وسَّع جيش الاحتلال الصهيوني ، نطاق عمليته العسكرية في نابلس لتشمل مخيم بلاطة للاجئين المجاور. ففي حوالي الساعة الثانية فجراً اقتحمت قوات كبيرة من الاحتلال المخيم، شرقي المدينة من عدة محاور، معلنةً عن فرض حظر التجول، وشرعت بعمليات تفتيش ومداهمة في منازل المواطنين. وذكر مواطنون أن قوات الاحتلال تحاصر عدة منازل ومبان في المخيم والمناطق الواقعة بينه وبين مدينة نابلس، وتطالب المواطنين عبر مكبرات الصوت بالخروج من منازلهم، بذريعة البحث عن "مطاردين". وأوضح مواطنون أن قوات الاحتلال تحاصر منازل في منطقة شارع المدراس، ومنطقة مسجد الأرقم، وأن من المنازل التي يتم محاصرتها منزل لعائلة أبو صبحية وآخر لعائلة العسود. وأضافوا أن أصوات انفجارات ناجمة عن اقتحام المنازل المستهدفة بواسطة المتفجرات، تسمع بين الحين والآخر. ووصف احد المواطنين واسمه صبري ذوقان من أهالي مخيم بلاطة الوضع بأنه مقلق للغاية، لأن ما يجري على الأرض يظهر أن العملية العسكرية بتصاعد مستمر، وأن عمليات المداهمة ستطال أعداداً كبيرة من المنازل. وأوضح أن أصوات الانفجارات التي تهز المخيم والمدينة تتسبب بحالات من الرعب والفزع بين صفوف الأطفال. وفي صعيد متصل أكد شهود عيان من المدينة أن قوات الاحتلال نفذت عمليات تفتيش واسعة في منطقة كروم عاشور، وأنه تم اعتقال واستجواب بعض المواطنين، ليرتفع عدد من اعتقلتهم قوات الإحتلال منذ بدء العملية إلى حوالي أربعين مواطناً. واحتجز جنود الاحتلال في ساعات الصباح الأولى الصحفي غازي أبو كشك مدير المؤسسة الفلسطينية للاعلام خلال تواجده وسط المدينة، لأكثر من ساعتين، إلى أن تم اطلاق سراحه بعد اخضاعه للتحقيق الميداني. في الوقت الذي انفجرت أسارير الفلسطينيين على أمل تحسّن في حالهم بعد قمة شرم الشيخ الأخيرة، كان جيش الاحتلال الصهيوني يخطط لخلاف ما صرح به رئيس الحكومة الصهيونية أيهود اولمرت الذي وعد برفع الحواجز وتخفيف الحصار ووقف الاقتحامات. فبعد أيام قليلة اعاد هذا الجيش اجتياح نابلس كبرى المدن الفلسطينية، ليعيد الى أذهان ساكنيها سلسلة من الاجتياحات المشابه التي عاث فيها الجيش الصهيوني خراباً في المدينة والمخيمات المجاورة. وقال محلّلون إن العمليات العسكرية التي يقوم بها جيش الاحتلال الصهيوني تعطل جهود حكومة الطوارئ في فرض القانون وانعاش الاقتصاد المتداعي. وقال الدكتور رياض المالكي الناطق الرسمي باسم الحكومة، إن الاقتحامات الصهيونية المتكررة تعطل الجهود الرامية لبسط الأمن والنظام في الضفة الغربية. وقد حول جيش الاحتلال مدينة نابلس إلى ساحة حرب مفتوحة رحاها تدور منذ يومين دون توقف. ويقول سكان المدينة التي اعتادت على مثل هذه الاجتياحات الصهيونية، إن نابلس والمخيمات المحيطة بها تتعرض بشكل يومي للاقتحام، لكن مدى اتساع هذه العمليات يختلف من مرة لأخرى. وكثيرة هي المرات التي تحولت فيها نابلس إلى مدينة أشباح لا حركة للسكان في شوارعها المقفرة، وخلال هذه العملية، بدا المشهد في المدينة أشبه