في مستهل زيارته لمنطقتنا لم يجد الرئيس الأميركي طريقة لبدء الحديث عن الخطر الايراني المزعوم أفضل من التهويل المتعمد لما دار من تخابر لاسلكي بين البوارج الاميركية وقوارب الحراسة الايرانية في مضيق هرمز. هذا التخابر الذي يفترض به أن يكون روتينيا بين الدول المشرفة على المضائق وبين السفن العابره لها . لا يخفى على المراقبين والمتتبعين للسياسة الاميركية أن جورج بوش الابن يسعى في المقام الاول من وراء زيارته للمنطقة الى تكوين تحالف قوي يرتكز على دول المنطقة لمواجهة القوة الايرانية الصاعدة , ولا نريد أن نجازف بالقول أن الرئيس الأميركي تلقف حادثة هرمز لتسليط الضوء على ايران لأنه ربما تكون الادارة الأميركية افتعلت حادثة هرمز او ادعتها تزامنا مع الزيارة الرئاسية لإقليمنا بغية ايصال رسالة ساخنة لايران وللعالم مفادها ان المواجهة العسكرية مع طهران هي أمر ممكن وربما حتمي نظرا للتصرفات الايرانية العدوانية والخطرة المهددة للمصالح وللسلم العالميين !!
في لقاءاته مع قادة العدو ومع قادة سلطة رام الله اسهب بوش في الحديث عن رؤيته حول الدولة الفلسطينية المستقبلية فوصفها بالمتصلة والمتمشية مع الواقع على الارض أي لا تفكيك للكتل الإستيطانية الكبيرة أوالصغيرة وبموجب رؤيته ستفكك المستوطنات العشوائية فقط التي لا قيمة عملية لها لأن معظمها يتكون من عدد قليل من "الكرافانات" المتحركة وأكد هذا الضيف الثقيل استبعاده للقرارات الدولية 242 و338 و194 وجميع قرارات مجلس الامن الأخرى الداعية للانسحاب الاسرائيلي من جميع الاراضي الفلسطينيةالمحتلة أو المقرة بحق العودة للاجئين . وبرغم عدوانية هذا الرئيس الأفاك وتنكره لجميع حقوق شعبنا الفلسطيني الّا انه قوبل بترحيب غير عادي وبإحتضان حميم من قبل رئيس سلطة رام الله و صحبه "الكرام", إنه إحتضان الضحية لجلادها .
جاء الرئيس الاميركي الى عقر دارنا والى قلب بيتنا حاملا هداياه الثمينة لكنها ليست لنا بل لعدونا , لم تكن هديته لنا سوى المزيد من البغي والغدر والشر فالأذى لنا ولعدونا الخيرات كلها , بعضا من قادتنا شكروه وقبلوه وقبلوا وزيرته السمراء رغم قبحها وقبح سيدها وفرشوا له السجاد الأحمر ثم أشادوا به وبتصريحاته تبا له ولهم..
ان حادثة هرمز المفتعلة وتصريحات بوش بشأن فلسطين تسير على ما يبدو ضمن خطة اميركية اسرائيلية مشتركة تهدف الى لملمة جميع الخيوط من أجل توجيه ضربة او ضربات الى ايران بمشاركة أو موافقة على الأقل من دول الخليج العربية والدول العربية الأخرى التي اطلقت عليها واشنطن دول الإعتدال او تحالف المعتدلين العرب, تريد اميركا الإبقاء على اسرائيل القوة النووية المتفوقة الوحيدة في الإقليم ويبدو ان عربنا المعتدلين يسعون لتحقيق الهدف ذاته , إنه لأمر له العجب..!
هل ما حدث في مضيق هرمز كان الحنجلة التي جرت العادة ان يبدء الرقص بها لكي يصح القول بالمثل العربي المعروف .. بداية الرقص حنجلة ؟ وهل ستكون هذه التكهنات مطابقة للحقائق على الأرض ؟ لننتظر ونرى..!