وفد من الأئمة والواعظات بشمال سيناء يزور متحف التراث السيناوي    بيانات سوق العمل الأمريكية تهبط بالدولار .. و«الإسترليني» يتعافى    منظمة العفو الدولية: الحكومات التي تمد إسرائيل بالسلاح تنتهك اتفاقية الإبادة    قرار لا رجعة.. سلوفينيا تعتزم المصادقة على قرار الاعتراف بدولة فلسطين    30 مايو.. الحكم على حسين الشحات في التعدي علي لاعب نادي بيراميدز    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم على طريق جمصة- المنصورة بالدقهلية    تفاصيل مشروع تطوير عواصم المحافظات برأس البر.. وحدات سكنية كاملة التشطيب    «الهجرة» تكشف عن «صندوق طوارئ» لخدمة المصريين بالخارج في المواقف الصعبة    أمين «البحوث الإسلامية» يستقبل رئيس جامعة الشارقة والوفد المرافق له    إعلان شومان.. ماذا نعرف عن الاتفاقية التي أصبحت نواة تدشين الاتحاد الأوروبي؟‬    إصابة 11 شخصا بسبب انحراف طائرة بوينج 737 عن المدرج عند إقلاعها في مطار داكار    «القاهرة الإخبارية»: الاحتلال قصف وهاجم العديد من الأحياء السكنية في رفح الفلسطينية    مدير مركز مصر لريادة الأعمال تشارك في حفل ختام مسابقة تطوير مصر للابتكار    الهلال يُجهز للإحتفال بدوري روشن على حساب الحزم    "الخارجية" تستضيف جلسة مباحثات موسعة مع وزير الهجرة واللجوء اليوناني    الطقس غدًا .. أجواء مائلة للحرارة نهارًا والعظمى على القاهرة 34°    30 مايو الحكم على حسين الشحات في التعدي علي لاعب نادي بيراميدز    مصرع سائق في انقلاب سيارتين نقل على الصحراوي الشرقي بسوهاج    انطلاق المؤتمر الصحفي لمهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بحضور إلهام شاهين    مصطفى غريب يتسبب في إغلاق ميدان الإسماعيلية بسبب فيلم المستريحة    "فاصل من اللحظات اللذيذة" يتجاوز حاجز ال 49 مليون جنيه إيرادات    صابر الرباعي يطرح أغنية الباشا    لمواليد برج العقرب والسرطان والحوت.. توقعات الأسبوع الثاني من مايو لأصحاب الأبراج المائية    خالد الجندي: الذكر والتسبيح على وضوء يزيد الأجر والثواب    هل من زار قبر أبويه يوم الجمعة غُفر له وكُتب بارا؟.. الإفتاء تجيب    رئيس الوزراء يتابع جهود إنشاء مركز جوستاف روسي لعلاج الأورام فى مصر    متحور كورونا الجديد «FLiRT» يرفع شعار «الجميع في خطر».. وهذه الفئات الأكثر عرضة للإصابة    وزير الصحة يشهد فعاليات المؤتمر العلمي السنوي لهيئة المستشفيات التعليمية    محافظ الشرقية: الحرف اليدوية لها أهمية كبيرة في التراث المصري    قوات الدفاع الشعبى تنظم ندوات ولقاءات توعية وزيارات ميدانية للمشروعات لطلبة المدارس والجامعات    مساعد وزير الصحة: تسليم 20 مستشفى نهائيا خلال العام الحالي    فصائل عراقية: قصفنا هدفا حيويا في إيلات بواسطة طائرتين مسيرتين    بعد قرار سحبه من أسواقها| بيان مهم للحكومة المغربية بشأن لقاح أسترازينيكا    على معلول يحسم مصير بلعيد وعطية الله في الأهلي (خاص)    نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: تأجيل محاكمة المتهمين بأحداث سيدي براني وسموحة يصطدم ب«زد»    بعد ظهورها مع إسعاد يونس.. ياسمين عبد العزيز تعلق على تصدرها للتريند في 6 دول عربية    "الخشت" يستعرض زيادة التعاون بين جامعتي القاهرة والشارقة في المجالات البحثية والتعليمية    وزير الصحة: دور القطاع الخاص مهم للمساهمة في تقديم الخدمات الطبية    حكم هدي التمتع إذا خرج الحاج من مكة بعد انتهاء مناسك العمرة    محافظ الغربية يوجه بتسريع وتيرة العمل في المشروعات الجارية ومراعاة معايير الجودة    بعد أسبوع حافل.. قصور الثقافة تختتم الملتقى 16 لشباب «أهل مصر» بدمياط    وزيرة