن اقتصاد أسكتلندا قد يحقق نجاحاً عقب الاستقلال، قد يفشل. وبنفس الطريقة، فإن الاقتصاد البريطاني قد يزدهر أو يفشل خارج الاتحاد الأوروبي، كما يوضح تقرير جديد أعده «بوريس جونسون»، عمدة لندن وزعيم «المحافظين» المحتمل في المستقبل. ومن المؤكد، أنه إذا ما كنتُ مواطناً أسكتلنديا، فقد أميل إلى التصويت ضد الاستقلال لحرمان غالبية الحزب الوطني الأسكتلندي (الذي يعتبر يسارياً أكثر من اللازم بالنسبة لي) من السيطرة على السياسة الاقتصادية لأسكتلندا. لكن هذا قد يعد حساباً قصير النظر. ونفس الشيء ينطبق على النزاعات حول شروط الانفصال، بما في ذلك كيف يجب تقسيم الديون والأصول العامة. هذه أسئلة مهمة، لكنها في النهاية لا ينبغي أن تكون أسئلة حاسمة. وكما يقول «إيموت»: «يجب أن يفكر المصوتون كيف ستشعر أسكتلندا المستقلة، ليس مع السياسات التي يروج لها سالموند وحزبه الوطني الأسكتلندي، لكن مع كل ما قد يحدث مع تعاقب الحكومات في العقود القادمة. ونفس الشيء ينطبق على بريطانيا خارج الاتحاد الأوروبي». وإذا لم يكن الاقتصاد قصير الأجل هو الشيء الأساسي، فما هو إذن؟ إن النقاش لا يجب أن يدور في الواقع حول السياسة، بل يجب أن يدور حول السيادة، وما تعنيه وأين تتواجد بصورة أفضل. إن الحال بالنسبة للاستقلال الأسكتلندي هو (أولا) أن الأسكتلنديين يمثلون أمة و(ثانياً) أن أسكتلندا هي دولة قادرة على الحياة. وقد كان انتقال السلطة السياسة في وقت مبكر إلى أدنبرة يهدف إلى إرضاء الأسكتلنديين وفتح شهيتهم للحكم الذاتي، لكن هذا كان له أثر عكسي. فذلك الشعور بالهوية الثقافية المنفصلة زاد الشعورَ بأن اسكتلندا أمة. وإلى ذلك، فإن فكرة السيادة القومية هذه تتوافق مع التفضيلات السياسية المميزة والدائمة على ما يبدو. وكما ذكر «سالموند» في مناظرته مع «دارلنج»، فهناك المزيد من حيوانات الباندا في أسكتلندا أكثر من أعضاء حزب المحافظين في البرلمان. وهذا لا يتغير من انتخابات إلى أخرى. لذلك فأنت لديك مجتمع سياسي وثقافي منفصل ومميز يعيش داخل بريطانيا، يصر دائماً على تجاوز آرائه. وقد يكون أحد الأجوبة على ذلك هو القليل من اللامركزية لاسكتلندا. فالسيادة، على أي حال، قابلة للتقسيم. وبينما تتوقع استطلاعات الرأي الهزيمة لحملة المطالبة بالاستقلال في الاستفتاء المقرر إجراؤه الشهر القادم. فإن المزيد من اللامركزية هو النتيجة الأكثر ترجيحاً على المدى القصير: سيطالب القائمون بالحملة، وقد حصلوا على وعود بالفعل، بجائزة ترضية. لكن المزيد من اللامركزية سوف يضيف فقط إلى الرغبة في الحصول على استقلال كامل، كما حدث من قبل. وإذا ما أعطيت أسكتلندا مزيداً من السلطات المنقولة، فستبدأ بأن تكون دولة في كل الأمور ما عدا الاسم على أي حال. فلماذا لا يتم الاعتراف بذلك والاحتفال به في ظل استقلال كامل؟ أرى أربع حجج تعارض ذلك. الأولى هي أنه كلما كانت الدولة صغيرة، كانت السيادة ذات قيمة أقل. (فالدول الصغرى تكون عرضة للتحكم فيها ممن حولها). وثانياً، كلما كانت الدولة صغيرة، قلّ نطاق المخاطر التي تحدق بها (على سبيل المثال، من خلال التحويلات المالية عبر المنطقة). وثالثاً، كلما كانت الدولة صغيرة، قل نطاق التكامل الاقتصادي المضمون والكامل. وكما أشار الفيلسوف الأسكتلندي «آدم سميث»، كلما كان السوق كبيراً، كان ذلك أفضل. فعضوية الاتحاد الأوروبي قد تخفف من ذلك الخطر بالنسبة لاسكتلندا، لكنها لن تقضي عليه. رابعاً، يرتبط بذلك أنه كما كانت الدولة صغيرة، قلّ نطاق الأشخاص الموهوبين بالنسبة لتولي القيادة. هذه اعتراضات مهمة، لكن رغم ذلك، أود القول إنها دعوة قريبة. فإذا ما كنت مواطناً أسكتلندياً، فسأصبح ميالا نحو الاستقلال: إن الرغبة في الحكم الذاتي تفوق أي شيء آخر. وأظهرت استطلاعات الرأي أن أكثر من 54 في المئة من الأسكتلنديين يفضلون البقاء في كنف بريطانيا بينما يعارض الفكرة أربعون في المئة، لكن المترددين، والذين يمثلون نسبة ستة في المئة، بإمكانهم تغيير المشهد. والإجابة الشافية ستكون عقب إعلان نتائج استفتاء الثامن عشر من سبتمبر القادم. نوع المقال: الاتحاد الاوربى-شمال اسيا