ألقى مقاتلون ليبيون القبض على عبد الله السنوسي رئيس المخابرات السابق عقب محاصرته في منزل ناء بالصحراء يوم الأحد بعد يوم من اعتقال سيف الإسلام نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في نفس المنطقة. وتوج اعتقال الناجي الأخير من النظام القديم والمطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية يومين حاسمين لحكومة جديدة لا تزال في مرحلة التشكيل ومثل أيضا اختبارا فوريا لسلطتها على كل من الميليشيات القوية ومع القوى العالمية. وفي دلالة على الضغوط التي يتعرض لها رئيس الوزراء المكلف للتوفيق بين مصالح الميليشيات المتنافسة التي تسيطر على الأرض في ليبيا قال مسئولون أن عبد الرحيم الكيب طلب مهلة يومين أضافيين للانتهاء من تشكيل حكومة كان يأمل في السابق الإعلان عنها يوم الأحد. وقال اللواء أحمد الحمدوني وهو قائد لقوات المعارضة السابقة الموالية اسميا للمجلس الوطني الانتقالي أن رجاله -الذين تحركوا بناء على معلومات سرية- حاصروا السنوسي في منزل تملكه اخته بالقرب من بلدة براك التي تبعد 500 كيلومتر جنوبي طرابلس وفي نفس المنطقة التي اعتقل فيها سيف الإسلام يوم السبت. وفي وقت لاحق أكد عبد الحفيظ غوقة المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي اعتقال السنوسي الذي يمت بصلة نسب للقذافي. ولم يتضح على الفور ما إذا كانت هناك صلة بين اعتقال سيف الإسلام والسنوسي رغم انه كانت هناك تكهنات منذ سقوط طرابلس قبل ثلاثة أشهر بأن الاثنين كانا يختبئان سويا. وقال المقاتلون الذين اعترضوا سيف الإسلام على طريق صحراوي في الساعات الأولى يوم السبت أنهم يعتقدون أن احد رفاقه هو قريب للسنوسي المتزوج من أخت الزوجة الثانية للقذافي صفية. ومثل القذافي الذي قتل بعد إلقاء القبض عليه قبل شهر فقد اتهمت المحكمة الجنائية الدولية سيف الإسلام والسنوسي هذا العام بالتخطيط لقتل المحتجين بعد اندلاع ثورة الربيع العربي في فبراير شباط. لكن المسئولين بالمجلس الوطني الانتقالي قالوا أنهم يستطيعون إقناع المحكمة الجنائية الدولية بالسماح لهم بمحاكمة الرجلين في ليبيا. وقال غوقة أن أعضاء المجلس الوطني الانتقالي أكدوا خلال اجتماعهم يوم الأحد تفضيلهم لذلك الخيار وكذلك وزير العدل الحالي رغم أن الخبراء القانونيين أوضحوا أن القانون الدولي يطالب طرابلس بتقديم مبررات قوية للحق في محاكمة أي شخص صدرت ضده بالفعل اتهامات من قبل المحكمة الجنائية الدولية. وبالنظر إلى حالة النظام القضائي الليبي بعد 42 عاما من الدكتاتورية فضلا عن عمق المشاعر بعد هذه الحرب الأهلية فان المحكمة الجنائية الدولية قد لا توافق. ومن المتوقع ان يزور المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ليبيا هذا الأسبوع. وفي حين تستطيع المحكمة الجنائية الدولية التي يدعمها قرار للأمم المتحدة مطالبة ليبيا بتسليم السجينين إلا إن الكثير من الليبيين يحرصون على رؤيتهما وهما يحاكمان عن الجرائم التي اقترفت على مدى عقود والتي تتجاوز نطاق اتهامات المحكمة الجنائية الدولية المتعلقة بهذا العام فقط. ويريد كثيرون أيضا إعدامهما شنقا وهو امرر محظور في المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقرا لها. ومن بين الجروح القديمة