لا شك أننا غُرّر بنا جميعاً عندما اعتقدنا استغفالاً وبسذاجة وحسن نية , أن العسكر خرج من السياسة إلى غير رجعة , لكن الواقع المؤلم أثبت خلافاً لذلك تماماً , ذلك أن ما حدث من انقلاب عسكرى غاشم وخسيس دليل دامغ على أن العسكر لم يغادروا حياتنا بعد , رغم اختفاءهم إعلامياً إلى حد كبير حيث كانوا يراقبون الوضع عن قرب أكثر مما كنا نتصور ممسكين بخيوط اللعبة لما لهم من يد طولى داخل جميع مؤسسات الدولة نظراً لاستمرار قوة تأثير البعد الأمنى والمخابراتى المعلوماتى على المشهد السياسى. ما حدث يوم 3 يوليو الماضى من انقلاب على الشرعية الشعبية والقانونية والدستورية برهن لكل متابع ومراقب بسيط أن الأمر كان مدبراً منذ إعلان فوز د. محمد مرسى رئيساً للبلاد فى 24 يونيو 2012 بغرض الالتفاف على أهداف ثورة 25 يناير , لا سيما بعد تعهد د. مرسى بملاحقة الفاسدين وتجفيف منابع الفساد وتطهير المؤسسات وإرجاع الحقوق إلى أصحابها مما أثار حفيظة أصحاب المصالح من الفاسدين والمجرمين فى حق الوطن بتحالفهم مع السلطة الحاكمة من العسكر طيلة عقود طويلة من تزاوج حرام بين المال والسلطة. إن انقلاب 30 يونيو إنما تتويج لتعاون مثمر وتحالف دنىء بين جناحى سلطة الفساد , العسكر لما يمثلونه من سلطة ونفوذ وأجهزة ومعلومات واللصوص أو الحرامية الذين كونوا ثرواتهم عن طريق مص دماء الشعب وسرقة مقدراته وموارده وأحلامه فى تحقيق العدالة الاجتماعية , فاستثمروا الأموال الحرام فى الحشد المنظم والتعبئة الإعلامية المضادة والقذرة بإثارة الفتن والفوضى والقلاقل فى المجتمع مع مباركة أمريكية إسرائيلية خليجية (ما عدا قطر ) , فتحقق الهدف المزدوج المنشود لوأد أول تجربة ديمقراطية حرة فى تاريخ مصر , ثم إفشال وإجهاض المشروع الإسلامى قبل أن يبدأ ودون أن يُعطى فرصة حقيقية للتقييم وسط جحافل إعلام العار المستمرة فى دهس أى إنجاز أو نجاح من الممكن أن يتم عبر حملات الكذب والتضليل والتشويه المستمرة , مما حال دون تجاوب قطاع ليس بالقليل مع تيار الإسلام السياسى وخلق فجوة بينه وبين الشارع , واستخدام أساليب لا أخلاقية فى التشويه والنيل من الأعراض والطعن فى الذمم المالية لقيادات التيار الإسلامى والنيل أيضاً والتقليل من قيمة مشروعهم الفكرى القائم على مرجعية إسلامية بالأساس عبر إستراتيجية محكمة ومكتملة الأركان ومرسومة بحنكة , واعتماداً على آفة النسيان وضعف ذاكرة المواطن وعلى جهل البسطاء والمغيبين , حيث لا يعلق بالأذهان والعقول سوى المعلومات والأخبار السلبية والمكذوبة ذلك أن مصدر معلوماتهم هى الفضائيات فقط عبر جهاز الريموت كنترول الخطير. فهل كتب الله علينا كشعب أن نعيش قسراً بين مطرقة العسكر بقوتهم الباطشة وسندان الحرامية بقدرتهم على النهب وسرقة مواردنا وأحلامنا ومستقبل أولادنا فضلاً عن الأهم وهو طمس هويتنا الإسلامية ومسخها بما يتفق مع أيديولوجياتهم الدخيلة على مجتمعاتنا .. أم سيجعل الله من بعد عسرٍ يسرا؟ يقينى بالله أن النصر آتٍ لا محالة وسيتحقق وعد الله لنا شريطة أن ننصر الله ونعمل بأسباب العمل والصمود مصداقاً لقوله " ولينصرن الله من ينصره". [email protected].