فيما يقوم مقاتلو حزب الله بالتنقل مترجلين على ضوء القمر و يضعون قناصة ومراقبين لمواقع العدو على التلال ويضربون قوات العدو في نقاط ضعفها أصبحت القوات الصهيونية تتعقب هذه التكتيكات و تحاول محاكاتها بصورة متزايدة في جنوب لبنان والتي استلهموها جزئيا من حزب الله الذي يحاولون اجباره على التراجع منذ أكثر من شهر. وجاء هذا التحول في ساحة المعركة نتاجا لادراك الكيان الصهيوني المؤلم أن التفوق العسكري التكنولوجي الهائل لقواتها الجوية والبحرية والمدرعات لا طائل من ورائه في مواجهة ميليشيا متحمسة متغلغلة حول العديد من المعاقل اللبنانية.وهي تتوعد بشن حملة شبيهة بحرب العصابات على نطاق كبير خاصة بعد أن وافقت اسرائيل على توسيع الحرب هذا الاسبوع. وقال اللفتنانت ايال يوسينجر وهو ضابط بالجيش الصهيوني خلال زحف على مخابيء محتملة لحزب الله قرب قرية يارون "نحن نتعلم كلما تقدمنا.. وبسرعة كبيرة للغاية."وأبرز التطورات هو تفضيل الكيان الصهيوني بشكل متزايد لنقل الجنود مترجلين بدلا من أن يكون عن طريق حاملات الجنود المدرعة أو داخل الدبابات ميركافا ذات الامكانيات الهائلة. وحولت فرق من حزب الله التي تستخدم أنواعا مختلفة من الصواريخ المضادة للدبابات الكثير من تلك العربات الى مصائد موت مشتعلة واصبح كبار القادة العسكريين في الكيان الصهيوني يؤمنون بأن المقاتلين من غير المرجح أن يبددوا أسلحة قيمة على مشاة متفرقين في ميدان القتال.تتناثر ألياف بيضاء سميكة في ساحة المعركة والتي يمر بجوارها الجنود دون التفات يذكر. وتلك هي أسلاك التوجيه التي خلفتها الصواريخ ساجر المضادة للدبابات بعد انفجارها. وفي حين أن القوات النظامية تقوم بمناورات جماعية تحت جنح الظلام وتقوم بعمليات تفتيش من منزل الى منزل في قرى بها مخابيء لحزب الله فان هناك عددا متزايدا من أفراد القوات الخاصة موجودون بهدف مباغتة مقاتلي حزب الله.وينتشر الرماة الذين يعاونهم مراقبو أهداف العدو على التلال مستعينين ببنادق عيار 50 ملليمترا قادرة على أن تضرب من مسافات بعيدة من يفترض أنهم مقاتلو حزب الله الذين ينصبون الكمائن. استهدفت قوات الكوماندوس زعماء مشتبه بهم في حزب الله داخل لبنان في حملات لم تكبد اسرائيل كثيرا نسبيا فيما يتعلق بالخسائر البشرية ولكنها رفعت من الروح المعنوية للدولة اليهودية التي تعرضت لمئات من الهجمات الصاروخية عبر الحدود.وقال يوكانان لوكر وهو بريجادير جنرال في القوات الجوية ومسؤول عن العمليات الخاصة "القتال داخل جبهة العدو في مكان يشعر فيه حزب الله بالامان وبالحماية له أهمية بالغة من ناحية العمليات." ويبدو أن أحداث المواجهة الحالية في جنوب لبنان جاءت عكس الاحتلال الصهيوني لنفس المنطقة قبل 22 عاما والذي انتهى عام 2000.ففي ذلك الحين كانت القوات الصهيونية هي التي احتمت داخل مواقع محصنة في انتظار هجوم من فرق حزب الله المتجولة. والان فان حزب الله هو الذي يتعين عليه صد الهجمات البرية الصهيونية بالاضافة الى الافتقار الى خطوط الامداد الجيدة الى الشمال.ويقول مسئولون عسكريون صهاينة ان نحو 20 من مقاتلي حزب الله أسروا بعد استسلام بعضهم في حين اسر البعض الاخر أثناء نومهم.وقال اللفتنانت كولونيل اوليفير رافوفيتش المتحدث العسكري "عدم وجود حذر يشير الى المدى الذي أصبح فيه حزب الله منهكا ويمكن أن يدل على وجود صدع في صمودهم الذين اشتهروا به."وفي بيروت فندت مصادر في حزب الله العدد الذي يقول الكيان الصهيوني انه أسره من الجماعة. وقال مراقب أجنبي محنك ان الروح المعنوية لحزب الله لم تتدن فيما يبدو. وقال نيكولاس بلانفورد وهو محلل يعمل لدى نشرة جينز ديفنس ويكلي ومقيم في بيروت "ما زالت الروح المعنوية للمقاتلين الذين أقابلهم طيبة ويعتقدون أن مسار الحرب في صالحهم."وتظهر استطلاعات الرأي في الكيان الصهيوني أن التأييد الشعبي للحرب لم يتزعزع وأن تفوق الاسلحة من الممكن أن يساعد القوات الصهيونية على النصر ما لم يتم التوصل الى حل دبلوماسي أولا.ولكن ليس هناك من ينفي في أي من الجانبين أن الخطى البطيئة والدموية للصراع كانت ضربة للسمعة العسكرية الصهيونية خاصة فيالق المدرعات التي كانت في الماضي تتفوق على فرق دبابات العدو ولكنها الان مرتبكة في مواجهة مقاتلين مزودين بأسلحة بسيطة. وتم تدمير نحو ست دبابات صهيونية أو اعطابها بما في ذلك الدبابات ميركافا المحلية الصنع خلال الهجوم الذي تم شنه بعد أن أسر حزب الله جنديين صهيونيين وقتل ثمانية اخرين في غارة عبر الحدود يوم 12 يوليو. وتكبد الجيش الصهيوني خسائر بلغت نحو 20 فردا من أفراد أطقم الدبابات وهو معدل غير مسبوق خلال الربع قرن الماضي من الحملات العسكرية الصهيونية. ومضى بلانفورد يقول "هذا يبرر لجوء الصهاينة الى تبني التكتيكات البرية لتلائم حرب العصابات التي يواجهونها... كانت الدبابات في العادة هي أكثر الاسلحة تفضيلا لدى الجيش الصهيوني على الارض ولكن هذه المرة أثبتت أنها عنصر غير منيع." طورت شركتا اسلحة صهيونيتان نظم دفاع تعمل بالطاقة الكهرومغناطيسية للمدرعات التي تدمر الصواريخ في الهواء قبل أن تصيب أهدافها ولكن ما زالت تلك النظم في طور النموذج الاولي. وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت انه تم تسريع الانتاج لتزويد الدبابات المتمركزة في لبنان بهذه النظم.