حجازي يشارك في فعاليات المُنتدى العالمي للتعليم 2024 بلندن    رئيس جامعة المنصورة يتفقد سير امتحانات الفصل الدراسي الثاني بالكليات    وزير العمل يُعلن عدم إدراج مصر على قائمة الملاحظات الدولية لعام 2024    رئيس النواب: القطاع الخاص لن يؤثر على تقديم الخدمة للمواطن أو سعرها    وزيرة التضامن تلتقي بنظيرها البحريني لبحث موضوعات ريادة الأعمال الاجتماعية    أخبار مصر.. الأرصاد: ارتفاع الحرارة مستمر حتى نهاية الأسبوع    نواب يوافقون على مشروع قانون المنشآت الصحية: صحة المواطن أولوية    رئيس جهاز السويس الجديدة تستقبل ممثلي القرى السياحية غرب سوميد    الوادي الجديد: توريد أكثر من 300 ألف طن قمح داخل وخارج المحافظة    زياده 11%.. موانئ البحر الأحمر تحقق تداول 704 آلاف طن بضائع عامة خلال أبريل الماضي    وزارة التجارة والصناعة تستضيف اجتماع لجنة المنطقة الصناعية بأبو زنيمة    قصف إسرائيلى عنيف يستهدف محيط مستشفى العودة بجباليا شمالى قطاع غزة    الوقوف فى طابور وحفر المراحيض وصنع الخيام..اقتصاد الحرب يظهر فى غزة    ولي العهد السعودى يبحث مع مستشار الأمن القومى الأمريكى الأوضاع فى غزة    المصرين الأحرار عن غزة: الأطراف المتصارعة جميعها خاسرة ولن يخرج منها فائز في هذه الحرب    طارق يحيى: هانى مظلوم فى الأهلى.. والأفضلية للزمالك فى نهائى الكونفدرالية    طلاب الإعدادية بالأقصر ينهون اليوم الثاني بأداء امتحانات الدراسات والهندسة    اضطراب الملاحة على خليج السويس والبحر الأحمر والأمواج ترتفع ل3.5 متر    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    الحب لا يعرف المستحيل.. قصة زواج صابرين من حبيبها الأول بعد 30 سنة    عماد الدين حسين: تعطيل دخول المساعدات الإنسانية لغزة فضح الرواية الإسرائيلية    وزيرة التضامن تشهد إطلاق الدورة الثانية لملتقى تمكين المرأة بالفن    توقعات الأبراج 2024.. «الثور والجوزاء والسرطان» فرص لتكوين العلاقات العاطفية الناجحة    رئيس النواب يذكر الأعضاء بالضوابط: ارفض القانون أو جزءا منه دون مخالفة القواعد    إزاي تحمى أطفالك من أضرار الموجة الحارة    حنورة: يمكن للشركات المصرية التقدم لعطاءات الطرح العالمي للجهات الدولية بالخارج    البدري: الأهلي قدم مباراة جيدة أمام الترجي .. وتغييرات كولر تأخرت    بسبب لهو الأطفال.. إصابة 4 أشخاص في مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    تعرف على شروط مسابقة «التأليف» في الدورة ال 17 لمهرجان المسرح المصري    صور| باسم سمرة ينشر كواليس فيلمه الجديد «اللعب مع العيال»    في ذكرى وفاته.. محطات بارزة في تاريخ حسن مصطفى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    السجن ل8 متهمين باستعراض القوة وقتل شخص وإصابة 5 آخرين في الإسكندرية    ترامب ينتقد بايدن مجددًا: «لا يستطيع أن يجمع جملتين معًا»    وزير الصحة: التأمين الصحي الشامل "مشروع الدولة المصرية"    طريقة عمل الكمونية المصرية.. وصفة مناسبة للعزومات    افتتاح دورة تدريبية عن تطبيقات تقنيات تشتت النيوترونات    القومي لحقوق الإنسان يستقبل السفير الفرنسي بالقاهرة لمناقشة التعاون المشترك    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب    بيت الأمة.. متحف يوثق كفاح وتضحيات المصريين من أجل استقلال وتحرير بلادهم    إعلام روسي: هجوم أوكراني ب6 طائرات مسيرة على مصفاة للنفط في سلافيانسك في إقليم كراسنودار    أحمد أيوب: لا يوجد بديل في الأهلي يعوض غياب على معلول أمام الترجي    بحضور وزير الشباب والرياضة.. تتويج نوران جوهر ودييجو الياس بلقب بطولة CIB العالم للإسكواش برعاية