محافظ بني سويف: زراعة 100% من المستهدف بالمرحلة الثانية من مبادرة 100 مليون شجرة    الناتو يوافق على مهمة دعم وتدريب لأوكرانيا    كندا ترسل 2300 صاروخ من طراز "CRV7" إلى أوكرانيا    خبير: كلمة الرئيس السيسي بمؤتمر غزة خاطبت الشعور الإنساني العالمي    «أولمبياد باريس 2024 الأخيرة».. رافائيل نادال يعلن موعد اعتزاله التنس    «حاجة تكسف».. تعليق ناري من أيمن يونس على تصريحات محمد عبدالوهاب    بروكسي: ندرس عدم مواجهة الزمالك في بطولة الكأس    السجن المشدد 3 سنوات وغرامة 50 ألف جنيه لمتهم بحيازة حشيش وسلاح في الشرقية    حبس عاطلين بتهمة سرقة هواتف المواطنين بالأزبكية    السجن من 3 ل7 سنوات للمتهمين بقتل الطفلة ريتاج بمدينة نصر    دعاء يوم عرفة 2024.. الموعد وفضل صيامه والأدعية المستحبة    محافظ الشرقية يفتتح النصب التذكاري للشهداء    تخرج الدورة الأولى للمعينين بالهيئات القضائية من الأكاديمية العسكرية المصرية    الأنبا تيموثاوس يدشن معمودية كنيسة الصليب بأرض الفرح    الكويت: حبس مواطن ومقيمين احتياطا لاتهامهم بالقتل الخطأ فى حريق المنقف    يورو 2024.. نزلة برد تجتاح معسكر منتخب فرنسا    تطورات جديدة في بلاغ سمية الخشاب ضد رامز جلال    اليوم.. نتفليكس تعرض فيلم الصف الأخير ل شريف محسن    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الجمعة 14-6-2024، السرطان والأسد والعذراء    وزير التجارة يبحث مع اتحاد المصنعين الأتراك مقومات الاستثمار بمصر    أسواق عسير تشهد إقبالًا كثيفًا لشراء الأضاحي    تعرف على شروط الخروج على المعاش المبكر 2024.. للقطاعين (الخاص والعام)    رضا عبد العال: أرفض عودة بن شرقي للزمالك    قرار جمهوري بتعيين الدكتور فهيم فتحي عميدًا لكلية الآثار بجامعة سوهاج    محاولة اختطاف خطيبة مطرب المهرجانات مسلم.. والفنان يعلق " عملت إلى فيه المصيب ومشيته عشان راجل كبير "    رئيس صندوق التنمية الحضرية يتابع الموقف التنفيذي لمشروع "حدائق تلال الفسطاط"    وكيل الصحة بمطروح يتابع سير العمل بمستشفى مارينا وغرفة إدارة الأزمات والطوارئ    «يوم الحج الأعظم».. 8 أدعية مستجابة كان يرددها النبي في يوم التروية لمحو الذنوب والفوز بالجنة    فطار يوم عرفات.. محشي مشكل وبط وملوخية    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن الأقصر    مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية يحذر من مصدر جديد للأمراض في غزة    صور | احتفالا باليوم العالمي للدراجات.. ماراثون بمشاركة 300 شاب بالوادي الجديد    نقيب الأشراف مهنئًا بالعيد: مناسبة لاستلهام معاني الوحدة والمحبة والسلام    انفجار مولد الكهرباء.. السيطرة على حريق نشب بمركز ترجمة بمدينة نصر    قطع الكهرباء عن عدة مناطق بطوخ الجمعة (موعد ومدة الانقطاع)    بيان عاجل بشأن نقص أدوية الأمراض المزمنة وألبان الأطفال الرضع    آداب عين شمس تعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أكتوبر 2024    مصرع مواطن صدمته سيارة أثناء عبوره لطريق الواحات    ضبط نجار مسلح أطلق النار على زوجته بسبب الخلافات فى الدقهلية    أمل سلامة: تنسيقية شباب الأحزاب نموذج للعمل الجماعي    باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي.. ضبط تشكيل عصابى تخصص فى النصب على المواطنين    