في ساعات معدودة جدا تفجرت قنبلة – ثبت أنها وهمية ومبالغ فيها – قرار النائب العام بغلق المواقع الإباحية ، وفي هذه الفترة القليلة تطور النقاش من " أخلاقي " إلى " سياسي" إلى " هزلي ساخر" وتمثل الأخير في مئات " الإفيهات" التى تناقلها رواد مواقع التواصل الاجتماعي تعليقا على القرار – المزعوم – وتوابعه ، وليس أقل هذه التعليقات ما كتبه أحدهم على " فيس بوك " معبرا عن غضبه من القرار قائلا " عيش .. حرية .. مواقع إباحية " !! بعيدا عن كل تلك التفاصيل فإنه بدا واضحا أن موضوع المواقع الإباحية في مصر صار كغيره من " تيمات " الحياة السياسية عبارة عن " مخزن " للتناقضات التى تكشف العديد من الكواليس الشاذة للواقع السياسي والاجتماعي في مصر، كما بات يطرح الكثير من التساؤلات ويسلط أضواء على نقاط هامة وثيقة الصلة بالنقاش حول " المواقع الإباحية". و " التغيير" تحاول في هذا التقرير " الإمساك " بهذه التساؤلات: * تاريخ: نعم .. هناك تاريخ – قريب على الأقل – للأفلام الإباحية في الواقع الاجتماعي والسياسي المصري، في 2008 ثارت الصحافة المصرية ضد وزير الثقافة المصري فاروق حسني بعد تصريحه للممثلة الهندية المعروفة " كاترين كييف" بتصوير مشاهد ساخنة بجوار الهرم الأكبر. وفي أغسطس الماضي تقدمت اتحاد شباب الثورة ببلاغ ضد الرئيس المخلوع مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي ووزير ثقافته فاروق حسني يتهمهم بالسماح بتصوير فيلم إباحي في مصر. و اتهم اتحاد شباب الثورة المدعى عليهم خلال فترة توليهم مسئولية إدارة البلاد والجهات السابقة وبوصفهم السابق بالسماح بتصوير فيلم سينمائى أجنبى لمخرج يهودي الجنسية تجارى مخل بالآداب والأخلاق والدين ويحض على ممارسة الرذيلة. وأرفق الاتحاد في بلاغه اسطوانة مدمجة بمحتوى الفيلم, معتبرا أن السماح بتصويره انتهاك صارخ لحرمة الدين والوطن والأمانة، ومخالفة لمواد قانون العقوبات المصرى التى تقضى بالسجن مع الشغل لكل من اشترك أو سهل ارتكاب أو لم يتعامل قانونياً مع هؤلاء المسئولين ومحاسبتهم في إرتكاب هذه الجرائم، وكذلك بالمخالفة لإتفاقية اليونسكو التى وقعت عليها مصر. واستنكر الحزب فى بيانه السماح لشركة انتاج أجنبية ويهودية بتصوير سلسلة أفلام جنسية فى شوارع محافظات مصر وبأماكنها السياحية التاريخية وكل ذلك بعلم وتصريحات رسمية وتسهيلات من الأجهزة السيادية بالدولة . *أرقام : ما لا يعلمه كثيرون أن هناك مراكز دراسات في عدة دول بالعالم مهمتها تحليل المعلومات المتعلقة بالمواقع الإباحية من حيث أعدادها ومعدلات نموها واكثر الدول دخولا لها واي من الجنسين يدخل اكثر من غيره في كل دولة وغير ذلك من الارقام المرتبطة بتلك المواقع التى تمتد حتى لنوعيات الأفلام التى تفضلها الشرائح المختلفة من زوارها. أفادت الكثير من تلك التقارير بشكل يشبه الإجماع أن مصر تعد من اعلى دول العالم دخولا للمواقع الإباحية فهي تحتل المرتبة الرابعة عالميا والثانية عربيا من حيث دخول تلك المواقع! ومن الحقائق التى تكشفها تلك التقارير ضمن ما جاء في تحليل زيارات المستخدمين للمواقع الإباحية على الانترنت والخاصة بعامل الوقت، فقد ذكرت التقارير أرقاما قد لا يتخيلها البعض مع العلم أنها ليست ثابتة وتتضاعف مع مرور الأيام كلما تضاعف عدد مستخدمي الانترنت ومنها التالي: أكثر من 28 ألف مستخدم انترنت يتصفح مواقع إباحية في كل ثانية . 372 مستخدما يكتبون كلمة بحث عن المواقع الإباحية في كل ثانية. تنتج الولاياتالمتحدة شريط فيديو اباحيا جديدا كل 39 دقيقة . أكثر من 3 آلاف دولار تنفق في الثانية الواحدة على المواقع والأفلام الإباحية. كما تشير الإحصائيات إلى أن هناك أرباحا طائلة تجنى من وراء صناعة الإباحية تنفي النظرية القائلة بان القائمين عليها مجرد هواة أو شواذ عابثين، بل هي تتساوى مع الأنواع الأخرى من الصناعات ذات التأثير السلبي على المجتمعات كصناعة التبغ والمخدرات تقوم على صناعتها وترويجها جهات منظمة قد تدعمها حكومات لما لها من إرباحا طائلة قد تمثل دخلا قوميا لبعضها بدعوة سياسات الانفتاح والحرية الشخصية غير عابئة بالأثر المدمر على المجتمع والقيم الأخلاقية. ويبلغ إجمالي عدد النساء من زوار المواقع الإباحية نحو 9.4 ملايين امرأة شهريا. يبلغ عدد النساء من زوار غرف الدردشة ضعف عدد الرجال، 17% من النساء الزائرات يكافحن إدمانهن لتصفح المواقع الإباحية. وتأتى الولاياتالمتحدة في مقدمة قائمة أكثر البلدان امتلاكا لصفحات جنسية بنصيب يتعدى 244.5 مليون صفحة تليها ألمانيا بنصيب يبلغ أكثر من 10 ملايين صفحة ثم المملكة المتحدة بنصيب 8.5 ملايين صفحة ثم استراليا واليابان وهولندا ثم روسيا وبولندا . يبلغ عدد المواقع الإباحية على شبكة الانترنت 4.2 ملايين موقع (12% من الإجمالي الكلي للمواقع) إجمالي عدد الصفحات الإباحية على الانترنت يبلغ 420مليون صفحة. 66% من المواقع الإباحية لا تحتوي على إنذار بكونها للكبار فقط. 25% من المواقع تحاصر زوارها عند الخروج منها (إعادة التوجيه لوصلات إباحية) عدد مرات البحث عن المواقع الإباحية بمحركات البحث 68 مليون طلب يوميا. عدد الرسائل الالكترونية الإباحية 2.5 مليار رسالة يوميا. نسبة زوار المواقع الإباحية من مستخدمي الانترنت 42.7% من إجمالي زوار الشبكة. تبلغ نسبة تحميل المواد الإباحية عبر الانترنت 35% من إجمالي المواد المحملة. يبلغ عدد المواقع الإباحية التي تحتوي على مواد إباحية لأطفال أكثر من 100.000 موقع. يبلغ إجمالي عدد الزوار الشهري للمواقع الإباحية على الشبكة أكثر 72 مليون زائر. 89% من زوار غرف الدردشة يخوضون في موضوعات جنسية كنوع من أنواع التحرش. يفوق الدخل السنوي لصناعة الإباحية عبر الانترنت 12 مليار دولار أميركي. 20% من الزوار اعترفوا بدخولهم إلى المواقع الإباحية اثناء تواجدهم في العمل. الأطفال والإباحية.. يبلغ متوسط عمر الأطفال الذين يتعرضون للمواد الإباحية لأول مرة 11 عاما. متوسط عمر الأطفال الأكثر اعتيادا على الدخول إلى تلك المواقع من سن 15 إلى سن 17. 