التضامن تشهد انطلاق الدورة الثانية في الجوانب القانونية لأعمال الضبطية القضائية    "العمل": تحرير عقود توظيف لذوي الهمم بأحد أكبر مستشفيات الإسكندرية - صور    تأجيل محاكمة المتهمين في قضية فساد التموين ل 8 يوليو    ما حكم قطع صلة الرحم بسبب الأذى؟.. «الإفتاء» تُجيب    السيسي يستقبل رئيس وزراء الأردن    برلماني: توجيهات الرئيس بشأن مشروعات التوسع الزراعى تحقق الأمن الغذائي للبلاد    مستشفى العباسية.. قرار عاجل بشأن المتهم بإنهاء حياة جانيت مدينة نصر    القبض على المتهمين بغسيل أموال ب 20 مليون جنيه    21 مليون جنيه.. حصيلة قضايا الإتجار بالعملة خلال 24 ساعة    دفاع حسين الشحات يطالب بوقف دعوى اتهامه بالتعدي على الشيبي    جهاد جريشة يطمئن الزمالك بشأن حكام نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    مصدر عسكري: يجب على إسرائيل أن تعيد النظر في خططها العسكرية برفح بعد تصريحات بايدن    معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية يسجل 31.8% في أبريل الماضي    اليوم.. وزير الشباب والرياضة يحل ضيفًا على «بوابة أخبار اليوم»    دعاء الامتحانات مستجاب ومستحب.. «رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري»    موعد مباراة الإسماعيلي والداخلية اليوم الخميس بالدوري    تامر حسني يقدم العزاء ل كريم عبدالعزيز في وفاة والدته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"إفريقيا" فى مرمى الأطماع الصهيونية
نشر في الشعب يوم 19 - 06 - 2013

العدو الصهيونى أجّج الصراع بين "دول النيل".. واستغل نفوذه لنهب كنوز القارة السمراء
إسرائيل قدمت مليارات الدولار دعما لمتمردى "جنوب السودان".. وراقبت تحركات الشمال بالأقمار الصناعية
"الاحتلال" قدم مساعدات عسكرية وشرطيه للأنظمة الديكتاتورية للسيطرة على خيرات إفريقيا
المخابرات الصهيونية اجتمعت مع بعض دول "منبع النيل" لتحريضها على تعديل اتفاقيات المياه
تتزايد أهمية إفريقيا يوما بعد يوم بالنسبة للعدو الصهيونى العنصرى، حيث تتصدر القارة السمراء قائمة أولويات واهتمامات السياسة الخارجية لتل أبيب على جميع الأصعدة الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية، وفى سبيل ذلك يأتى التحرك الصهيونى باتجاه تعزيز وجوده وإقامة مرتكزات فى معظم أنحاء القارة، مستخدما كافة السبل والوسائل من أجل سرقة مقدرات وكنوز الشعب الإفريقى.
تعد إفريقيا طريقة للفوز والكسب السريع للكيان الصهيونى؛ فسكانها طيبون وبسطاء، ويدينون بديننا، ويؤمنون بحقوقنا وثوابتنا، ويساندونا فى نضالنا، ولكن العدو الصهيونى يهدف إلى تجريدنا من كل قدرة وطاقة والتآمر على خيراتنا، ولم تكتف دولة الاحتلال بقتل وتشريد الشعب الفلسطينى، وتزييف الحقائق، بل تخطى الأمر إلى التلاعب الخبيث بخيرات إفريقيا، وأهمها سرقة النفط الأبيض "المياه" من شعوب هذه الدول.
تاريخ الصراع الصهيونى مع إفريقيا ومحاولاته الاستيطانية لم تتوقف منذ مئات السنين، فمنذ انعقاد المؤتمر الصهيونى الأول عام 1897م فى مدينة بازل بسويسرا، تطرق ذلك المؤتمر إلى كيفية تأمين مياه الدولة اليهودية التى ستقام على أرض فلسطين، وكان ذلك من خلال مفاوضات بين زعيم الحركة الصهيونية تيودور هرتزل فى سنة 1903م مع الحكومة البريطانية والمندوب السامى فى مصر اللورد كرومر فى عهد الملكة فيكتوريا ووزير خارجيتها اللورد آرثر بلفور صاحب الوعد المشئوم، تم من خلالها الموافقة على توطين يهود العالم فى شبه جزيرة سيناء واستغلال مياه سيناء الجوفية ومن بعدها مياه نهر النيل بالأساس، ورفع زعماء الحركة الصهيونية من وقتها شعار (من نهر الفرات إلى نهر النيل أرضك يا إسرائيل).