بالم هيلز    الأمور تشتعل.. التفاصيل الكاملة للخلافات داخل مجلس الحرب الإسرائيلي    موعد عيد الأضحى 2024 وجدول الإجازات الرسمية في مصر    منها «تناول الفلفل الحار والبطيخ».. نصائح لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة    «البحوث الإسلامية» يوضح أعمال المتمتع بالعمرة إلى الحج.. «لبيك اللهم لبيك»    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري في أول أيام عمل البنوك    إقبال الأطفال على النشاط الصيفي بمساجد الإسكندرية لحفظ القرآن (صور)    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    بعثة الأهلي تغادر تونس في رحلة العودة للقاهرة بعد التعادل مع الترجي    تعليق غريب من مدرب الأهلي السابق بعد التعادل مع الترجي التونسي    محمود أبو الدهب: الأهلي حقق نتيجة جيدة أمام الترجي    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البنك الدولي المنادي بالشفافية يمارس التعتيم والتهرب الضريبي في مصر
نشر في الشعب يوم 26 - 04 - 2018

مؤسسة التمويل الدولية فى مصر هى مثال حى على ما أطلقته وثائق بنما الشهيرة منذ أشهر، والتى كشفت تهرب مئات رجال الأعمال ورجال السياسة والسلطة حول العالم من الضرائب فى بلادهم، ودول آخرى حول العالم، وذلك عبر العديد من المنافذ الفاسدة التى تلخص بعضها فى شركات وهمية، يتم من خلالها التحويلات والتعاملات المالية المشبوهة لهذه الشخصيات، وهذا ما يحدث داخل مصر على يد تلك المؤسسة التى تعتبر الذراع المنفذ لأعمال البنك الدولى، فى الجزء الخاص بالاستثمار بالمشروعات الصغيرة، بالاتفاق بالطبع مع شركات متععدة الجنسيات تعمل داخل البلاد أيضًا.
وتعلن المؤسسة عبر البيانات الصحفية والإعلامية المتعاقبة، أنها تدعم الشفافية المالية للشركات وكذلك مكافحة التهرب الضريبى، على عكس الواقع التى تعمل به الشركة داخل البلاد، حيث أنها تعزز من أوضاع اللامساواة والظلم فى البلاد، عبر مساعدة الفاسدين فى التهرب الضريبى، بدعم استثمارات الشركات المصرية الخاصة التى لها نشاط مكثف فى التهرب الضريبي، وذلك منذ بدء أعمالها فى عام 1995م، وحتى عام 2015، بحسب البيانات الرسمية على الموقع الناطق بإسم المؤسسة.
شركات وهمية تتهرب من الضرائب وتكلف البلاد ملايين الدولارات
وينشر موقع المؤسسة العاملة بمصر، مجموعة من الوثائق تحت إسم "ملخصات الاستثمار"، وهى متعلقة ب 93 مشروعا في مصر مولتها المؤسسة التابعة للبنك الدولي من خلال شراء حصص أو تقديم قروض، اتضح أن نصف الشركات التي تلقت التمويل تملك شركات وهمية في مناطق من العالم تسمح بإخفاء البيانات المالية (ملاذات السرية المالية)، وأن ثلث الشركات التي تمت دراستها مملوكة لأشخاص ذوي صلات سياسية، بحسب موقع "مدي مصر".
وكشف التقرير المنشور على "مدى مصر" أيضًا إن تلك المشروعات المعلن عنها من قِبل المؤسسة، هى اجمالى عدد المشروعات التى تم دعمها ماليًا من قبل مؤسسة التمويل الدولية منذ 1995 وحتى أغسطس 2017 (هناك ثلاثة مشاريع أخرى لم تحصل على الموافقة بعد).
غموض شديد حول ملاك الشركات المستفيدة من مشاريع المؤسسة
ومن المعروف سوقيًا عن المؤسسة، أنها تدرس جيدًا كل تفاصيل المتعاملين معها، أى أن هناك معلومات وافية حول طبيعة وهوية المتعاملين معها، ولكن المؤسسة لا تعلن أبدًا عن طبيعة أو هوية الأشخاص "شركات أو مؤسسات" من المتعامين معها.
وكانت المؤسسة كانت قد طورت سياسة الولوج للمعلومات لديها عام 2012، لكن لا تزال هناك ثمانية من كبريات الشركات المتعاملة معها يحيط بها غموض شديد لا يوجد له مبرر، حيث أن الشفافية السوقية تستدعى الكشف عن كل ذلك بتفاصيله المتواجدة بالسوق والأوراق الرسمية أيضًا.
