موعد إجازة 6 أكتوبر 2024 للموظفين والمدارس (9 أيام عطلات رسمية الشهر المقبل)    محامي يكشف مفاجآت في قضية اتهام صلاح التيجاني بالتحرش    نائب محافظ المركزي: ملتزمين بضمان استدامة السياسات النقدية الجاذبة للاستثمار    حزب الله: اغتيال القيادي أحمد محمود وهبي في غارة إسرائيلية    فلسطين.. 3 إصابات في قصف إسرائيلي استهدف خيمة تؤوي نازحين وسط خان يونس    وزير الخارجية: الجهد المصري مع قطر والولايات المتحدة لن يتوقف ونعمل على حقن دماء الفلسطينيين    الأهلي ضد جورماهيا في دوري أبطال إفريقيا.. الموعد والقنوات الناقلة والمعلق والتشكيل    «من خليفة إيهاب جلال إلى أين سمعتي».. القصة الكاملة لأزمة الإسماعيلي وحلمي طولان    «صاحب المعلومة الأدق».. لميس الحديدي تهنئ أحمد شوبير على التعاقد مع قناة الأهلي    عاجل - الأرصاد تعلن تحسن الطقس اليوم وانخفاض الحرارة    مبلغ مالي غير متوقع وزيارة من صديق قديم.. توقعات برج العقرب اليوم 21 سبتمبر 2024    بحضور وزير الثقافة.. تفاصيل انطلاق الملتقى الدولي لفنون ذوي القدرات الخاصة    وزير الخارجية: مصر تدعم الصومال لبناء القدرات الأمنية والعسكرية    أسعار الذهب في مصر اليوم السبت 21-9-2024.. آخر تحديث    «أغلى من المانجة».. متى تنخفض الطماطم بعد أن سجل سعرها رقم قياسي؟    توجيه هام من التعليم قبل ساعات من بدء الدراسة 2025 (أول يوم مدارس)    موعد مباراة مانشستر يونايتد ضد كريستال بالاس في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    معسكر مغلق لمنتخب الشاطئية استعدادًا لخوض كأس الأمم الإفريقية    في احتفالية كبرى.. نادي الفيوم يكرم 150 من المتفوقين الأوائل| صور    قتل صديق عمره .. ذبحه ووضع الجثة داخل 3 أجولة وعاد يبحث مع أسرته عنه    أنتهاء أسطورة «ستورة» فى الصعيد .. هارب من قضايا شروع فى قتل وتجارة سلاح ومخدرات وسرقة بالإكراه    النيابة تعاين الزاوية التيجانية بعد أقوال ضحايا صلاح التيجانى    استدعاء والدة خديجة لسماع أقوالها في اتهام صلاح التيجاني بالتحرش بابنتها    د.مصطفى ثابت ينعي وزير الداخلية في وفاة والدته    عمرو سلامة: أداء «موريس» في «كاستنج» يبرز تميزه الجسدي    حفل للأطفال الأيتام بقرية طحانوب| الأمهات: أطفالنا ينتظرونه بفارغ الصبر.. ويؤكدون: بهجة لقلوب صغيرة    زاهي حواس: تمثال الملكة نفرتيتي خرج من مصر ب «التدليس»    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    وصلت بطعنات نافذة.. إنقاذ مريضة من الموت المحقق بمستشفى جامعة القناة    أمام أنظار عبد المنعم.. نيس يسحق سانت إيتيان بثمانية أهداف    بدائل متاحة «على أد الإيد»| «ساندوتش المدرسة».. بسعر أقل وفائدة أكثر    «البوابة نيوز» تكشف حقيقة اقتحام مسجل خطر مبنى حي الدقي والاعتداء على رئيسه    إسرائيل تغتال الأبرياء بسلاح التجويع.. مستقبل «مقبض» للقضية الفلسطينية    وزير الخارجية يؤكد حرص مصر على وحدة السودان وسلامته الإقليمية    نوران جوهر تتأهل لنهائي بطولة باريس للإسكواش 2024    ارتفاع سعر طن الحديد والأسمنت يتجاوز 3000 جنيه بسوق مواد البناء اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    عمرو أديب عن صلاح التيجاني: «مثقفين ورجال أعمال وفنانين مبيدخلوش الحمام غير لما يكلموا الشيخ» (فيديو)    عودة قوية لديمي مور بفيلم الرعب "The Substance" بعد غياب عن البطولات المطلقة    أول ظهور لأحمد سعد وعلياء بسيوني معًا من حفل زفاف نجل بسمة وهبة    المخرج عمر عبد العزيز: «ليه أدفع فلوس وأنا بصور على النيل؟» (فيديو)    «التحالف الوطني» يواصل دعم الطلاب والأسر الأكثر احتياجا مع بداية العام الدراسي    وزير خارجية لبنان: نشكر مصر رئيسا وشعبا على دعم موقف لبنان خلال الأزمة الحالية    أهالى أبو الريش فى أسوان ينظمون وقفة احتجاجية ويطالبون بوقف محطة مياه القرية    «جنون الربح».. فضيحة كبرى تضرب مواقع التواصل الاجتماعي وتهدد الجميع (دراسة)    لأول مرة.. مستشفى قنا العام" يسجل "صفر" في قوائم انتظار القسطرة القلبية    عمرو أديب يطالب الحكومة بالكشف عن أسباب المرض الغامض في أسوان    تعليم الإسكندرية يشارك في حفل تخرج الدفعة 54 بكلية التربية    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    أخبار × 24 ساعة.. انطلاق فعاليات ملتقى فنون ذوي القدرات الخاصة    انقطاع الكهرباء عن مدينة جمصة 5 ساعات بسبب أعمال صيانه اليوم    الأهلي في السوبر الأفريقي.. 8 ألقاب وذكرى أليمة أمام الزمالك    تعليم الفيوم ينهي استعداداته لاستقبال رياض أطفال المحافظة.. صور    حريق يلتهم 4 منازل بساقلتة في سوهاج    أكثر شيوعًا لدى كبار السن، أسباب وأعراض إعتام عدسة العين    آية الكرسي: درع الحماية اليومي وفضل قراءتها في الصباح والمساء    دعاء يوم الجمعة: نافذة الأمل والإيمان    الإفتاء تُحذِّر من مشاهدة مقاطع قراءة القرآن المصحوبةً بالموسيقى أو الترويج لها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعداد قتلى "شركات المُقاولين" في العراق تصل مستويات عالية
نشر في الشعب يوم 26 - 05 - 2007


