تباينت الآراء السياسية والإستراتيجية إزاء التقارب في العلاقات المصرية - القطرية الحالية، لاسيما مع تفضيل البعض أن يكون هذا التوطيد في العلاقات اقتصادياً عنه سياسياً خلال تلك المرحلة الحساسة التي تنتقل فيها مصر من مرحلة الثورة والتطهير لتنطلق إلى مرحلة البناء وهيكلة مؤسسات الدولة. لم تجد تصريحات الرئيس محمد مرسي بأن أمن دول الخليج من أمن مصر، صداً واسعاً إلا لدى قطر، حيث دغدغتها تلك العبارات ونجحت في مغازلتها للاستفادة بأكبر قدر من الاستثمارات، وبرغم كونها رسالة واضحة المعالم إلي إيران بأن دول الخليج خط أحمر، وأن مصر لن تقبل أي اعتداء من إيران علي أي دولة عربية. ويرى بعض المراقبين أن التقارب المصري - القطري الحالي يلطف الأجواء مع دول الخليج، لاسيما في ظل اشتعال الأزمة بين مصر والإمارات بعد رفض السلطات الإماراتية طلب الحكومة المصرية بالإفراج عن المعتقلين في الإمارات، ولم تفلح زيارة الوفد المصري المكون من مستشار رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية الدكتور عصام الحداد ومدير المخابرات اللواء محمد رأفت شحاتة ليعودا بخفى حنين، وتعمد الإمارات توظيف الحدث إعلامياً بأن الوفد المصري جاء ليفاوض فقط على المعتقلين من الإخوان وليس كل المعتقلين المصريين، برغم أن تصريحات مرسي بشأن أمن الخليج تصب لصالح الإمارات وتدعمهما موقفها في مشكلة الجزر الثلاث مع إيران. وآخرون يرون أن التقارب المصري - القطري يلبي بقدر كبير طموحات كلا الطرفيين؛ فمصر تسعى بعد الثورة إلى تدعيم وضعها الاقتصادي الداخلي عبر التحالف القوي ومغازلة الخارج للاستفادة بأكبر قدر من الاستثمارات، وبث رسائل تهدف لحل أزمتها الاقتصادية بتمرير بعض الكلمات المدغدغة للمشاعر عربياً وإقليمياً، لاسيما مع بطء مفاوضات قرض صندوق النقد الدولي والضغط على حصيلة النقد الأجنبي، كما أن قطر دولة تسعى بأن يكون لها دور مؤثر في المنطقة خاصة منذ اندلاع الثورات العربية ورغبتها في تعظيم دورها السياسي، والوقوف بصف المعسكر الثوري. وأكد السفير عبد الله الأشعل أن قطر تقدم المساعدات مصر تقديراً منها لمكانتها العالمية بين الأمم، خاصة أنها ترى دعم الجانب الأمريكي لمصر ورغبته في استقرار مصر كدولة لها عمق إستراتيجي كبير بين دول العالم، مستبعداً أن يكون هناك مصالح مشتركة بين الجانب القطري وجماعة الإخوان المسلمين تجعله يقدم المساعدات الاقتصادية للحكومة المصرية، مشيراً إلى أن قطر تدرك دور مصر القيادي في المنطقة. ويرغب هذا الفريق أن يكون هذا التقارب في إطار علاقات التعاون الاقتصادي القح دونما التوغل في توطيد التعاون السياسي الذي قد يدفع بالبلاد إلى صراعات وتوترات سياسية لا طاقة لها بها الآن، ويصنفون تصريحات مرسي بشأن أمن الخليج خط أحمر، بأنها من قبيل المغازلة السياسية فقط، التي لا ترمي بالأساس إلى التورط في نزاعات أو خوض حروب لا في سوريا ولا اليمن ولا غيرها من البلدان. ووفقاً لتصريحات السفير المصري بالدوحة فإن العلاقات المصرية - القطرية تشهد حاليا مستوى عالياً من التواصل والدعم الثنائى بين البلدين، متوقعاً الإعلان عن عدد من المشروعات الضخمة مع انعقاد الاجتماع الأول لمجلس الأعمال المصري - القطري المشترك، المزمع عقده يوم 16 يناير الجاري، في شكل إبرام صفقات اقتصادية واستثمارية هائلة تشمل كافة القطاعات لدعم الاقتصاد المصري، من خلال ضخ استثمارات قطرية بقيمة 18 مليار دولار تفتح آفاقًا جديدة للتعاون في المجالات الاستثمارية والاقتصادية ودفع عجلة التنمية، وتنبأ بزيادة حجم التبادل التجاري بين مصر وقطر في العام الجاري ليصل إلى مستويات غير مسبوقة. يذكر أن الشيخ حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها قد أعلن عن زيادة المساعدات المالية القطرية لمصر من نصف مليار دولار منح إلى مليار دولار منح، ومن ملياري دولار ودائع إلى 4 مليارات دولارات ودائع، وبذلك يصبح المبلغ الإجمالي المقدم من قطر إلى مصر 5 مليارات دولار، مؤكدا أنه تم بالفعل تحويل المبالغ الجديدة لمصر.