فعلى سبيل المثال، تنص السياسة على أن موقع مؤسسة التمويل الدولية يجب أن ينشر معلومات فقط عن المساهمين في المشروع أو الشركة المستثمر بها. ومع ذلك، لا تحدد السياسة طبيعة المعلومات التي يجب نشرها ورفض مكتب مؤسسة التمويل الدولية بالقاهرة طلبنا بالولوج إلى الوثائق التي تظهر هياكل الملكية كاملة.
تعريف فضفاض لإخفاء هوية المستثمرين.. نجل "مبارك" ووزراء بينهم
ومن ضمن الأمثلة للعبارات المستخدمة على موقع مؤسسة التمويل الدولية لإخفاء هوية بعض المساهمين في تلك الشركات هي عبارة (مستثمرون آخرون) أو (72% هم مستثمرون مصريون)، مثل حالة شركة الإسكندرية الوطنية للحديد والصلب ANSDK، وهي شركة كان يمتلك رجل الأعمال أحمد عز حصة بها.
يذكر إن رجل الأعمال أحمد عز، كان معروف بعلاقته الوثيقة بجمال مبارك وتولى منصبا عالية في الحزب الحاكم في ذلك الوقت، كما كان رئيس للجنته البرلمانية.
وفي مثال آخر، يستخدم ملخص الاستثمار المتعلق بمستشفى دار الفؤاد الخاصة، تعبيرات مثل "المستثمرين الاستراتيجيين يتضمنون" ثم يذكر بعض أسماء لأشخاص وشركات، لكنه لا يذكر اسم الشريك حاتم الجبلي، الذي كان يتولى منصب وزير الصحة في ذلك الوقت بالإضافة إلى منصب آخر مهم في الحزب الحاكم.
كما أقرضت مؤسسة التمويل الدولية مشاريع يمتلكها وزيران آخران في ذلك الوقت، وهما محمد منصور وأحمد المغربي، بالإضافة إلى أكثر من مشروع مرتبط بعائلة مبارك، فعملية غياب الشفافية هذا يترتب عليه مجموعة من الممارسات التي أصبحت تنتقدها العديد من الأدبيات الخاصة بالحوكمة الجيدة.
في حالة مصر، توجد ممارستان تستحقان النظر إليهما، الأولى تتعلق بالتهرب الضريبي والثانية تتعلق بعلاقات المستثمرين بالسياسيين، بشكل يسمح بالتأثير على القوانين، ما يضمن للمستثمرين مكتسبات حصرية (تحديدًا أراض مدعمة وطاقة مدعمة و تمويل بنكي سخي ومدعم)، وتوضح دراسات الحالة والرسوم البيانية المقبلة كيف تبرز تلك الممارستان في محفظة مؤسسة التمويل الدولية.
معكوسات ما تم الإعلان عنه من قبِل المؤسسة الدولية
وخالفت المؤسسة كل القواعد التى أعلنت عنها، والتى تدخل عبرها من قوانين البلاد، وبالأخص فى مصر، حيث أنه نشرت عام 2014 "سياسة المراكز المالية الخارجية - أوفشور"، حيث نصت على أن مهمة البنك الدولي هي: "أولًا، أن تساعد البلاد الأعضاء، التي تسعى إلى تحسين الشفافية الضريبية، من خلال توفير الدعم التقني. ثانيًا، أن تسعي لتضمن أن عمليات القطاع الخاص لا يتم استخدامها في أغراض التهرب الضريبي".
ومن أجل تحقيق تلك المهمة، "كخطوة تأسيسية، لا تتغير بتلك السياسة، ستستمر مؤسسة التمويل الدولية في تطبيق عملية مكثفة للوفاء بأعلى متطلبات الفحص النافي للجهالة heightened transactional due diligence لكل المعاملات الاستثمارية التي تتم من خلال ولاية قضائية وسيطة. ولن تباشر مؤسسة التمويل الدولية في استثمار ما، إلا بعدما تكون ارتضت بأن هيكل المعاملة المالية مشروع ولم يجر تصميمه لاستخدامه في تهرب ضريبي، أو سوء تعامل مع الضرائب أو أي هدف آخر غير مشروع"، بحسب سياستها الجديدة، وذلك بحسب معلومات تقرير "مدى مصر" أيضًا.
غياب تام للشفافية
يذكر إن وليد لبادى، مدير مصر وليبيا واليمن بمكتب المؤسسة فى القاهرة، قد أكد سابقًا، إن السياسة التى تتبعها المؤسسة فيما يتعلق بتشيجع الشركات ناجحه جدًا، على أن تأخذ خطوات تجاه الشفافية، كما أن لها تأثيرا كبيرا فيما يتعلق بالضغط على الملاذات الضريبية الخارجية - أوفشور لتحسين شفافيتها.
وأوضح "لبادى" إن المؤسسات المالية التنموية مثل مؤسسة التمويل الدولية هي بالفعل متسقة مع ذلك النهج حول العالم. غالبية ما نفعله في مؤسسة التمويل الدولية هو أننا نستثمر في مشروع محدد ونراقب عن قرب كيف تستخدم تلك الأموال، وكيف يتم توزيعها، لقد وضعنا من قبل السياسة الجديدة العديد من القيود على ما يمكن لتلك المشروعات أن تفعله.
وعلى الرغم من التصريحات السابقة لمدير المؤسسة، فقد توجهها نحو تمويل مشروعات لها شركات تابعة في الملاذات الضريبية بعدما تبنت مؤسسة التمويل الدولية (سياسة المراكز المالية الخارجية - أوفشور).
وبالنظر إلى المشاريع التي مولتها مؤسسة التمويل الدولية منذ بداية نشاطها في عام 1995 ، نرى أن نصف المشاريع أنشأت شركات تابعة في واحد أو أكثر من ملاذات السرية المالية. وإذا أخذنا في الاعتبار فقط الفترة اللاحقة لتبني السياسة، ترتفع تلك النسبة إلى 81.5%.
فمنذ 2015، أي عدة أشهر بعد تبني السياسة الجديدة، تمت الموافقة على 27 مشروعًا، بقيمة إجمالية للقروض والأسهم تبلغ 966.3 مليون دولار. من تلك المشاريع، 22 مشروعًا ذا شبكات من مساهمين يمتلكون شركات تابعة في مراكز الأوفشور المالية أي دول ذات قواعد شفافية فضفاضة للغاية ومعدل ضريبي يتراوح ما بين صفر إلى 12%، حيث أنه لم يحدث أبدًا أن رفضت مؤسسة التمويل الدولية أن تستثمر في أي مشروع بمصر بسبب شركاته الخارجية - أوفشور، بحسب وليد لبادي.
بالنسبة له، المسألة تتعلق بالتعريفات. حيث تتبنى مؤسسة التمويل الدولية القائمة التي تتبناها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (نادي البلاد الأكثر تقدمًا ومناصرة للشفافية الضريبية).
أشكال لمشاريع التهرب الضريبي
أحيانًا يكون للمشروع الذي يطلب مساعدة مؤسسة التمويل الدولية شركاء مساهمين يمتلكون شركات مسجلة في ملاذات ضريبية، وهو شكل آخر للتجنب الضريبي، وجدنا أن تلك الحالة تنطبق على 28% من الحالات في أقل تقدير .
وتعد حالة شركة الكازار للطاقة معبرة تمامًا عن كيف تعمل سياسة المراكز المالية الخارجية - الأوفشور التي تم تبنيها حديثًا، أو للدقة كيف لا تعمل.
تمتلك شركة الكازار للطاقة ثلاث مشروعات محطات للطاقة الشمسية ولها أيضًا حصة تبلغ 75% في مشروع آخر. وحصلت الشركة من مؤسسة التمويل الدولية على إجمالي قروض تبلغ 70 مليون دولار.
وعرفت مؤسسة التمويل الدولية نفسها شركة الكازار، التي تملك مشاريع في مصر، تركيا والأردن، على أنها كيان خارجي أو أوفشور - offshore، أو ما يسمونه شركة مالكة للأصول "asset holding entity".
وقال موقع "مدى مصر" نقلاً عن مكتب مصر لمؤسسة التمويل الدولية من خلال البريد الإلكتروني، إن "الكيان الذي ينطلق من مقره الرئيسي بالإمارات هو في الحقيقة شركة مالكة للأصول (asset holding entity) لها عمليات في دبي. على الرغم من ذلك، نحن نعاملها على أنها تقع في ولاية قضائية وسيطة تنطبق عليها سياستنا للمراكز المالية الخارجية - أوفشور"، لكن يبدو أن تطبيق تلك السياسة كان متسامحا، بالنظر إلى تمكن شركة الكازار من التقدم إلى مجلس مؤسسة التمويل الدولية والحصول على موافقته.