ترجمة ماجد الشهابي
يُعلِّق مُحرِّر موقع truthout.com وهو موقعٌ للتقدُّميين الأميركيين المعادين للحرب، حيثُ وردت هذه المقالة، وهي مأخوذة عن صحيفة نيويورك تايمز/يوم 19 أيار، إنَّ هذه المقالة لاتشيرُ إلى المُتعاقدين الأكثر عُرضةً للقتل والإصابة وهم أولئك الذين يُدعون باسم "المُقاولين الأمنيِّين"، أي المُرتزقة. تعملُ في العراق عدَّة منظَّمات شبه عسكريَّة تُمَوِّلُها الحكومة الأميركية. ومن هذه الشركات "بلاك ووتر سيكيورتي" و"ك. ب. ر." لدى تلك المنظَّمات تفويض لتنفيذ عمليّات عسكرية، مدعومةً في معظم الأحيان من وحدات قتاليّة أميركية نظامية، لكنّها تعمل دون مراقبة من الحكومة ولاتَخضعُ للمحاسبة. ولمَّا كانت صحيفة نيويورك تايمز لاتعترفُ بوجود هذه المنظمات في هذا التقرير فمن الصعب قياس نسبة تلك المنظَّمات الأميركية شبه العسكرية إلى بقية أنواع المقاولين. على أيَّ حال، بالقياس إلى الطبيعة الخطرة للعمل الذي تقوم به تلك المنظمات فمن المرجَّح أنْ تكون خسائرهم عالية.

((وصلت أرقام قتلى المُقاولين الأميركيين في العراق إلى مستوياتٍ قياسيَّة في هذا العام، الأمرُ الذي سيجعل عام 2007 العام الأكثر دموَّيةً بالنسبة للمدنيّين العاملين جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة الأميركية في ساحة الحرب، هذا وفقاً للأرقام الصادرة حديثاً عن الحكومة الأميركية.

ففي الشهور الثلاثة الأولى من العام الجاري قُتِلَ أكثر من 146 من المُتعاقدين في العراق، وهو رقمٌ أعلى بكثير من أيّ رقمٍ لأيٍّ من الفترات المُماثلة السابقة منذ بدء الحرب في آذار 2003، وفقاً لما ذكرته "دائرة العمل"، وهي الدائرة التي تتعامل مع طلبات التعويضات المتعلّقة بحالات الموت أو الإصابة التي يتقدّم بها المُتعاقدون مع الحكومة الأميركية ممَّن يعملون في العراق.

ترفع الحصيلة المذكورة عدد المُتعاقدين الذين لقوا حتفهم في العراق إلى 917 مُتعاقداً على الأقل بالإضافة إلى أكثر من اثني عشر ألف 12000 جريح في المعارك أو في أثناء أداء وظائفهم، وفقاً لما ورد في أرقامٍ صادرة عن الحكومة الأميركية ووفقاً لعددٍ كبير من المقابلات مع المَعنيين.
تكشفُ هذه الأرقام عن خسائر العاملين الأميركان والعراقيين والتابعين لأكثر من ست وثلاثين جنسية أخرى، التي لم تُعلن سابقاً، وتكشفُ إلى أيِّ مدى وصلت هذه الخسائر غير المُعلنة الناجمة عن هذه الحرب، كما تكشفُ مدى المَخاطر المتزايدة التي يواجهها هؤلاء إلى جانب الجنود الأميركان والمارينز في الوقت الذي ينفِّذُ فيه الرئيس بوش خطّة زيادة عدد الجنود في بغداد.

وبينما ينفّذُ الجنود دوريّاتهم في بغداد وحولها يتعرَّضون، هم والمتعاقدين الذين يؤازرونهم، إلى مخاطر أكبر. ففي هذا العام، على سبيل المثال، وصل عدد قتلى المتعاقدين إلى رقمٍ قريبٍ من عدد القتلى من الجنود في الفترة نفسها، 244 قتيل، وهو أعلى ممَّا وصل إليه في أيِّ رُبعِ سنة منذ بدء الحرب، هذا وفقاً للأرقام الرسميّة.
يقول لورانس كورب، وهو مساعدٌ سابق لسكرتير وزارة الدفاع لشؤون القوى العاملة في فترة إدارة الرئيس السابق ريغان: "المتمرّدون يستهدفون الأهداف الضعيفة، والمُتعاقدون أهداف أضعف من الوحدات العسكرية. الولايات المتحدة تعملُ بنزعة اقتحاميَّة أكثر فأكثر هناك، وقتلى المتعاقدين يتزايدون أكثر فأكثر."

يأتي قسم كبيرٌ من هؤلاء القتلى من أوساط سائقي الشاحنات والمترجمين، إلاّ أنَّ أرقام في الفترات الأخيرة تشملُ آخرين ممَّن يُشكِّلون ما يصلُ إلى مستوى جيشٍ خاص.
يأتي ضمن هؤلاء الحُرّاس الأمنيين الأميركيين الأربعة الذين قتلوا في تَحَطُّم طائرة سمتيّة في شهر كانون الثاني، وثمانية وعشرين عامل بناء تركي تحطَّمت الطائرة التي كانت تُقِلُّهم إلى الشمال من بغداد في الشهر نفسه، وكذلك شخصٌ من ماساشوستس قُتلَ بينما كان يحاول تفكيك بعض الذخائر لصالح شركةٍ أميركية في أذار، بالإضافة إلى امرأة من جيورجيا لقيت مصرعها جرَّاء هجومٍ صاروخي في شهر آذار بينما كانت تعمل كَمُنَسِّقة لصالح شركة مُتعاقدة، ك ب ر.

لقي دونالد تولفري، وهي سائق شاحنة من ميتشغان، حتفه جرَّاء إطلاق نار عليه وهو في قمرة القيادة في شاحنته في طريق عودته إلى معسكر "أناكوندا" شمال بغداد في أوائل شهر شباط الماضي. تقول ابنته كريستين مارتن، 23 سنة، إنَّ موظّفي الجيش أخبروها أنَّه لقي مصرعه بنيران حارس عسكري أميركي أصابه الشكّ بشأنِ مُهمَّةِ والدها. أكَّدَ الجيش الأميركي أنّ التحقيق جارٍ بشأنِ مقتله بوصفه حدث بنيرانٍ صديقة.
قالت الآنسة مارتن إنها انتظرت عودة جثمان أبيها إلى الوطن ثلاثة أسابيع، وعبَّرت عن امتعاضها من كون قتلى المُتعاقدين يُعاملون معاملةً مختلفة عن معاملة الجنود الذين يسقطون في ساحات المعركة. قالت في مقابلة على الهاتف: "إذا ما حدثَ شيء لعسكريٍّ نعرفُ بأمره على الفور. تُنَكَّسُ لهم الرايات، ويلقون التشييع المُحترم. أمّا المتعاقدين فلا تسمعُ عنهم شيئاً."
تقول الجهات الرسمية الأميركية في واشنطن وبغداد إنَّه ليس هناك مَكتباً في البنتاغون لمتابعة خسائر المُتعاقدين وإنَّه ليس لديهم ما يقولونه بشأنِ التَثَبُّتِ من الزيادة الحادّة في أعداد قتلى المُتعاقدين أو شرح سبب تلك الزيادة.
الميجر جنرال ويليام كالدويل الناطق الرسمي الأول باسم القوات الأميركية في العراق امتنعَ، عَبْرَ أحدِ معاونيه، عن التحدُّث عن هذه المسألة. فقد قال معاونه ماثيو بريدلوف: "شؤون المتعاقدين لا تقعُ ضمن مجال عملنا، ونحن لا نُعطي تعليقاتٍ عليها."
أمّا الشركات التي ينتمي إليها أولئك القتلى من المتعاقدين في العراق فلم تقبل الاستجابة للأسئلة المتعلِّقة بأعداد القتلى والظروف التي تحصل فيها خسائرهم في الأرواح. لم تعترف أي من الشركات بأنّها لاحظتْ زيادةً في أعداد القتلى في صفوف العاملين لديها في العراق في هذا العام.
أمّا المتحدِّثُ باسم "المجموعة الأميركية الدولية"، وهي شركة التأمين التي تغطِّي قرابة 80% من المتعاقدين العاملين في العراق، فقد قال إنَّ الشركة شَهِدَت ارتفاعاً حادّاً في طلبات التعويضات الناجمة عن الموت والإصابات في الشهور القليلة الماضية. تُظهِرُ سجلات "دائرة العمل" إنَّه بالإضافة إلى المائة وستة وأربعين قتيلاً الذين سقطوا في الشهور الثلاثة الأولى من هذا العام هناك طلبات تعويضات قدَّمها ثلاثة آلاف وأربعمائة وثلاثون من المتعاقدين العاملين في الميدان بسبب جروحٍ أو إصابات تعرَّضوا لها في العراق في الشهور الثلاثة الأولى من هذا العام أيضاً.
وعلى الرغم ممّا ذُكِرَ أعلاه فربَّما يكون عدد الإصابات أعلى من ذلك بكثير لأنَّ البيانات الإحصائية الحكومية لم تكتمل بعد.
الأرقام التي قدَّمتها "دئرة العمل كانت استجابةً لطلبٍ تقدَّمت به صحيفة نيويورك تايمز بالاستناد إلى "قانون حرية الوصول إلى المعلومات". أما الأرقام الأخرى فتمَّ التوصُّلُ إليها من مؤسسات حكوميَّةٍ عِدَّة، ومن متعاقدين خاصِّين، ومن شركات التأمين التي تعالجُ طلبات التعويض التي يتقدَّمُ بها المصابون.
ارتفعت حصيلة قتلى الجيش الأميركي في العراق إلى 3400 ثلاثة آلاف وأربعمائة قتيل. وتشير الإحصائيَّات الجديدة المتعلِّقة بالمتعاقدين إلى أنَّه هناك قتيلٌ واحدٌ من المتعاقدين مقابل كل أربعة قتلى من العسكريين الأميركيين.
السيناتور جون ماكين، الجمهوري عن ولاية أريزونا وأحدُ الذين ضغطوا لزيادة عديد القوات الأميركية في العراق قال إنّ خسائر المُتعاقدين هي عَرَضٌ من أعراض فشلٍ أكبر وهو العجز عن إرسال ما يكفي من القوات الأميركية في وقتٍ مبكِّر لتوفير الأمن في العراق.
يقول: "إنَّنا نعرِّضُ أولئك الناس لخطرٍ لم يَخْطُرْ لي أبداً أنَّهم سيتعرَّضون له وذلك لأنَّنا لا نتمكَّنُ من تأمين البلد."

