كشفت جريدة "هآرتس" الاسرائيلية في مؤخرا من خلال استطلاع للرأي أجرته على عينة من الإسرائيليين أن حوالي 60% منهم يعتقدون أن نظام ابارتهايد (الفصل العنصري) ينفذ في اسرائيل. وهذا المعطى إلى جانب معطيات أخرى كثيرة تثير القلق كثيرًا بالنسبة لما هو آت على لاسرائيليين والعرب مواطني اسرائيل. فاسرائيل التي تتبجح بأنها الواحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وأن فيها حيّزًا واسعا من الحرية، قد وصلت إلى طريق الابارتهايد بامتياز ولا جدل حول ذلك. المؤشرات كثيرة في الماضي بأن هذه الدولة تسير نحو هذا النظام، وكان كثيرون من المراقبين والمحللين قد أشاروا إلى ذلك. جهاز التربية والتعليم في اسرائيل مؤسس ومبني على أسس عنصرية وفي مناهج هذا الجهاز توجهات عنصرية وتمييزية وفوقية تحط من الآخر(في الغالب العربي الفلسطيني)، وتمجد اليهودي، بل تزيّف شخصية اليهودي وتجعله بطلا قوميا وإنسانيا، بل الأكثر انسانية في العالم. إن زيف الجهاز التعليمي في اسرائيل هو احد اركان وأسس نظام الابارتهايد. لقد أعلنت نسبة كبيرة من الاسرائيليين انهم يرون في اسرائيل دولة ابرتهايد، معنى ذلك انهم جزء من هذه المؤسسة ويعملون بما تمليه عليهم من قرارات وتوجهات حياتية. من جهة اخرى بيّن الاستطلاع أن الاسرائيليين يميلون إلى العيش بإنفصال عن الفلسطينيين، أو انهم يريدون العيش في مناطق تخصّهم دون الاختلاط مع الآخرين. وهذا في حد ذاته أحد أسس المشروع الصهيوني الداعي إلى فصل عنصري بين اليهود بكونهم عنصر راق ومتفوق ومختار(وفق الرؤية الدينية والسياسية ) وبين العرب الفلسطينيين. وهذا التوجه العنصري في أعلى تجلياته يقرع ناقوس الخطر بشدة، ويؤكد أن أكثر من نصف المجتمع في اسرائيل لا يريد العيش مع الآخر، بالرغم من ان الفلسطينيين سواء مواطني اسرائيل أو الفلسطينيين تحت إدارة السلطة الفلسطينية يدعون إلى عيش مشترك على أسس مواطنة كاملة. وإزاء هذه المعطيات بات من الضروري على الفلسطينيين سواء في اسرائيل أو في أراضي السلطة الفلسطينية التفكير جيدا في الأمر، ووضع خطط استراتيجية لكيفية التعامل مع المسألة بجدية وعدم الركون إلى وعود عربية أو دولية، لأن ما هو عالمكشوف يجب مواجهته وفقا للمثل القائل "ما حك ظهرك مثل ظفرك". ------------------------------------------------------------------------------------ * مؤرخ فلسطيني مقيم في مدينة حيفا. - [email protected]