دشن عدد من النشطاء على موقع «فيس بوك» حملة تطالب بتحصيل رسوم عبور السفن من القناة بالجنيه المصرى؛ لانتشال سعر الجنيه من التدهور الذى وصل إليه. وفى غضون أسبوعين انضم إلى الحملة أكثر من ثمانمائة ألف مؤيد. وكانت لجنة «النقل والمواصلات» بمجلس الشعب المنحل قد ناقشت يوم 8/2/2012 اقتراحا من عدد من النواب بتحصيل رسوم قناة السويس بالجنيه المصرى. فى الوقت نفسه، قررت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة حجز الدعوى التى تطالب بإلزام الدول الأجنبية التى تمر سفنها البحرية بقناة السويس بالتعامل بالجنيه المصرى فى رسوم مرور السفن بقناة السويس، عملة موحدة وثابتة، وإلغاء التعامل بالعملات الأجنبية؛ للحكم فيها بجلسة 7 يوليو المقبل، إلا أن الخبراء الاقتصاديين تباينت آراؤهم حول جدوى ذلك. فى البداية، أشار عبد الحميد بركات الأمين العام المفوض لحزب «العمل» ومدير المركز العربى للدراسات؛ إلى أن التعامل بالجنيه المصرى فى تحصيل رسوم قناة السويس سوف يرفع قيمته، ويزيد الطلب عليه؛ ما يعود بالفائدة على الاقتصاد القومى. وقال إن القرار سوف يخفض أسعار السلع فى السوق، خاصة المستوردة، بسبب انخفاض تكلفة العملة، كما سيساعد على توفير العملات الأجنبية، ويرفع معدلات البورصة المصرية، تجنبا لأية حالة من حالات الانهيار. فى المقابل، أكد الدكتور حازم الببلاوى الخبير الاقتصادى، أن دخل قناة السويس يمثل أحد أهم مصادر العملة الأجنبية للاقتصاد المصرى، وهو -فضلا على ذلك- دخل لخزانة الدولة مباشرة، وقد استمر التزايد فى حصيلة هذا المورد بنسبة معقولة خلال فترة الثورة، وكان من أهم عناصر استقرار الاقتصاد الوطنى حينها. وفى ظل حاجة الدولة إلى النقد الأجنبى لاستيراد السلع الاستراتيجية كالقمح، فإن هذه الفكرة لن تفيد. وأضاف الببلاوى أن دفع رسوم المرور فى القناة بالعملة المصرية لن يساعد على تحسين قيمة الجنيه المصرى فى أسواق الصرف؛ فالرسوم التى تدفعها السفن العابرة فى القناة -وأغلبها أجنبية- تدخل مباشرة فى الخزانة العامة للدولة؛ ففى حالة الدفع بالجنيه فإنها ستضطر إلى تبديل العملة إلى الجنيه من مكاتب الصرافة أو البنوك المصرية، ومن ثم فإن الحصيلة الإجمالية من النقد الأجنبى لن تتغير. وبدلا من أن تذهب إلى الدولة ستذهب إلى مكاتب الصرافة، وهذا من شأنه رفع تكلفة حصول الحكومة على العملات الأجنبية لاستيراد المواد التموينية والسلع الاستراتيجية، إضافة إلى أن هذا الإجراء يمكن أن يسهل عمليات تهريب الثروات إلى الخارج، فضلا عما سيصاحبه من عدم استقرار فى أسعار الرسوم المفروضة مع كل انخفاض فى قيمة الجنيه المصرى. ويرى السفير جمال بيومى الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب، أن «قرار تحصيل رسوم قناة السويس بالجنيه المصرى يعتبر مطلبا شعبيا ظريفا يتعلق بإحساسنا ببلادنا والتطلع إلى عدم رؤية أى بصمة للتدخل الأجنبى؛ فهو من حيث الرؤية الوطنية شىء جيد للغاية، إلا أنه من حيث الفائدة الاقتصادية غير ذى جدوى؛ فالسفن التى تمر بقناة السويس تابعة لدول أجنبية لا تملك الجنيه المصرى، وثم ثم ستشترى تلك الدول الجنيه المصرى من البنك المركزى لدفع رسوم القناة، مع العلم أنه لا تحصل رسوم القناة بالدولار فقط، بل تحصل من خلال سلة عملات. فيما يرى الدكتور عادل عامر رئيس مركز المصريين للدراسات الاقتصادية، أن الذين يطالبون بتحصيل رسوم عبور السفن من قناة السويس بالجنيه المصرى ليس لديهم فكرة عن كيفية إدارة الشئون الاقتصادية؛ «فهذه الرسوم تعتبر من أهم مصادر العملة الأجنبية التى تتمثل فى دخل قناة السويس والسياحة، وتحويلات المصريين فى الخارج. وإذا طُبق ذلك ستفقد الدولة أكثر من 7 مليارات دولار عملة أجنبية فى ظل نقص الاحتياطى النقدى لدينا، مع أن 90% من احتياجات الشعب المصرى مستوردة». وأشار عامر إلى أن ارتفاع قيمة الجنيه المصرى أمام العملات الأجنبية لن يتحقق إلا بزيادة الإنتاج القومى وزيادة الصادرات حتى يمكن زيادة موارد النقد الأجنبى؛ فالأجنبى لن يطلب الجنيه المصرى إلا ليستخدمه فى شراء منتجات أو خدمات مصرية. وحيث إن واردات مصر من العالم تزيد ثلاث مرات عن صادراتها، فإن قدرة الاقتصاد المصرى على توفير مصادر للنقد الأجنبى تكون محدودة، سواء لتمويل الفجوة بين الصادرات والواردات أو لسداد أقساط وخدمة الديون الخارجية.