المفتى يجيب.. ما يجب على المضحي إذا ضاعت أو ماتت أضحيته قبل يوم العيد    إيران: ما يحدث بغزة جريمة حرب ويجب وقف الإبادة الجماعية هناك    عاجل| رخص أسعار أسهم الشركات المصرية يفتح شهية المستثمرين للاستحواذ عليها    بالأسماء.. غيابات مؤثرة تضرب الأهلي قبل موقعة فاركو بدوري نايل    وزارة الصحة تستقبل سفير السودان لبحث تعزيز سبل التعاون بالقطاع الصحى بين البلدين    محافظ القليوبيه يتابع أعمال إنشاء مستشفى طوخ المركزي    يوم عرفة.. إليك أهم العبادات وأفضل الأدعية    حملة مرورية إستهدفت ضبط التوك توك المخالفة بمنطقة العجمى    «معلومات الوزراء»: 73% من مستخدمي الخدمات الحكومية الإلكترونية راضون عنها    وزيرة التخطيط تلتقي وزير العمل لبحث آليات تطبيق الحد الأدنى للأجور    بالتعاون مع المتحدة.. «قصور الثقافة»: تذكرة أفلام عيد الأضحى ب40 جنيهاً    حريق هائل في مصفاة نفط ببلدة الكوير جنوب غرب أربيل بالعراق | فيديو    البرازيل تنهي استعداداتها لكوبا 2024 بالتعادل مع أمريكا    هاني سعيد: المنافسة قوية في الدوري.. وبيراميدز لم يحسم اللقب بعد    القائمة الكاملة لأفلام مهرجان عمان السينمائي الدولي في نسخته الخامسة    هشام عاشور: "درست الفن في منهاتن.. والمخرج طارق العريان أشاد بتمثيلي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أجل مصر لا من أجل "الإخوان المسلمون"
نشر في الشعب يوم 19 - 06 - 2013

مصر الآن بين كفى الرحى: الانفلات الأمنى الممنهج وتردى الأداء
مؤسسة الرئاسة والحكومة ليس لديها من يقرأ أو يحلل ويقدم ذلك لمتخذ القرار ليتخذ القرارات بناء على توجهات الرأى العام
حزب العمل لم يعتد طرق أبواب المسئولين لتقديم ما لديه من رؤى
فعالية 30 يونيه ليست سياسة بقدر ما هى اشتياق لكرسى السلطة فالقوى المناوئة للرئيس تعمل على إسقاطه منذ اليوم الأول لانتخابه
مظاهرات المعارضة وإن بدأت سلمية إلا أن أغلبها انتهى بأحداث دامية أريق فيها دماء الكثيرين
توقيعات حركة تمرد تجاوب معها شريحة كبيرة من الشعب الذى عانى لسنوات من شظف العيش والمشكلات الحياتية، فى الوقت نفسه الذى لم ينجح فيه النظام الحاكم فى التخفيف من آلام هذه الطبقات
الدكتور مرسى يصدر حركة المحافظين بتشكيل ضار وفى توقيت خاطئ وسيئ
مصر الآن بين كفى الرحى: "الانفلات الأمنى الممنهج والمخطط فى كافة أنحاء القطر" من جهة و "تردى الأداء على كافة مستوياته" من جهة أخرى، بين "مكايدة العلمانيين" و"عناد الإسلاميين فى الحكم".. والخاسر هو مصر.
لقد كتبت مقالا بعنوان "رؤية استراتيجية للوصول بمصر لبر الأمان" بتاريخ 11 ديسمبر 2012 وآخر بعنوان "جرعة من حبوب الصراحة - جبهتا الإنقاذ والضمير وحزب النور وحوار الرئاسة" بتاريخ 18 فبراير 2013، وثالثا بعنوان "تردى الأداء - الانفلات الأمنى المخطط - دكتور مرسى: إلى متى الانتظار؟" بتاريخ 23 مارس 2013، وتبنى الحزب مبادرة شعبية فى إبريل 2013 وحتى آخر مايو 2013 وجمع عليها توقيعات شعبية، ولكن يبدو أن ما نكتبه لا يقرأ، وإذا قرئ لا يهتم به ولا يناقش ولا يعقب عليه، مجرد مقالات تسود بها الصحف، ويبدو أن مؤسسة الرئاسة والحكومة ليس لديها من يقرأ أو يحلل ويقدم ذلك لمتخذ القرار ليتخذ القرارات بناء على توجهات الرأى العام، كما أننا لم نتعود على طرق أبواب المسئولين لتقديم ما لدينا من رؤى.
