ختام لقاء رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية بالشرق الأوسط    وزير الأوقاف: هدفنا بناء جيل جديد من الأئمة المثقفين أكثر وعيًا بقضايا العصر    وزير التنمية المحلية: تنفيذ 5 دورات تدريبية للعاملين بمركز سقارة    سعر جرام الذهب عيار 21 اليوم السبت 11-5-2024 في محال الصاغة    الأردن سادس أكبر دولة مستقبلة للصناعات الغدائية المصرية    أسعار الخضراوات اليوم 11 مايو في سوق العبور    محافظ القليوبية يفتتح موسم حصاد القمح ب«زراعة مشتهر»: توريد 70 ألف طن (فيديو)    وزير الإسكان يتابع موقف التعاون المشترك مع الاتحاد الأوروبي    استخراج 1023 شهادة بيانات للتصالح في مخالفات البناء بالشرقية    «التعليم العالي»: انعقاد المجلس التنفيذي الأول لمراكز التوظيف    عملية عسكرية متوقعة لجيش الاحتلال في جباليا    آخرهم فرنسا.. دول تدعو الاحتلال لوقف عملياته داخل رفح    فيديو.. متحدث الأونروا يروي تفاصيل اعتداء مستوطنين متطرفين على مقر الوكالة بالقدس    الزمالك يخوض تدريبه الأساسي على الملعب البلدي ببركان مساء اليوم    تواجد «مرموش»| تشكيل آينتراخت المتوقع أمام مونشنجلادباخ    تشكيل العين الإماراتي أمام يوكوهاما في نهائي دوري أبطال آسيا    خلافات بين حسين الشحات ومحاميه بسبب الشيبي    مصرع وإصابة 14 شخصًا في حادث الطريق الدائري بالقاهرة    شمس دافئة ورياح خفيفة.. طقس مرسى مطروح اليوم السبت    تداول أسئلة امتحان الكيمياء للصف الأول الثانوي الخاصة ب3 إدارات في محافظة الدقهلية    خبيرة أبراج تبشر السرطان والحوت والعقرب    إيرادات فيلم عالماشي بطولة علي ربيع في 30 يوم سينما.. مركز أخير    بعد وصفه ل«الموظفين» ب«لعنة مصر».. كيف رد مستخدمي «السوشيال ميديا» على عمرو أديب؟    15 يونيو..عمرو دياب يحيي حفلا غنائيا في بيروت    «إسماعيل ياسين» سيرة ذاتية يحلم باسم سمرة بتقديمها.. ما القصة؟    الرئاسة تكشف تفاصيل لقاء تفاصيل لقاء الرئيس السيسي وسلطان طائفة البهرة    رئيس هيئة الرعاية الصحية يتفقد المستشفيات والوحدات الصحية بالأقصر    وزير الصحة: الدولة حريصة على زيادة معدلات التشخيص المبكر للأمراض السرطانية    جهاز المنصورة الجديدة: بيع 7 محال تجارية بجلسة مزاد علني    وزيرة البيئة تعلن مشاركة مصر في الاحتفال باليوم العالمي للطيور المهاجرة 2024    تعرف على فعاليات مهرجان الفيمتو آرت الدولي للأفلام القصيرة دورة هاني خليفة    شروط وأحكام حج الغير وفقًا لدار الإفتاء المصرية    مصرع مهندس في حادث تصادم مروع على كورنيش النيل ببني سويف    توقعات موعد عيد الأضحى 2024 في الجزائر: شغف وترقب    صحة أسيوط: إحالة 7 أطباء ورئيسة تمريض للتحقيقات العاجلة    «الصحة»: نتعاون مع معهد جوستاف روسي الفرنسي لإحداث ثورة في علاج السرطان    بعد قطع العلاقات الدبلوماسية.. رئيس كولومبيا يدعو «الجنائية الدولية» لإصدار مذكرة توقيف بحق نتنياهو    لعدم الانضباط .. إحالة طاقم النوبتجية بمركز طب الأسرة ب«الروافع» في سوهاج للتحقيق    مصرع سيدة سقطت من شرفة منزلها أثناء نشر الغسيل لجرجا سوهاج    حادثة عصام صاصا على الدائري: تفاصيل الحادث والتطورات القانونية وظهوره الأخير في حفل بدبي    