المقولة الشهيرة «مصر هبة النيل» يبدو أنها ليست صحيحة بصورة مطلقة، فالنيل يمر بجميع المحافظات، ومطروح محرومة من مشاهدة مياهه. المحافظة التى لم تشهد واحدة من إنجازات حكومة قنديل ومن سبقوه من الوزراء. المعروف أن المصدر الأساسى لمياه الشرب بمطروح هو ترعة الحمام والتى تعد أهم بؤرة تلوث نتيجة قيام المزارعين على جانبى الترعة بالإسكندرية والبحيرة بإلقاء حيواناتهم النافقة فى مجرى الترعة والتى تسبب انسداد صفايات المأخذ وقلة وراد المياه للمحافظة وتسببت فى أزمة عطش، بالإضافة إلى إلقائهم المخلفات الزراعية من كيماويات وأسمدة فى الترعة، وقد أصدرت شركة مياه مطروح العديد من البيانات الإعلامية فى الماضى تحذر من وجود حيوانات نافقة وأكياس وزجاجات فارغة للأسمدة عند المأخذ باعتبارها سامة. وتنتقل مياه الشرب من ترعة الحمام إلى مدينة مرسى مطروح عبر خطوط تضخ بها المياه عبر محطات رفع تمتد بطول مئات الكيلومترات على طول الطريق الساحلى والتى تبدأ بمحطة رفع جنوب العلمين عبر خط ال1000 متر، والذى أصبح خطا لرى الأراضى بدلا من الشرب، بعد قيام المواطنين بعمل مئات الوصلات ومواتير الرفع بعد ثورة يناير فى غياب تام للدولة. أيضا تنقل المياه إلى بعض المواطنين بمطروح من خلال سيارة نقل مياه (فنطاس)، والتى أغلبها متهالك ويغطيها التآكل والصدأ، ما يتسبب فى تلوث المياه لعدم تحقيق الضمان فى نقلها إلى المواطنين. وإن نجت مياه الشرب من كل هذه المسببات للتلوث لتصل إلى المواطن صالحة للاستخدام الآدمى فهى معرضة للتلوث من خلال خزانات البيوت الخاصة بالمواطنين أنفسهم والتى قلما يتم تطهيرها، سواء من المواطن أو من الشركة لعدم درايتهم بخدمة التطهير التى تقدمها شركة المياه من الأساس، ولأن أهالى مطروح عاشوا طوال قرون عديدة تحت وطأة القهر والاستغلال والفقر والتهميش، علمتهم هذه المراحل الطويلة من المعاناة فضيلة الصبر على المكاره، واحتمال الأذى والبطش، غير أنها أيضا علمتهم أن الثورة واجبة عند اللزوم، حينما ينفد معين الصبر ولا يرون مفرا من التمرد، مهما كانت التكاليف وأيا كانت النتائج. وبالفعل.. خرج أهالى مطروح فى «ثورة الجركن»، بسبب الانقطاع المستمر لمياه الشرب، الأمر الذى يعانى منه آلاف المواطنين، والذين يضطرون إلى شراء مياه غير آمنة لكى يشربوا منها، أن استطاعوا الحصول عليها من الأصل، ما أثر فى صحة المواطنين، وإصاباتهم بالأمراض الفيروسية والفشل الكلوى. وحمل المتظاهرون لافتات تندد بالرئيس والمحافظ وتطالب وزير الدفاع وقائد المنطقة الغربية بالتدخل لإزالة التعديات، كما تضمنت اللافتات عبارات منها «الشعب والجيش إيد واحدة» و«أين وعودك يا دكتور مرسى.. ومطروح تموت عطشا» و«لا يصل إلى مدينة مطروح سوى 10% من الحصة المقررة لها» و«شبعنا كلام.. ولا نزال نعانى من التهميش» و«نهيب بالقوات المسلحة مساعدة أهالى مطروح وإنقاذهم من الموت عطشا». حقيقة يعيشها أهالى مطروح، بعدما ضرب العطش مدن وقرى المحافظة عقب انقطاع المياه لأكثر من شهر كامل فى عدد من الأماكن والتجمعات السكانية ولا يشاهدها الأهالى إلا خلسة. واجتاح الغضب المواطنين من جراء تفاقم الوضع داخل شركة المياه وتدهور حالة الخدمات المقدمة للمواطنين، وانشغال المسئولين بتحصيل الفواتير وتقسيم الأرباح دون النظر إلى حال المواطنين الذى تدهور حتى بات الأهالى فى حيرة من أمرهم، فمنهم من لم يعد يشاهد المياه داخل شقته إلا دقائق معدودة، ومنهم من لا يراها تماما، حتى اضطر البعض منهم إلى شراء المياه المعدنية لأطفالهم الذين يكادون يموتون عطشا. من جانبه، قال العمدة «منعم إسرافيل»، المتحدث باسم العمد والمشايخ؛ إن مطروح تمر بأزمة مياه لم يسبق لها مثيل، فالأحياء بلا مياه، وكذلك المصالح الحكومية والمستشفيات وأقسام الشرطة وكل المنشآت العامة والخاصة، ولا يخفى على أحد أن محطة جنوب العلمين المنتجة للمياه تعمل بصورة جيدة ولكن المياه لا تصل إلى مطروح، والسبب وصلات على طول خطى المياه 700م و1000م، سواء لأهالى أو قرى سياحية أو منشآت أو خلافه، تهدر كميات كبيرة من المياه. وطالب العمدة «منعم» المواطنين بالنظر بعين الرحمة إلى إخوانهم فى مطروح، فيوجد تكدس من المواطنين فى منفذ توزيع «غراب»، والمواطن قد يصل إلى 15 يومًا ينتظر سيارة المياه نظرا إلى ازدحام الغراب. كما ناشد العمدة «منعم» المواطنين باسم الدين والأخوة والأخلاق والمروءة أن يرفعوا أيديهم عن خطوط المياه لتصل إلى إخوانهم فى مطروح.. مؤكدا أن الرسالة موجهة فقط إلى كل المعتدين على خطوط المياه. ويقول «مستور بو شكارة» المتحدث باسم أهالى الضبعة: إننى تحدثت إلى المسئولين منذ 3 أشهر عن سد هذه الفتحات التى تهدر الماء، فيما إخواننا فى مطروح ونحن فى الضبعة فى أمس الحاجة إليها...لكن مع الأسف لا أحد يستجيب ولا أحد يحافظ على مكتسبات ومقدرات هذا البلد، وكأنه رزق حرام، بالرغم من أنهم يتقاضون مرتبا من الدولة، والدولة توفر لهم السيارات والإمكانيات ويتقاضون نظير أتعابهم هذه أموالا من عرق الشعب المسكين، ومع الأسف هناك بعض المرضى النفسيين وغيرهم ممن ليس لهم أى أثر فى مجتمعهم ممن يتكسبون من مثل هذه المواضيع.