30 يونيه 2013
القضية للأسف ليست سياسة وموضوعية بقدر ما هى اشتياق لكرسى السلطة، فمنذ اليوم الأول لانتخاب الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية فى 30 يونيه 2012 والقوى الرافضة له وبتعاون وتنسيق مع فلول النظام السابق والثورة المضادة داخل وخارج مصر، مستثمرة حالة الاحتجاج الشعبى وصعوبة الأمور الحياتية لدى أغلبية الشعب، منذ ذلك الوقت وهذه القوى تتحرك لإسقاط الرئيس طمعا فى كرسى الرئاسة وبغير طريق الانتخابات، ولم تنجح هذه القوى فى محاولاتها المتوالية والتى لم تتوقف. خرجت هذه القوى فى "مليونية إسقاط الإخوان" و"مليونية رفض أخونة الدولة ومحاكمة العسكر" فى 24، 31 أغسطس 2012، وتوالى الخروج وفقا لما أحصته جريدة الشعب فيما سمى بمليونيات "إنذار - كشف الحساب - مصر مش عزبة - عيون الحرية - للثورة شعب يحميها - الكارت الأحمر - لا للاستفتاء - القصاص - لا لدولة الإخوان - جمعة الخلاص - جمعة الكرامة والرحيل - خلع مرسى - كش ملك - محاكمة نظام مرسى - عايزين نشتغل - الفرصة الأخيرة - رد الكرامة - ما بنتهددش - إعدام مبارك وإسقاط مرسى - استقلال القضاء وإسقاط الشرعية - العودة للميدان - القصاص وإسقاط مرسى". 22 تظاهرة مسماة بالمليونية فى الفترة من 21 سبتمبر 2012 حتى 24 مايو 2013 (ثمانية شهور) ثم كان الإعلان عن فاعليتهم القادمة بعنوان "مليونية تمرد" فى 30 يونيه القادم.
ويلاحظ على هذه الفعاليات ما يلى:
• أنها لم تنجح حتى الآن فى تحقيق غايتها الرئيسية فى إسقاط رئيس الجمهورية، وإن كانت قد نجحت فى تقليص جزء معتبر من شعبيته بدعم من إعلام الفلول والثورة المضادة.
• ورغم أن هذه القوى تدعى أنها قوى ديمقراطية إلا أنها لم تجد حرجا فى رفع شعار "إسقاط الشرعية".
• أن أعداد هذه الفعاليات تراوحت بين عدة آلاف ومئات الآلاف، وإن تخطت حاجز المليون فى إحداها أو بعض منها.
• أن الفاعليات كانت ردود أفعال بدرجة كبيرة، ويبدو ذلك من عناوينها؛ فبعد كشف الحساب والكارت الأحمر والخلاص والرحيل يأتى خلع مرسى ثم يعودوا ليقولوا "كش ملك"، ثم يتراجعون إلى "محاكمة نظام مرسى"، ثم يعطوه "الفرصة الأخيرة"، ثم يعودون ل"إسقاط مرسى" مرتين.
• أن هذه الفعاليات وإن بدأت سلمية إلا أن أغلبها انتهت بأحداث دامية أريق فيها دماء الكثيرين.
• أن فعالية 30 يونيه اكتسبت زخما كبيرا بتوقيعات حركة تمرد التى تجاوب معها شريحة كبيرة من الشعب التى عانت لسنوات من شظف العيش والمشكلات الحياتية، فى الوقت نفسه الذى لم ينجح فيه النظام الحاكم فى التخفيف من آلام هذه الطبقات بدرجة ملموسة، وفى ظل ممانعة بل وتخريب الجهاز الإدارى للدولة الذى خلفه نظام مبارك
رؤية استراتيجية للوصول بمصر لبر الأمان
ما من شك أن مصر تمر بأزمة حادة ورياح سياسية عاصفة تبتعد بها بعيدا عن بر الأمان، ومن ينكر ذلك يدفن رأسه فى الرمال. دعونا ننظر للأمر بمنظور استراتيجى.
وفى ظل حالة الاستقطاب الذى تعيشه مصر بين المؤيدين والمعارضين، فإن لكل فريق رؤيته وغايته وأهدافه الاستراتيجية.
الغاية الاستراتيجية
تجاوز حالة الانفلات الأمنى الذى شهدته مصر منذ ثورة 25 يناير، وتحقيق الاستقرار اللازم للتنمية لتجاوز حالة الخراب التى أوصلنا إليها نظام مبارك البائد وطول الفترة الانتقالية.
بالقطع فإن هذه الغاية الاستراتيجية لا يمكن الاختلاف عليها، إلا أن "تحقيق الاستقرار اللازم للتنمية" سيكون محلا للخلاف، ففى الوقت الذى يرى فيه التيار الإسلامى أن الاستقرار ضرورة للتنمية بعد عامين ونصف العام من الفوضى والانفلات الأمنى، وأن هذا الاستقرار يستوجب احترام شرعية الرئيس المنتخب، وإنهاء المرحلة الانتقالية باستكمال مؤسسات الدولة التشريعية وتشكيل حكومة تعبر عن إرادة الشعب.
فى المقابل نجد التيار المعارض يرفض احترام شرعية الرئيس ويطالب بانتخابات رئاسية مبكرة!
الأهداف الاستراتيجية
والغاية الاستراتيجية السابقة يترجمها التيار المؤيد للشرعية إلى أهداف استراتيجية عدة فى المرحلة الآنية حتى 30 يونيه 2013:
1) احترام شرعية الرئيس المنتخب واحترام الاستحقاق الدستورى الخاص به. (محل خلاف بين القوى السياسية المتصارعة).
2) سرعة إنهاء المرحلة الانتقالية (للأسف أيضا محل خلاف بين القوى السياسية المتصارعة).
3) حق الجميع فى التعبير عن الرأى والتظاهر السلمى دون تورط فى أعمال عنف حقنا لدماء المصريين.(هل تكون هذه أيضا محل خلاف؟).
دعونا نعرض مساحات الخلاف فى تلك الأهداف الاستراتيجية، ونجيب على تساؤل: هل يمكن أن تكون محل اتفاق أم أن صوت الخلاف والعنف والفوضى سيكون الأعلى؟
شرعية الرئيس
إن الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية رئيس منتخب بإرادة شعبية حتى وإن تجاوز حاجز الخمسين فى المائة بقليل، إلا أن الاستحقاق الدستورى أعطى الحق للرئيس المنتخب فى استكمال مدته الدستورية حتى عام 2016. أى أن شرعية الرئيس ليست ممتدة فقط من انتخابه رئيسا للجمهورية بل ومن أصوات 64.00% من الناخبين الذين صوتوا لصالح الدستور الذى أعطاه حق استكمال مدته.
وهنا يحلو للبعض المقارنة بين 25 يناير 2011 و30 يونيه 2013 وبين الدكتور مرسى الرئيس المنتخب والرئيس المخلوع، ونقولها واضحة -ورغم خلافاتنا المعلنة مع الدكتور مرسى فى سياساته الداخلية والخارجية- إن محمد مرسى ليس حسنى مبارك وإن 30 يونيه ليس 25 يناير للأسباب التالية:
• إن الدكتور محمد مرسى رئيس منتخب فى حين أن مبارك كان مغتصبا للسلطة بالتزوير.
• إن الدكتور مرسى لم يثبت خيانته أو فساده على عكس الرئيس المخلوع -الكنز الاستراتيجى للكيان الصهيونى- المحاصر لغزة المصدر للغاز للكيان الصهيونى.
• إن 25 يناير حظى بإجماع جل الشعب المصرى فى حين أن 30 يونيه يشهد انقساما حادا فى الشارع المصرى.
• وكما جاء فى بيان حزب العمل فإن المطالبة بإسقاط رئيس الجمهورية فى غيبة الشرعيات الأخرى وفى ظل انقسام الوطن بين قوى مؤيدة ومعارضة وفى ظل استقطاب وطنى حاد يدفع بالوطن إلى حافة هاوية لن ينجو منها الوطن إلا بعد سنوات طويلة.
• إن القوى المطالبة بإسقاط الرئيس مرسى لم تقدم البديل الديمقراطى، واقترحت العودة للمربع رقم صفر -25 يناير 2011- باختيار مجلس رئاسى من ثلاثة أو أربعة، منتهى الديمقراطية (والكرسى اللى يشيل واحد يشيل أربعة خاصة فى ظل أزمة الكراسى الرئاسية) ولا أدرى كيف سيكون هذا الاختيار الديمقراطى؟ هل سيكون بالهوى؟ أم بالطسة (القرعة)؟ أم عن طريق الكراسى الموسيقية حول الصينية الرئيسية بميدان التحرير؟ إن هذا البديل كما يقول الأستاذ مجدى أحمد حسين رئيس الحزب لا يعنى سوى الدماء والفوضى والحرب الأهلية.
إنهاء المرحلة الانتقالية
فى الوقت الذى نرى فيه ضرورة إنهاء المرحلة الانتقالية بأسرع وقت ممكن يريد الطرف المعارض العودة إلى المربع رقم صفر بتشكيل مجلس رئاسى (لا يعلمون كيف سيتم التوافق عليه؟) ثم إلغاء الدستور وتشكيل أو انتخاب جمعية تأسيسية (للأسف أيضا لا يعرفون كيف سيتم انتخابها) ثم صياغة دستور جديد (لا يعرفون كيف سيتم التوافق عليه) ثم استفتاء عليه- ثم صياغة قوانين ممارسة الحقوق السياسية وانتخابات البرلمان ورئيس الجمهورية وربما السلطة القضائية) ثم إجراء انتخابات البرلمان فالرئيس أو العكس ومعارك سياسية صباح مساء- بعد كل ذلك نبحث عن لقمة العيش والتنمية والعدل الاجتماعى، سنتين ثلاث خمس، غير مهم.. فأمامنا مزيد من الوقت فإن لم يكن أمامنا فأمام الأجيال القادمة.
