دعوات لتطبيق التجربة السعودية وإنشاء بنك معلومات عربى لمكافحة الغش التجارى د.رفعت الفاعورى: التقدم التقنى الزراعى انعكس سلبا على سلامة الأغذية حسام نظمى: غياب الرقابة ساهم فى انتشار عصابات الغش الدوائى
شهدت مشكلة تحقيق الأمن الغذائى بالدول العربية درجة خطيرة من التدهور فى السنوات الأخيرة، لاسيما بعد أن وصلت الفجوة الغذائية بالعالم العربى إلى 40 مليار دولار سنويا، وهى فاتورة استيراد الغذاء سنويا، رغم القرارات التى تتخذها القمم العربية حول متطلبات الأمن الغذائى العربى، وهو ما حدا خبراء الاقتصاد بكافة أنحاء العالم العربى بطلب الإسراع فى إنشاء هيئة عربية للغذاء والدواء وسرعة إنشاء هيئات وطنية لضمان سلامة الغذاء والدواء والأجهزة الطبية، ومنحها الصلاحيات الكافية لتسهم فى تعزيز الخطوات والجهود المبذولة لإنشاء الهيئة. كانت مدينة شرم الشيخ قد احتضنت المؤتمر العربى الأول للرقابة على الغذاء والدواء والأجهزة الطبية تحت عنوان «الطموحات والتحديات», والذى عقد لمدة 3 أيام تحت رعاية جامعة الدول العربية, وبالتعاون بين المنظمة العربية للتنمية الإدارية, والمكتب التنفيذى لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون، والهيئة العامة للغذاء والدواء بالمملكة العربية السعودية، وشارك فى المؤتمر450 مشاركا يمثلون 36 دولة من بينها 19 دولة عربية، و17 دولة أجنبية، ما بين خبراء ومتحدثين وممثلين وزارات الصحة والتجارة والصناعة والزراعة، ورعاة داعمين ومشاركين فى المعرض المصاحب للمؤتمر، من أصحاب أكبر الشركات العربية والأجنبية فى مجال الغذاء والدواء والأجهزة الطبية، وكان من ضمن المشاركين مصر، والسعودية، والإمارات، وقطر، والسودان، والجزائر، والأردن، وليبيا، والبحرين، والعراق، والكويت، والمغرب، ولبنان، وتونس، وسلطنة عمان، وموريتاتيا، والولايات المتحدةالأمريكية، والهند، وماليزيا. ناقش المؤتمر التحديات القائمة أمام مستقبل سلامة الغذاء والدواء والأجهزة الطبية فى الوطن العربى، موصيا بضرورة إنشاء هيئة عربية للرقابة على الغذاء وأخرى للدواء تحت مظلة جامعة الدول العربية، مع الاستفادة من تجربة المملكة العربية السعودية فى هذا المجال، وأن تقوم جامعة الدول بحثّ الدول العربية على سرعة إنشاء هيئات وطنية لضمان سلامة الغذاء والدواء والأجهزة الطبية ومنحها الصلاحيات الكافية لتسهم فى تعزيز الخطوات والجهود المبذولة لإنشاء هيئة عربية للغذاء والدواء على غرار ما تم فى المملكة العربية السعودية فى هذا المجال. واتفق المشاركون فى المؤتمر على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية والبينية العربية للاستفادة من خبرات الدول التى أخذت خطوات جادة فى إصدار وتطبيق القوانين والنظم التى تضمن سلامة الغذاء والدواء، من خلال إبرام مذكرات تفاهم بين الأجهزة المعنية فى هذا المجال، كما أوصى المؤتمر بإنشاء بنك معلومات عربى يتضمن قواعد بيانات لمكافحة الغش التجارى فى مجال الغذاء والدواء والأجهزة الطبية، وتوجيه الطلب من المنظمة العربية للتنمية الإدارية التنسيق مع