الشيبي يهدد لجنة الانضباط: هضرب الشحات قلمين الماتش الجاي    كرم جبر: أمريكا دولة متخبطة ولم تذرف دمعة واحدة للمذابح التي يقوم بها نتنياهو    تعليم الجيزة تحصد المراكز الأولى في مسابقة الملتقى الفكري للطلاب المتفوقين والموهوبين    مجلس الأمن يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في المقابر الجماعية المكتشفة بغزة    إبراهيم سعيد ل محمد الشناوي:" مش عيب أنك تكون على دكة الاحتياطي"    أبناء السيدة خديجة.. من هم أولاد أم المؤمنين وكم عددهم؟    الهلال ضد الحزم.. أكثر 5 أندية تتويجا بلقب الدوري السعودي    اعترفات لص عدادات المياه من داخل العقارات فى منطقة الأميرية    ثنائي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية: التاريخ يذكر البطل.. وجاهزون لإسعاد الجماهير    خبير دستوري: اتحاد القبائل من حقه إنشاء فروع في كل ربوع الدولة    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تقصف منزلًا في شارع القصاصيب بجباليا شمال قطاع غزة    الإفتاء تكشف فضل عظيم لقراءة سورة الملك قبل النوم: أوصى بها النبي    نتائج اليوم الثاني من بطولة «CIB» العالمية للإسكواش المقامة بنادي بالم هيلز    رسائل تهنئة عيد الأضحى مكتوبة 2024 للحبيب والصديق والمدير    «أنصفه على حساب الأجهزة».. الأنبا بولا يكشف علاقة الرئيس الراحل مبارك ب البابا شنودة    الحكومة اليابانية تقدم منح دراسية للطلاب الذين يرغبون في استكمال دراستهم    هل يجوز للمرأة وضع المكياج عند خروجها من المنزل؟ أمين الفتوى بجيب    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا باكستان الآن!
نشر في الشعب يوم 12 - 01 - 2008


بقلم: د.أحمد مصطفى*

ذكرتني الضجة الإعلامية الاستثنائية التي خلفها اغتيال رئيسة وزراء باكستان السابقة بي نظير بوتو في الإعلام الأميركي والغربي ومن سار على هديه ، بتلك الأيام التي اعقبت اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري في فبراير 2005. والمفارقة التي قفزت إلى ذهني مفهومة للقراء الاعزاء ، لكن الربط بين باكستان ولبنان يتجاوز كثيرا خاصة في الاونة الاخيرة الاغتيالات المرتبطة بخطط التحرير الأميركية لدول المنطقة سواء بالغزو العسكري المباشر او بنشر الديموقراطية على الطريقة الافغانية والعراقية.
منذ تقرر عودة بوتو إلى باكستان في اطار ترتيبات غربية بينها وبين الرئيس برويز مشرف ، والإعلام الغربي خاصة المملوك للملياردير روبرت مردوخ ومن شابهه يقوم بحملة علاقات عامة رهيبة عن بشائر الديموقراطية والتحرر التي ستحملها الراحلة بوتو الى باكستان. وبما ان لا يجوز على الميت الا الرحمة، فلن نتحدث هنا عن ما نشر وقيل وتردد قبل وقت قصير من اوجه شبه بين الراحلة والراحل اللبناني خلال وجودهما في الحكم وبعده. ولكن لزم التنبيه الى حقيقة في غاية البساطة اراها غائبة الى حد كبير عن كل التحليلات والتغطيات المثيرة في الإعلام الان وهي ان بي نظير بوتو هي التي رعت طالبان، وفي فترات حكمها ترعرعت "المدارس الاسلامية" التي توصف الان بانها مفرخة لما يسمى الارهاب. بل كانت الراحلة من اشد المتحمسين لحكم طالبان في افغانستان في البداية طبعا باعتباره اداة استقرار اساسية في المنطقة.