سياسات التغلغل
شهدت سياسات التغلغل الصهيونى فى إفريقيا مراحل مختلفة بدأت فى عام 1957م، حيث كان الكيان الصهيونى أول دولة أجنبية تفتح سفارة لها فى أكرا بعد أقل من شهر واحد من حصول غانا على استقلالها، حيث لعبت السفارة الصهيونية فى أكرا دورا كبيرا فى تدعيم العلاقات بين البلدين، وهو ما دفعه إلى افتتاح سفارتين أخريين فى كل من منروفيا وكوناكرى، وذلك تحت تأثير إمكانية الحصول على مساعدات تنموية وتقنية من الكيان الصهيونى.
وتعمقت العلاقات الصهيونية مع قيام جولدا مائير -وزيرة الخارجية الصهيونية آنذاك-عام 1958م بزيارة إفريقيا لأول مرة، حيث اجتمعت بقادة كل من ليبيريا وغانا والسنغال ونيجيريا وكوت ديفوار، وبحلول عام 1966م كانت دولة الاحتلال تحظى بتمثيل دبلوماسى فى كافة الدول الإفريقية جنوب الصحراء، باستثناء كل من الصومال وموريتانيا، ومع ذلك فإن إفريقيا كانت بمنزلة ساحة للتنافس العربى الصهيونى.
قبل حرب أكتوبر 1973م كانت إسرائيل تقيم علاقات دبلوماسية مع خمس وعشرين دولة إفريقية، لكن فى الأول من يناير عام 1974م تقلص هذا العدد ليصل إلى خمس دول فقط هى: جنوب إفريقيا، ليسوتو، مالاوى، سوازيلاند، موريشيوس، وفى عام 1982م أعلنت دولة إفريقية واحدة هى زائير عن عودة علاقاتها مع الكيان الصهيونى، لأن الرئيس موبوتو كان بحاجة ماسة للمساعدات العسكرية الصهيونية ولا سيما فى ميدان تدريب الجيش وحرسه الجمهورى.
قام العدو الصهيونى فى يونيو عام 1982م يغزو لبنان ليؤكد للجميع النزعة الاستعمارية التوسعية والعدوانية، وشهدت هذه المرحلة إعادة تأسيس العلاقات بين الكيان وإفريقيا مرة أخرى، ولا سيما خلال عامى 1991، 1992م، ففى عام 1992م وحده قامت ثمانى دول إفريقية بإعادة تطبيع العلاقات.
التدريبات العسكرية
ركزت دولة الاحتلال الصهيونى فى تفاعلاتها الإفريقية منذ البداية، وحتى فى ظل سنوات القطيعة الدبلوماسية بينها وبين إفريقيا، خلال الفترة من 1973 1983م، على المساعدات العسكرية فى مجال تدريب قوات الشرطة وقوات الحرس الرئاسى لعدد من الدول الإفريقية من بينها الكونغو والكاميرون.
كما أنها تمد دولا إفريقية بالعديد من الخبراء والفنيين العسكريين الإسرائيليين، ورجال المخابرات المدربين، وضباط أمن وعسكريين متقاعدين، ومجموعاتٍ أمنية خاصة لتدريب وحدات المهام الخاصة فى بعض الدول الإفريقية، وتدريب وتأهيل الحراسات الخاصة، والمرافقة الأمنية الشخصية، الخاصة بالرؤساء والوزراء والقادة العسكريين وكبار مسئولى الدولة، حيث يقوم بهذه المهام ضباطٌ متقاعدون، ممن يملكون القدرة والكفاءة.
وصل الأمر إلى قيام بعض الضباط الإسرائيليين فى مناطق التوتر الإفريقية بقيادة المعارك بأنفسهم، والنزول إلى جبهات القتال للإشراف على أداء المجموعات العسكرية، لضمان تفوقهم وانتصارهم، وهو ما تأكد فعلا من خلال مقتل العديد من الضباط الإسرائيليين فى معارك إفريقية داخلية ومنها السودان، فما يهم إسرائيل أن تنتقل المعارك وحالة عدم الاستقرار من جنوب السودان إلى شماله، ومنه إلى مصر التى تربطها بالسودان حدودٌ طويلة.
