تدفق ملايين الناخبين الأتراك على مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم اليوم الأحد في انتخابات برلمانية ينظر إليها بوصفها حيوية للاتجاه المستقبلي لتركيا التي تربط بين الشرق الأوسط وأوروبا. وترجح استطلاعات الرأي - بحسب رويترز - كفة حزب العدالة والتنمية – ذو التوجه الإسلامي - لأن يحكم بمفرده لمدة خمسة أعوام أخرى. ونشرت الصحف التركية صورا على صفحاتها الأولى لشواطئ خالية في المنتجعات الساحلية بعد أن اجل الكثيرون أو اختصروا إجازاتهم للعودة لمدنهم للمشاركة في التصويت. وأظهر التلفزيون التركي صفوفا طويلة أمام مراكز الاقتراع. حيث أدلى الكثير من المواطنين بأصواتهم في الصباح الباكر لتجنب درجات الحرارة المرتفعة في منتصف النهار التي قالت توقعات الأرصاد إنها قد تصل إلى 40 درجة مئوية. توقعات بفوز حزب العدالة الإسلامي واستعداده لتولي الحكم خمسة سنوات قادمة الأكراد يخوضون الانتخابات لأول مرة منذ سنوات ويعتزمون التحالف مع العدالة يشار إلى أن التصويت إلزامي في تركيا ويتوقع أن تكون نسبة الإقبال مرتفعة جدا. وتغلق مراكز الاقتراع أبوابها في الساعة الرابعة مساء بتوقيت شرق تركيا على أن تغلق بعدها بساعة في الغرب الذي يشمل العاصمة أنقرة ومدينة اسطنبول والمنتجعات الساحلية. ومن المتوقع إعلان النتائج غير الرسمية بعد الساعة التاسعة مساء. ويبلغ عدد الناخبين المسجلين نحو 42.5 مليون شخص من بين سكان تركيا البالغ عددهم 74 مليون نسمة. هذا وقد قامت السلطات التركية وفي إطار الاستعدادات للاقتراع باتخاذ تدابير أمنية مشددة في المدن التركية خاصة مدن جنوب شرق تركيا لعدم إتاحة الفرصة لوقوع عمليات إرهابية أو اختطاف لصناديق الاقتراع والتزوير, وتقرر مشاركة50 ألف شرطي و2500 من القوات النظامية في عمليات تأمين الانتخابات. وقال راسيم ابيك وهو عامل في متجر للبقالة يبلغ من العمر 23 عاما قبل إدلائه بصوته في وسط اسطنبول إن هذه انتخابات مهمة جدا. نحتاج للإبقاء على حزب العدالة والتنمية. لقد فعلوا أشياء جيدة لتركيا. من قبل الأمور كانت سيئة جدا بالنسبة للاقتصاد. ومن المفترض أن يكون الناخبون قد حددوا مع نهاية الحملة الانتخابية مساء السبت الحزب أو المرشح المستقل الذي سيصوتون له إلا أنه من الصعب التكهن باتجاهات الناخبين بسبب حالات الاستقطاب الحاد بين الأحزاب والشخصيات المتنافسة وبسبب دخول قوى جديدة قد تستقطب أصواتا كانت محسوبة لأحد الحزبين القويين العدالة والتنمية والشعب الجمهوري. وتؤشر خارطة التأييد -استنادا للتصويت الذي أجري في الانتخابات السابقة- إلى أن القاعدة الشعبية لحزب الشعب الجمهوري تتشكل من موظفي الدولة في العاصمة أنقرة وبعض المناطق لاسيما السياحية منها مثل أزمير وأنطاليا التي هي ذاتها من سيصوت فيها دينيس بايكال زعيم الحزب. أما حزب العدالة والتنمية فتمتد قاعدته في مختلف أنحاء البلاد لكنه يحظى بتأييد خاص في المناطق الداخلية في الأناضول بسبب طابعها المحافظ ومنها بالطبع مناطق الكثافة الكردية التي صوتت لهذا الحزب في الانتخابات الماضية لكن من غير المؤكد أنها ستفعل ذلك في الانتخابات الحالية بنفس الزخم بسبب وجود مرشحين أكراد بين المتنافسين يمكن أن يسحبوا أصوات هذه المناطق لصالحهم. وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وهو أكثر الساسة شعبية في تركيا قد دعا إلى هذه الانتخابات قبل أشهر من موعدها بعد أن منعته المؤسسة العلمانية مع حليفها القوي الجيش من تعيين زميله الإسلامي السابق وزير الخارجية عبد الله جول رئيسا للبلاد.