ففي عام 2016، تم وضع دبي في قائمة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية باعتبارها "أحد الولايات القضائية الوسيطة المتوافقة جزئيا"، وهو مصطلح يترتب عليه بحسب السياسة أن مؤسسة التمويل الدولية لا يجب أن تمول أي مشروع ينطلق من تلك الولاية القضائية، لأنه غير مملوك لمواطن إماراتي، ولا ينفذ مشروعًا ما في الإمارة، حيث أن تلك الولاية القضائية لا تطبق قواعد إفصاح جادة.
فالمصطلح ولاية قضائية وسيطة يعني أن بلدا ما أو منطقة ما في البلد هي مكان ينشئ فيه المستثمرين شركاتهم، فقط للانتفاع من قواعد الإفصاح الفضفاضة ومعدلات ضرائب منخفضة على الشركات (قد تصل إلى صفر).
لماذا الإمارات رغم أن الاستثمارات فى مصر؟
وبحسب رد مؤسسة التمويل الدولية على البريد الالكتروني الذى تحدث عنه موقع "مدى مصر" فى التقرير فإن "الإمارات تم تصنيفها بشكل مؤقت في عام 2017 باعتبارها "متوافقة بشكل كبير" من قبل المنتدى العالمي لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ما يعكس تقدما أحرزته الإمارات في تطبيق متطلبات المنتدى العالمي فيما يخص شفافية الضرائب. وبالتالي، فإن الاستثمارات المقترحة وجدت مقبولة تحت سياسة المؤسسة الدولية للتمويل فيما يتعلق بالولايات الوسيطة. ولا يزال ذلك التصنيف، أي "متوافقة بشكل كبير" قائما حتى اليوم".
ماذا يمكن أن يكون سبب اختيار دبي كمقر رئيسي؟ بحسب موقع الشركة، الشركة ليس لديها حاليًا أي مشاريع في دبي وتعمل على مشاريع في مصر، التي تسبق الإمارات في التصنيف بدرجتين فيما يتعلق بإنشاء الأعمال، حسب تقرير البنك الدولي "لممارسة أنشطة الأعمال 2016".
لعبة الازدواج الضريبي
ويقول محامي متخصص فى أعمال الشركات (فضل عدم نشر اسمه) أنه بما أن الشركة تم تأسيسها في المنطقة الحرة لمركز دبي المالي الدولي، فمن المرجح أن تتم معاملتها ضريبيا ك "مقيمين في الإمارات"، وهكذا تستفيد الشركة من معاهدة منع الازدواج الضريبي بين الإمارات ومصر. ويسمح ذلك الأمر لشركة الكازار ألا تدفع ضرائب على أرباحها الرأسمالية أو توزيعات الأرباح التي تولدها من معاملاتها في مصر.
ويقول وليد لبادي مطمئنًا: أنا واثق أنه إذا كانت هناك قاعدة ما، فقد تم اتباعها، مع ذلك، تظهر قواعد البيانات للاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين أن 11 من كل 13 شركة محطات شمسية يتم تمويلها من قبل مؤسسة التمويل الدولية في بنبان (أسوان)، هي مشاريع موَطنة أو لها شركات تابعة في ملاذات ضريبية.
وبالإضافة إلى الشركات المسجلة في مراكز مالية خارج البلاد التي تعمل بها، مهم أن نلقي النظر أيضا على وجود ملاذات ضريبية محلية أو داخلية "أونشور" (onshore).
المناطق الحرة داخل مصر تمنح حوافز ضريبية مماثلة لتلك التي يتم منحها في المراكز المالية الخارجية - الأوفشور. وتظهر البيانات أن واحدة من كل خمس شركات تستثمر بها مؤسسة التمويل الدولية، مسجلة في منطقة حرة.
تقرير سرى يؤكد التهرب
ويظهر تقرير سري صادر عن صندوق النقد الدولي في ديسمبر عام 2017 (حصلت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية) على نسخة منه، أن "شركات المناطق الحرة تعمل خارج نطاق رقابة مصلحة الضرائب المصرية وهي لا تقدم بيانات الدخل. وبالتالي يمكن للمناطق الحرة أن تتحول فعليًا إلى ملاذات ضريبية محلية، تمكن من التجنب الضريبي وتعرض للخطر عملية تعزيز الموارد المحلية، ويحذر التقرير أيضًا من أن مصلحة الضرائب "ليس لديها معلومات عن حدود المناطق الحرة وحجم العمليات بها، ما يستحيل معه تقييم تكاليف الشركات وإيراداتها (مرجح أنها بالغة الارتفاع)".