عبَّرَ بعض النواب أيضاً عن قلقهم بشأن تلك الأرقام. عضو الكونغرس جون مورثا، وهو ديمقراطيٌ من بنسلفانيا، ورئيس لجنة الدفاع الفرعيّة "لجنة التخصيصات"، قال إنَّه شعر بالصدمة بسبب المدى الذي وصلت إليه الخسائر في أوساط المتعاقدين وقال إنَّه أَعَدَّ خطة لعقد جلسات استماعٍ في الخريف المقبل حول استخدام عمال الشركات الخاصة في العراق.

أما عضو الكونغرس جان شاكوفسكي، وهو ديمقراطي من إلينوي، فقد تقدَّمَ بمشروع قرارٍ يُرغمُ الحكومة على الإفصاح عن سجلات تفصيليّة متعلِّقة باستخدام المُتعاقدين في العراق والإفصاح عن أسماء الذين قُتِلوا أو جرحوا مع وصفٍ للوظيفة التي كان يشغلها كلٌّ منهم، وهذه المعلومات من غير الممكن الحصول عليها الآن فعليَّا. يعلنُ الجيش أسماء المصابين في زمن الحرب ومعلومات عن السيرة الذاتية لكلٍّ منهم، لكنَّ قطاع الأعمال ليس مُلْزَماً بتقديم مثل تلك المعلومات، وترفضُ "دائرة العمل" أن تقدِّمها أيضاً، مُستندةً في ذلك إلى قوانين حماية المعلومات الشخصيّة.

