أدانت منظمات حقوقية مصرية قانون ممارسة الخطابة والدروس الدينية، والذي ينص على معاقبة من يمارس الخطابة أو التدريس الديني دون ترخيص من وزارة الأوقاف أو من مشيخة الأزهر، بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تتجاوز سنة، وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه، ومضاعفة العقوبة في حالة تكرار ذلك . وقالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، في بيان أصدرته أن القانون الذي أصدره الرئيس السابق المؤقت عدلي منصور في ساعاته الأخيرة بقصر الاتحادية، يوم 5 يونيو الماضي، ضمن 9 قرارات جمهورية أخرى مفاجئة قبل أن تنتقل السلطة للسيسي ، يعزز احتكار السلطة ومؤسساتها الدينية الحكومية علي الخطاب الديني بعدما كان يقال أن هذا الاحتكار تقوم به حركات إسلامية . وقالت أن ذلك القانون يشكل امتدادًا لقانون تنظيم وزارة الأوقاف رقم 272 لسنة 1959 وتعديلاته، التي تعطي الوزارة حق إدارة كل المساجد وضم أي مسجد لإدارتها، بالإضافة إلى الإشراف على النشاط الديني في أي مسجد غير تابع لها، وتعاقب بالحبس والغرامة كل من يقوم بالخطابة أو التدريس دون ترخيص ، وجاء القانون الأخير ليغلّظ العقوبة الواردة في القانون رقم 238 لسنة 1996 ، والتي تنص على حبس من يمارس الخطابة أو إلقاء دروس دينية دون ترخيص، مدة لا تزيد على شهر وغرامة لا تقل عن مائة جنيه، ولا تزيد على ثلاثمائة جنيه . وقال عمرو عزت، الباحث ومسئول برنامج حرية الدين والمعتقد في (المبادرة المصرية للحقوق الشخصية) ، إن القانون لا يخرج عن كونه امتداد لسياسات الدولة منذ عقود في تقييد المجال الديني، بزعم مواجهة أفكار «تيارات متطرفة»، مشيرا لأن "المؤسسات الدينية الرسمية تري أن هناك أهمية لأن تلعب دورا أساسيا في الإشراف على الخطاب الديني، وتنظيمه واحتكاره لدعم هذه الثوابت " . وانتقد "عزت" الإدعاء بأن هذا القانون الغرض منه إبعاد الدين عن السياسة، قائلا: «المؤسسات الدينية الرسمية قد لا تعلن دعمها لحزب حاكم، لكنها دائما ما تدعم السياسات العامة للدولة بغض النظر عمن في السلطة، فالأزهر مثلا يدعم المسار السياسي الحالي، وهذا دور سياسي تلعبه المؤسسات الدينية الرسمية، وليس بعدا عن السياسة كما يدعون، وهي في النهاية تستغل الظرف السياسي الحالي لاحتكار الخطاب الديني». منع خطباء وغلق مساجد ومنعت وزارة الأوقاف بموجب هذا القانون خلال الأسابيع الماضية، دعاة بارزين منهم سلفيين من الخطابة في أي مسجد لعدم حملهم تصاريح ، وخصوصا المؤيدين لجماعة الإخوان والمعارضين لسلطة الانقلاب ، كما أغلقت أكثر من 400 مسجد بالقاهرة وحدها ومنعت إقامة الصلاة فيه بدعوي ضرورة أن تكون مساحة المسجد أكثر من 80 متر لتقام فيه صلاة الجمعة ، فوفقا للقانون الجديد، فمن المفترض أيضاً أن تقوم وزارة الأوقاف، بمنع خطبة الجمعة في آلاف الزوايا المنتشرة في أنحاء البلاد . وحاول الأمين العام لحزب النور السلفي، جلال مرة، التخفيف من حدة الأزمة بعد منع كافة قيادات الحزب من الخطابة في المساجد بمدينة الاسكندرية حيث قال أن :"الحزب جزء من مكونات الدولة الرسمية، ويحترم القانون والدستور، وعلى من له علاقة بهذا القانون أن يوفق وضعه طبقا للقانون» . وكشف مصدر بحزب النور اليوم الاثنين عن اتصال رئيس الحزب يونس مخيون بوزير الأوقاف محمد مختار جمعة لاحتواء أزمة قانون تنظيم ممارسة الخطابة، ومنع اعتلاء السلفيين المنابر، وأن مخيون يسعى للحصول على تصريحات من الأوقاف لبعض قيادات الحزب والدعوة السلفية، باعتلاء المنابر وممارسة الخطابة، مشيرا إلى أن بعض قيادات الدعوة والحزب خريجو الأزهر الشريف . وأضاف المصدر أن هناك حالة غليان داخل أبناء الدعوة السلفية وحزب النور بشأن منعهم من الخطابة خاصة كبار مشايخ التيار السلفى مثل الشيخ محمد حسان، ومحمد حسين يعقوب، وأبو إسحق الحوينى، لافتا إلى أنه إذا استمر الوضع كذلك سيؤدى إلى خلق حالة احتقان داخل المساجد بين أبناء الدعوة وخطباء الأوقاف . فى سياق متصل، استنكر الدكتور شعبان عبد العليم، مساعد رئيس حزب النور، قرار وزارة الأوقاف بشأن غلق 400 زاوية بمحافظ القاهرة، واصفا القرار بأنه «لا يسمن ولا يغنى من جوع»، ولكن يؤدى إلى خلق حالة من الاحتقان، قائلا: «هذه القرارات لم تتخذ فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، ولا يجوز غلق دور عبادة فى بلد المسلمين" . وأكد أن تطهير المساجد من العناصر المتشددة ليس بمزيد من المنع وغلق المساجد وتكميم الأفواه، ولكن لابد من وجود آلية للبحث والتحرى عن خطباء هذه الزوايا قبل غلقها. وواصلت غرفة العمليات التى شكلتها الوزارة لمتابعة تنفيذ القانون عملها بعد أن حررت خلال الأيام الماضية عددا من المحاضر الإدارية للأئمة المخالفين بمحافظات الجمهورية لحبسهم وتغريمهم . ومن المقرر أن يعلن اليوم الاثنين رئيس الغرفة الشيخ محمد عبد الرازق، وكيل وزارة الأوقاف لشئون المساجد تفاصيل جميع المخالفات والتجاوزات التى رصدتها الغرفة منذ إقرار القانون .