16 أغسطس 2016 *** شرفني الأستاذ محمد عبد القدوس "عمنا" بطلب كتابة مقال أو أكثر لصفحة "مؤسسة الدفاع عن المظلومين" عن واحد من أشهر المظلومين في العقود الأربعة الأخيرة، إذ لم ينجو من السجن في عهد السادات ومبارك والمجلس العسكري والنظام الحالي. واقترح "عمنا" عنوانا رشيقا "مجدي حسين الذي لا يعرفه أحد" وعندما فكرت في العنوان وجدت أن مجدي حسين ملئ السمع والبصر وما يعرفه عنه الناس كثير والجانب المجهول عنه قليل، فقلت إذن سأكتب عن "مجدي حسين كما عرفته". مجدي حسين درس السياسة في "كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة" في الفترة من 1968م إلى 1972م، درس السياسة وامتهنها. لم تكن السياسة بعيدة عن "مجدي حسين" فقد ولد في أسرة سياسية مشهود لها بالوطنية، والده الزعيم الوطني الفذ "أحمد حسين" زعيم "مصر الفتاة" وعمه "عادل حسين" المناضل والإعلامي والإقتصادي والسياسي الوطني، وخاله "دكتور محمد حلمي مراد" راهب السياسة المصرية والمنظر السياسي لمصر الفتاة والحزب الاشتراكي ووزير التعليم في عهد عبد الناصر - وأول وزير يستقيل في عهده – رمز النقاء والطهارة والوطنية. ***** "مجدى حسين" يصدق فعله قوله وآفة مصر في نخبتها التي تمارس السياسة مكتفية بالتنظير من المكاتب المكيفة، ولكن مجدي رأى والده "أحمد حسين" في سجون الملك أكثر مما رآه في المنزل، ورآه سجينا ومطاردا خارج مصر في بدايات ثورة يوليو وفي عهد عبد الناصر من هنا لم يكن مستغربا أن يمارس مجدي حسين السياسة من الشارع رغم تميزه كباحث ومنظر سياسي وإعلامي، لم يكن مستغربا أن يعرف التظاهر منذ أن كان طالبا في المدرسة السعيدية إبان نكسة 1967م ومشاركته في تظاهرات الطلاب 1968م عقب صدور الأحكام على قادة الطيران الذين زج بهم ككبش فداء لتحمل تبعة نكسة 67. الأستاذ "مجدي حسين" لا يكتفي بالتنظير والكتابة والقول والخطب الجماهيرية ولكنه دائما يترجم برنامجه السياسي إلى خطة عمل في الشارع ويكون دائما في مقدمة الصفوف، رجل يصدق فعله قوله، وإذا كانت مظاهرات طلاب مصر عام 1968 خرجت رافضة للهزيمة فإن قضية الاستقلال هي شغل مجدي حسين الشاغل، وهي النقطة الأولى في برنامجه السياسي وفي برنامجه العملي وهي العامل الأول في دخوله سجون النظام الحاكم منذ السادات وحتى الآن. ***** مجدى حسين: الاستقلال في مواجهة التبعية شارك مجدي في الحركة الوطنية عامي ( 1971 – 1972 ) وهو طالب في الجامعة رافضا الاستسلام وتأجيل معركة التحرير ورأس اتحاد طلاب كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام 1972 ليجند فور تخرجه في جيش مصر كأحد جنود المؤهلات الذين خاضوا حرب 1973م وحتى عام 1975م ليعمل بعدها مذيعا بصوت العرب ثم مشاركا في تأسيس مجلة الاقتصاد والاعمال في بيروت ليعود عام 1981 إلى البيت الذي ارتبط به طوال 35 عاما "جريدة الشعب" كمحرر للشئون العربية وأمينا لشباب حزب العمل وعضوا للجنة التنفيذية للحزب مع المجاهد إبراهيم شكري رئيس الحزب. وطوال 35 عاما ومجدي حسين يتردد بين السجون وبين جريدة الشعب تدعمه زوجته المجاهدة دكتورة "نجلاء القليوبي" التي لم ترضخ ولم تستسلم ولم ترضى لمجدي أو لنفسها أو لحزب العمل بأي تنازلات، رفضت معه ذهب السلطان ولم تخشى عصاه. • بدأ مع جريدة الشعب ومع "الدكتور حلمي مراد" و "الدكتور الشافعي بشير" معركتهم ضد كامب ديفيد وضد مد مياه النيل إلى الكيان الصهيوني • اعتقل مع "عمنا" محمد عبد القدوس وغيرهم من الشباب الوطني الرافض للتطبيع لمشاركتهم في تظاهرة ضد ضد الكيان الصهيوني رافضين مشاركته بمعرض الكتاب 1985 • نظم تظاهرة مع شباب حزب العمل ضد الكيان الصهيوني في رفح المصرية على الحدود المصرية مع فلسطين في منتصف الثمانينات – تم منعها - استفزت مبارك - رئيس الجمهورية - وهاجمها في خطاب رسمي كان يبث على الهواء. • اعتقل عام 1991 إبان " حرب تدمير العراق والكويت " لموقفه من العدوان الامريكى على العراق بعد أن طبع وكلف الشباب بوضع ملصقات ولافتات في شوارع القاهرة والمحافظات من كلمتين "الموت لأمريكا" واستمر في سجون مبارك لشهرين أو ثلاثة ليخرج ويكتب مقالا في الصفحة الأولى للشعب بعنوان "الموت لأمريكا". *** ضد الحلف الصهيوني الأمريكي وكانت معركة " الشعب " الأكثر أهمية والأكثر إيلاما ضد شبكة الحلف الصهيوني الأمريكي في مصر والتي بدأها صلاح بديوي بمباركة من مجدي حسين – رئيس تحرير الشعب - والذي أبى إلا أن يأخذ موقعه مع الأستاذ عادل حسين – أمين عام حزب العمل وقتها - في صدارة المواجهين لهذا الحلف الصهيوني الأمريكي القاتل لأبناء الشعب المفرط في خيراته لصالح الأعداء وعلى رأسهم يوسف والي أمين عام الحزب الوطني الحاكم وقتها ونائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة لعدة عقود والذي كان بمثابة رأس حربة الحلف الصهيوني الأمريكي ضد شعبنا ومن هنا كان وصفه بالخائن والقاتل. ولم يركن مجدي أحمد حسين ومعه صلاح بديوي إلا بعد أن زج بهما في السجن عام 1999 لما يقرب من السنتين ومعهما رسام الكاريكاتير المبدع عصام حنفي وتوج كل هذه الكتابات في كتابه المهم " الخيانة" وكانت النتيجة الحتمية التي لم يأبه بها مجدي حسين هي تجميد نشاط الحزب وإغلاق جريدته مجاملة للصهاينة والأمريكان. ***** السجن قبل الأخير لمجدي حسين بعد تضامنه مع غزة وكان نظام مبارك له بالمرصاد، يتحين وجود فرصة سانحة ليضرب عصفورين بحجر، فمنها يثأر النظام لنفسه من هذا الرجل، وأخرى يجامل بها أصدقائه فى أمريكا أو الكيان الصهيونى. ومن ثم جاءت معركة الفرقان بالعدوان الإجرامى الصهيونى المدعوم أمريكيا على غزة في ديسمبر 2008 – يناير 2009 التى استمرت قرابة الشهر (23 يوم) وبمشاركة فعلية من النظام المصرى الذى أحكم حصاره على الشعب الفلسطينى فى غزة. طوال هذه الفترة لم يهدأ مجدي حسين ولم يتوقف عن الحركة من أجل وقف هذا العدوان الغاشم، وفتح معبر رفح، فمن شارع إلى شارع، ومن مسجد إلى مسجد، ومن قرية إلى قرية، ومن مدينة إلى مدينة، ومن محافظة إلى أخرى، يواصل نضاله من أجل كسر الحصار عن أشقاءنا فى غزة والالتحاق بركب الجهاد ضد العدو الصهيوني، وفى كل مرة كان يحاول الدخول إلى غزة كانت الشرطة له بالمرصاد. وبعد انتهاء الحرب مباشرة بإعلان جيش العدو الصهيونى بوقف إطلاق النار من طرف واحد فى منتصف ليل الأحد 18/1/2009 بدأ مجدى حسين فى التفكير للوصول إلى غزة للتضامن مع المقاومة الفلسطينية الباسلة ودعمها، وتهنئتها بالانتصار العظيم والصمود الباسل، وفوجئنا نحن – قيادات حزب العمل - كما فوجىء أهل غزة بوجود الثائر مجدى حسين عصر يوم السبت 24/1/2009 بينهم بعد أن عبر من الأنفاق لأن الشرطة كانت له بالمرصاد، ولم يصدق أحد ممن حوله أنه ذهب إلى غزة، لولا أن الجميع شاهده عبر برامج وفضائيات تبث من على ركام غزة، على بقايا المنازل التي هدمها القصف الصهيونى الغادر. وكان لابد من عودة مجدى حسين إلى مصر، فظن أن معبر رفح سيكون هو المدخل الطبيعى الذى من خلاله يدخل مصر، رغم ما كان يتوقعه من مصير، لكنه ظن أن لدى النظام المصرى قدرا من الحكمة والذكاء يجعله يدخل بلده دون تعرضه حتى لمجرد السؤال باعتبار أنه لم يرتكب جرما، ولكن لأن حكومتنا المصرية تتمتع بقدر لا بأس به من الذكاء والعشوائية، لم تستطع أن تتغلب على تلك الخاصية المتفردة بها، فقامت باعتقال مجدى حسين فى يوم السبت الموافق 31/1/2009.