هذا إذا قبل التيار المؤيد للدكتور مرسى وهو افتراض غير صحيح، لأنهم كما صرح أحد رموز التيار الجهادى: إذا أسقط مرسى من ميدان الاتحادية فإنه سيحجز مكانا فى نفس الميدان لإسقاط الرئيس أو المجلس الرئاسى القادم لتستمر العجلة الخبيثة فى الدوران، ولك الله يا مصر ويا شعب مصر.
فإذا كان هذا منهج القوى المعارضة لبدء مرحلة انتقالية جديدة، فما هو منهجنا لإنهاء المرحلة الانتقالية كما أشرنا فى الأهداف الاستراتيجية؟
صلاحيات رئيس الحكومة تنافس صلاحيات رئيس الدولة
إن الخروج من المأزق الحالى كما يراه حزب العمل يتطلب سرعة استكمال مؤسسات الدولة وفقا للاستحقاقات الدستورية وإنهاء المرحلة الانتقالية فى أسرع وقت ممكن.
وبالتالى فإن حزب العمل الجديد يطالب بسرعة التوافق بين مجلس الشورى والمحكمة الدستورية على قانونى ممارسة الحقوق السياسية وانتخاب مجلس النواب، وإقرارهما، وإجراء الانتخابات البرلمانية والتى ستفرز مجلسا معبرا عن الخريطة السياسية فى مصر- والتى تغيرت بصورة أو بأخرى فى العامين الماضيين- ومن الغالب بالتالى ألا يحتكر فيها أى فصيل سياسى للأغلبية، وما سيتلو ذلك من تشكيل حكومة وطنية تعبر عن إرادة الشعب لها رئيس يتمتع بصلاحيات واسعة تنافس سلطات رئيس الجمهورية، بما يحقق التوازن فى الحكم وعدم انفراد رئيس الجمهورية بصلاحيات مطلقة.
فإذا صدق زعم المعارضة بأن لها الأغلبية فى الشارع، وأن حركة تمرد قد جمعت خمسة عشر مليونا من الأصوات ضد الدكتور مرسى والتيار الإسلامى فلماذا الخوف إذن من الانتخابات؟ ولماذا لا تخوض المعارضة الانتخابات وتحصل على الأغلبية أو الأكثرية وتشكل الحكومة وتختار رئيسها ليكون منافسا بصلاحياته الواسعة لرئيس الجمهورية؟.
هنا يرتفع صوت جبهة إنقاذ وتمرد والقوى المؤيدة لها بأن الحكومة الحالية ستزور الانتخابات -دون أى دليل مادى معها- ولكن الدكتور مرسى -للأسف- يعطيها الدليل بحركة المحافظين الأخيرة بتشكيل يضر أكثر مما ينفع وفى هذا التوقيت الضار والسيئ.
هل نخلص النية وتتقدم المعارضة بمقترحاتها الخاصة بقانون ممارسة الحقوق السياسية وانتخابات مجلس النواب بدلا من توجيه الاتهامات بالتزوير لانتخابات لم تبدأ بعد وتحت إشراف قضاء يتغنون بنزاهته وشموخه وقدسيته؟
بقدر تأييدنا لحق التظاهر السلمى بقدر رفضنا للعنف
يؤكد الهدف الاستراتيجى الثالث على "حق الجميع فى التعبير عن الرأى والتظاهر السلمى دون تورط فى أعمال عنف حقنا لدماء المصريين". وتساءلنا: هل تكون هذه أيضا محل خلاف؟ وللأسف فإنها محل خلاف وإن لم يجرؤ أحد على الجهر بذلك، فكما أشرنا فإن أغلب فعاليات المعارضة وإن بدأت سلمية إلا أنها انتهت بأحداث دامية أريق فيها دماء الكثيرين.
