أثار التقرير الذي أصدرته لجنة التحقيق الصهيونية في العدوان الذي شنته الكيان الصهيوني على لبنان خلال شهور يوليو الماضي الكثير من ردود الفعل الشديدة حيث وجه التقرير انتقادات قاسية إلى رئيس الوزراء الصهيوني إيهود أولمرت متهما إياه بأنه دخل هذه الحرب من دون إعداد أو خطة واضحة. وجاء في تقرير اللجنة -المكون من نحو 230 صفحة- إن أولمرت تعجل في قراره شن الحرب على لبنان في يوليو الماضي واتهمه بالإخفاق الذريع في "التقدير وتحمل المسؤولية والتعقل". وأضاف التقرير أن أهداف رئيس الوزراء المعلنة للحرب وهي تحرير الجنديين اللذين أسرهما حزب الله اللبناني والقضاء على الحزب كانت "مبالغة في الطموح ومستحيلة التحقيق". وأشارت اللجنة إلى افتقار أولمرت للخبرة العسكرية مؤكدة أنه خاض الحرب دون مشاورة الخبراء خارج جيش الاحتلال الصهيوني . وحملت اللجنة أولمرت ورئيس هيئة الأركان السابق الجنرال دان حالوتس الذي استقال في 17 يناير الماضي المسؤولية عن الفشل الذريع في الإعداد للحرب. كما حملت اللجنة وزير الحرب عمير بيرتس المسؤولية عن عدم توظيف القدرات المتوفرة لدى الجيش الصهيوني في المعركة مع حزب الله اللبناني مرجعة ذلك إلى عدم امتلاكه المعلومات الدقيقة عن هذه القدرات. ودعت اللجنة في تقريرها إلى استخلاص العبر من الحرب للاستفادة منها في مواجهة ما سمته التحديات الكبيرة التي تواجه دولة الاحتلال موضحة أن تقريرها ركز على القرارات التي اتخذت في الحرب ووضع الاستنتاجات أمام الصهاينة وصانعي القرار. وتناول التقرير الأولي السنوات الست التي تلت الانسحاب الصهيوني من جنوب لبنان في مايو2000 حتى اليوم الخامس من الحرب على لبنان الصيف الماضي. وقد سلمت اللجنة المعروفة باسم لجنة فينوجراد نسخة من هذا التقرير الواقع في مئات عدة من الصفحات إلى أولمرت وبيرتس. يشار إلى أن لجنة فينوجراد لم تصدر توصيات بإجراء أي تعديلات في المناصب، لكنها قالت إنها قد توصي في تقريرها النهائي خلال شهرين باستقالة بعض الشخصيات. وفي أول رد فعل على التقرير قالت ميري إيسين المتحدثة باسم أولمرت إن رئيس الوزراء هو الذي شكل اللجنة وهو يحترم اللجنة وسيحترم توصياتها فيما وصفت وسائل الإعلام الصهيونية التقرير بأنه تسونامي سياسي لأولمرت. غير أن الكثير من مسئولي المعارضة يطالبون باستقالة أولمرت ويعتزمون تنظيم مظاهرة ضخمة غدا الخميس في تل أبيب يشارك فيها اليمين واليسار وجنود احتياط تم استدعاؤهم في الحرب وعائلات بعض الجنود القتلى للمطالبة بتنحيه أولمرت. كما دعا أفيجدور أيتزشاكي زعيم الكتلة البرلمانية لحزب كاديما أومرت إلى الإسراع بتقديم استقالته مؤكدا أن على أولمرت أن يتحرك ويتخذ قرار الاستقالة ليسمح بذلك لحزب كاديما بتشكيل ائتلاف جديد مضيفا أنه لا يعتقد أن هناك انتخابات مبكرة قادمة. وأضاف أيتزشاكي أن تصريحاته تعبر عن نفسه نافيا أن يكون يعمل لحساب وزيرة الخارجية تسيبي ليفني -وهي من المرشحين لخلافة أولمرت- التي يتوقع أن تعلن موقفها من استقالته خلال اجتماع خاص للحكومة اليوم. كما يعتزم نواب الحزب - بحسب القناة الثانية الصهيونية - مطالبة أولمرت