نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    صرف 80% من مقررات مايو .. و«التموين» تستعد لضخ سلع يونيو للمنافذ    برلماني: مشروع قانون تطوير المنشآت الصحية يشجع على تطوير القطاع الصحي    بنك مصر يطرح ودائع جديدة بسعر فائدة يصل إلى 22% | تفاصيل    افتتاح أولى دورات الحاسب الآلي للأطفال بمكتبة مصر العامة بدمنهور.. صور    أى انقسام فى إسرائيل؟!    قمة اللا قمة    البحرية الأوكرانية تعلن إغراق كاسحة الألغام الروسية "كوفروفيتس"    ليلة الحسم.. مانشستر سيتي يتفوق على وست هام 2-1 فى الشوط الأول بالدوري الإنجليزي.. فيديو    التعادل الإيجابي يحسم الشوط الأول بين آرسنال وإيفرتون    نهائي الكونفدرالية.. توافد جماهيري على استاد القاهرة لمساندة الزمالك    تشيلسي يحدد بديل بوتشيتينو| هدف برايتون    إصابة 4 أشخاص بطلقات نارية في مشاجرة بقنا    القبض على خادمتين سرقتا فيلا غادة عبدالرازق بالمعادي    عبير صبري تخطف الأنظار في حفل زفاف ريم سامي | صور    نقابة الموسيقيين تكشف مفاجأة بشأن حفل كاظم الساهر في الأهرامات    توافد كبير للمصريين والأجانب على المتاحف.. و15 ألف زائر بالمتحف المصري    الأربعاء.. مراسم دندرة للرسم والتصوير في معرض فني لقصور الثقافة بالهناجر    لمواليد 19 مايو .. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    رجل يعيش تحت الماء 93 يوما ويخرج أصغر سنا، ما القصة؟    4 فيروسات قد تنتقل لطفلك من حمامات السباحة- هكذا يمكنك الوقاية    حقوق الإنسان بالبرلمان تناقش تضمين الاستراتيجية الوطنية بالخطاب الديني    قصف مدفعي.. مراسل القاهرة الإخبارية: الاحتلال يوسع عملياته العسكرية شمال غزة    جامعة العريش تشارك في اللقاء السنوي لوحدة مناهضة العنف ضد المرأة ببورسعيد    تفاصيل تأجير شقق الإسكان الاجتماعي المغلقة 2024    "أهلًا بالعيد".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 فلكيًا في مصر وموعد وقفة عرفات    وزير الصحة: الإرادة السياسية القوية حققت حلم المصريين في منظومة التغطية الصحية الشاملة    الكشف على 927 مواطنا خلال قافلة جامعة المنصورة المتكاملة بحلايب وشلاتين    مصرع شخص غرقًا في ترعة بالأقصر    القومي لحقوق الإنسان يبحث مع السفير الفرنسي بالقاهرة سبل التعاون المشترك    رئيس «قضايا الدولة» ومحافظ الإسماعيلية يضعان حجر الأساس لمقر الهيئة الجديد بالمحافظة    ما هو الحكم في إدخار لحوم الأضاحي وتوزيعها على مدار العام؟    «الإفتاء» توضح حكم حج وعمرة من يساعد غيره في أداء المناسك بالكرسي المتحرك    منها مزاملة صلاح.. 3 وجهات محتملة ل عمر مرموش بعد الرحيل عن فرانكفورت    إنجاز قياسي| مصر تحصد 26 ميدالية في بطولة البحر المتوسط للكيك بوكسينج    «الجوازات» تقدم تسهيلات وخدمات مميزة لكبار السن وذوي الاحتياجات    أزمة الدولار لا تتوقف بزمن السفيه .. مليارات عيال زايد والسعودية وصندوق النقد تتبخر على صخرة السيسي    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    10 نصائح للطلاب تساعدهم على تحصيل العلم واستثمار الوقت    وزيرة الهجرة: مصر أول دولة في العالم تطلق استراتيجية لتمكين المرأة    إيرادات فيلم السرب تتخطى 30 مليون جنيه و«شقو» يقترب من ال71 مليون جنيه    3 وزراء يشاركون فى مراجعة منتصف المدة لمشروع إدارة تلوث الهواء وتغير المناخ    مساعدون لبايدن يقللون من تأثير احتجاجات الجامعات على الانتخابات    «الرعاية الصحية»: طفرة غير مسبوقة في منظومة التأمين الطبي الشامل    ياسر إبراهيم: جاهز للمباريات وأتمنى المشاركة أمام الترجي في مباراة الحسم    حجازي يشارك في فعاليات المُنتدى العالمي للتعليم 2024 بلندن    ياسين مرياح: خبرة الترجى تمنحه فرصة خطف لقب أبطال أفريقيا أمام الأهلى    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    مدينة مصر توقع عقد رعاية أبطال فريق الماسترز لكرة اليد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    استاد القاهرة : هناك تجهيزات خاصة لنهائي الكونفدرالية    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    أسعار الدولار اليوم الأحد 19 مايو 2024    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المستشار أحمد مكي في حوار خاص ل "الشعب": المجلس العسكري هدم انجازاته بذاته.. ولا استقلال للقضاء ما لم يكن معبراً عن الإرادة الشعبية
نشر في الشعب يوم 28 - 07 - 2012


حوار: ضياء الصاوي - تصوير: وليد صلاح
المحكمة الدستورية استلبت حقوق غيرها والإدارية العليا أخطأت
لا حجية فى أحكام الدستورية إذا خرجت عن ولايتها واختصاصها ولا يحق لها البحث فى أثر الحكم
إذا أردنا الخروج من هذه الأزمة علينا أن نحرص على استمرار المؤسسات الشعبية المنتخبة
كنا مدعومين من جريدة الشعب.. واستفدنا كثيرًا من حواراتنا مع الدكتور حلمي مراد
المستشار أحمد محمود مكى - نائب رئيس محكمة النقض الأسبق - أحد شيوخ القضاة ومن قيادات تيار استقلال القضاء ورئيس لجنة تقصِّى الحقائق السابق بنادى القضاة، كما كان المستشار مكى الأمين العام لمؤتمر العدالة الأول، وهو المؤتمر الذي نظمه نادي قضاة مصر، تحت قيادة المستشار يحيى الرفاعى عام 1986.
والده هو المهندس محمود مكى من قيادات حركة مصر الفتاة فى الثلاثينيات، وكما يقول المستشار مكى إنه كان يميل للالتحاق بكلية الآداب، ولكنه درس الحقوق بناءً على رغبة والده، المهندس الزراعى والذي درس الحقوق، بعد أن تكرر اعتقاله أكثر من مرة بسبب انتمائه لتشيكلات القمصان الخضر الجناح العسكري لحركة مصر الفتاة والتي كانت تقوم بالكفاح المسلح ضد الاحتلال الانجليزي لمصر. ويقول المستشار أحمد مكي أن علاقته بوالدة وبالزعيم أحمد حسين مؤسس حركة مصر الفتاة بالإضافة لعلاقته بخاله كمال سعد والذي كان هو الأخر أحد قيادات حركة مصر الفتاة كان لها أبلغ الأثر في تكوين فكره وشخصيته فهم كما يقول عنهم كانوا مثاليين وحالمين وبهم نقاء ثوري ويعشقون ماضيهم.
اليوم يتحدث المستشار أحمد مكى عن الأزمة الدستورية التى عاشتها مصر منذ أن قامت المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب.
"الشعب" التقت المستشار أحمد مكى بمنزله بحى سموحة بمحافظة الإسكندرية، وكان معه هذا الحوار:
* كيف استقبلت حكم المحكمة الدستورية بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية بعودة البرلمان؟ وهل من حقها حل البرلمان المنتخب؟
** المحكمة الدستورية مهمتها نظر مدى موافقة النص التشريعى للدستور، وإذا انتهت إلى أن النص التشريعى غير متوافق مع الدستور تحكم بعدم دستوريته، وينشر حكمها فى الجريدة الرسمية، ويترتب عليه أن يمتنع تطبيق النص من اليوم الثانى للنص، ولكنها فى ذات الوقت لا تستطيع وليس من حقها أن تنظر فى آثار الحكم بعدم الدستورية، لأن هذه هى مهمة المحاكم الأخرى، وهذا بنص المادة 178 من الدستور التى تقول إن آثار الحكم بعدم الدستورية يبينها القانون، وبذلك يقتصر دور المحكمة الدستورية على صدور حكمها بدستورية أو عدم دستورية نص، وما غير ذلك ليس من شأنها، ولذلك فلم يكن من حقها النظر في قرار رئيس الجمهورية.
* من الجهة المسئولة إذًا عن نظر صحة العضوية من عدمها؟
** محكمة النقض هي الجهة الوحيدة المنوطة بالبت فى صحة عضوية الأعضاء طبقًا للمادة 40 من الإعلان الدستورى، والتى تنص على: "تختص محكمة النقض بالفصل فى صحة عضوية أعضاء مجلسى الشعب والشورى"، فالمحكمة الدستورية العليا تختص بالنظر فى دستورية القوانين فقط، وحل البرلمان ليس من صلاحياتها.
* ولكن محكمة النقض قضت بعدم الاختصاص؟
** محكمة النقض لم تحكم بعدم الاختصاص، ولكنها ردت على خطاب موجه من رئيس البرلمان إلى رئيس المحكمة يطلب فيه رأيها، والمحكمة لا يمكن أن تقدم رأياً، لأن رأيها هو بمثابة حكم، ولهذا ردت على الخطاب بخطاب آخر قالت فيه إنها ليست جهة اختصاص، ولذلك فأنا أرى أن من يريد رأى محكمة النقض عليه أن يرفع قضية فى دائرتها لأنها صاحبة الاختصاص، وهذا وفق المادة 40 من الإعلان الدستورى الحالى.
* طالما ليس من سلطة المحكمة الدستورية حل البرلمان كيف حدث ذلك وكيف خرج هذا الحكم؟
** استوقفني منذ البداية طريقة إحالة القضية، فهى أصلاً دعوى مرفوعة من الأخ "أنور صبح درويش" فى دائرة من دوائر القليوبية، حيث خسر الانتخابات على المقعد الفردى، فى حين أن الأربعة الذين دخلوا الإعادة على مقعدى الفئات والعمال منهم ثلاثة حزبيين. وهذا فى حقيقته طعن على قائمة المرشحين، وليس طعنًا على النتيجة، ومحكمة القضاء الإداري رفضت الدعوى، ولما طعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا نظرته دائرة فحص الطعون، وهذه الدائرة لا تملك إلا واحدة من اثنتين؛ إما أن تحكم بعدم قبول الطعن، ويكون هذا بالإجماع، وهى دائرة مكونة من ثلاثة قضاة، أو أن تحيلها إلى الدائرة الأصلية، وهى مكونة من خمسة أعضاء، ولكن المفاجأة أن دائرة فحص الطعون أحالتها إلى الدستورية. وهذا ما لا تملكه، وهى واقعة غير مسبوقة ومخالفة لكل أحكام الإدارية العليا ومخالفة أيضًا لنص المادة 46 من قانون مجلس الدولة والذى يحدد اختصاصتها، ولذلك كان من المفترض على محكمة القضاء الإداري إما الحكم بقبول الطعن وإحالتها إلى دائرتها فى الإدارية العليا، وإما الحكم بعدم قبوله، ولكنها لا تملك أبدًا أن تحيلها إلى المحكمة الدستورية العليا، كما أننى فوجئت أيضًا بأن الحكم صدر فى آخر الجلسة!
* كيف ترون الأسباب التى استندت إليها المحكمة الدستورية العليا فى قرارها وهل هى موضوعية؟
** إذا قرأنا حكم الدستورية نفسه فسنجد أنه عمد إلى استعارة القواعد المقررة فى حكم الدستورية العليا الصادر فى عام 1990، علمًا بأن الدستور عدل فى مارس 2007 لتتواءم النصوص مع إمكانية الترشيح بالقوائم ومزاحمة الحزبين للمستقليين فى الدوائر الفردية، وهذا كله مثبت فى تقرير اللجنة العامة لمجلس الشعب فى عام 2007 ومضبطة مجلس الشعب فى 17-3-2007، والهدف وقتها كان تغيير فلسفة النظام الانتخابى لتنشيط الحياة الحزبية ودعمًا للنشاط الحزبى، باعتبار أن المنافسة الحزبية أمر مطلوب، وهو الأفضل للبلد، وهناك بلاد لا يجوز بها الترشح للانتخابات إلا للحزبيين. وتمييز الحزبيين وارد، ففى قانون الانتخبات الرئاسية والذى أعده المجلس العسكرى قال إن على المستقلين تقديم توقيع 30 نائبًا أو توقيع وموافقة حزب له نائب واحد فى البرلمان.