تشير جميع المعلومات أن أدوات العنف ورموزه تملأ الشارع المصرى: رموز النظام البائد التى اتهمت بالتحريض على العنف إما برءوا وإما أطلق سراحهم، زبانية حبيب العادلى من مساعديه وضباط أمن دولته أحرار طلقاء، آلاف البلطجية الذين كان يستعين بهم حبيب العادلى أحرار طلقاء، الآلاف من قطع السلاح دخلت مصر، المئات أو الآلاف من قطع السلاح (الميرى) سرقت، عناصر بلاك بلوك الذين ضبطوا متلبسين أفرجت عنهم النيابة أو أطلق سراحهم!!! أفراد وضباط الشرطة يحتاجون إلى إمكانات وتدريب وإعادة تأهيل، وهناك بلاغات محددة ضد بعض رموز النظام السابق والمعارضة متهمين بالتآمر ولم يتم التحقيق فيها حتى الآن. بعد كل هذه المعلومات وبعد أغلب التظاهرات السابقة التى انتهت بأحداث عنف دامية هل نتوقع سلمية التظاهرات القادمة. نكررها مرة أخرى "بقدر تأييدنا لحق التظاهر السلمى بقدر رفضنا للعنف".
الانفلات الأمنى المخطط الجذور والتداعيات
"الفوضى الخلاقة" منهج اعتمدته وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق منذ ما يقرب من عشرة أعوام للتغيير فيما يسمونه بمنطقة الشرق الأوسط، وهو يقترب من منهج "الفوضى المدمرة" الذى اعتمده حبيب العادلى -آخر وزراء داخلية مبارك- بفتح السجون وحجز الأقسام ليطلق الجنائيين والمجرمين والبلطجية على الشعب والثوار لوأد ثورة 25 يناير، تلك الخطة التى أفشلتها وتصدت لها اللجان الشعبية التى شكلها الشعب على رأس كل شارع، ومدخل كل ميدان، والتى كان ضحيتها شهيد الشرطة اللواء محمد البطران -مدير السجون- الذى رفض الامتثال لقرار حبيب العادلى بفتح السجون.
إن للانفلات الأمنى جذورا أدت إلى تفاقم الأحداث طوال العامين الماضيين، وهناك متهمون من القيادات الأمنية السابقة وربما الحالية، ومن فلول النظام السابق ومن المعارضين لرئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى ممن تستر عليهم النائب العام السابق بعد إفساد الأدلة فى ظل إدارة المجلس العسكرى برئاسة المشير طنطاوى.
أين هى عناصر الأمن الوطنى والمخابرات والشرطة العسكرية الذين عرفوا وحددوا من هو الطرف الثالث طوال العامين والنصف السابقين؟ من هو المجهول الذى تحدثوا عنه وصور فى الفضائيات وكاميرات الفيديو والمحمول لتفرج عنه نيابة النائب العام السابق؟ من هو اللهو الخفى المتهم بأحداث القتل والتخريب؟.
هل يمكن أن نطلق على ما حدث طوال العام الماضى مظاهرات سلمية؟ أو حتى مظاهرات؟ هل هذا تظاهر أم بلطجة؟ هل هذه معارضة لنظام الحكم أم مؤامرة لإسقاطه والخروج على شرعيته؟
إنه القصاص الذى غاب فى العهد البائد فكانت ثورة 25 يناير وظل غائبا بعد الثورة وطوال عامين، وكأن الحياة قد توقفت، وكأن مصر لا يوجد بها قضاء ليقيم القصاص، حتى كانت السخرية "مهرجان البراءة للجميع"، لم يتم القصاص طوال عامين، وطالما لم يتم القصاص سيستمر الانفلات الأمنى. لقد تفاءلنا خيرا بالنائب العام الجديد وبنيابة الثورة ولكننا سمعنا ضجيجا ولم نرَ طحنا فإلى متى؟!
القيم الحاكمة
وكما اختلفنا فى الغاية والأهداف الاستراتيجية سنختلف حول القيم الحاكمة مع معارضى الدكتور مرسى وربما مع مؤيديه أيضا، ولكن ما المانع من الاختلاف؟ علنا نجلس على مائدة الحوار لنتوافق.
فى هذا الإطار يحكمنا مجموعة من المحددات والقيم الحاكمة:
1) احترام إرادة الشعب التى عبر عنها من خلال ثورته المباركة ومن خلال استفتاء 19 مارس 2011 ودستور 2012 وانتخاب المجالس التشريعية ورئيس الجمهورية كخطوة مهمة على طريق الديمقراطية.
2) احترام شرعية رئيس الجمهورية، والحرص على هيبته وهيبة الدولة.
3) احترام سيادة الدستور والقانون مع الإقرار بضرورة تحقيق توافق أكبر حول الدستور بتعديل بعض المواد المختلف عليها.
4) احترام حق التظاهر السلمى وحرمة الدماء إلى أقصى مدى، ورفض قانون التظاهر وإدانة البلطجة وتخريب المنشآت.