وهذا يوضح أن هناك عدد من التبريرات لإنشاء شبكة من الشركات التابعة في العديد من المناطق في العالم التي تطبق نظام خاص للولاية القضائية يوفر سرية المعاملات المالية.
ويدافع "لبادي" عن ذلك الأمر قائلًا: "إذا نظرنا إلى شركة بها مساهمين من جنسيات متعددة (…)، نجد من الطبيعي تمامًا أن يتم اختيار ولاية قضائية ما لتكوين الشركة" بالنسبة له، الموضوع لا يتعلق بفكرة الولاية القضائية في حد ذاتها بل بمدى الشفافية الذي تفرضه على الشركات.
ومن جانبها تعلق ماجي ميرفي، مديرة المناصرة العالمية في منظمة الشفافية العالمية، وهو تحالف دولي معني بمحاربة الفساد، بأن "هذا أمر شائع. معظم الشركات الكبيرة الآن متداخلة عبر الملاذات الضريبية. الكثير منها سيدعي أن ذلك يسمح له بدرجة من الاستقرار في سياق هو عادةً ما يكون غير مستقر، حيث يمكن أن يخسر أصوله إذا حدث إنقلاب أو إذا انهار الاقتصاد" لكنها تظل متشككة فيما يخص تلك الحجة، "فقد نستطيع أن نرد بأنه لا يوجد سبب يبرر لماذا لا يقع الاختيار على بلد مستقر ومستقل مثل الدنمارك أو أي بلد مماثل من حيث الحياد السياسي والاقتصاد المستقر"، بحسب ميرفي.
يمكن استخدام الولاية القضائية التي توفر سرية المعاملات المالية من أجل تمكين شركة قابضة من دفع ضرائب أقل، وهو ما يطلق عليه في المصطلحات الاقتصادية "الكفاءة الضريبية"، بحسب موقع انفستوبيديا، إنشاء الشركات، في الولايات القضائية الخارجية - الأوفشور أو في أي ولاية قضائية بها نسبة ضرائب تساوي صفر، هو أمر قانوني تمامًا.
التهرب الضريبي يزيد من عجز الموازنة
بعد الأزمة الاقتصادية الممتدة منذ 2008، وضحت أبحاث كثيرة الضرر العالمي من انتشار تلك الممارسة في عالم الشركات الكبيرة. وبدأت المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في مراجعة مواقفها من الملاذات الضريبية. كما يحث الارتفاع في عجز الموازنات العامة وتزايد الديون العامة، على تحصيل ضرائب أكثر.
وأصبح التجنب الضريبي من خلال اللجوء إلى الملاذات الضريبية سببًا في صعود اللامساواة في البلاد المتقدمة وبدرجة أكبر في البلدان النامية، وسبب ذلك هو أن الأشخاص والشركات الأكثر ثراءًا هم الأكثر لجوءًا إلى الملاذات الضريبية، كما توضح الورقة المنشورة حديثًا تحت عنوان "من يملك ثروة الملاذات الضريبية؟: أدلة كلية وتبعات على اللامساواة العالمية".
400 مخطط ضريبي هدام
ويقول محامى أعمال الشركات، يمكن لتلك المعارك الضريبية أن تأخذ أشكالا ونماذج كثيرة، فهناك 400 "مخطط ضريبي هدام"، تستخدمها الشركات لتجنب دفع ضرائب عادلة، وكلها موثقة على موقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، لمساعدة الحكومات على خوض حربها.
وينتشر مؤخرا تعبير "تآكل الوعاء الضريبي ونقل الأرباح"، المعروف اختصارا بالإنجليزية بBEPS، للتعبير عن الاستراتيجيات المختلفة للتخطيط الضريبي الذي يستهدف استغلال الفجوات والاختلالات في التشريعات الضريبية، من أجل تفادي دفع الضرائب في البلد التي تفرض ضرائب مرتفعة عن طريق نقل أرباح الشركات إلى فروع في أماكن تقل أو تنعدم فيها الضرائب حتى لو لكانت تلك الفروع ذلك المكان يقل أو ينعدم فيها النشاط الاقتصادي. وبعض استراتيجيات التخطيط الضريبي الهدام قانوني إلا أن معظمها ليس كذلك.
ويوضح الموقع الرسمي لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن تآكل الوعاء الضريبي ونقل الأرباح "يقلل من عدالة ونزاهة النظم الضريبية ككل لأن الشركات التي تعمل عبر الحدود يمكنها أن تلجأ لنقل الأرباح لكسب ميزة تنافسية عن الشركات التي تعمل على المستوى المحلي"، مضيفا أنه عندما يرى دافعو الضرائب أن الشركات متعددة الجنسية تتجنب دفع ضرائب الدخل قانونيًا، يقلل ذلك من فرص الالتزام الطوعي من جانب كل دافعي الضرائب.