تشير الإحصاءات التى نشرها مركز التعاون الدولى التابع لوزارة الخارجية الصهيونية أن عدد الأفارقة الذين تلقوا تدريبهم فى مراكز التدريب الصهيونية خلال الأربعين سنة الماضية وصل إلى نحو 24636 إفريقيّا.
السلاح والألماس
ومن جانب التدريب إلى جانب التسليح حيث سارع العدو الصهيونى إلى توفير السلاح للدول الإفريقية بالإضافة إلى التدريب العسكرى، وتفيد الخبرة التاريخية أن إسرائيل تتعامل مع الأشخاص الأفارقة وذوى النفوذ أو الذين لهم مستقبل سياسى فاعل فى بلدانهم، ولعل حالة الرئيس الكونغولى الراحل موبوتو سيسىسيكو تطرح مثالا واضحا، فقد تلقى تدريبا إسرائيليا، ثم أصبح رئيسا للدولة بعد ذلك بعامين، ولا يخفى أن إسرائيل تقوم بتزويد العديد من الدول الإفريقية بالأسلحة مثل إثيوبيا وإريتريا.
فإسرائيل قدمت للمتمردين فى جنوب السودان دعما عسكريا وماليا يقدر بمليارات الدولارات، ومعلومات مهمة بواسطة الأقمار الصناعية عن تحركات الجيش السودانى، حيث قتل عام 1988 خمسة ضباط إسرائيليين فى معارك داخل جنوب السودان، كذلك كانت إسرائيل هى من نقلت المعارك من جنوب السودان إلى شماله.
أصبحت إسرائيل منذ تسعينيات القرن العشرين المورد الرئيس للأسلحة والأجهزة العسكرية والعتاد الحربى وتكنولوجيا الحرب المتطورة، وأجهزة التشويش، إلى العديد من الدول الإفريقية، خاصةً تلك التى تشهد اضطراباتٍ قبلية، وحروبا داخلية أو حدودية مع دولٍ مجاورة.
المصيبة الكبرى أن إسرائيل تعتبر القارة الإفريقية حقلا جاهزا لإجراء الكثير من التجارب فيها، ولكنها تركز فى مبيعاتها للأسلحة إلى الدول الإفريقية على أنواع من الأسلحة الخاصة، كما تعمل إسرائيل على البحث عن أماكن جديدة لإجراء تجاربها المحظورة والمحرمة دوليا ولن تجد مكانا أفضل من الدول الإفريقية لإجراء ذلك، وهو ما كانت تتعاون فيه سابقا مع حكومات جنوب إفريقيا العنصرية، ولكنها خسرت هذه الفرصة مع سقوط النظام العنصرى، وتولى حكوماتٍ ديمقراطية تعارض إسرائيل الحكم فيها.
كما مثلت السفارات الصهيونية فى دول إفريقيا أوكارا للتجسس ولتوقيع العقود، وإبرام الصفقات العسكرية والأمنية، ومكاتب متخصصة لمختلف الاستشارات الفنية، فى الوقت الذى تقوم فيه بالتجسس على المواطنين، ويساعدهم فى ذلك مجموعات متمردة فى هذه الدول ممن يظاهرون الحكومة بالعداء، ويقاتلونها لإسقاطها أو الانفصال عنها، وقد أعلن عددٌ من قادة المتمردين عن زياراتهم المتكررة لإسرائيل، ولقاءاتهم مع مسئولين فيها.
تعمل إسرائيل على ألا يكون لدول مثل إيران والصين وأحيانا روسيا موطئ قدم فى إفريقيا، أو أن تتعاظم قوتهم فيها، لهذا فإنهم وحدهم أو بالتنسيق مع حلفائهم، يحاولون مجابهة إيران تحديدا، وقطع خيوطها فى إفريقيا، ومنعها من أن تتغلغل فيها أكثر.
