فرق شاسع بين تونس الدولة التي ذاقت طعم الحرية في الربيع العربي، بل وهي من افتتحت هذا الربيع ثم تبعها باقي الدول وبين دول أخرى لامناص من أن تظل في أسر العبودية والقهر والقمع في ظل أنظمة استبدادية ديكتاتورية لا تؤمن إلا بالرأي الواحد والتوجه الواحد. فها هو يقف الزعيم اليساري المنصف المرزوقي الرئيس التونسي يعلنها صراحة في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أنه يجب الإفراج عن د.محمد مرسي رئيس الجمهورية وكل المعتقلين السياسيين في مصر. وقال خبراء سياسيين إن كلمة الرئيس التونسي المنصف المرزوقي في الأممالمتحدة التي طالب فيها بالإفراج عن الرئيس محمد مرسي والمعتقلين السياسيين جاءت من ناحية متسقة مع السلوك الديمقراطي الثوري والإنساني الصحيح، وجاءت كاشفةً وفاضحةً للانقلابيين في مصر، وأن ردود أفعالهم التي اتسمت بالغضب والرعونة عكست حالةً من الخوف الشديد من أن تتحول دعوة المرزوقي إلى دعوة عربية وعالمية مساندة للشرعية في مصر. علقت الدكتورة نادية مصطفى أستاذ العلوم السياسية على تصريحات المرزوقي ورعب الانقلابيين منها بقولها :"هذا رجل جدع وأغاظ الانقلابيين بتصريحاته هذه وهم يحذرونه من أن يحدث له ما حدث في مصر". وأشارت إلى أن صدور هذا التصريح في محفل دولي يمثل إحراجًا شديدًا لقادة الانقلاب العسكري وللسلطة في مصر، ويمثل اعترافًا من رفيق لمصر في ثورات الربيع العربي بأن ما حدث في مصر هو انقلاب عسكري. وأوضحت، في تصريحات صحفية لها، أن هذا التصريح كشف في الأممالمتحدة وأثناء إلقاء نبيل فهمي وزير خارجية الانقلاب لكلمته في مقر الأممالمتحدة أن القاعة كانت خالية تمامًا؛ ما يعكس أثرًا كبيرًا لتصريحات المرزوقي وغيرها، فضلاً عن المظاهرات خارج مقر الأممالمتحدة. وقالت عندما قامت "الترويكا" في تونس بمشاركة النهضة الإسلامية وحزب يساري وآخر ليبرالي في الحكم وتشكل المجلس الوطني وعهد إليه بإدارة البلاد من حيث تشكيل وزارة ووضع الدستور نتذكر جميعًا أن أنصار الدستور في مصر أولاً أخذوا يعايروننا ويقولون انظروا لماذا لم نفعل مثلهم، ثم عندما فازت النهضة هناك قالوا إنها أكثر اعتدالاً من الإسلاميين في مصر، وطالبت المعارضة هناك بتغيير الحكومة وتغيرت الحكومة وكلما استجابت حركة النهضة لطلبات المعارضة ازادوا تشددا ويطالبون الآن بإزالة كل شيء مما يوحي بأن الأمر ليس كما يقولون، ولكنهم يريدون إزاحة الإسلاميين عن الحكم والتغاضي عن نتيجة الانتخابات الديمقراطية. وأكد السفير د.إبراهيم يسري أن المنصف المرزوقي رجل يتصرف بطريقة صحيحة ولم يخطيء ولم يتدخل في الشئون الداخلية لمصر، كما يروج الانقلابيون، مؤكدًا أن المرزوقي فيما قاله كان يقوم بواجبه العربي والقومي والإنساني. وأوضح أن كل ما يتعلق بحقوق الإنسان والجرائم ضد الإنسانية كما حدث في مجازر رابعة وغيرها واختطاف رئيس منتخب هذه خرجت من الإطار الداخلي للدول، وأصبح من حق وواجب الدول الأخرى الحديث بشأنها والتدخل فيها. وأشار إلى أن المرزوقي يدعو قادة الانقلاب إلى التفاهم مثل كل المبادرات التي طرحت، مؤكدًا وجوب شكر المرزوقي على اهتمامه بمصر لا الهجوم عليه. وأوضح أن المرزوقي رجل عروبي وقومي حتى إنه الرئيس العربي الوحيد الذي وقف في قمة عمان، وحذَّر من انهيار اللغة العربية ودعا إلى التكاتف لمواجهة هذا الأمر. وأكد أن سر غضب ورعونة قادة الانقلاب من تصريحات المرزوقي أن الرجل كشفهم وهم لا يريدون أن يعترفوا أنهم مخطئون، مشيرًا إلى أنه؛ مما يدعو إلى العجب والسخرية أن تبادر الإمارات وتسحب سفيرها من تونس؛ احتجاجًا على تصريحات المرزوقي. وأوضح أن تونس هي البلد العربي الأول الذي أرسل إلينا الربيع العربي والمرزوقي يخشى على مكتسبات الربيع العربي في مصر وغيرها إذا ضاعت يمكن أن تضيع في بلده. وأكد أن النظام الانقلابي في مصر نظام معزول وما زالت الدول الإفريقية لا تعترف به، وجاءت تصريحات المرزوقي لتزيده عزلةً وتُعريه أمام العالم.