بالتنحي عن زعامة الحزب في اجتماع يتوقع أن يعقد غدا وهو ذات اليوم الذي سيجتمع فيه البرلمان في جلسة خاصة لمناقشة نتائج التقرير الخاص بالحرب. وعلى نفس السياق وفي إطار الضغط على أولمرت قدم وزير صهيوني في حكومة أولمرت استقالته من الحكومة . وقال الوزير بلا حقيبة والأمين العام لحزب العمل إيتان كابل إنه لا يمكنه البقاء في حكومة يرأسها أولمرت. وتوقع راديو جيش الاحتلال أن يؤدي ذلك لاستقالة مزيد من الوزراء بينما تتصاعد ضغوط الرأي العام والمعارضة على أولمرت وبيرتس للاستقالة. وتأتي تلك التحديات في الوقت الذي كشف فيه استطلاع للرأي أن غالبية كبيرة من الصهاينة يرغبون في استقالة رئيس الحكومة. وقال 65% من المشاركين في استطلاع صحيفة يديعوت أحرونوت أنهم يؤيدون استقالة أولمرت مقابل 10% فقط أعربوا عن عدم رغبتهم فيها فيما أكد 25% أنهم يفضلون أن يستقيل بعد نشر التقرير النهائي المتوقع في يوليو القادم. وعلى الرغم من التصعيد الشعبي ضد أولمرت إلا أن المقربين منه أكدوا أنه مصمم على البقاء في السلطة مع أن شعبيته متدنية بشكل قياسي مع ورود اسمه في قضايا فساد عدة وتراجع حزبه كاديما بشكل كبير. ويدافع أولمرت عن نفسه قائلا إن قرار شن الحرب ضد حزب الله اتخذ بإجماع أعضاء الحكومة ال24 ومن ثم وافقت عليه غالبية كبيرة في الكنيست الصهيونية. ويشدد كذلك على أن النزاع انتهى بالقرار 1701 الصادر عن الأممالمتحدة الذي سمح للجيش اللبناني ولقوة الأممالمتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) بالانتشار في جنوب لبنان وإحلال الهدوء عند الحدود مع الكيان الصهيوني مبعدين بذلك مقاتلي حزب الله. كما رفض أولمرت الاستقالة ردا على تقرير اللجنة مؤكدا أمام وزراء حزبه أنه لن يقدم استقالته الآن لكنه سيعمل على تصحيح الأخطاء ووصف التقرير بأنه قاس جدا. كما امتدحت الولاياتالمتحدةالأمريكية أولمرت ووصفته بأنه طرف أساسي فيما أسمته بجهود السلام مع الفلسطينيين. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض توني سنو إن الرئيس جورج بوش سيواصل العمل مع أولمرت لأنه يرى فيه طرفا أساسيا للوصول إلى حل الدولتين الذي مازال بوش ملتزما به, حسب قوله. بيد أن أولمرت قد يجد نفسه بعد أسبوعين في عين الإعصار مجددا بعد نشر إفادته وإفادتي بيريتس وحالوتس ومن ثم عند نشر التقرير النهائي للجنة فينوجراد. أما لبنانيا فقد انطلقت في شوارع مدينة صور وعدة قرى جنوب لبنان يوم الاثنين الماضي مسيرات لحزب الله بعد صدور التقرير الذي أكد أن العدوان على لبنان كان فاشلا . ورفع المتظاهرون أعلاما لحزب الله وأعلاما لبنانية وأطلقت عدد من المركبات خطابات للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله كانت تبشر "بسقوط أولمرت" فضلاً عن أناشيد وأغان وطنية للحزب. كما أصدر مسؤول حزب الله في الجنوب الشيخ نبيل قاووق بياناً أعرب فيه عن إشادته بالمقاومة، وبانتصار حزب الله في حرب يوليو. وتعليقا على تقرير اللجنة قال حسين الحاج حسن النائب عن حزب الله بالبرلمان اللبناني إنه سيخلف تداعيات على الجيش الصهيوني وعلى الساحة السياسية فيها.