5) احترام المعارضة ومخالفة الرأى وحق تداول السلطة ديمقراطيا، وفى المقابل إدانة وتجريم التآمر الذى يستهدف الشرعية ومقدرات شعب مصر العظيم.
6) احترام التعددية السياسية، والإقرار بأن مصر وطن لجميع أبنائها.
7) احترام الأغلبية للأقلية، وأخذ رأيها بعين الاعتبار، واحترام المنهج المؤسسى الديمقراطى فى صناعة القرار.
تقييم الوضع الراهن - تردى الأداء
موقفنا فى حزب العمل موقف ثابت مؤيد للشرعية، ولكنه فى الوقت نفسه موقف الناصح لنظام الحكم من باب "الدين النصيحة"، والذى انتقل إلى موقف المعارض عندما تراجع الأداء، ولقد وثقنا فى مقال سابق مواقفنا المخالفة للرئيس مرسى ولحكومة الدكتور قنديل، ونسرد بعضها هنا باختصار حتى لا يتهمنا البعض بالمزايدة على السيد الرئيس أو حزب الحرية والعدالة لأغراض حزبية ضيقة، فما نكتبه موثق وبالتاريخ وليس وليد اللحظة:
موقفنا الرافض للفريق الرئاسى منذ اللحظة الأولى فى 29 أغسطس 2012، وأنه كان من الأفضل أن يكون الفريق الاستشارى مرنا وقابلا للتغيير. أى أننا تحفظنا وتوقعنا عدم نجاح الفريق الاستشارى منذ تسعة شهور، وبعد تشكيل هذا الفريق بأيام، وهو ما حدث فى الأسابيع أو الشهور القليلة الماضية، وكانت قمة الأحداث الدرامية فى إقالة الدكتور خالد علم الدين أحد ممثلى حصة حزب النور فى الفريق الاستشارى!!!
برنامج المائة يوم: أشرنا فى العديد من الصحف والبرامج إلى أن رئيس الجمهورية ورط نفسه بمدة المائة يوم، وخضع لابتزاز سياسى من قبل بعض القوى السياسية المصرية، التى خيّرته بين انتخاب شفيق وتقديمه لها ببعض التعهدات.
حكومة الدكتور هشام قنديل: فى الأول من سبتمبر 2012 أوضحنا أن لنا ملاحظات وتحفظات على حكومة الدكتور هشام قنديل منذ تشكيلها وغياب الرؤية السياسية لعدد كبير من وزرائها. وإضافة إلى غياب الرؤية السياسية عند الحكومة فإن المشكلة التى لا تقل أهمية عنها عندها وعند جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة هى مشكلة القوى الأمين "أمين -الإخوان المسلمين- دون قوة لا يصلح"، "وقوى -الحزب الوطنى- غير الأمين لا يصلح"، وقلنا إن من حق الإخوان إذا حصلوا على الأغلبية أن يشكلوا الحكومة وإعادة هيكلة الوزارات دون ظلم للكفاءات الأمينة، وإذا لم يحصلوا على الأغلبية يشكل الحكومة من يحصل عليها أو يتم تشكيل حكومة ائتلافية من القوى الممثلة فى مجلس النواب لتجاوز حاجز الخمسين فى المائة".
ومكملا لما سبق فإن قرارات رئيس الجمهورية تتسم بالبطء ولا تخرج إلى النور إلا فى الوقت الضائع إعمالا للدستور أو إطفاء لحريق. وخاطبنا السيد الرئيس "دكتور مرسى: علينا أن نقولها وعليك أن تسمعها، فإن لم نقلها أخطأنا، وإن لم تسمعها أخطأت، نبرئ ذمتنا أمام الله فى سبيله ومن أجل الشعب والوطن".
وكتبنا فى جريدة الشعب فى 11 ديسمبر 2012 "الدكتور مرسى رئيس الجمهورية كثيرا ما يستخدم أسلوب المفاجأة -المباغتة- فى قراراته، ورغم نجاح هذا الأسلوب فى إقالة المشير طنطاوى والفريق سامى عنان، إلا أن هذا الأسلوب فشل فى قرار عودة مجلس الشعب، وفى إصداره للإعلان الدستورى فى نوفمبر 2012 بما يستوجب من مستشارى الرئيس إعادة النظر فى هذا المنهج، وألا يستخدم إلا فى حالات الضرورة. وزاد من ذلك حالة التربص التى تستهدف الرئيس مرسى من معارضيه. وأزعم أن الرئيس الدكتور محمد مرسى لو مهد عند الشعب لهذا القرار وذلك الإعلان لاختلف الوضع كثيرا عما هو عليه الآن.