أطماع تاريخية
قضية مياه النيل وأطماع العدو الصهيونى قديمة ومعروفة فهى تلعب دورا غير مباشر فى صراع المياه بين دول حوض النيل استفادة من نفوذها الكبير فى دول مثل إثيوبيا وكينيا ورواندا، حيث كشفت أزمة مصر مع دول حوض النيل النقاب عن أن توسع الأطماع الصهيونية داخل القارة الإفريقية ليس لها حدود، وهو ما أكده انقلاب دول حوض النيل على مصر والسودان وتوقيعها لاتفاقية إطارية لتوزيع مياه النيل لم يكن بشكل مستقل نابع منها بل بتحريض وتوجيه من أطراف لا تريد لهاتين الدولتين الاستقرار، خاصة بعد إعلان مشاركة عدد من المؤسسات الصهيونية فى بناء السدود والمشاريع الزراعية فى دول حوض النيل وإثيوبيا تحديدا.
ومع تفجر الصراع فى منطقة البحيرات العظمى بعد الإطاحة بنظام موبوتو فى الكونغو الديمقراطية، حاولت إسرائيل المساهمة فى إعادة ترتيب الأوضاع وذلك تحت المظلة الأمريكية التى تقوم بدور نشط فى هذه وتلك بتشجيع جيل من القادة الجدد الذين ينتمون إلى الأقليات فى بلدانهم ويرتبطون مع الولايات المتحدة -وبالطبع إسرائيل- بعلاقات وثيقة، ومن هؤلاء ميلس زيناوى فى إثيوبيا، وأسياسى أفورقى فى إرتيريا، وجون جارانج فى جنوب السودان، ويورى موسيفينى فى أوغندة، وبول كاجامى فى رواندا.
إسرائيل ومنذ نشأتها تتعامل مع قضية المياه من منطلقات جيو سياسية، فأطماعها تعدت مياه النيل، ففى عام 1990م قامت إسرائيل بدراسة عن طريق الأقمار الاصطناعية لتقدير كمية المياه الجوفية المخزنة فى صحراء شبه جزيرة سيناء، وقامت بحفر آبار ارتوازية على عمق 800م بالقرب من الحدود المصرية فى سيناء وهى بذلك تقوم بسرقة المياه المصرية، كما نجحت فى سرقة مياه نهر الأردن واليرموك والليطانى ومياه فلسطين، وعملت بكل قوة على إبعاد سوريا عن نهر الأردن وبحيرة طبرية، وبتحريض منها أيضا بدأت بعض دول المنبع المطالبة بالمحاصة المتساوية فى نهر النيل، ومطالبة دول المصب أى مصر والسودان بدفع أثمان مياه نهر النيل.
النفط الأبيض
فى عام 1974م طرحت دولة الاحتلال مخططا يقضى بنقل مياه نهر النيل إليها، عبر حفر ست قنوات تمر من تحت قناة السويس لنقل ما يقارب المليار م3 من المياه المصرية سنويا إلى صحراء النقب، حيث صمم حينها المهندس الإسرائيلى (اليشع كيلى) مشروعا لمحاولة جلب مياه النيل لإسرائيل من خلال توسيع ترعة الإسماعيلية، حتى يزيد معدل تدفق المياه داخلها وسحبها من أسفل قناة السويس.
كما طرحت إسرائيل أكثر من مرة قضية مياه نهر النيل وطالبت بحصولها على 10 ما يقارب 8 مليار م3 سنويا لحل مشكلة المياه فيها، وتعمل من أجل ذلك على إرسال عشرات الخبراء فى العديد من المجالات مثل الزراعة والرى والخبراء العسكريين إلى دول حوض النيل وخاصة ( أوغندا، تنزانيا، كينيا،وإثيوبيا) لتطويق مصر والسودان مائيا وتهديد أمنهما القومى والتسبب فى نزاعات قد تتطور إلى خوض حروب على المياه بين دول المنبع والمصب فى حوض النيل، وأزمة سد النهضة حاليا أكبر دليل.
تذكر بعض التقارير أن المخابرات الصهيونية عملت على عقد اجتماعات أمنية مع بعض دول حوض النيل، من أجل تحريضها والضغط على مصر لتعديل اتفاقية دول الحوض وتقديم مساعدات مالية مغرية وسخية وتقنيات حديثة من أجل بناء سدود ومشروعات زراعية فى كل من إثيوبيا وأوغندا، هذه "المساعدات" التى تقوم بها إسرائيل تتجاوز حدود ما يسمى "بالمنافسة الدبلوماسية" مع مصر، لأن الموضوع بالنسبة إلى إسرائيل يتمثل فى تحقيق حلمها القديم بالوصول إلى مياه النيل.
