بقاء المستشارين في مناصبهم وتقاضيهم مليارات الجنيهات رغم مايعانيه الاقتصاد المصري ، سؤلاً ملحاً أصبح العديد من المصريين يترقب الإجابة عليه من جانب المسؤلين في الدولة عقب ثورة قامت في المقام الأول من أجل القضاء علي الفساد وتطهيرالمؤسسات الحكومية من مسلسل إهدار العام الذي سيطر عليها علي مدار العهد البائد. انتشار المستشارين في كل المؤسسات الحكومية جعلهم ظاهرة تفشت في جميع أجهزة الدولة ولم يتم القضاء عليها أو حسمها حتي الآن سواء من حيث عددهم والرواتب التي يحصلون عليها والتي تتجاوز ال200 ألف جنيه في شكل رواتب ومكافآت شهرية في ظل غياب التنظيم القانوني لهذه العملية وعدم وضع ضوابط محددة لعدد المستشارين في الهيئة الحكومية الواحدة ، حيث تتجاوز رواتبهم أكثر من 25 مليار جنيه شهرياً. المجاملات .. كانت إحدي أسباب انتشار هذه الظاهرة في جميع أنحاء الدولة عندما أصبح هذا المنصب ينتظر دائماً مجاملات المسؤلين لأصدقائهم وذويهم كنوع من الهدية ، لدرجة أن الوزير الواحد في عهد المخلوع كان يتبعه أكثر من 60 مستشاراً يتقاضون مليارات الجنيهات دون أن يكون لهم دوراً إيجابياً في خدمة هذه الوزارات سوي الحصول علي الرواتب والمكافآت في نهاية كل شهر. 175 ألف خبير إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء قدرت عدد الخبراء الأجانب في مصر ب 175 ألف خبير بينما قدرتهم وزارة القوي العاملة والهجرة بحوالي 205 ألف خبير في حين قدرتهم وزارة الدولة للتنمية الإدارية ب130 ألف خبير، ففي الوقت الذي يتقاضي فيه بعض الأشخاص ملايين الجنيهات يعاني ملايين الشباب من البطالة وعدم الحصول علي فرصة عمل . ورغم إقامة العديد من الدعاوي القضائية للاستغناء عن المستشارين اللذين لاقيمة لهم والتي كان آخرها التي أقامها عماد الوقاد المحامى أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، وطالب فيها بإصدار قرار بالاستغناء عن مستشارى الهيئات والوزارات وجميع من تخطى سن ال60 عاما، إلا أن هذه الدعاوي لم يلتفت إليها. وكان الوقاد قد ذكر في دعوته التى حملت رقم 3273 لسنة 67 قضائية، "إن مصر تمر الآن بأزمة اقتصادية، وبلغ عجز الموازنة ما يزيد على 150 مليار جنيه، وبلغ الدين المحلي أكثر من تريليون جنيه، إلى جانب الدين الأجنبى الذى وصل إلى 34 مليار دولار أمريكي"، وقد أصدرت منظمة العمل الدولية فى جنيف تقريرًا يؤكد ارتفاع معدل البطالة فى مصر من 8,9 % إلى 12%. 3 ملايين عاطل وأضافت، الدعوى، أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أصدر تقريرًا مؤخرًا أكد فيه وصول عدد العاطلين فى مصر إلى 3 ملايين و183 ألفا، فى الوقت الذى أكد فيه وزير القوى العاملة السابق على وصول معدل البطالة فى مصر إلى 13 ونصف فى المائة، أغلبها فى أوساط الشباب والفئات المتعلمة، وعلى الرغم من كل هذا، فيوجد الآن 93 ألف مستشار يعملون فى الدولة فوق سن ال60، ويتقاضون رواتب تبلغ 18 مليار جنيه سنويًا بمعدل ربع مليون جنيه فى الشهر، على الرغم من أنهم لا يمتلكون الخبرات النادرة التى تستحق أن تدفع لها الدولة كل هذه المبالغ. يقول حمدي بسيوني الخبير الاقتصادي إن ظاهرة المستشارين أحد أبواب الفساد وإهدار الأموال دون جدوى والوقوف عائقا أمام إيجاد قيادات صف ثان، مشيراً إلى أن وظيفة المستشار ليست ضرورية وليس لها أي دور إطلاقاً وأن الهدف منها هو التستر علي الفساد وبابا خلفياً للتربح كما أن هناك كثيرا من الهياكل الإدارية لعدد من الدول لا وجود لهذه الوظيفة بها. الخضوع للحساب وأضاف ل"التغيير" أن الموازنة العامة للدولة تكشف عن حجم كبير لأجور هؤلاء المستشارين حيث إنها تقدر بمليار وثلاثمائة مليون وأن الأجور حوالي سبعة عشر مليارات والمكافآت سبعين ملياراً، لافتاً إلى أن ارتباط الفشل بالشخص في وظيفته حتى خروجه علي المعاش ثم الاستعانة به مرة أخري كمستشار هو استمرار للفشل، ولذلك فإنه يجب أن توجد حلول وبدائل لأن لهذه المشكلة عواقب خطيرة جداً علي الاقتصاد والسياسة العامة، وأنه يجب أن يؤخذ بملاحظات الجهاز المركزي للمحاسبات وأنه علي الجميع أن يخضع للحساب. ومن المعروف أن المستشارين يتركز معظمهم في وزارات المالية والصحة والسياحة والتضامن الاجتماعي، كما أن وزارة المالية تحتل المرتبة الأولى بين الوزارات الحكومية التي يحصل العاملون والموظفون بها على مرتبات ضخمة، تليها وزارات العدل والخارجية والداخلية والثقافة. أما محمود سالم الخبير المالي فيري أن هناك أكثر من خمسة آلاف و500 من كبار موظفي الدولة يحصلون على مرتبات وأجور تتجاوز الحد الأقصى المسموح به سنويا وهو 54 ألف جنيه بمعدل 4500 جنيه شهريًا، ويتركز معظم هؤلاء في المستويات القيادية بالمحافظات والإدارات المحلية والهيئات العامة ودواوين الوزارات ، حيث يوجد 800 مستشار في كل وزارة يحصلون سنوياً علي 2.1 مليار جنيه. إلغاء الصناديق الخاصة وطالب سالم بضرورة إلغاء الحسابات والصناديق الخاصة علي مستوي الدولة التي يتم من خلالها تعيين هؤلاء المستشارين، مؤكداً أن هذه الصناديق مخالفة للقانون، كما أن هناك 50 مليار جنيه في هذه الصناديق الخاصة يتم الانفاق منها دون ضوابط في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلي ثلاثة مليارات. وأكد أن استمرار هؤلاء المستشارين يساعد علي انخفاض الأجور حيث إن راتب مستشار واحد يعادل راتب مائة موظف أو عامل وأن انخفاض الأجور للعمالة يعني انخفاضاً للأداء وإهداراً للإدارة الرشيدة. وأشار إلى أن القانون لا ينظم عمليات تعيين المستشارين وأنها ليست لها أي ضوابط فهي مسألة متروكة للوزير أو رئيس المصلحة وأنه لا توجد لائحة في وزارة المالية تحدد أجور هؤلاء المستشارين الذين يتلقون رواتب كبيرة ومغالي فيها.