وبحسب محامي الشركات، فإن مصر تشهد حاليًا ما يمكن أن يسمى بالجيل الثاني من استراتيجيات التجنب الضريبي.
معارك ضاربة فى التهرب الضريبي
فبعد ثورة 2011، عدلت مصلحة الضرائب الكثير من الثغرات التي كانت تسمح بنقل الأرباح، ما جعل التهرب من دفع الضرائب في مصر من خلال شركة وهمية بالخارج (أوفشور) أصعب وأكثر تكلفة، بحسب عمرو المنير نائب وزير المالية السابق، الذي استقال بعد حديثه بوقت قصير.
أصبحت المعركة إذًا بين أنداد: جماعة من البيروقراطيين المحنكين تحت إشراف كوادر مثل عمرو المنير، الذي يحمل خبرة تنفيذية سابقة في قسم الضرائب في أحد أكبر شركات المحاسبة متعددة الجنسية، وهي برايس ووترهاوس كوبر PWC، في مواجهة فريق من المحامين والمحاسبين والمدققين الماليين الذين يحوزون على أجور مرتفعة.
وتظهر أمثلة من محفظة مؤسسة التمويل الدولية تغير وتعقد أساليب التهرب الضريبي، فقد شهد منتصف العقد الأول من الألفية ذروة الجيل الأول من التجنب الضريبي: الاستخدام الكثيف لتلك الجزر الصغيرة التابعة معظمها للتاج البريطاني ذات الشمس والنخيل "أوفشور" مثل جزر الكايمان أو جزر العذراء البريطانية.
ينشئ بنك الاستثمار أو شركات الاستثمار الخاص private equity شركة وهمية في ولاية قضائية أوفشور (جزيرة من تلك الجزر)، لتصبح هي الشركة الأم التي تشتري شركات وتعيد هيكلتها ثم بيعها لاحقًا إلى طرف ثالث. وتحول كل الأرباح الناتجة عن البيع إلى الشركة الأم في هذه الجزيرة، وهكذا لا تدفع الضرائب في مصر، ولا في الجزيرة لأنها لا تفرض أصلا ضرائب.
"حدث ذلك الأمر مع أمثلة كثيرة من الشركات التي تمت خصخصتها"، كما يوضح المحامي، وبالتالي، عندما يبيع الوسيط المالي أو شركة الاستثمار الخاص المباشر إلى طرف ثالث ويراكم أرباحا رأسمالية ضخمة لا يدفع عنها ضرائب في مصر على الرغم من أن مصر هي مصدر كل إيراداته.
أباطرة التهرب
على سبيل المثال، يشير بيان مالي للمجموعة المالية هيرميس إلى أن "معدل الضريبة الفعلي لعام 2008 انخفض إلى 10% من 13.1 % عام 2007، بسبب زيادة الإيرادات من خارج مصر وبفضل الكيانات غير الخاضعة للضريبة".
بالمثل، تمكنت شركة الاستثمار الخاص، القلعة القابضة، وهي الشركة الأم لأحد أحدث المشروعات التي وافقت عليها مؤسسة التمويل الدولية، من دفع معدل ضريبة فعلية تبلغ 0.2%، بحسب تحقيق استقصائي نشر عام 2014 في موقع مدى مصر.
في ذلك الوقت، كانت القلعة القابضة تمتلك 38 شركة مسجلة في جزر العذراء البريطانية، خمسة في موريشيوس وواحدة في لوكسمبرج. تلك الشركات مثلت ما يقارب من ثلث شركاتها التابعة.
ونفت متحدثة الشركة آنذاك أن نشاطها الخارجي - أوفشور يتم استخدامه لتجنب دفع الضرائب ووضحت أن تلك النشاطات توفر مرونة أكبر لهياكل الشركات.
تحويل الأرباح من مصر إلى الدول المتقدمة
وكانت شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة، المملوكة لعائلة ساويرس، قد أنشأت مبني "أبراج النيل" الذي يقع مقر مؤسسة التمويل الدولية بالقاهرة في أحد أدواره، وذلك قبل أن تنقسم الشركة في عام 2015 إلى شركتين، أحدهما "أو سي آي إن في"، وليدة هذا الانقسام والتي تعمل حاليا من مقرها الرئيسي الجديد في هولندا، تقدم مثالا آخر على تعقد وتطور أنظمة التجنب الضريبي.