بالمعركة بكامل هيئتها، لم تضع أوزراها بعد، استخدم فيها الجيش أكثر من ثمانين آلية عسكرية انتشرت في عدة محاور من المدينة المترامية الأطراف. وفي أول يومين من العملية كانت الحصيلة شهيد وهدم منازل وعدة اصابات وعدد من المعتقلين. بيد أن سكان المدينة يعتقدون أن العملية في استمرار نظراً لدفع جيش الاحتلال بعدد كبير من آلياته العسكرية الى أحياء المدينة المختلفة، ويتحدثون عن أرتال طويلة من الآليات العسكرية الصهيونية، ومعسكرات مؤقته في بنايات الأحياء التي تعرضت للمداهمة على مدار ساعات طويلة. ويواصل الجيش الصهيوني عملياته العسكرية في مختلف أنحاء المدينة، بيد أن تركيز هذه العميات كان في البلدة القديمة. وقال سكان من أحياء البلدة القديمة إن الطرق الموصلة اليها اغلقت بالآليات العسكرية وإن قناصة الجيش اتخذوا لهم مواقع لرصد حركة المارة. وفي أحياء البلدة يسمع بين الحين والآخر صدى اطلاقات نارية في اتجاهات شتى، وترددت أصوات دوي اطلاق النار في مناطق جبلية محيطة وتحوّل ليل المدينة إلى نهار بفعل القنابل الضوئية. ونام سكان مدينة نابلس الليلة الماضية على وقع دوي التفجيرت واطلاق القنابل المتواصل الذي لم يهدأ. وتجري التفجيرات في ساحات المنازل التي تعرض بعضها للدمار فيما انهار بعضها على رؤوس ساكنيه. وبدأت أحدى المعارك القوية في حي النصر في البلدة القديمة حيث انهار أحد المنازل على من فيه. "اعتقدت أن ثمة صاروخاً هوى من السماء" "قال أحد سكان المنطقة في اشارة منه إلى دوي وقع أثناء عمليات التفجير. وتبدو شوارع البلدة القديمة من نابلس، المحاطة بسلسلة من الجبال شاهقة الارتفاع، فارغة من السكان، ويعيش سكان حارتها هاجس أن يقضي أحدهم برصاصة من بندقية أو بقذيفة تطلقها دبابة صهيونية أو قناص يتمركز على أحد النقاط العسكرية المقامة على قمم هذه الجبال. وخلال السنوات الماضية قتل وجرح كثيرون بسبب هذه الاجتياحات المستمرة للمدينة التي يكون فيها كل من يتحرك في الشوارع قاب قوسين أو أدنى من الموت. والدخول الى المنطقة التي يجري فيها الجيش عمليات تفجير ومداهمة يعني الدخول بين رحى حجري يدوران دون توقف. من على بعد يمكن النظر إلى جيش الاحتلال وهو يقوم بعملياته العسكرية في أحياء مختلفة من نابلس لكن الاقتراب منه خطر للغاية. وقال بلال، أحد سكان شارع الجامعة إن شوارع نابلس تشهد تواجداً مكثفاً للجيش الذي يركز عملياته في البلدة القديمة. وأضاف" التزم الجميع في منازلهم إلا من اقتضته حاجة ماسة للتحرك". وبينما كان يتحدث كيف أن الجيش فرض حظر التجول في معظم المدينة، سمع أزير الرصاص في مكان مجاور. وكلما أطلقت رشقات من الرصاص تردد صداها في المكان، لحظات ودوى انفجار آخر في منطقة ما في وسط البلد. وقال الرجل أن الجيش الصهيوني مازال يحاصر البلدة القديمة التي داهم المنازل ليلاً فيها وإن عملياته توسعت إلى مخيمات مجاورة. ويستغل جيش الاحتلال الصهيوني جبال نابلس مستفيداً من تضاريسها الوعرة ليطبق الحصار على المدينة التي تطوقها الحواجز.