40 % من الأطفال لا يترددون في ذكر بياناتهم الشخصية والعائلية أثناء استخدامهم للانترنت سواء عن طريق البريد الالكتروني أو غرف الدردشة. ما يقرب من 26 شخصية كارتونية محببة إلى الأطفال تستغل لاصطيادهم إلى المواقع الجنسية. 1 من 4 نساء يشتكين من تعرض أطفالهن للاستغلال الجنسي عبر الانترنت. يبلغ الربح السنوي التقديري لاستغلال الأطفال جنسيا عبر الانترنت 3 مليارات دولار أميركي. أكثر من 20000 صورة مخلة لأطفال تبث أسبوعيا على الانترنت. 1 من 5 أطفال تعرض للتحرش الجنسي من قبل شواذ أثناء تواجده بغرف المحادثة 25% ممن تعرضوا لذلك قاموا بإبلاغ أولياء أمورهم . *سياسة: بعد تنحي المخلوع مبارك عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير دخلت المواقع الإباحية على خريطة التجاذبات السياسية بين القوى الإسلامية والليبرالية ، باعتبارها ملفا تسهل المزايدة من خلاله لتحقيق شعبية وسط الشعب المصري المحافظ والذي تتنامى ميوله المحافظة مع الصعود السياسي للقوى الإسلامية. تكرس ذلك الواقع مع مطالبة نواب إسلاميين بمجلس الشعب الأخير بحجب المواقع الإباحية ، ثم صدور حكم قضائي بحجبها ، وقتها احتج رموز القوى السياسية المختلفة خارج البرلمان متذرعين بأن حجب تلك المواقع لا يمثل أولوية لدى المواطن المصري المسحوق تحت وطأة الأزمات الاقصادية. هدأ الأمر على مدار شهور خصوصا مع حل مجلس الشعب إلى أن أحياه آخر رجل يمكن ان يشتبك مع هذا الملف ! فالنائب العام ، بطل أحدث المعارك مع المواقع الإباحية، عرف طوال فترة توليه منصبه بأنه لم يحقق في أي قضية كبرى او ملف يمثل تهديدا حقيقيا للواقع الاجتماعي المصري، فما الذي يمكن أن يدفعه للاشتباك مع هذه القضية ذات الإطار الاخلاقي؟؟ يؤكد مراقبون أن النائب العام ، الذي ما زال يخوض معركة مع مؤسسة الرئاسة بدا انه أوشك على خسارتها، أراد المزايدة على " الإسلاميين" الذين لا يتوقفون عن الهجوم عليه منذ تفجر ازمته مع الرئيس على خلفية صدور قرار بنقله من منصبه وتعيينه سفيرا بالفاتيكان. فيما تبنى آخرون وجهة نظر تقول أن النائب العام أراد فتح ملف ذو صبغة اخلاقية لتجميل صورته تحسبا لخسارته معركته مع الرئيس وخروجه منها حاملا وآلام فتح ملفات تستر عليها أو حتى فتح ملفات فساد تورط هو فيها بحسب ما يؤكد كثيرون من خصومه وعلى رأسهم المحامي الإسلامي عصام سلطان. وفي كل الأحوال بقيت حقيقة مهمة فجرها موضوع القرار الوهمي الصادر عن النائب العام بغلق المواقع الإباحية ، هي ان الإعلام المصري يفتقر للدقة في مجمل أدائه، فبينما تؤكد مختلف وسائل الإعلام ان النائب العام أصدر قرارا بغلق المواقع الجنسية ، أكد الدكتور عمرو بدوي رئيس الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، الجهة المعنية فنيا وقانونيا بهذا الملف، ان النائب العام لا يملك إصدار مثل ذلك القرار وان كل ما حدث هو ان مكتبه أرسل للجهاز استفسارا تقليديا حو سبب عدم إغلاق المواقع الإباحية برغم صدور حكم قضائي بحجبها!!