الأخرى فان السنوسي يشتبه ضلوعه بالقيام بدور رئيسي في قتل أكثر من 1200 سجين في سجن أبو سليم عام 1996. وكان اعتقال محام أقارب الضحايا قد فجر ثورة الربيع العربي في ليبيا في فبراير الماضي. وكان الكثير من القتلى أعضاء بجماعات إسلامية من المتوقع أن تصبح قوة سياسية كبيرة في ليبيا الديمقراطية. وقد تحيي قضية السنوسي -الذي ظل لفترة طويلة الساعد الأيمن للقذافي والأداة التنفيذية له- الاهتمام بحوادث دولية اكتنفها الغموض طويلا وتعود إلى أيام الثمانينات والتسعينات عندما شنت ليبيا تحت حكم القذافي حربا سرية على الغرب. وارتبط اسم السنوسي بتفجير لوكربي عام 1988. وكان ضمن ستة ليبيين أدينوا غيابيا في باريس بتفجير طائرة تابعة لشركة يوتا الفرنسية عام 1989. وأمضى سيف الإسلام يوم الأحد في مكان سري في معقل الثوار بالزنتان بينما يحاول قادة الثورة التي أطاحت بأبيه في طرابلس حل خلافاتهم وتشكيل حكومة يمكنها محاكمة السجين الجديد. وبينما يحاول قادة الميليشيات في أنحاء البلاد استثمار قوتهم المسلحة للحصول على مقاعد في الحكومة الجديدة أعطى المسئولون في العاصمة مؤشرات متضاربة بشأن الوقت الذي يحتاجه رئيس الوزراء المكلف عبد الرحيم الكيب لتشكيل الحكومة. وقال غوقة أن المجلس الوطني الانتقالي أمهل الكيب يومين إضافيين للاتفاق على تشكيل حكومة بحلول يوم الثلاثاء. وبينما قال مقاتلو الزنتان الذين اعترضوا وريث حكم أسرة القذافي في عمق الصحراء أنهم سيسلمونه فور تشكيل سلطة مركزية لا يتوقع كثيرون أن يروا سيف الإسلام (39 عاما) في طرابلس قريبا. ومن المتوقع أن يصوت أعضاء المجلس الوطني الانتقالي على المرشحين الذين سيقدمهم الكيب في الوقت الذي يتركز فيه اهتمام قادة الميلشيات المسلحة على وزارة الدفاع. وقال مسئول يعمل في المجلس الوطني الانتقالي أن جماعة المقاتلين من الزنتان التي أسرت سيف الإسلام ربما يحصلون على هذه الوزارة بفضل أسرهم لنجل القذافي. والزنتان بلدة صغيرة يسكنها 50 الف نسمة وتقع في منطقة الجبل الغربي وكانت معقلا من معاقل الثورة على القذافي. وتضم الجماعات الأخرى الجماعات الإسلامية والعلمانية المتنافسة في العاصمة وجماعات المقاتلين من بنغازي ثاني المدن الليبية ومهد الانتفاضة وجماعات المقاتلين من مصراتة الذين قبضوا على القذافي وقتلوه وظلوا في جدل مع المجلس الوطني الانتقالي بشأن مصير جثته المتحللة لعدة أيام في أكتوبر الماضي. وبدأ "الفصل الأخير من الدراما الليبية" -طبقا لوصف متحدث باسم الثوار- ليلا في جوف الصحراء عندما اعترضت وحدة صغيرة من المقاتلين من بلدة الزنتان بناء على معلومات سرية سيف الإسلام وأربعة من رفاقه المسلحين أثناء انطلاقهم في سيارتي دفع رباعي. وانتهى الأمر بعد رحلة جوية طولها 300 ميل شمالا في طائرة شحن باحتجاز سيف الإسلام الذي تلقى تعليمه في لندن في منزل امن في الزنتان وتعهد سكان البلدة بعدم إيذائه حتي يحاكم في العاصمة. وقال الأشخاص الذين أسروه انه كان "مذعورا جدا" عندما تعرفوا عليه في البداية على الرغم من لحيته الكثة ولباس الطوارق الذي كان يرتديه. ولكنهم طمأنوه. وقال عبد السلام الوحيسي المقاتل من الزنتان الذي شارك في عملية القبض على سيف الإسلام "لقد بدا مرهقا. لقد ظل في الصحراء لأيام