يطل علينا في هذه الايام شهرعظيم مبارك شهر ذي الحجه الذي أقسم الله فيه علينا بالعشر الاوائل حيث قال في كتابه العزيز "وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) " سورة الفجر قال ابن عباس ومقاتل ومجاهد وغيرهم هي عشر ذي الحجة ، ومن أحب الاشهر الى الله تعالى الاشهر الحرم خاصة شهر ذي الحجه ، وأفضل ايام ذي الحجة العشر الاول ، وفي رواية الترمذي وأبي داود أن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ اْلأيَّامِ الْعَشْرِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ". وفي الترغيب في العمل الصالح قال صلى الله عليه وسلم" ما من ايام اعظم عند الله ولا احب الى الله العمل فيهن من ايام العشر فأكثرو فيهن من التسبيح ، والتحميد والتهليل والتكبير" رواه احمد والبخاري ومن خصائص هذه الايام العظيمة ان شعائر الحج تقام فيها والتي يجتمع فيها الناس من كل فج عميق. قال تعالى: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ" الحج ايه 27
هذه الايام المباركه هي مناسبه سنوية يجتمع فيها المسلمون من كل مكان ، وتجتمع فيها العبادات ، كما أشار ابن حجر في فتح الباري بقوله" والذي يظهر ان السبب في امتياز عشر ذي الحجه لمكان اجتماع أمهات العباده فيه ، وهي الصلاة والصيام والصدقه والحج ، ولا يتأتى ذلك في غيره".
ومن فضائل ايام الحج أن فيها يوم عرفه وهو الركن الاعظم من اركان الحج الذي لا يتم الحج الا به وقد أخبرنا عليه السلام ان "الحج عرفه" حيث يتوجه الحجاج من منى بعد طلوع الشمس من يوم التاسع من ذي الحجة متجهين الى عرفه فيصلون بها الظهر والعصر جمعاً وقصراً ، جمع تقديم بآذان واحد واقامتين ، ثم يتفرغون للدعاء والتضرع الى الله بقلوب خاشعة يرجون رحمته ومغفرته. عن عائشة رضي الله عنها ، قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة , فإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء " صحيح مسلم ومن السنة صيام يوم عرفه لغير الحاج ، قال عليه الصلاة والسلام :"صوم يوم عرفه يكفر سنتين ، ماضية ومستقبله" رواه مسلم واحمد والترمذي ومن فضائل ايام العشر ان فيها يوم النحر وفيه ذبح الهدي والاضاحي والاضحيه سنه مؤكده فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي شعيرة عظيمة من شعائر الاسلام ، قال تعالى:"لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم" الحج ايه 11 وقوله تعالى:" فصل لربك وانحر" الكوثر وعن انس رضي الله عنه قال:"ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين املحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبّر ووضع رجله على صفاحهما". إن في هذه الايام العظيمة فرصة كبيرة للتقرب الى الله ولزيادة الايمان فقد كان الصحابة وبعض السلف رضوان الله عليهم يخرجون الى الاسواق وهم يكبرون ويكبر الناس بتكبيرهم خاصة عقب الصلوات ، ويكثرون من صلاة النوافل لكونها من افضل واحب القربات الى الله تعالى لان النوافل تجبر ما نقص من الفرائض وهي ترفع الدرجات وتمحو السئيات وتزيد في الحسنات. في هذه الايام علينا ان نتفقد الفقراء والمساكين والمحتاجين والاكثار من الصدقه ، قال تعالى:" من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له وله اجر كريم" الحديد ايه 11 ويقول عليه الصلاة والسلام حول انواع الصدقة:"على كل مسلم صدقة قالوا يا نبي الله! فمن لم يجد قال:يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق قالوا فمن لم يجد؟قال يعين ذا الحاجة الملهوف قالوا فإن لم يجد قال فليعمل بالمعروف وليمسك عن الشر فانها له صدقه".
في هذه الايام العظيمة التي تتزامن مع فرحتنا بثورات الربيع العربي لا يسعنا الا ان نتضرع الى الله العلي القدير ان يحفظ المسلمين في كل بقاع الارض من كل شر ومكروه.