span style="font-family: "SKR HEAD1"; font-size: 19pt;"تتميز تجربة أمين ريان الإبداعية بتعدد استخدام وسائط التعبير من الكلمة واللون وصيغة الحياة التى ترقب وتسجل البُعد اللا مرئى من الواقع فى الأدب أو الفن التشكيلى والحركة فى الواقع الثقافى، مشاركا فى لجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة فى فترة من عهود السابقة. ويعكس كل هذا موقفا ورؤية للحياة وللوجود السياسى والاجتماعى، وهو فى تجربته الإبداعية يعبر عن شريحة من الطبقة المتوسطة اتخذت من الإبداع بصوره المختلفة صيغة حياة امتدت أكثر من نصف قرن. وانتزع أمين ريان حضوره النقدى والإبداعى رغم تبدل كل الظروف المحيطة عبر هذا الزمان الممتد من عصر الملكية إلى الجمهورية بعد قيام ثورة يوليو التى بشرت بقيم جديدة. وقد عبر أمين ريان فى أدبه عن التحولات السياسية والاجتماعية التى ألمت بمصر. ومجموعاته القصصية ورواياته تقدم تحليلا لهذا؛ فنجد هذا فى الروايات «حافية الليل»، و«المعركة»، و«الموقع»، و«قصص من النجيلى» وغيرها من أعمال أدبية. وسبق لى تقديم دراسة طويلة عن ذلك نشرت فى كتاب «المرئى واللا مرئى». وقد رصد تحول القيم فى العلاقات الاجتماعية والإنسانية فى المجتمع المصرى فى أعماله. وكانت أعماله الأولى حتى السبعينيات قادرة على التواصل مع القارئ تواصلا يلفت الانتباه إلى قدرته الأدبية وموهبته فى القدرة على تجسيد مواقف وحالات تعبر عن مناخ فكرى عام بسهولة ويسر، ثم تقلصت هذه القدرة وبلغت الذروة فى مقامات ريان وأعماله الأخيرة، وباتت أعماله شديدة الكثافة والغموض، وأصبح تواصل القارئ العادى معها صعبا للغاية، وقد فسرت ذلك فى حينه بالتحليل الفينومينولوجى لتجربة الأديب وكيف أصبحت ذاته تجرى تحويلا دلاليا للعالم الذى يكتب عنه بأسلوب يصعب التواصل معه، وهذا التحول كان مرتبطا بنوع من المقاومة ضد استهلاك الذات ومحوها عبر هذه اللغة التى تريد أن تقول كل شىء فى وقت واحد. وهذا الغموض كان حيلة من حيل المقاومة ضد التهميش، وإبرازاً للذاتية التى تعيد بناء كل شىء وفق منظورها الخاص جدا الذى تسيطر عليه مشاعر الألم الشديد والخوف من التجاهل والسحق الذى يجرى فى عالم الثقافة لدينا؛ حين تراجعت التجربة الأدبية أمام أدوات الاتصال الأخرى، وانتشار المجتمع الاستهلاكى للكرة والفن والتجارة فى كل شىء. ترجع أهمية هذا الكاتب إلى كونه يجسد الخطاب الإبداعى عند أهم اتجاه ساد الفكر النقدى فى مصر، وهو الاتجاه الاجتماعى فى القص، الذى يعبر عن التحولات السياسية التى سادت المنطقة العربية فى تلك الفترة. ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل يقدم رؤية شاملة عن الخطاب الإبداعى يمكن أن يستفيد منه دارس تاريخ القص واتجاهاته. ويكشف الكتاب عن جانب مهم من جوانب الفكر العربى المعاصر فى ممارساته النقدية للأنواع الأدبية والتشكيلية. ويركز الكاتب فى إبداعه على الفترة من 1945 إلى ما بعد الثورة حتى الآن. وهى فترة تاريخية تبلور الخطاب النقدى عبر ممارساته العديدة؛ لأن ثورة يوليو التفتت مبكرا إلى أهمية الدور الذى يلعبه الأدب فى نقل أيديولوجيتها إلى جماهير الشعب. وقد اعتمد الكاتب على وعى فلسفى بالمفاهيم التى استخدمها نقاد الاتجاه الاجتماعى فى مصر؛ فطبق المنهج الاجتماعى الذى استخدموه فى الإبداع والنقد فى تحليل رؤيتهم للعالم وممارستهم التطبيقية، فبيَّن لنا أنه يمكن دراسة الفن والرواية فى تلك الفترة فى كونه تجسيدا اجتماعيا لفئات اجتماعية محددة يستند إلى معايير محددة لإنتاج الأدب والفن واستقبالهما. ويترتب على ذلك دراسة الفن والأدب بوصفهما تعبيرا عن مؤسسات اجتماعية تمارس فعاليتها داخل النظام الأدبى السائد. الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة