بينما بات مطلب "الاعتراف الفلسطيني والعربي والدولي" ب"اسرائيل-دولة يهودية" يحتل الاجندات السياسية الاسرائيلية الحزبية والحكومية والاعلامية والاكاديمية، فان المؤسسة الامنية والسياسية الاسرائيلية اخذت تربط ليس فقط مستقبل عملية المفاوضات والسلام-المجمدة- بهذا المطلب، بل انها تربطه على نحو استراتيجي بالاساطير المؤسسة للحركة الصهيونية ودولة"اسرائيل" من جهة، وكذلك ب"هواجس وجود ومستقبل" تلك الدولة من جهة اخرى، استنادا الى حسابات استراتيجية كان منظروهم الاوائل قد تحدثوا عنها...!. فهذاالمطلب الذي اصبح شرطا اسرائيليا يحظى بالاجماع السياسي الاسرائيلي يحملنا الى بداياتهم واساطيرهم والى خطابهم الاعلامي الوجودي ومرتكزاته الايديولوجية والثقافية. فخطابهم الإعلامي الوجودي استند بداية منذ ما قبل وخلال وبعد"اسرائيل"الى ثلاثية الأساطير المؤسسة وهي: أرض الميعاد- شعب الله المختار، والحق التاريخي، باعتبار أن اليهودهم أصل السكان وأصل البلاد وأنه لم تقم في هذه البلاد سوى دولة اليهود الذين لهم الحق التاريخي كل الحق في إعادة بناء الهيكل والدولة فيها. كما استند خطابهم الاعلامي الى نظريات الأمن الإسرائيلي: حيث سمفونية الأمن الإسرائيلي هي التي ترددت وهيمنت على مدى العقود الماضية من الصراع، وهي التي ما تزال تهيمن حتى اليوم على كل الخطاب السياسي والإعلامي والتفاوضي الإسرائيلي خلال عملية السلام والمفاوضات المستمرة. والأمن الإسرائيلي أمن شامل من وجهة النظر الاستراتيجية الإسرائيلية وذلك على مختلف الأصعدة والمجالات: العسكرية التقليدية، والاستراتيجية، استناداً إلى نظرية التفوق على كل العرب، ويعني ذلك التفوق الإسرائيلي والضعف العربي، بمعنى ضرب العرب وضربهم ثانية وثالثة... وتجريدهم من مقومات القوة الاستراتيجية –العلم- المعرفة التكنولوجية –الحربية خاصة- الأسلحة الاستراتيجية... الخ . واستناداً إلى المرتكزات أعلاه فقد بنيت العقيدة الصهيونية على ما يلي: - الإيمان بالعسكرية إيماناً مطلقاً وصهر كل اليهود الصهاينة في فرن الصهر العسكري... - نقض الحقوق الطبيعية للعرب نقضاً مطلقاً بحيث تصبح بالنسبة للصهاينة جريمة إبادة الجنس العربي طبيعية ومقبولة ومشروعة بل ومطلوبة. - تبرير اللجوء لأي وسيلة مهما كانت ممعنة في الإجرام لتحقيق الأهداف المقدسة لهم في " أرض إسرائيل"، بحيث يصبح الإرهاب والقتل والاغتيال لديهم من عاديات الحياة اليومية. - اعتماد قانون أعلى هو المطلق الصهيوني الذي يضع اليهود في جهة والجنس البشري في جهة أخرى دونه. - طغيان الحقد العنصري الأعمى ضد العرب من مقومات الإيمان وتطهير أرض إسرائيل من العرب سبيلاً لتحقيق الطهارة الصهيونية.. وعمليا لم تتوقف المؤسسة الصهيونية على مدى العقود الماضية عن الادعاء بأن حروب اسرائيل مع العرب هي حروب وجود وبقاء ...! وفي هذه المضامين كانت استحضرت مجلة بماحنيه العسكرية الاسرائيلية ما كان جنرالهم الاسبق موشيه ديان قد نظر له قائلا :"اننا/اي اسرائيل/ قلب مزروع في هذه المنطقة غير ان الاعضاء الاخرى /ويقصد العرب/ هناك ترفض قبول هذا القلب المزروع ..ولذلك لا خيار امامنا سوى حقن هذا القلب بالمزيد والمزيد من الحقن المنشطة من اجل التغلب على هذا الرفض". ويثبت ديان حقيقة كبيرة مؤكدا: لقد زرعنا انفسنا هنا عن وعي ..وفعلنا ذلك مع علمنا بان محيطنا لا يرغب بنا ..ولكن الامر بالنسبة لنا حتمية حياتية...لان هذا القلب لا يمكنه ان يعيش في اي مكان آخر.... اذن- نحن امام عملية ربط وارتباط استراتيجي ما بين هذا المطلب الشرط التعجيزي الاسرائيلي المتعلق ب"اسرائيل –دولة يهودية نقية"، وما بين تلك الاساطير المؤسسة للدولة الصهيونية، ونظريات الوجود الديانية والبن غوريونية وغيرها، حيث تستحضر المعطيات الاسرائيلية اليوم ما كان بن غوريون قد اكده عند تأسيس الدولة اليهودية بأن"إسرائيل ممكن أن تهزم العرب مئة مرة ولكن أن هُزمت مرة واحدة فيعني ذلك نهايتها....!. ناهيكم عن ربط وارتباط"يهودية اسرائيل" بالمشكلة الديموغرافية العربية في فلسطين وبسياسات التطهير العرقي الصهيوني...!. ما يستدعي مسبقا من الفلسطينيين والعرب استراتيجية موحدة اجماعية ترفض رفضا قاطعا الاستجابة للمطلب -الشرط الاسرائيلي حتى لو تمخض عن ذلك المزيد والمزيد من الحروب، فاسرائيل تعمل على تطويب الوطن العربي الفلسطيني يهوديا الى الابد، عبر شطب كل الملفات والحقوق العربية في فلسطين وصولا حتى الى مصطلح النكبة الفلسطينية..!. فالصراع من وجهة نظرهم هو صراع وجود ايضا، يعتقدون ان الاعتراف الفلسطيني العربية الاممي باسرائيل كدولة يهودية يكرس ويضمن بقاء ووجود دولتهم الى اطول مدة زمنية ممكنة ...! الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة