25 عاما مرت على توقيع اتفاقية أوسلو، تلك اتفاقية التي تحولت إلى أيديولوجيا لتمرير وعي الهزيمة بيننا والحفاظ عليه، والعيش وفق منطق معامل القابلية للإستعمار الذي يجعلنا أسرى الإهانة في ظل التبعية للحلف الصهيوني الأمريكي، وهو ما يعمل الاحتلال الصهيوني على ترسيخه باعتباره أداته في مواجهة انتشار الوعي والصحوة وحتمية المقاومة لتحرير كامل التراب الفسطيني من النهر إلى البحر. ما هي اتفاقية أوسلو؟ في 13 سبتمبر 1993، كانت اتفاقية أو معاهدة أوسلو، أو أوسلو 1، والمعروف رسميا بإسم إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الإنتقالي هو اتفاق سلام وقعته منظمة التحرير الفلسطينية مع العدو الصهيوني المحتل، في مدينة واشنطنالأمريكية، بحضور الرئيس السابق بيل كلينتون. وسمي الاتفاق نسبة إلى مدينة أوسلو النرويجية التي تمت فيها المحادثات السرّية التي تمت في عام 1991 وأفرزت هذا الاتفاق في ما عرف بمؤتمر مدريد. تعتبر اتفاقية أوسلو أول اتفاقية رسمية مباشرة بين العدو الصهيوني ممثلة بوزير خارجيتها آنذاك شمعون بيريز، ومنظمة التحرير الفلسطينية، ممثلة بأمين سر اللجنة التنفيذية محمود عباس، رئيس السلطة الحالي، وشكل إعلان المبادئ والرسائل المتبادلة نقطة فارقة في شكل العلاقة بين منظمة التحرير الفلسطينية والعدو الصهيوني، ومن أهم ما تنص عليه الاتفاقية: - يعترف العدو الصهيوني بمنظمة التحرير الفلسطينية على أنها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني. - تعترف منظمة التحرير الفلسطينية بدولة الاحتلال (على 78% من أراضي فلسطين – أي كل فلسطين ما عدا الضفة وغزة). - تنبذ منظمة التحرير الفلسطينية الإرهاب والعنف (تمنع المقاومة المسلحة ضد الاحتلال) وتحذف البنود التي تتعلق بها في ميثاقها كالعمل المسلح وتدمير دولة الاحتلال. - خلال خمس سنين تنسحب دولة الاحتلال من أراض في الضفة الغربية وقطاع غزة على مراحل أولها أريحا وغزة اللتين تشكلان 1.5% من أرض فلسطين. - تقر دولة الاحتلال بحق الفلسطينين في إقامة حكم ذاتي (أصبح يعرف فيما بعد السلطة الوطنية الفلسطينية) على الأراضي التي تنسحب منها في الضفة الغربيةوغزة (حكم ذاتي للفلسطينيين وليس دولة مستقلة ذات سيادة). رحبت دول الغرب ومعظم الحكومات العربية والدول المحيطة باستثناء سوريا بهذا الاتفاق. بينما عارضته الشعوب العربية والفصائل الفلسطينية (باستثناء فتح) وعلى رأسها حماس. واعتبر الكثير من الرموز الفلسطينية هذا الاتفاق السري بمثابة خيانة للقضية الفلسطينية ففيها تفريط لحقوق الشعب الفلسطيني. وأصدر علماء المسلمين (مثل القرضاوي والغزالي والأشقر وغيرهم) فتاوى تحرم مثل هذه الاتفاقية المفرطة والمتخاذلة والتي لا داعي لها. اتفاقية للتفريط سيرة الامم لا يمكن كتابتها على نحو إنجيلي، نزولا في الزمن، عبر سلسلة توالدية طويلة، كما يقول الأكاديمي وأستاذ العلوم السياسية بندكت أندرسون. فالبديل الوحيد هو صياغتها صعوداً في الزمن، هكذا يمكن فهم مآل القضية الفلسطينية، قضيتنا المركزية والوجودية، في ظل اتفاقية أوسلو ، والذي بدأ التأسيس له منذ خطاب ياسر عرفات في الأممالمتحدة، أو ما يعرف بخطاب غصن الزيتون، ردد ياسر عرفات على مسامع ممثل أكثر من 138 دولة كلمة السلام مرات عديدة . بعد أكثر من عقد خرجت إلى العلن في الجزائر دولة فلسطينية، التي لم تكن اتفاقية أوسلو المهينة إلا من قوانينها المؤطرة والمنظمة، حيث تقوم بإضفاء الشخصية القانونية على الدولة القطرية الفلسطينية، مقابل إناطتها بمهمة تكريس مصالح الاحتلال والسهر على الحفاظ عليها، وتحولّه من معطى سياسي إلى معطى ثقافي ومن معطى جغرافي إلى معطى ذهني. تم تعويض مشروع العودة والتحرير بمشروع الدولة، فتحولت المقاومة إلى جريمة يعاقب عليها قانون أوسلو لأنها تمس