ليحكم عليه بالسجن سنتان خلال 48 ساعة في أسرع محاكمة عسكرية في التاريخ، ليقضي سجنه – عامين كاملين – ليخرج في الأيام الأولى لثورة 25 يناير المباركة متوجها من السجن إلى ميدان التحرير مباشرة ملتحما بثوار 25 يناير. ***** رغم إغلاق رئته التي يتنفس بها "الشعب" لم يلن مجدي حسين ورغم أن حزب العمل عانى من جريمة التجميد غير المشروع منذ مايو 2000، ورغم إيقاف صحيفته المطبوعة "الشعب" - رئة مجدي حسين التي يتنفس بها - والتي كانت إلى حد كبير لسان حال الشعب المصري، ورغم ما يتعرض له من مطاردات ومحاكمات وتحقيقات في قضايا لم تتوقف أبدًا، رغم كل ذلك رأى الحزب – تحت قيادة مجدي حسين - أن يواصل مسيرته، وأن ينحاز للحق مهما كلفه ذلك من عنت وويل وثبور. في كتاب الأستاذ مجدي أحمد حسين أمين عام حزب العمل بعنوان "لا" - والذي جمعه بناء على طلبي بعد أن رأيت محاولات بعض النخبة سرقة جهده ونسبته لأنفسهم – والذي صدر مع بدايات 2005 وضمنه مقالاته الافتتاحية بجريدة "الشعب" الإلكترونية في الفترة الواقعة بين 22/2/2002 & 25 /2/204 – أي خلال عامين – ومن بين ما كتبه أخي مجدي أحمد حسين في قضية الاستقلال ما يلي: ♦ لا تنسوا أصل المعركة: استئصال شأفة النفوذ الصهيوني الأمريكي من على أرض مصر. – 19 إبريل 2002 ♦ مبارك يتحدى الأمة، ويؤكد خيار السلام الاستراتيجي مع الأعداء – 26 إبريل 2002 ♦ نشر فكرة العجز أمام أمريكا شرك بالله، ولا بد من طرد عبيد فورًا من منصبه - ضرب حزب العمل كان لصالح الحلف الصهيوني/ الأمريكي.. ونحن لن ننحني أمام محاكم التفتيش – 3 مايو 2002 ♦ الله أكبر.. العراق يصمد أمام أعتى عدوان - اسمعها يا مبارك مرة ثالثة.. مرحبًا بالسجن أو الاستشهاد. - إما أن تستمع لكلام الله.. وكلام الشعب،أو ترحل!.- 12 مارس 2003 – ( مطالبة بالرحيل وليس رفض التمديد ) ♦ انتهت مهلة ال 48 ساعة ولم يتخذ مبارك قرارًا واحدًا ضد أمريكا.. فلنشدد المطالبة باستقالته الفورية - 27 مارس 2003 - ( مطالبة بالاستقالة وليس رفض التمديد ) ♦ مبارك يقدم تسهيلات عسكرية وإدارية للعدوان - اخرجوا يوم الجمعة للمطالبة باستقالته ولا تخشوا إلا الله. – 2 إبريل 2003 - ( مطالبة بالاستقالة وليس رفض التمديد ) ♦ الآن نتحرك لإقالة مبارك - أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر - 9 إبريل 2003 - ( الانتقال من الاستقالة إلى المطالبة بالتحرك لإقالة مبارك ) ♦ مبارك يحاصر المقاومة الفلسطينيةوالعراقية ويبيع الغاز لإسرائيل - جمال مبارك يتعاون مع الشركات العالمية استعدادًا لرئاسة الحزب الحاكم. - ملامح الخطة الشعبية لإقالة مبارك. - 29 أغسطس 2003 - (مطالبة بالتحرك لإقالة مبارك ورفض للتوريث ) ***** إن الجهر بالحق هو السلاح الماضي لأي حركة شعبية ذات رسالة، وقد رأى حزب العمل (حزب الاستقلال) دومًا وفي مقدمته رئيس الحزب مجدي أحمد حسين أن يقوم بهذا التكليف الشرعي، الذي لا يستند أبدًا لتوازنات القوى المادية مع أهل الباطل؛ فمعسكر الحق من المفترض أن يصدع بما يؤمر من الله عز وجل، بغض النظر عن حالة القوة والضعف من الناحية المادية.