جامعة الدول العربية لتفعيل هذا الإعلان وتوجيه المجالس المعنية المتخصصة لتنفيذ ما ورد به من بنود. من جانبه، أكد د. رفعت الفاعورى مدير المنظمة العربية للتنمية الإدارية، أن العالم العربى يمتلك العديد من المقومات التى تمكنه من الوصول إلى التكامل الغذائى، خاصة أن الدول العربية بطبيعتها متباينة الإمكانات ويمكنها التوحد لكى تغطى هذه الإمكانات الفجوة الغذائية. وحذر «الفاعورى» من وجود أزمة حقيقية فى الغذاء، خاصة فيما يتعلق بمشكلات سوء التغذية. كما أن التقدم غير المسبوق فى تقنيات الإنتاج الزراعى وفى علوم تكنولوجيا الأغذية انعكس سلبا فى بعض الأحيان على جودة وسلامة الأغذية نتيجة زيادة المواد الكيمياوية المستخدمة فى عمليات الزراعة، والإضافات الغذائية المستخدمة فى مصانع الأغذية، من أجل زيادة الإنتاجية وإطالة مدة الصلاحية للأغذية المصنعة، الأمر الذى يتطلب المزيد من الجهد من أجهزة الرقابة على الأغذية، ويستوجب فى الوقت ذاته استصدار قوانين للرقابة على الغذاء تتضمن المواصفات الغذائية الدولية التى أقرتها هيئة الدستور الغذائى المعروفة باسم «كودكس». وأوضح مدير المنظمة أنه لا بد من مواجهة التحديات الصعبة التى تواجه الأنظمة الصحية والاجتماعية على حد سواء فى الوطن العربى، وتأكيد أهمية تعزيز مفاهيم الجودة العالية وسلامة المنتج كون ذلك أحد المعايير المتأصلة فى تقييم الكفاءة المهنية والفنية والإدارية، ودعم إنشاء تحالفات وتكوين كيانات عربية ذات كفاءة علمية وقيادية لتواجه المستقبل وتحدياته، وفتح آفاق جديدة للعلاقات الفاعلة والشراكة البناءة والشفافية الشاملة والتعاون المثمر والمزيد من روح الابتكار والإبداع المعرفى والفكرى. فيما حذر الدكتور حسام نظمى مدير السياسات والشئون العامة لشركة «فايزر»، من انتشار عصابات الغش الدوائى فى الوطن العربى فى ظل غياب الرقابة الحكومية وعدم تغليظ العقوبات على المجرمين واندراج هذه الجرائم ضمن القانون التجارى وليس القانون الجنائى، ما يقلل من عقوبة هؤلاء المجرمين، مشيرا إلى أن مصر من الدول المستهدفة من عصابات الدواء المغشوش. وطالب «نظمى» بضرورة إنشاء أجهزة لحماية المواطن العربى، خصوصا أن صناعة الدواء تخضع لرقابة شديدة من جانب الشركات المصنعة ويتكلف المنتج الدوائى الواحد نحو 1.5 مليار دولار، ويستغرق من 15 إلى 20 عاما ليخرج إلى السوق، وهو ما يصعب القيام به فى الوطن العربى والمنافسة عليه. كما أوضح الدكتور عادل السن مستشار منظمة العربية للتنمية الإدارية، أن الفجوة الغذائية فى الوطن العربى متفاوتة وتعتمد على المستوى الاقتصادى لكل دولة، إلا أن القاسم المشترك فى جميع الدول العربية أنها تستورد الغذاء من الخارج، ولا توجد دولة عربية لديها اكتفاء ذاتى من الغذاء، وهو ما يكبد الدول العربية خسائر كبيرة، ويعمل على استنزاف النقد الأجنبى للدول، منوها بضرورة الاهتمام بالثقافة العلاجية للمواطنين فى جميع الدول العربية، لافتا إلى أن الاهتمام بالصحة العامة يساعد فى تحقيق خطط التنمية المنشودة وله بعد اقتصادى فى توفير النفقات العلاجية.