فى هذا السياق أيضا تتواصل الضغوط الأمريكية والصهيونية على مصر من أجل تنازلها وقبولها ببعض التعديلات على اتفاقية دول الحوض الموقعة عام 1929م بين الحكومة المصرية وحكومات دول المنبع، والتى تعطى لمصر حق النقض (الفيتو) ضد إنشاء أى دولة من دول المنبع مشروعات جديدة على نهر النيل أو أى من أفرعه.
تمزيق السودان
تعمل إسرائيل على الدوام على تهديد الأمن الوطنى السودانى منذ عام 1952م، فقبل أن ينال السودان استقلاله قامت الدولة العبرية بدعم ومساعدة التمرد بالجنوب لإضعاف قوى الشمال ذات الارتباط العربى، فقد صنَّفت إسرائيل السودان على أنه دولة معادية لها، نتيجة لمشاركة كل وحدات الجيش السودانى القتالية بالفعل فى الصراع ضد إسرائيل فى حرب أكتوبر 1973 م، وجعل أرضه فى الشمال الشرقى تحت تصرف القيادة المصرية لنصب صواريخ أرض جو لإفشال أى عملية التفاف على الجيش المصرى لضرب السد العالى، ولم تغيِّر العلاقة التى نشأت بين المخابرات السودانية والإسرائيلية فى عهد الرئيس السابق جعفر محمد نميرى من توصيف الحالة بين إسرائيل والسودان، بدليل أن إسرائيل رغم نجاحها فى وجود علاقة مع مركز القيادة السودانية إلا أنها لم تتوقف عن دعمها لحركة التمرد فى الجنوب.
يجب أن نعى مدى خطورة المؤامرة على وحدة السودان وتمزيق الشمال عن الجنوب، فما هو إلا جزء من الاستراتيجية الصهيونية منذ أكثر من نصف قرن، فمنذ خمسينيات القرن الماضى شكل مؤسس دولة إسرائيل ديفيد بن جوريون فريق عمل صهيونيّا لوضع الاستراتيجيات اللازمة لاختراق الدول العربية، وخاصة دول الطوق ودول المحيط، ومن أبرز هذه الدول السودان.
إن محاولة تفكيك السودان وإضعافه ليست وليدة سياسات إسرائيلية جديدة، بل ومنذ عشرات السنين ديفيد بن جوريون قال: إن الجهد الإسرائيلى لإضعاف الدول العربية لا يجب أن يحشد على خطوط دول المواجهة فقط، بل فى الجماعات غير العربية التى تعيش على التخوم فى شمال العراق وجنوب وغرب السودان وفى جبال لبنان.
الدولية للتعاون والتنمية
أنشأت وزارة الخارجية الإسرائيلية فى داخلها "المؤسسة الدولية للتعاون والتنمية" (MASHAV)، التى تقوم بمهام الربط ما بين مؤسسات الدولة وشركات القطاع الخاص لإحداث اختراق إسرائيلى محكم للقارة الإفريقية، ويعد جهاز التعاون الدولى الإسرائيلى أحد أزرع وزارة الخارجية فى تنفيذ وتحقيق سياساتها فى القارة الإفريقية.
وأبرز الأنشطة (51) التى يعمل فيها "MASHAV" إقامة المزارع وتأسيس غرفة للتجارة الإفريقية الإسرائيلية، وتقديم الدعم فى مجالات الزراعة والصحة والتعليم والتنمية الاقتصادية، وتقديم الخبراء والخبرات فى بعض المجالات التكنولوجية والعلوم التطبيقية، بالإضافة لتقديم المنح والقروض والدورات التدريبية فى العديد من الأنشطة التى تحتاجها دول القارة الإفريقية، من خلال التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية والسفارات الأجنبية، وبصفة خاصة هيئة المعونة الأمريكية "USAID" التى نشطت على ضوء مبادرة كلينتون للشراكة مع إفريقيا.
ويتركز نشاط "الماشاف" على فئات معينة مثل القادة والنساء والخبراء والشباب الذين سيصحبون صنّاع السياسة مستقبلا، ويتجه نشاطه للتركيز على التجمعات الإسلامية والعربية التى تعارض تطبيع العلاقات مع إسرائيل للحصول على تأييدها فى دول مثل كينيا وأوغندا وإثيوبيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.