حيث زعم العلمانيون أن حزب العدالة والتنمية يقوم بالتخطيط لإضعاف فصل تركيا بين الدين والدولة وهو ما يرفضه الحزب. ويأمل أردوغان في أن يعزز النمو الاقتصادي القوي لتركيا وانخفاض نسبة التضخم من الدعم لحزب العدالة والتنمية. ويعتقد أن انتصار حزبه سيعزز الديمقراطية في تركيا التي أبعد جيشها حكومة إسلامية أكثر مما يجب منذ عشرة أعوام. ويتعهد أردوغان بمزيد من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المطلوبة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي رغم تزايد التشكك بشأن ما إذا كان الاتحاد سيسمح لتركيا بالانضمام إليه. من جانبه أكد فيه عبدالله جول وزير الخارجية التركي أن حزب العدالة والتنمية سيحصل علي الأغلبية في الانتخابات البرلمانية اليوم بل وسيتمكن من تشكيل الحكومة منفردا للمرة الثانية. وأضاف جول أن حزب العدالة لم يقدم للناخبين وعودا لا يقدر علي تحقيقها مثلما فعلت بعض أحزاب المعارضة مشيرا إلي أن العدالة والتنمية حزب يتولي الحكم الآن وسيتولاه بعد الانتخابات أيضا. وأكد أن الأحزاب التي تثق بأنها لن تتمكن من الحصول علي الأغلبية ومن الوصول إلي الحكم هي التي تقدم مثل هذه الوعود التي لا تستطيع الوفاء بها. ومن المتوقع أن يجتاز حزبان آخران فحسب هما الحزب الشعبي الجمهوري الذي يمثل يسار الوسط ولكنه قومي وحزب الحركة القومية اليميني المتطرف نسبة العشرة في المائة وهي الحد الأدنى المطلوب لدخول البرلمان. ويتوقع أيضا أن يفوز بعض المستقلين وأغلبهم من المرشحين الموالين للأكراد ببعض مقاعد البرلمان البالغ عددها الإجمالي 550 مقعدا. وتشير التوقعات إلي إمكانية دخول عدد يتراوح بين20 إلي30 نائبا كرديا إلي البرلمان بعد أكثر من13 عاما من حرمانهم من التمثيل النيابي وذلك من خلال ترشيح نحو60 عضوا كرديا من حزب من أجل مجتمع ديمقراطي بصفة مستقلين في إطار استراتيجي تهدف إلي الالتفاف علي قاعدة الحصول علي10% من الأصوات كحد أدني علي المستوي الوطني لكي يتمكن أي حزب من الدخول إلي البرلمان ومن ثم يتوقع الأكراد جلوس عدد من مرشحيهم تحت قبة البرلمان التركي إلي جانب نواب حزب الحركة القومية الذي تعهد بإعادة العمل بعقوبة الإعدام لتنفيذها ضد زعيم حزب العمال الكردستاني المعتقل عبدالله أوجلان. وهو ما ينبئ بمواجهات سياسية شرسة بين نواب الحركة القومية والنواب الأكراد. ويبدو أن الأحزاب الكردية قد حددت الخندق الذي تتركز فيه بعد وصول نوابهم إلي البرلمان بعدما أعرب المرشحون الأكراد عن نيتهم الوقوف إلي جانب حزب العدالة الذي يتوقع أن يخوض مواجهات مع الجيش وأحزاب المعارضة. وتتمحور حملة المرشحين الأكراد حول موضوع المصالحة بين الأتراك والأكراد هم يدعون أنقرة إلي التخلي عن الخيار العسكري ضد انفصاليين حزب العمال الكردستاني المحظور وإلي زيادة حقوق هذه الأقلية لإفساح المجال أمام تسوية سلمية للنزاع الذي يعود إلي23 سنة. وتقول المعارضة إن حزب أردوغان الذي يهدد النظام العلماني عقد اتفاقا مع بعض الناخبين. من ناحية أخرى شكك حزب الحركة القومية في محاولة تركيا الانضمام للاتحاد الأوروبي. وتقاتل قوات الأمن التركية متمردي حزب العمال الكردستاني منذ عام 1984 في صراع راح ضحيته أكثر من 30 ألف شخص. وتصاعدت الاشتباكات العنيفة على مدى العام الماضي. وعلى الحكومة التالية أن تقرر إن كانت سترسل الجيش إلى شمال العراق لسحق المتمردين الأكراد هناك وهي الخطوة التي تقلق الولاياتالمتحدة بشكل متزايد.