وتشمل تلك النوعية من الأنظمة البلاد التي وقعت معها مصر معاهدات عدم الازدواج الضريبي، تلك بلاد أكبر من الجزر السياحية الصغيرة مثل الكاريبيان، وعلى عكس مصر، عادةً ما تفرض تلك البلاد ضريبة على الأرباح الرأسمالية أو توزيعات الأرباح تساوي صفرا، وهذا وضع مناسب جدًا للشركات القابضة.
وهولندا مثال لتلك الدول، تجذب شركات إلى ولايتها القضائية على شريطة أن تكون غالبية أعضاء مجلس الإدارة هولنديين لتعين المدراء الهولنديين و المدققين الماليين الهولنديين.
والشركة الأخرى، التي نتجت عن الانقسام هي اوراسكوم كونستراكشون ليميتد، والتي نقلت مقرها إلى دبي، التي تعد إلى جانب هولندا من موقعي اتفاقيات الازدواج الضريبي.
"تمتلك مؤسسة التمويل الدولية حاليا حصة في كل من شركة "أو سي آي إن في" (OCI NV) وشركة اوراسكوم كونستراكشون ليميتد، وهي صغيرة جدًا (أقل من 1 %). تبلغ تلك الحصة 0.48% في شركة اوراسكوم كونستراكشون ليميتد و0.55 % في شركة "أو سي آي إن في" (OCI NV)"، بحسب بريد إلكتروني من مكتب القاهرة لمؤسسة التمويل الدولية.
المثير للاهتمام هو أن الهيكل الجديد للشركتين، والذي يسمح بتفادي دفع الضرائب العادلة على النمط الحديث، عن طريق اتفاقيات الازدواج الضريبي، يسمح أيضا بالتجنب الضريبي على الطريقة التقليدية، وهي جزر السرية المالية.
تمويل لأغلب الشركات
ويكشف تحليل لمنظمة أوكسفام الدولية، في أفريقيا جنوب الصحراء في عام 2015، أن 51 من أصل 68 شركة تم إقراضها من قبل ذراع البنك الدولي لإقراض القطاع الخاص، لجأت إلى ملاذات ضريبية. «إجمالا، استفادت تلك الشركات، التي تستخدم ملاذات ضريبية ليس لهم علاقة واضحة تربطها بنشاط الأعمال الأصلي، من 84% من استثمارات مؤسسة التمويل الدولية في المنطقة ذلك العام»، حسب التحليل.
في مصر، تظهر مؤسسة التمويل الدولية اتجاهات مشابهة على نفس درجة الخطورة وتشير إلى تردد المؤسسة في محاربة السرية والتجنب الضريبي.
للمفارقة، تسير المؤسسة التنموية في اتجاه معاكس للمجهودات التي تتخذها الحكومة المصرية مؤخرًا في رهان صعب لإعادة ملئ خزائنها الفارغة، وذلك وفقا لما أشار إليه عمرو المنير نائب وزير المالية في حوار خاص قبل استقالته من منصبه.
مؤسسة التمويل الدولية تستثمر في شركات مرتبطة سياسيًا
عند القيام بتحليل محفظة مؤسسة التمويل الدولية في مصر، وجدنا ارتباطات سياسية في ثلث الشركات المستثمر فيها على الأقل.
هذا التحقيق يتابع ما بدأته دراسة البنك الدولي على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، "الوظائف أم الإمتيازات"، حيث تم فيها تحديد هوية المستثمرين المرتبطين سياسيًا إذا استحوذوا على مناصب حكومية أو في البرلمان أو في الحزب الحاكم قبيل 2011.
وكما يتوصل التحقيق إلى أن المصطلح ينطبق أيضًا على المستثمرين الذين تم اختيارهم بعد 2011 من قبل الحكومة كي يستثمروا في المشاريع العامة أو في شراكات بين شركات القطاع العام والخاص، أو الذين تم توفير قطع أراضٍ لهم أو أولئك الذين قدموا تبرعات إلى صندوق تحيا مصر.
وقد تتجاوز الاستثمارات التي أنفقتها مؤسسة التمويل على الشركات المرتبطة سياسيًا هذا التقدير. لأن 39.8% من محفظة مؤسسة التمويل الدولية في مصر من 93 مشروعًا، لا يتم تحديد هوية المالك الحقيقي (المالك المنتفع beneficial owner) للمشروع في ملخص الاستثمار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.