كان ذلك في اطار الدعم الأميركي، وبتمويل من اثرياء المسلمين في كل مكان، لميليشيات الطلبة الافغان الموجودين في باكستان وما كان يسمى بالمجاهدين العرب (الذين هم الآن "القعيدة" التي تشكل القطب الثاني للسياسة الدولية مقابل اميركا والغرب!!!!) التي تحارب الاحتلال السوفيتي لافغانستان. ويصعب على البسطاء، مثلي، حتى الان فهم التطورات الدراماتيكية التي قلبت المقاومين المجاهدين مقاتلي الحرية ارهابيين اعداء للحرية يستحقون اصطفاف العالم كله ضدهم. لكن على اية حال تلك مسألة معقدة تكررت في اللغة السياسية الدولية المنافقة في العقدين الاخيرين بشكل جعلها احدى ركائز العالم الجديد الذي ترغب في تسيده الولايات المتحدة الأميركية.
عودة إلى باكستان واغتيال بوتو، الذي لا اتصور ان لغزه سيحل قريبا بل ربما يمتد كحال لغز من اغتال الحريري ولا حتى بتحقيق دولي ومحكمة دولية. المؤكد ان هناك اطرافا كثيرة مستفيدة من ذلك الاغتيال، وان اختلفت المشارب والمصالح، وكأنما تفرق دم الراحلة بين القوى المتصارعة على الساحة الباكستانية والاقليمية المحيطة بها. لكن كل التحليلات، خاصة في الإعلام الغربي المتحمس، تجمع على ان باكستان على ابواب مرحلة اضطراب وفوضى طويلة الامد. هل تذكرون المصطلح الذي أطلقته وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في صيف 2005 عن "الفوضى الخلاقة" كمسار لتحديث الشرق الاوسط واعادة تاهيله! هل دخلت باكستان في تلك المنظومة! وهل اكتمل اذا قوس الاضطراب والنيران المستمرة الذي يحيط بمنطقة الخليج ويفصلها عن الصين والهند وروسيا قوس يبدأ من باكستان وينتهي بلبنان وفي القلب منه النموذج العراقي.
يركز الإعلام الغربي، وتصريحات السياسيين، على مستقبل باكستان كدولة مسلمة بها تيارات متشددة تعارض التحول الديموقراطي على النمط الغربي. الا ان ما يتجاهله الجميع هو علاقة ما يجري في باكستان بايران، التي تعد الان الهدف الرئيسي لكل السياسات الأميركية والغربية في المنطقة. ولا يقتصر الاهتمام بايران على مسالة برنامجها النووي واحتمال تطوير سلاح نووي، وانما باعتبارها عقبة امام عملية اعادة تاهيل المنطقة غربيا. ويبدو ان هناك الان شبه قناعة لدى دوائر القرار الغربية بان حل المشكلة الإيرانية الحل الذي يرونه طبعا لا يمكن ان يتحقق بضربة عسكرية (يرشح ان تقوم اسرائيل بها) وبالتالي هناك حاجة للعمل من الداخل لتغيير ايران.
وبما ان ايران تشبه عراق ما قبل الغزو، بمعنى قلة او انعدام النفوذ الاستخباراتي الغربي فيها، فالامر بحاجة لمؤثرات المحيط. وعلى حدود ايران نيران الفوضى الافغانية والعراقية وفي الخليج اسطول حربي اميركي وبريطاني ولم يؤد كل ذلك الى زعزعة الداخل الايراني باتجاه التغيير المنشود غربيا. لا يوجد اذا سوى باكستان، كحافز مميز لقلقلة ايران. من هنا تاتي اهمية الفوضى المدمرة التي يمكن ان تدخل فيها باكستان، اذ ان ذلك سيساعد الأميركيين والبريطانيين كذلك على اقناع الصين والهند بالتعاون لوقف "الانتشار النووي الاسلامي" المزعوم: فباكستان لديها سلاح نووي وايران تسعى لذلك. والهند والصين قوتان نوويتان لهما حدود مشتركة مع باكستان، ومصالح مع ايران جعلتهما حتى الان يترددان في التحالف مع أميركا والغرب ضد طهران.
بغض النظر اذا عن ملابسات اغتيال بينظير بوتو وتبعاته الداخلية الباكستانية، يبدو ان الاثر الاقليمي للتطورات التي يتوقعها الغرب الان وربما يستحثها هو ابعد من حدود باكستان. ولا شك ان المتضرر الاكبر من تلك الفوضى المدمرة ستكون دول الخليج التي لن تكون سخونة نيران تلك الفوضى بعيدة عن اجوائها.

*كاتب وصحفي عربي مقيم ببريطانيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.