يقول السيد شاكوفسكي: "إنَّ إبقاء تلك المعلومات مَخفيَّة يُغيِّرُ فَهْمَ المرء للحرب وتقييمه لها. هناك ما يقارب الألف قتيل وعدد كبير من الجرحى. أظنُّ أنَّ إخفاء المعلومات يخفي بدورِهِ حقيقة أنَّنا في هذا البلد نجري عمليَّة خصخصة للعمل العسكري."
يقول المُتعاقدون إنَّه بينما تزداد حدَّة العمليّات العسكريّة في الشهور الأخيرة تزداد حدّة الهجمات عليهم، كما يقولون إنّ قوافل الشاحنات التي تستخدمها الشركات ليست مُصفَّحة أو محميَّة كما هي الحال لدى الوحدات العسكرية.
قال أحد كبار العاملين في ميدان الأمن أنَّه عَلِمَ مؤخّراً من مصادر عسكريّة أميركيَّة وموظَّفين معنيين بشؤون المتعاقدين أنَّ ما يتراوح بين 50 و60% من مجموع قوافل الشاحنات العاملة في العراق تعرَّضت لهجمات. وكان المتحدِّثُ السابق قد قال فيما مضى أنَّ نسبة القوافل التي تعرَّضت لهجمات كانت 10% تقريباً.
قال ذلك الموظف الذي فضَّل عدم ذكر اسمه لأنّ المعلومات التي أدلى بها سريّة: "هناك ارتفاعٌ شديد في عدد الهجمات التي تتعرّضُ لها القوافل.
قال سائق شاحنة، غوردن دريهر، 48 عام، يقود شاحنة لتزويد الوحدات العسكرية الأميركية في العراق بالوقود إنّه وسائقين آخرين يتعرَّضون لهجمات باستمرار من قبل المتمرِّدين.
ويتابع السائق: "تعرَّضتُ لإطلاق نارٍ ولانفجارٍ تحت شاحنتي، وعبوة ناسفة من تلك التي تُزرَعُ على الطرقات على بعد ستّة أقدامٍ مني وفقدتُ جزءً من قدرتي على السمع. أصبحتُ معتاداً على التعرُّضِ لإطلاق النار، وعلى ارتداد المقذوفات الخطَّاطة عن شاحنتي. في إحدى المرّات تعرَّضت القافلة التي كنت فيها للإغارة مرتين."
أُصيبَ السيد دريهر بكسر في العمود الفقري في شهر كانون الثاني بسبب قيادة شاحنته بسرعة على طريقٍ وَعِر، وأُعيدَ إلى الوطن وهو بانتظار عمليّة جراحية. يتابع قائلاً: "عندما يُصَعِّد الجيش عمليّاته يحتاجُ إلى مزيدٍ من الوقود للدبابات والطائرات السمتيَّة. يُخبرني زملائي اللذي مايزالون يعملون هناك أنّهم يتعرَّضون لهجماتٍ كثيرة مؤخَّراً."

ويقول السائق مارك جريفن، 53 سنة، من ولاية جورجيا، وقد غادر العراق في تشرين الثاني من العام الماضي إنَّه حتى في ذلك الوقت كانت الهجمات في تصاعد: "كانت الحالُ تسوء على نحوٍ متصاعدٍ في كلِّ شهرٍ أمضيتُهُ هناك."

كان يعمل لصالح شركة "ك. ب. ر." يقود الشاحنات في محافظة الأنبار لتزويد قواعد قوات المارينز بالذخائر والمياه والمُستلزمات الأخرى. وقال أيضاً إنَّه في أواخر عام 2006 في كلِّ رحلةٍ لقافلة في محافظة الأنبار كانت الشاحنات ووحدات الحماية المرافقة لها من قوات المارينز تجدُ في طريقها ما بين 20 إلى 30 عبوة ناسفة مزروعة على الطرقات." ويتابع: "إنّ عدد العبوات الناسفة المزروعة في الطرقات ازداد باطِّراد مع مرور الزمن."

تُظهرُ إحصاأت "دائرة العمل" أنَّ أعداد القتلى والجرحى بين المُتعاقدين ارتفعت في أثناء الأوقات التي يُصعِّدُ في الجيش الأميركي عمليّاته العسكرية. على سبيل المثال: عدد المُتعاقدين الذين لقوا مصرعهم من كانون الثاني حتى آذار يزيد عن الرقم القياس لفترة الثلاثة شهور التي قُتلَ فيها 112 منهم في الربع الأخير من عام 2004، وكان ذلك في الفترة التي شهدَتْ الهجوم الأميركي على مدينة الفلّوجة والعمليات المرتبطة بها قرب المدينة.

