خلت مقار اللجان الانتخابية من الناخبين حتى الآن وأدلى عدد قليل جدا من المصريين بصوته اليوم الاثنين في الاستفتاء على تعديلات في الدستور؛ وجاء ذلك تلبية لدعوات حزب العمل والمعارضة وجماعة الإخوان المسلمين بالمقاطعة، وقامت قوات الأمن بإغلاق الميادين الرئيسية تمامًا بعشرات من سيارات الأمن المركزي كميدان التحرير ورمسيس وطلعت حرب والإسعاف وباب اللوق وعابدين. كما قامت الحكومة المصرية بنشر الآلاف من أفراد الأمن في القاهرة، وتعرَّضت قوى المعارضة التي حاولت التعبيرَ عن غضبها في شكل مظاهرات لحملة اعتقالات طالت عشرات المواطنين، كما قامت الشرطة بالاعتداء على مجموعة من المتظاهرين في مناطق وسط القاهرة. وتم منْعُ منظمات حقوق الإنسان وعدد من المراقبين من دخول اللجان في العريش للاطِّلاع على سَير عملية الاستفتاء؛ بزعم عدم وجود تصاريح معهم. كما شاهدنا في منطقة المنيل قيام نواب الحزب الوطني ومعهم مجموعة من الحزب بالمرور على اللجان وتكرار التصويت في كل لجنة من لجان الاستفتاء، كما قامت الحكومة في بعض اللجان بتكديس موظفيها وإجبارهم على الإدلاء بأصواتهم بوعود بمكافآت.
كما وردت تقارير خاصة لموقع "الشعب" بقيام الحكومة بنقل موظفيها بسياراتِ النقل الجماعي التي خصَّصها كبارُ موظفي الحزب الوطني الحاكم ومسئولي الحكومة في بعض المحافظات لحشْد الجمهور للتصويت ب"نعم"، مع رصد عمليات عدة في الغربية والدقهلية؛ لإجبار المواطنين على التصويت ب"نعم" لصالح التعديلات، وإجبار الناس أيضًا على التصويت حتى بدون بطاقة انتخابية أو إثبات شخصية.
من جهتها أعلنت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إن هناك تزويرًا تم في بعض لجان مدن طنطا والمحلة بمحافظة الغربية، كما تم إرغام الناخبين على التصويت ب"نعم" في الاستفتاء!! يأتي ذلك وسط غيابٍ كاملٍ للإشراف القضائي على مراقبة عملية التصويت في العديد من محافظات الدلتا بجانب محافظات القاهرة الكبرى.
ومن المقرر أن يشرف موظفو الصحة والشئون الاجتماعية والقوي العاملة على رئاسة جميع اللجان الفرعية، وأعلنت بعض المصادر أن كافة التقارير التي رُفعت للقيادة السياسية أكدت على نسبة الإقبال المتوقعة للتصويت على التعديلات الدستورية اليوم لن تتجاوز 2% أو 3% على أكثر تقدير.
وقد نظَّمت حركة (كفاية) مظاهرةً حاشدةً أمام نقابة الصحفيين مساء أمس الأحد، مندِّدةً بالتعديلات الدستورية، كما دعت الشعب المصري إلى مقاطعة الاستفتاء وكشفت العديد من أساليب التزوير المبكِّرة للنظام من حشد الموظفين وطلاب الجامعات، خاصةً ممن ليست لهم أصوات انتخابية لكي يذهبوا لصناديق الاقتراع ويصوِّتوا ب"نعم" على التعديلات المقترحة، وأكد المتظاهرون أن يوم الاستفتاء سوف يشهد تشييعَ جنازة مصر على شرف الدستور المصري الذي وصفوه ب"دستور أبو غريب".
كما شهدت معظم الجامعات المصرية وكذلك مدن الفيوم وشبين الكوم والعريش مظاهرات ضد التعديلات، شارك فيها الآلافُ من الطلاب والمواطنين، وسط حصار أمنيٍّ مشدَّد، كما دعت حركة (كفاية) إلى مظاهرات أخرى اليوم في القاهرة ومحافظات أخرى، من بينها الإسكندرية والسويس.
وانتقدت جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان في مصر والخارج التعديلات التي تمنح الحكومة سلطات واسعة لاحتجاز مواطنين باسم محاربة الإرهاب، وانضمت الولاياتالمتحدة الى هذه الانتقادات الاسبوع الماضي قائلة انها تشعر بقلق وخيبة أمل لعدم اخذ مصر زمام المبادرة في الشرق الاوسط فيما يتعلق بزيادة الانفتاح والتعددية.
وقالت وزيرة الخارجية الامريكية انها ابلغت الرئيس حسني مبارك قلقها ازاء التعديلات الدستورية التي سيتم الاستفتاء عليها اليوم. وقالت: «اعربت عن قلقي واملي في استكمال الاصلاح الديمقراطي».. وأضافت نحن نعرف ان عملية الاصلاح تشهد صعودا وهبوطا ودائما ونناقش الامور بشكل من الاحترام المتبادل، ولكنها أضافت تمسك الولاياتالمتحدة بتحفظها علي هذه التعديلات.
من جانبه نفي الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر علمه بالتعديلات الدستورية المطروحة التي سوف يتم الاستفتاء عليها اليوم، وقال طنطاوي خلال المداخلة التليفونية، لبرنامج العاشرة مساء أمس الأول : أنا بالأمانة ما أقدرش أتحدث عن المواد التي تم تعديلها لأنني لم أطلع عليها ولم أعرف ما جاء فيها وقال إنها لم ترسل إلي كي أقرأها ولا أعرف ما تحتويه، مضيفا: التعديلات الدستورية أرسلت إلي مجلسي الشعب والشوري فقط ولم يتم إرسال نسخة لي من هذه التعديلات الدستورية، لذلك فأنا لا علم لي بها. وحث شيخ الأزهر الشريف في مداخلته للإعلامية مني الشاذلي علي ضرورة المشاركة في الاستفتاء معتبراً أن الاستفتاء نوع من أنواع الشهادة، موضحا أن رأيه سري ولن يعرفه سوي الخالق وعندما سألته مني الشاذلي: أنت تهتم بالمواد كلها؟! أجاب شيخ الأزهر الشريف: «أنا مش بتاع كله».
وبموجب الدستور المعدل يمكن لمبارك حل مجلس الشعب الحالي وإجراء انتخابات جديدة بموجب نظام انتخابات جديد يجعل من الصعب بشكل اكبر على المعارضة بشكل عام والاخوان المسلمين بشكل خاص الفوز بمقاعد، وستضع هذه التعديلات حظرا في الدستور على القيام بنشاط سياسي او انشاء احزاب سياسية على اساس ديني او مرجعية وهي صياغة يمكن ان تحظر كافة الأنشطة السياسية.