حياة الإنسان متعلقة بأمرين.. الماء والهواء. ومن فضل الله وكرمه جعلهما فى كل مكان وحررهما من قيود الإنسان وعلى اختلاف الأوجه والأشكال. وبعد ربط سر الحياة بنقطة المياه، وهذا قول الله « وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ»؛ تحولت فى بنى سويف من سر الحياة إلى سر الموت. هذا ما يحدث الآن فى ترعة الإبراهيمية التى يشرب من مجراها أكثر من 300 ألف مواطن ويزيد، ومع الانفلات الأمنى والأخلاقى تحول المجرى المائى إلى مقلب للنفايات والحيوانات النافقة، وعلى جانبيه كثرت بجميع أشكالها كل التعديات على مرمى ومسمع من المسئول الذى يعيش فى ثبات ولا مبالاة، وكان الأمر عقابا جماعيا للمواطنين. مجرى ترعة الإبراهيمية أول مجرى سمى باسم إبراهيم باشا، ولا يزال باسمه حتى الآن، لأنه هو من أمر بشق هذا المجرى لتشرب منه الأرض والإنسان والحيوان. ومن ماء أبيض شفاف نقى قبل الثورة إلى ماء أخضر ذى رائحة كريهة به العفونة.. هذا ما بدأ به بعض الأهالى من القرى التى تشرب من محطة تحلية البرانقة بمركز ببا بمجلس قروى طنسا. فقد قال المواطن وحيد سيد: فى ظل انقطاع الكهرباء المتكرر والتى يصاحبها انقطاع المياه، تأتى المياه بعدما تأتى الكهرباء بساعة على الأقل، وعندما نفتح الحنفية نشاهد ما لا يخطر على بال أحد؛ كل درجات الألوان تجدها عندما تفتح مصدر المياه، بداية من اللون الأصفر مرورا بالرمادى حتى اللون الأسود! ونحن بالريف نعانى من إهمال الإشراف على محطات التحلية والرفع التى نشرب منها، والكارثة المخيفة أن الأطفال تشرب من الحنفية مباشرة، وخصوصا عند ذهابهم إلى المدارس والمساجد حتى فى المنازل، لا توجد ثقافة عدم الشرب من الحنفية. تجول مراسل «الشعب» ليسجل بالكاميرا كل التجاوزات على المجرى المائى والاستماع إلى شكوى الأهالى. المواطن عبد الحميد أبو تيلة، وهو أحد المتعدين على المجرى المائى بإقامة كافتريا، قال: المياه تحمل المخلفات فى وسط المجرى والمأخذ الذى يمرر المياه إلى المحطة يوجد عليه شبكة من حديد تمنع جثث الحيوانات النافقة من الدخول لمحطة التحلية، حتى لو التصقت الجثث النافقة والمهترئة فتتمزق وتدخل المجرى المائى متحللة، ولا تمنع الشبكة إلا العظام والأشياء كبيرة الحجم فحسب!! وبسؤال محصل فواتير بشركة المياه بمركز ببا قال: إن مجرى المياه يطهر نفسه بنفسه كل كيلومتر، وهذه القمامة والجثث لا ضرر منها، وهناك معالجات وإضافات تقضى على أى شىء بالماء الذى يمر من المأخذ إلى فتحات التحلية بالمحطة، ولكن الأمر يمثل خطورة لأن رائحة المياه كريهة، والمشهد غير آدمى لا يرضى أحدا. وبسؤال الدكتور طارق الأنصارى مدير مستشفى التأمين الصحى ببنى سويف عن هذا الأمر، وهل هذا المجر ى المائى الذى تحول إلى مستنقع يؤثر فى صحة المواطن.. تحدث قائلا: إن المياه غير النظيفة تؤثر فى الإنسان، وهى من مسببات مرض الفشل الكلوى أو عنصر من العناصر المهمة فى تفشى المرض، وبعد تزايد أعداد من يتم علاجهم بوحدة الغسيل الكلوى نقوم بتوزيع المرضى على الوحدات الخاصة فى المحافظة، وبعد تعطيل بعض الأجهزة المعنية بذلك، طالبنا بزيادة وحدات الغسيل فى مستشفى التأمين الصحى ببنى سويف لمواجهة الزيادة الملحوظة فى حالات الفشل الكلوى التى هى فى تزايد مستمر وتحدث رئيس مجلس مدينة ببا «عبده فهر عراقى» فقال إن ترعة الإبراهيمية من اختصاص هندسة الرى، وهى المكلفة بعمل محاضر للمخالفين بالتعديات على هذا المجرى الحيوى الذى يشرب منه كل كائن حى فى هذا المكان. وقالت المهندسة «وسام» مسئولة الرى بمركز ببا: اتخذنا كل الإجراءات القانونية بحق المخالفين. وأضافت قائلة: إن المحاضر بأدراج الذراع الأمنى المنوط به تنفيذ إزالة كافة التعديات على هذا المجرى الحيوى من صرف المساجد المبنية على الترعة أو المبانى والمقاهى التى بطبيعتها مخالفة لكل القوانين. وطالبت مهندسة الرى فى ببا بضرورة الإسراع والتنفيذ. وأكملت أنه لا بد من تطهير هذا المجرى وعمل صيانة دورية له وعمل توعية حتى لا يتحول الأمر إلى كارثة، والدور الأكبر على البيئة بالتعاون مع الأمن الذى أفسح المجال لكل الطامحين والمفسدين بالتعدى على الإبراهيمية لإهماله تلك المحاضر. واختتمت قائلة: يجب حصر كل المحاضر وسرعة اتخاذ قرار، هناك تعديات صارخة وحمامات آدمية تصب بالمجرى وحيوانات تقيم على المجرى وتصرف فيه، ويجب على الجمعيات الأهلية والمؤسسات الدينية توعية السيدات من غسيل كل ما هو غير لائق بالترعة وإلقاء مخلفات الذبح وغسيل الكرشة وإلقاء كل ما هو مميت بهذا المجرى المائى الذى يمثل شريان الحياة للمكان. والآن.. هل استهان المسئول بحياة المواطن لهذا الحد؟ وهل الأمن الممثل فى اللواء إبراهيم هديب مدير الأمن سيظل يضع المحاضر فى الأدراج وخصوصا التى تمس أمن وحياة المواطن؟ وأخيرا فى رسالة إلى المسئول عن محافظة بنى سويف بكل مؤسساتها المستشار ماهر بيبرس.. انشغلتم سيادتكم بالاستثمار وتركتم بنى سويف تؤج بمشكلاتها وبعض القرى التى تئن من تلك المشكلة.