مصالح الدولة الوطنية العليا. ليتم استهداف كل الوعي العربي لاحقا عبر أيديولوجيا أوسلو، لحدود الإيمان أن الصراع العربي الصهيوني هو صراع بين دولة الاحتلال ودولة فلسطين سيتم حله لو تركنا سياسيي الدولتين يعملون في صمت، ونهتم بقضايا الديموقراطية في أقطارنا كحل لمشكلاتنا المتمخضة مع المشروع الصهيوني والذي تعمى الأبصار عنه بفضل أيديولوجيا أوسلو. الأيام أثبتت أن الحل مع المحتل لا يكون إلا بالقتال والكفاح المسلح، بينما أي محاولة لإبرام أي اتفاقيات مع العدو الصهيوني لا تعني إلا مزيد من احتلال الأراضي العربية، ولعل أكبر دليل على ذلك هو تضاعف عدد المستوطنين في الضفة الغربيةالمحتلة أربع مرات منذ توقع اتفاق أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، بحسب أحدث المعطيات التي نشرتها دائرة الإحصاء المركزية الصهيونية، مؤخرا، فإن عدد المستوطنين في الضفة الغربية بلغ بحلول نهاية العام الماضي 413.4 ألف مستوطن، بينما كان عددهم عشية التوقيع على اتفاق أوسلو 110066 مستوطنا. ويبلغ عدد المستوطنات في الضفة الغربية 130 مستوطنة، إضافة إلى 103 بؤرة استيطانية عشوائية، وفقا لدائرة متابعة الاستيطان التابعة لحركة "سلام الآن". واقيمت 19 بؤرة استيطانية عشوائية منذ العام 2012، أي خلال ولاية رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي، بنيامين نتنياهو. وكان عدد هذه البؤر الاستيطانية 114، لكن جرت شرعنة 11 بؤرة استيطانية كهذه، وتجري حاليا إجراءات لشرعنة 35 بؤرة استيطانية أخرى. الصهاينة الرابح من أوسلو قال الوزير الصهيوني في حكومة رابين، أفرايم سنيه، في مقال في صحيفة "هآرتس" الصهيونية، اليوم، إن "اتفاق أوسلو كان تحولا تاريخيا". وأن الزعيم الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، "كان شريكا لنا بسبب قدرته على تمرير اتفاق مع إسرائيل لدى شعبه. ولم يكن للفلسطينيين زعيما آخر". وأشار سنيه إلى "إسرائيل" لم تنفذ الجزء الملقى على عاتقها في الاتفاق، ورابين رفض نقل المسؤولية عن مدن الضفة الغربية إلى سيطرة فلسطينية، لأنه "لم يكن راضيا من محاربة منظمة التحرير للإرهاب" أي للاحتجاجات الفلسطينية على مجازر واستفزازات "إسرائيل"، علما أن الاتفاق نص على نقل هذه المسؤولية للفلسطينيين خلال صيف العام 2004، فيما اغتيل رابين في خريف العام نفسه. واعترف سنيه أن اتفاق أوسلو "جلب خيرا سياسيا واقتصاديا على إسرائيل. في العام 1994 جرى التوقيع على اتفاقية السلام مع الأردن وحدود إسرائيل الأطول أصبحت حدود سلام. وما كان هذا سيحدث لولا اتفاقيات أوسلو. وفي المستقبل أيضا لن تكون هناك اتفاقيات مع دول عربية ما لم يتم التوصل لاتفاق إسرائيلي – فلسطيني". وأضاف الوزير الصهيوني: "كان للتحول في مكانة إسرائيل السياسية ثمار اقتصادية هائلة: في العامين اللذين أعقبا الاتفاقيات ازدادت الاستثمارات الاقتصادية في إسرائيل 30 ضعفا، بعد أن توقفت المقاطعة العربية عن التأثير على شركات عالمية كبرى. وارتفعت الصادرات الإسرائيلية بمئات النسب المؤية والبطالة، التي كانت نسبتها 11.5% لدى صعود رابين للحكم انخفضت بشكل هائل". إن اتفاقية أوسلو هي اتفاقية غير عادلة والاحتلال تحلل منها ولا تزال السلطة الفلسطينية متمسكة بها، فالعدو الصهيوني أخذ من اوسلو ما يخدمه وما هو لصالحه. كما أن الاتفاقية اجلت البحث بشأن مدينة القدس للمرحلة النهائية أي بعد 5 سنوات من توقيع الاتفاقية، ولكن الاحتلال لم يناقش في قضية القدس لأن الرعاية للاتفاق كانت رعاية أمريكية ويسعى للسيطرة عليها دون اي اتفاق إن فلسطينوالقدس لن تعود الا بسواعد أبنائها، واتفاقية أوسلو كانت نكبة ومؤامرة جديدة على الشعب الفلسطيني، كما قال رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس المطران عطا الله حنا.