يبدو أنّ ميل الوضع إلى التسبُّب بمقدارٍ متزايدٍ من الخسائر مُستمرّ في الربع الثاني من العام الحالي حيثُ يشنُّ المتمرّدون موجةً من القصف بقنابر الهاون والهجمات بالصواريخ على المنطقة الخضراء في بغداد، وهي منطقة شديدة التحصين تقع فيها المراكز الحكومية. في أوائل هذا الشهر على سبيل المثال لقي هنديَّان وفيليبيني ونيبالي يعملون في السفارة الأميركية في بغداد مصرعهم نتيجة تعرض المنطقة الخضراء لقصفٍ صاروخي.

تقول مصادر البنتاغون إنّ ثلاثمائة شركة من الولايات المتحدة وبقيّة أنحاء العالم تقوم بتوفير العاملين الذين يشكِّلون قوَّةً في الظل في العراق يعادل حجمها تقريباً القوات العسكرية الأميركية النظاميّة. هناك ما يقارب مائة وست عشرين ألف 126.000 رجل وامرأة يعملون لصالح المتعاقدين الذين يَخْدِمون في العراق جنباً إلى جنب مع مائة وخمسين ألف 150.000 جندي أميركي. لم يحصل أبداً من قبل أنْ دخلت الولايات المتحدة حرباً وسخَّرت لها مقداراً كهذا من المدنيِّين للعمل في وظائف ميدانيّة، كالحراسة المُسلَّحة، والتدريب العسكري والترجمة والتحقيق والطبخ وأعمال الصيانة، وهي أعمالٌ كان يقوم بها عسكريُّون نظاميون فحسب في الماضي.

في حرب الخليج عام 1991، على سبيل المثال، عَمِلَ 9200 متعاقد فقط، وكان أولئكَ في معظمهم يُشَغِّلون أنظمة الأسلحة المتطوِّرة، وخدموا جنباً إلى جنب مع 540.000 عسكري. في نهاية الحرب الباردة كان الكونغرس والبنتاغون توّاقين للإمساك بما يُسمّى ‘حِصَّة السِّلم' وقلَّصوا الجيش الدائم بشدَّة. بعد غزو العراق وسَّعت إدارة بوش استراتيجيَّة التوكيل الخارجي إلى مستوياتٍ غير مَسبوقة.

يقول كثيرٌ من المتعاقدين العاملين في ساحة الحرب إنَّهم يفتقدون إلى إجراءات الأمن الأساسية المُتَوَفِّرة للوحدات العسكرية النظامية، وإنَّهم يتلقون إعانات ليست مُختلفةً فحسب عن تلك التي يتلقَّاها العسكريّون، لا بل هي تختلفُ من شركة متعاقدة إلى أخرى. يتراوح الأجر الأسبوعي بين ستين دولاراً للمُترجمين والعمال العراقيين وبين 1800 دولار لسائقي الشاحنات إلى 6000 دولار إلى للحرّاس الأمنيين الخصوصيين الذين تستخدمهم شركاتٍ مثل "بلاكووتر". أما إعانات التأمين والطبابة فتختلفُ اختلافاً شديداً أيضاً، بين تأمينات الحد الأدني والتأمينات العالية جدَّاً.
الظروف في العراق قاسية، وكثيرٌ من المدنيين الذي جذبتهم تلك الساحة، اندفعوا بفعل نزعتهم الوطنيّة أو إحساس المغامرة أو إغواء المال، وهؤلاء مُثقَلي الكاهل بفعل الأجواء السائدة هناك. فإذا اشتكوا من يوم العمل الطويل الذي يمتد لاثنتي عشر ساعة أو نقص التصفيح لشاحناتهم أو من التعرُّض للقصف الدوري على قواعدهم يقول لهم المُشرفون عليهم أنْ يحزموا أمتعتهم ويعودوا إلى بلادهم.
تقولُ سينثيا مورغان، سائقة شاحنة من تِنيسي أمضت أكثر من عام في العراق كقائدة قافلة، إنَّ الجواب الدارج على ألسنة المسؤولين على مثل تلك الشكاوى هو: " احْجِزْ بطاقتك على أوَّل طائرة مغادِرة!"))
نيويورك تايمز 19/5/2007
شبكة البصرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.