وقال فى المادة 18 من قانون انتخابات الرئاسة إنه إذا قام مانع من إتمام المرشح المستقل للانتخابات تمضي الانتخابات بشكل طبيعي، ولكن إذا قام مانع لمرشح حزبى فلا بد من إعادة فتح باب الترشيح. كل هذا رعاية للحزبية، لكل ذلك فهناك خلل واضح لأن الحكم يستند إلى فترة سابقة عن القواعد الدستورية الجديدة.
* في رأيكم ما هو النظام الانتخابى الأمثل لمصر حتى لا تتكرر مثل هذه الأزمات؟
** تم وضع المادة 38 فى الإعلان الدستورى حتى يطلق حرية المشرّع فى تنظيم الانتخابات كيف شاء المشرع، ولذلك فالمشرع حر فى أن يعمل بأى نظام وأن يجعل مستقلين ينافسوا حزبين، أو يجعل الانتخابات بنظام القوائم أو بنظام الفردى.
* كان رأيكم منذ البداية أن يواصل البرلمان المنتخب انعقاد جلساته ولا يلتفت لحكم المحكمة الدستورية؟ كيف يكون ذلك فى ظل الحديث عن احترام القضاء؟
** لا حجية في أحكام المحكمة الدستورية إذا خرجت عن ولايتها واختصاصها. والمحكمة الدستورية منذ نشأتها وضعت قواعد لنفسها قالت فيها إن المصلحة شرط للدعوة، وإنها لا تجوز أن تتجاوز حكمها، وليس لها أن تتحدث عن مصالح المحكوم عليهم. وهنا صاحب المصلحة هو مقدم الطعن المرشح على المقعد الفردى وهو مستقل فلا يجوز لها حل البرلمان بأكمله، وكل دورها هو أن تحكم بعدم دستورية النصوص، ولا تبحث أثر الحكم بعدم الدستورية، بمعنى أن من سلطتها محو نص قانونى من الوجود وما غير ذلك وما يترتب عليه ليس من شأنها بل يجب العودة إلى المحكمة المختصة.
* ما هي الكيفية للخروج من هذه الأزمة من وجهة نظرك؟
** إذا أردنا أن نخرج من هذه الأزمة علينا أن نحرص على استمرار المؤسسات الشعبية المنتخبة فلا ديمقراطية دون مؤسسات منتخبة من الشعب ولن نخرج من الأزمة إلا بعودة السيادة للشعب.
* ماذا تقصد بعودة السيادة للشعب؟ وما رأيك فى حديث البعض عن أن عودة البرلمان يعتبر انتهاكًا للقانون والقضاء؟
** معنى سيادة الشعب أن يختار الشعب نوابه، وأن يضع قوانينه وأن يكون للشعب رأى فى إدارة شئون بلاده. ويجب أن نعلم أنه لا استقلال للقضاء ولا قيمة للقانون ما لم يكن معبرًا عن الإرادة الشعبية ولو كانت معيبة ولو شابها قصور فهذا أولا من أن تكون القوانين معبرة عن إرادة السلطة والحاكم. فالأحكام تصدر باسم الشعب لأنها تطبق القوانين الصادرة من الشعب وليس من السلطان وتقصد حماية مصالح الناس لأنهم أدرى بها.
* ينادى البعض باحترام أحكام القضاء، مهما كانت ضد الإرادة الشعبية وضد العدالة تحت شعار تقديس القانون فما رأيك؟
** نحن نهد المؤسسات الشعبية واحدة وراء أخرى تحت شعار تقديس القانون، وهذا أمر خاطئ وغير صحيح. ويجب أن نعرف أن الشعب مصدر كل السلطات، وكيف يكون الشعب هو مصدر السلطات بغير الاحتكام إلى إرادته فى اختيار ممثليه، للأسف التوجه الآن أصبح توجهًا عكسيًا ضد الديمقراطية. وفعلاً شىء مرعب أن نقود بأيدينا كل المؤسسات الشعبية المنتخبة بأحكام من القضاء من أجل أن يحل محل هذه المؤسسات المنتخبة مؤسسات أخرى غير منتخبة. متى ستبدأ الديمقراطية إذًا طالما كل ما نبنى مؤسسة باختيار الشعب تقوم دعوى ونهدها. أي دور يؤديه القضاء؟!.
* لصالح من يحدث كل ذلك من وجهة نظرك؟ وهل للمجلس العسكرى دور فى هذا؟
** لصالح حكم الفرد لصالح العودة للاستبداد يجب أن نعرف أنه لا بد للجماعة لأى جماعة من قانون يحكمها وإما أن يكون هذا القانون معبراً عن إرادة الناس أو معبر عن إرادة السلطان، أو يكون انعكاساً لإرادة السلطة. وفى هذه الحالة ستتوجه القوانين إلى قوانين مثل الطوارئ والعيب والأحكام العسكرية، ونحن للأسف عندنا تراث سىء كبير من هذا النوع ومش عارفين نتخلص منه، وإما أن تكون معبرة عن إرادة الجماهير وأن يكون هناك ضمانات من الحريات العامة والخاصة وحرية الإعلام وحرية تكوين الأحزاب. فقد بدأنا باستفتاء شعبى على الإعلان الدستورى ثم انتخابات مجلس الشعب ثم انتخابات الشورى ثم انتخابات الرئاسة. وقلنا إن مجلس الشعب هو من يختار التأسيسية وتم اختيارها. كل هذه مؤسسات شعبية منتخبة، ولكن ما حدث بعد ذلك ظهر وكأننا ندمنا على نزاهة الانتخابات والتى كانت من وجهة نظري مفخرة القوات المسلحة. الآن أقول يا ليتها كانت انتخابات نص نص وتحترم نتاجها، بدلاً من أن تكون نزيهة وتنقلب عليها، للأسف احنا بنعمل للخلف در.. مفيش كيان شعبى اختاره الناس ورضيين عنه، نحن متوجهون لتدمير كل المؤسسات الشعبية.
* في ظل إصرار المجلس العسكرى على البقاء فى السلطة هل ترى اللجوء للاستفتاء على حل البرلمان من عدمه يمكن أن يكون حلاً يرضى جميع الأطراف؟
** المجلس العسكري يهدم بذاته إنجازاته وكلها قوانين من صنعه وانتخابات أدارها بنفسه ينقض عليها ويستعيد السلطة مرة أخرى وكده هنفضل فى هذه الدوامة. ويمكن اللجوء للاستفتاء إذا لزم الأمر، وإن كان رأيى الشخصي هو أنه يجب أن تعاد المؤسسات المنتخبة وأن يتم احترامها حتى ولو كانت معيبة قانونيًا وذلك لظروف الضرورة.
وإن كان الثلث الفردي معيبًا قانونًا فبقية البرلمان سليم وعودته أفضل من أن يؤول التشريع للمجلس العسكري مرة أخرى، وإذا كانت الجمعية التأسيسية التى يسارعون من أجل حلها معيبة أفضل من أن يؤول وضع الدستور للمجلس العسكري.. لا أعرف لماذا العجلة؟ ألا يمكن أن ننتظر حتى نعبر المرحلة الانتقالية؟!
إذا تم حل البرلمان والجمعية التأسيسية هذا معناه أن نعود إلى نقطة الصفر وأن نعود إلى سلطة المجلس العسكرى، وبالإعلان الدستورى المكمل يضع لنا المجلس العسكرى الدستور بعد سنة و18 شهرًا من الثورة.. ألا يعد كل ذلك إهدارًا للوقت أن يضع لنا قانون مجلس الشعب الجديد هذا معناه أن ننتقل من مرحلة انتقالية إلى أخرى ومعناه أننا عدنا كما كنا!
* وهل من حق رئيس الجمهورية أن يصدر قرارًا سياديًا بعودة البرلمان؟
** نعم، وهذا يكون قرارًا سياسيًا حتى لا تخلو الدولة من مؤسسة تشريعية منتخبة، ونظرًا لحاجة الأمة لأن يكون لديها مجلس شعب فى هذه الفترة الانتقالية.
* ما التقدم الذي حدث في مشروع استقلال السلطة القضائية؟ وما من وجهة نظرك أهم التحديات التى تواجه القضاء الآن؟
** للأسف لا شيء وذلك بسبب حل البرلمان. والتحديات التى تواجه القضاء هى أنه يتعرض لضغوط شديدة من قبل السياسيين لأن جميع النشاطات بين السياسيين باتت توجه للمحاكم وبدلاً من أن يصبح عندنا مؤسسات شعبية منتخبة يجرى فيها الحوار نتوجه للمحاكم لأخذ أحكام لا أعرف ماذا سيفعلون بها. مفيش أى صبر، الكل بيجرى على المحاكم وكأن المحكمة هى ساحة العمل السياسي!.
* ينادى البعض بتطهير القضاء كيف ترون ذلك؟
** أقول إن القضاة معدن طيب والجسم القضائى نفسه والأشخاص بخير والقضاء مهنة تدفع صاحبها إلى الكمال والترقي في أصله، ولكن التنظيم القضائى سىء والفساد يأتى من التنظيم ومن إمساك السلطة وإكراه القضاة والضغط عليهم من خلال السلطة التنفيذية، ولكنهم من أكثر فئات المجتمع حرصًا على التطهر، ولكنهم يتعرضون لضغوط، والسلطة التنفيذية تمسك بزمامهم وهى حريصة على ذلك، ومعظم الفساد فى معظم مؤسسات الدولة ناتج من الاستبداد، ودعني أؤكد لك أن صغار الموظفين الذين كانوا يزورون الانتخابات كانوا بيشتكوا لأنهم مكرهون، فالاستبداد هو أصل الداء.
* ما الرسالة التي تود أن توجهها للقضاة؟
** أقول لهم إنه قد تكون السلطة التنفيذية هى المسئولة عن رعاية المؤسسة القضائية والصرف عليها، ولكن ما يعطينا استقلالنا وقيمتنا هو أن نطبق قوانين يضعها الناس، ويجب أن لا نلتفت إلى أى قيود من السلطة التنفيذية، وأنه إذا كان مصدر القاعدة القانوينة غير الشعب فلا استقلال للقضاء، أقول لهم احرصوا على وجود المؤسسات الشعبية؛ فهذا ضمان استقلال القضاء الوحيد، وإذا لم يتم ذلك سيكون القاضي موظفًا أسيرًا للسلطة التنفيذية.
* شاركت سيادتكم في إعداد الأوراق الأولية لمؤتمر العدالة الأول عام 86، كما أننا علمنا أن فكرة عقد المؤتمر كانت فكرتكم. فهل ترى أن القضاء فى حاجة إلى مؤتمر ثان للعدالة؟
** بالطبع، فمطالب المؤتمر ما زالت لم تنفذ، وأذكر أننا قلنا إن إصلاح نظام الانتخاب والاحتكام للإرادة الشعبية هو رأس كل إصلاح، وكانت أول توصياتنا كانت دائمًا تتصل بضمان نزاهة الانتخابات لضمان تكوين إرادة شعبية حتى يكون القانون معبرًا عن إرادة الأمة.
* أخبرتنا بأن لك ذكريات مع جريدة الشعب هل يمكن أن تحكى لنا عنها؟
** نحن مدينون لجريدة الشعب، وأذكر أننى كنت عضوًا فى نادى القضاء عام 80 وكان سكرتير عام النادى وقتها المستشار يحيى الرفاعى، وكانت الدولة فى طريقها لإلغاء قانون الطوارئ بسب مطالبة الكثير بإلغائه خصوصًا وأن الحرب كانت قد انتهت، ولكن السادات كان قد قرر استبداله بقانون العيب والذى كان أشد قسوة، وسوءاته أكبر من قانون الطوارئ، وأذكر أن من سرب لنا مشروع القانون وقتها هو فتحى سرور، وكان للأمانة غير راضٍ عن هذا القانون، فاجتمع مجلس إدارة النادى وأصدرنا بيانًا ضد مشروع القانون، وذهبنا لنقابة الصحفيين والجرائد القومية ولكن الجميع رفض النشر!
فاقترحت على المستشار يحيى الرفاعى وبقية الزملاء أن نذهب للمهندس إبراهيم شكرى -رحمه الله- وفعلاً ذهبنا له بعد أن ضاقت بنا السبل، وكان ذلك حوالى الساعة 1 صباحًا، فرحب بنا وأخبرنا أن الجريدة الآن فى طريقها للطبع، فذهب معنا إلى مطبعة الأهرم وكانت الساعة 3 ص وأخّر طباعة جريدة الشعب حتى يضع فيها بيان نادى القضاة ضد مشروع قانون العيب. وهذا كان عملاً يعنى المواجهة مع النظام، وبدأت مسيرة النادى تأخذ هذا المنحى، وكنا من وقتها مدعومين من جريدة الشعب، واستفدنا كثيرًا من حواراتنا مع الدكتور حلمي مراد -رحمه الله- الأمين العام لحزب العمل وقتها، فهو مشهود له بالهدوء والانضباط المعهود.

الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.