ثم ها هو الدكتور مرسى -للأسف- يصدر حركة المحافظين الأخيرة بتشكيل يضر أكثر مما ينفع، وفى هذا التوقيت الضار والسيئ.
ناهيكم عن خلافاتنا معه فى العديد من السياسات الداخلية والخارجية والسياسات الاقتصادية والاجتماعية، لكن كل هذا لا يعطينا المبرر لنخرج على الرئيس طالما لم يتورط فى خيانة أو فساد، وكما ذكرنا فى عنوان المقال: إننا نأخذ هذا الموقف الداعم للشرعية من أجل مصر لا من أجل "الإخوان المسلمون".
تقييم الوضع الراهن فى بيئتيه الداخلية والخارجية
قمنا بتقييم الوضع الراهن فى 10 ديسمبر 2012 وفى 23 مارس 2013 فى أكثر من عشرين نقطة، وأظن أن الموقف لم يختلف كثيرا بما لا يتسع المقال لذكره مرة ثانية.
تحديد الفجوة
مصر الآن لديها رئيس شرعى منتخب، والمجلس التشريعى الرئيسى تم حله من المحكمة الدستورية بقرار من العسكر، والمجلس التشريعى الثانى أضعف من أن يمارس سلطة التشريع ولا يسمح له بممارسة سلطة الرقابة، أى أن مصر ليس لديها أية مؤسسة شرعية باستثناء مؤسسة الرئاسة ومجلس الشورى محدود الصلاحيات، ولديها دستور يحتاج إلى مراجعة، وحكومة ضعيفة لا تليق بمصر الثورة. ومصر لديها إعلام ما زال الكثير منه مواليا للنظام البائد، وجهاز شرطة بحاجة إلى تطهير، وما زال على ممارساته القمعية الفاسدة، وأحكام برأت جميع المتهمين بقتل وإصابة الثوار، ورئيس سابق خلعه الشعب ينتظر إطلاق سراحه، وأزمة بين سلطة القضاء والسلطتين التشريعية والتنفيذية، وفساد ينخر فى كل مؤسسات الدولة، وعجز فى الموازنة وتضخم فى الأسعار وشبح بطالة يهدد الشباب.
مقترح بمشروع مبادرة للخروج من الأزمة
ووفقا للفجوة السابقة حدد الحزب مبادرة من ثلاث عشرة نقطة، تجاوز الوقت بعضها، والوقت الآن ليس مناسبا للبعض الآخر، واقترحت المبادرة تجاوز الأزمة بالتحرك فى مسارين: مسار عاجل لإطفاء الحريق بالحزم فى مواجهة البلطجة وتأمين المنشآت الحيوية وبما لا يتعارض مع حق التظاهر السلمى، ومسار عاجل آجل نسبيا لاستكمال الخطوات والاستراتيجيات للوصول بمصر لبر الآمان.
ومن بين نقاط المسار العاجل: إصدار عفو فورى لكل من لم تثبت إدانته فى تظاهرات وأحداث ما بعد الثورة، واعتماد مبدأ المصارحة والمكاشفة مع الشعب صاحب الحق الحقيقى فى مقدرات مصر، وتوضيح العقبات التى توجهنا فى علاج الأزمة الاقتصادية، وسرعة اتخاذ إجراءات باتجاه تحقيق العدل الاجتماعى، ومواجهة المشكلات الحياتية الملحة، والتوافق على ميثاق شرف للعمل الإعلامى، وإعادة الهيكلة إذا لم يتم الالتزام، وسرعة انتهاء نيابة الثورة من أعمالها، وتشكيل محاكم ثورية أو محاكم خاصة لإعادة محاكمة رموز النظام البائد وضباط الشرطة المتهمين بقتل الثوار فى كل ربوع مصر، وبما يكفل القصاص للشهداء والمصابين، وفتح ملفات الفساد المالى والسياسى والتحقيق فيها أمام هذه المحاكم الخاصة، والسعى الجاد لإعادة أموال مصر المنهوبة، وتكاتف الجميع أغلبية ومعارضة والتوافق على عدم عرقلة إجراء انتخابات مجلس النواب فى أسرع وقت ممكن، وعدم الطعن أمام القضاء طالما قالت المحكمة الدستورية كلمتها فى القوانين المنظمة لانتخابات مجلس النواب، ومن يخرج عن ذلك ستستهجن ممارسته سياسيا وشعبيا.
حمى الله مصر ووقاها شر الفتن
17 يونيه 2013


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.