شاب نشأ في حي شعبي، على شجار دائم مع أسرته، يتسكع بين المقاهي، يجلس مع رفقائه يبحثون عن حيلة للحصول على المال من أجل شراء بعض المخدرات حتى يبدأون سهرتهم، قد يقوم أحدهم بإحداث عراك كبير مع أهله قد ينتهي بضرب والديه من أجل الحصول على المال، وقد يقوم بسرقة أمه، أو يخطط هو ورفقائه لجريمة سرقة من أجل تحقيق غايتهم، تتحول غالباً فى النهاية إلى جريمة قتل، أو يضطرون للعمل مع "كبير المنطقة" الذي يبيع المخدرات ويقومون بترويجها مقابل الحفاظ على دوام سهرتهم .. هذه هي الصورة التي كونتها الدراما والسينما المصرية عن الشاب العاطل الذي لا يعمل مع اختلاف السياق الدرامي الذي يقدمه العمل. وقد شهدت السينما المصرية في السنوات الأخيرة، خاصة تلك السنوات التي سبقت الثورة المصرية عدداً من الأفلام التى ناقشت مشكلات الطبقة الدنيا التي ترزح تحت أعباء الحياة الإقتصادية الثقيلة، وتعاني من البطالة والفقر والأمية والمرض، فى ظل تهميش الدولة لهم وعجزها عن توفير الحاجات الأساسية لهذه الطبقة من مسكن يليق بأدميتهم، ووظيفة تضمن لهم الحصول على أساسيات الحياة، على رأس هذه الأفلام فيلمى "حين ميسرة" و"دكان شحاته" من اخراج المخرج خالد يوسف، إلا أن هذه الأفلام لم تقدم طرحاً جديداً لمعالجة مشكلات هذه الطبقة واكتفت فقط برصد هذا الواقع المأسوي. قدم فيلم "حين ميسرة" الذى أحدث ضجة كبيرة فى السينما المصرية، رؤية واقعية لمجتمع العشوائيات وطرحاً إنسانيا وسياسيا جريئا لأهم قضايا وأزمات هذه الفئة من المجتمع المصري التي تملك ثقافة خاصة وتعاني من الإهمال الحكومي والفقر والمرض، حيث غاص المخرج في أعماق الحارة المصرية ونقل ما يدور في أحشائها، حتى أن المشاهد يشعر وكأنه يعيش وسط كم هائل من التناقضات المريبة. كما أن فيلم "دكان شحاتة"، للمخرج نفسه يقدم رؤية مشابهة لفيلم حين ميسرة والتى تدور أحداثه فى نفس أجواء المجتمعات الفقيرة، حيث يبدأ الفيلم عند شاب يخرج من السجن ويقف مذهولًا، وهو يرى مجموعة من الشباب الفقراء، يوقفون قطار بضائع محملًا بالقمح والغلال، و يبدءون بشكل جماعي، في سرقة أجولة القمح، ونقلها عبر العجل والتوك توك، إلى حيث بقية الأهالي في الأماكن العشوائية، هذا هو ماقد يبدو المحور الرئيسى الذي يستند إليه الفيلم. ورغم أن هذه الأفلام وغيرها جسدت واقع الطبقة الفقيرة بصورة مدهشة من بطالة وفقر وأمية ومرض وتهميش من قبل أجهزة الدولة ولجوئهم إلى تجارة المخدرات واحتراف الجريمة بصورها المختلفة إلا أن السينما المصرية اكتفت برصد واقع هذه الطبقة، ولم تقدم روؤى وحلول منطقية لهذه الطبقة بمشاكلها المختلفة.