بتاريخ 12 مايو 2019 كتب معالي السفير إبراهيم يسري: اسمحوا لي أن أغيب عن أحبائي وأصدقائي فترة أرجو ألا تطول بسبب وعكة صحية مفاجئة ودعواتكم لي بالشفاء إن كان في العمر بقية. اتصلت به ودعوت له متمنيا الشفاء فأجابني بأنه في المستشفى بعد أن سقط على الأرض وأصابته آلام شديدة في ظهره، وأنه أصبح دائم التردد على هذا المستشفى منذ أصابته وعكة صحية شديدة منذ سنوات. عاودت الاتصال به يوم الخميس 16 مايو لأزوره في المستشفى ليخبرني أنه لم يجد راحته في المستشفى لأنهم يريدون مزيد من الفحوصات والتحاليل قبل إجراء عملية له في القولون، وأفاد أنه رفض كل ذلك مفضلا أن يموت في بيته وعلى فراشه. ويوم السبت 18 مايو اتصلت به لزيارته ظهرا في بيته ورحب الرجل، ولم أنتظر وتوجهت لزيارته في بيته في المعادي الجديدة بعد أن طلبت منه أن يعيد تذكيري بالعنوان حيث كانت زيارتي الأخيرة له منذ خمس سنوات، وبعد أن وصلت طرقت الباب دون مجيب فاتصلت به فرد علي "لقد أرسلت لك رسالة أعتذر فيها وأستأذنك فيها تأجيلها للغد لأنني وحدي ولا أستطيع فتح الباب والعاملة التي معي خارج المنزل ولا أعرف متى ستعود" قلت له "أود أن أطمئن عليك ولا أعرف ظروفي غدا، وسأنتظر في مدخل المنزل لحين عودتها" فرد علي "لا أريد إزعاجك" قلت له "سأنتظر". ويشاء الله سبحانه ألا أنتظر سوى دقائق معدودة لتعود العاملة من الخارج وتفتح الباب مرحبة بي لأدخل على الرجل فإذا به قعيد على كرسي المرض، وإذا ببطنه منتفخة أمامه بما يقرب من النصف متر ليحكي لي عن آلام ظهره وعن القولون المنتفخ الذي يريد الأطباء استئصاله، وعن رغبته أن يموت في بيته مضيفا "إن أولادي في الولاياتالمتحدة ويريدون مني السفر للإقامة معهم وأنا دائما أرفض أن أغادر مصر، ولكن يبدو أنني بدأت أتردد ومن الممكن أن أقبل السفر بعد أن ساءت ظروفي الصحية. أدركت أنه ربما يكون اللقاء الأخير وفكرت أن أأخذ صورة أخيرة معه ولكنني تراجعت "كيف أأخذ صورة له وهو في هذه الحالة المرضية" ودعته داعيا له وهو شاكر لي زيارتي. اتصلت به بعدها مطمئنا فرد مجاملا "منذ زيارتك لي وحالتي تتحسن وإن كان تحسنا بطيئا" وأول أمس السبت 8 يونية كتبت على صفحته مهنئا له بذكرى يوم مولده ثم اتصلت به فإذا بالعاملة ترد علي وأخبرتني أنها ستعطي الهاتف له ليرد علي وكانت كلماته الأخيرة معي رحمه الله. لا نقول إلا ما يرضي الله سبحانه، إنا لله وإنا إليه راجعون، البقاء والدوام لله، لله ما أخذ ولله ما أعطى، تغمده الله برحمته وتقبله قبولا حسنا وجعل مثواه الجنة مع الصديقين والشهداء إزاء ما قدم لوطنه، وربط على قلب أهله ومحبيه وأنزل عليهم السكينة وألهمهم الصبر والسلوان.